لو هنا لا تفتح عمل الشيطان، لأنها تتعلق بأسئلة المستقبل. المستقبل ليس كله غيباً، فبإمكاننا قراءة بعض جوانبه، وكثير من المفكرين و الصحفيين الحصيفين تنبؤوا به من واقع مجريات الأحدا ث بما ستؤول إليه الأوضاع، وقد أثبت التاريخ صحة تنبؤاتهم.
صوت الجنوبيين للوحدة
ستقوم الحرب. لأن الحركة الشعبية ستعتقد أن هذه مجرد مؤامرة جديدة من الجلابة!!! ستقوم الحرب حتى لو كان كل المصوتين جنوبيين تحت الإشراف المباشر لاستخبارات الحركة الشعبية!!.
جفت الصحف؟
ستحتقل الحكومات احتفالا رسمياً لأن عدوها الأول قد مات. ستغلق المطابع أبوابها وسيشرد مئات العمال والموظفين. سيخسر تجار الورق تجارتهم، ولن يجد أصحاب البقالات والكناتين ما يلفون به بضائعهم. أندية الخرطوم لن تجد ما تقوله، وسيطويها الصمت. أما القراء فسيتحولون مباشرة للفضائيات الفارغة، ليقضوا وقتا ممتعا مع هرجها وبهارجها اللزجة، وثرثرتها البائخة. للأسف لن يتحولوا لقراءة الكتب، لأن لا أحد باستطاعته أن يحول ميزانية الخبز الجاف لميزانية الكتب!!. أما الصحفيون فسيكونون أسعد الناس بوضع نهاية مشرفة لعذاباتهم اليومية، ولن يندم أحدهم لأن الصحف أغلقلت أبوابها، فأية فائدة يروجونها من مهنة كاسدة، لا يتربح منها إلا مثيرو الفتن وناشرو الهراء!!
زلزلت الأسواق
لن يحدث شيء!! فالناس سيأكلون لحم الحكومة ولحم بعضهم في صمت وأدب شديد يليق بجوعى مهدودي الحيل، لن يقووا حتى على رفع أصواتهم. سيربح التجار وسارقو قوت الشعب، ويتطاولون في البنيان، ويركبون العربات الفخمة، ويتزوجون النساء الجميلات. هكذا سيبقى الجمال والمال في ضفة، وفي الأخرى الفقر والقبح.
تعطلت الأحزاب
لن يخسر الشعب شيئا، فهي في الأصل لا تعني له شيئا ولا يشعر بحقيقة الانتماء إليها. قاطعت الانتخابات، وقاطعت الاستفتاء، فقامت الانتخابات، وسيقوم الاستفتاء دون أن يكون لها موقف. اكتفت بالكلام، وإصدار البيانات، وإدانة الحكومة، وذهبت إلى مخادعها آمنة مطمئنة، فلقد أفرغت ما في جوفها من هواء ساخن، وهذا سقف نضالها الآن، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
و قعت اتفاقية دافور
ستكسب دافور موظفين جدد، ربما في القصر الجمهوري أو في دواوين الحكومة. سيظل اللاجئون في معسكرات دافور على بؤسهم، وسيقبعون في جحيم المخيمات سنوات أخرى، وسيستمر القتال بين الحكومة ومتمردين قدامى وجدد ومرتدين. ستظل قوات يوناميد بلا مهام حقيقة، وسيربح موظفوها مزيدا من الدولارات لمهامهم الجليلة التي يؤدونها، ولا يعرف عنها شعب دافور شيئا.
وقع الانفصال
سنحزن جميعا كشماليين وحدويين، ولكننا للأسف ليس بمقدرونا أن نفعل شيئاً. فات الأوان!! سيفرح الجنوبيون الانفصاليون بدولتهم، وسيرتفع سقف آمالهم وطموحاتهم، وهذه أخطر على الحركة الشعبية من أطور وقلواك دينق وياو ياو. ويل للدول حين تصبح آمال شعوبها أقوى من بنادقها!!
أمريكا ستبتسم، وستعترف بالدولة الجديدة قبل فرز آخر صندوق للاستفتاء. السيد أوباما يسعده أن يعمل (قابلة) لتلك الدولة التي ستصبح إنجازه الوحيد في السياسية الخارجية، بعد أن انذوت أحلام التغيير.
جاء الزعماء
لقد جاؤوا من قبل، وسيجيئون، ولكنهم لم يحملوا بشرى بحاضر، ولا وعدا بمستقبل، ولكنهم جاؤوا للمواساة هذه المرة في مصيباتنا.. حسناً، لكنا نسألهم ماذا فعلوا.. قبل وقائع اللحظات الأخيرة؟. لا شيء، لا شيء البتة، كانوا جميعهم في فيهم ماء، وأياديهم مغلولة!! على العموم كما قال شاعر العراق الفحل عبد الرازق عبد الواحد:
شكرا لِما تعبوا.. شكرا لما انشغلوا
شكرا لهم إنهم .. بالزاد ما بخلوا
لو كان للزاد أكَّـــــــالون يا جمل!.
تأسيس ويكليكس إفريقي
سيقبض على مؤسسه منذ أول وثيقة تنشر، ولن يتهم بالاغتصاب، بل بالخيانة العظمى، وسيتم تلفيق الآلاف من الوثائق ضده، ويقذف داخل الزنازين المظلمة وسيأكل الزبانية لحمة حياً. ستتعاون مخابرات إفريقيا كلها من أجل القبض عليه، سيصبح هو مهدد الأمن القومي الأول (إرهاب شنو ومعارضة شنو) كلو إلا الفضائح. بعد القبض عليه ومحاكمتة بالتهمة إياها لن يسأل عنه أحد، ولن يسمع عنه شيئا أحد إلى يوم يبعثون.
والله أعلم.