ومع ذلك .. لا عودة للوراء

 


 

 

كلام الناس
في كثير من الأحيان يصعب علي فهم مايجري في السودان من فوازير سياسية متناسلة أشبه بتناسل جائحة كوفيد 19 التي أنتجت فصيلاً جديداً إسمه دلتا ينتشر في العالم إنتشار النار في في الهشيم، ومع ذلك نتمسك بالأمل الذي أكدته الجماهير التي ثارت علي نظام الإنقاذ حتى أسقطت سلطته.
لم أستوعب حتى الان دواعي زيارة رئيس وزراء الحكومة الإنتقالية الدكتور عبدالله حمدوك والوفد المرافق له إلى مدينة جوبا التي قيل أنها لتننفيذ إتفاقية سلام جنوب السودان وبحث العلاقات الثنائية بين بلدي السودان والوضع الإقليمي واستكمال المرحلة الثانية من عملية السلام مع الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو.
كما لم أستوعب تحرك مجلس السيادة برئاسة عبدالفتاح البرهان منفرداً لابتدار نقاش حول تكوين لجان لتشكيل مفوضية الانتخابات ومفوضية صناعة الدستور، فيما لم يتم حتى الان قيام المجلس التشريعي الإننتقالي ولاحتى تعيين رئيس القضاء.
لن اتناول ماجرى إبان تنصيب مني اركو مناوي حاكما لدارفور وما نشر من تصريحات مضحكة مبكية ومهددة لوحدة السودان الباقي، ولن اتهم هذه الحركة أو تلك رغم أن دواعي وجودها قد إنتهت دون ان يعني ذلك تجاهل المخاطر التي تسببها صراعاتها التي تؤجج الفتن المجتمعية، بل إنني حزين لهذه العجلة على المناصب والمغانم قبل ان تكتمل عملية السلام الشامل العادل.
قلنا وقال غيرنا بمن فيهم القائد عبدالواحد محمد نور الذي للأسف مازال متحصناً بالخارج : إن استكمال عملية السلام لابد أن تتم بالداخل خاصة بعد أن زالت أسباب التفاوض في الخارج.
نبهنا كما نبه غيرنا إلى مخاطر إستمرار التشاكس بين مكونات الحكومة الإنتقالية ومحاولة الهيمنة الاحادية على القرارات المصيرية بدلاً من التعاون من اجل تنفيذ مهام المرحلة الإنتقالية وتهيئة الاجواء للإنتقال السلمي للحكم المدني الديمقراطي.
لانعفي الأحزاب السياسية والإتحادات والنقابات المهنية من مسؤوليتها تجاه إحياء الحراك الجماهيري لاسترداد عافيتها الديمقراطية وإعادة ترتيب اوضاعها من القواعد للقمة بمشاركة لازمة من الكنداكات والشباب نصف الحاضر وكل المستقبل.
كذلك لابد من الاعتراف بأن الحكومة الإنتقالية متعثرة الخطى في تنفيذ غالب مهامها وعجزها عن دفع خطوات الإسعاف الإقتصادي والإصلاح المؤسسي القانوني والعدلي وإعادة هيكلة القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى لتأمين إستقلالها وعدم إستغلالها في الصراع السياسي.
إننا نعلم حجم المؤامرات التي تحاك ضد الحكومة الإنتقالية لعرقلة مسار تنفيذ مهامها لكن ذلك لايبرر تقاعسها والإستسلام لواقع الحال خاصة في ظل تصاعد الوعي الجماهيري في عموم السودان وسط إيمان عميق بقدرة الإرادة الشعبية على مواجهة كل أنماط القهر والقمع والإستهبال السياسي .. إن الإرادة الشعبية لن تقهر ولا مجال بعد الان للعودة إلى الوراء.

 

آراء