ياسر عرمان في حوار شامل حول المفاجأة التى يدخرها الرئيس وأزمة جنوب السودان
بعد فترة طويلة من الصمت شهدت فيها الساحة السياسية في السودانيين احداثا كبيره التقينا مع الامين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان في حوار شامل حول مفاجأة الرئيس واحداث الجنوب وضعف العمل المعارض والمفاوضات في خمسه فبراير القادم بين النظام والحركة الشعبية وتقييم دقيق للوضع الانساني و العسكري ودلالات قصف كاودا الاخير وتطور الصراع بين مجموعه على عثمان ونافع على نافع مع العسكريين ومستقبل الحركة الشعبية في ظل هذه الاوضاع السياسية المعقدة والى مضابط الحوار ..
سودانايل: لندن : عمار عوض
+ هنالك عدد من القضايا تشغل الساحة السياسية في السودانين لكن دعنا نبدأ بدولة جنوب السودان وموقف الحركة الشعبية في السودان من الازمة الحالية؟
= لنبدأ بجنوب السودان فهو دائما كان ولايزال بالنسبة لنا من الاولويات ، وفي الازمة الحالية التى يمر بها الجنوب تابعت لجنة مكونة من رئيس الحركة ونائب الرئيس ، والامين العام تطورات الوضع في الجنوب على نحو يومي واجرت كافة الاتصالات المطلوبة والممكنة ، والحركة الشعبية في السودان قيادة واعضاء مثل سودانيين كثر يحتل الجنوب دوماً مساحة متساوية للشمال في عقولهم وقلوبهم ، وهنالك شماليون استشهدوا في معارك الجنوب من اعضاء الحركة الشعبية في الشمال وبقت رفاتهم مع رفاة عبيد حاج الامين تحضنها ارض الجنوب وهنالك جنوبيين استشهدوا في شرق السودان ودارفور والنيل الازرق وجبال النوبه وبقت رفاتهم مع عبدالفضيل الماظ في ارض السودان .
نحن نشعر بارتياح عميق لاتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب ونرى انها خطوة هامة للخروج من الازمة الحالية ، ونرى انه من الممكن تحويل الازمة من كارثة الى منفعة من اجل بناء دولة السودان الجنوبي كدولة فاعلة لمصلحة اهل الجنوب والاقليم وافريقيا ، وان يتوصل الجنوبيين الى مشروع وطني ديمقراطي يحقق العدالة ويصون الكرامة ويعوض اهل الجنوب عن سنوات طويلة من المعاناة والحرمان والحروب ، وقيادة جنوب السودان بامكانها توظيف كل موارد وتجارب الجنوب لبناء مشروع وطني يليق بتضحيات الجنوبيين .
ونحن دائما نتمنى الخير للجنوب والذين انتموا لمشروع السودان الجديد من السودانيات والسودانيين لهم تاريخ طويل من الوقوف في نفس الخنادق التى ضمت الجنوبيين ودافعوا باقلامهم وسلاحهم عن الجنوب وقدموا القادة الشهداء والالاف من اعضاء الحركة الشعبية من يوسف كوه مكي ، داؤود يحي بولاد ، هاشم ابوبكر ، جعفر جمعة ، الفاتح عبد السيد ، شرفي ،مالك حسين ابراهيم وخالد ادم دراج وآلاف الاخرين ، وسطر مثقفون كثر مرافعة عظيمة عن اهل الجنوب على راسهم الدكتور منصور خالد مثل ما افنى رجال مثل يوسف كرة زهرة شبابهم مدافعين عن الجنوب . وفي الازمة الحالية التقينا ببعض رؤساء ووزراء خارجية دول الجوار واتصلنا بالمجتمع الدولي دعما للسلام واخر لقاءاتنا كانت الاسبوع الماضي مع المبعوث الامريكي قبيل توقيع وقف اطلاق النار ، اننا نرى في تقدم الجنوب وتطوره تقدماً للشمال ونحن سودانيين حتى النخاع ، ولكننا نرى في جنوب السودان صلة النيل والثقافة والدماء والتاريخ والمستقبل ونتمنى لجنوب السودان الخير مثل مانتمناه لبلادنا السودان .
+ ماهي دلالات قصف النظام لمعقلكم في مدينة كاودا ب48 قنبله بالامس في هذا التوقيت تحديداً ؟
= الدلالة الاولى ان النظام لاينوى تغيير سياساته وان المفاجأة التى يعلنها لنا هي زيادة حصة القنابل التى سيرسلها لنا ، والرسالة وصلت وفهمت ، ثانياً النظام موتور للهزائم التى لحقت به الشهر الماضي ، ثالثاً ان النظام يجرى تحضيرات للقيام بهجوم بري جديد سنلحق به الهزيمة وسنبداً هجوما مضاداً وتعكف قيادتنا العسكرية على تحديد الاهداف الاستراتيجية في عمق معاقل النظام والبادي اظلم ، اخيراً ضرب المدنيين والمرافق المدنية جرائم حرب سيعاقب عليها عاجلاً ام اجلاً .
القصف الجوي والبري الاخير ادى الى نزوح 30 الف مواطن في مناطق العباسية تقلي ورشاد في وقت توقفت فيه المساعدات الانسانية وهنالك 170 الف مواطن من النازحين في مناطق النظام الذي يرفض السماح لهم بتكوين معسكرات نزوح في شمال وجنوب كردفان خشية من تكرار تجربة دارفور ، ويمنع عنهم المساعدات الانسانية وهي ايضاً جريمة حرب بالاضافة الى المخاطر التى يتعرض لها اكثر من 200 الف لاجئ موجودين في جنوب السودان ، ان التلاعب بحياة مواطني الهامش من قبل قيادة المؤتمر الوطني سيؤدي الى تمزيق السودان وهذه قضايا تستحق الاهتمام من كافة القوى السياسية والمجتمع المدني
+ كشف الرئيس السوداني خلال لقائه مع الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر عن مفاجاة قال انه سيعلنها في مقبل الايام كيف تنظرون لها ؟
= قيادة الدولة الحديثة وبناء المجتمعات لاتعتمد على المفاجآت مثل عروض السيرك ، ولم نسمع بان كارتر نفسه قد فاجأ الشعب الامريكي او رئيس وزراء بريطانيا او فرنسا فالشعوب هي التى تنتخب قادتها وفق برامج تحاسبهم عليها وهي صاحبة الحق الاصيل ، ولنترك المفاجأة جانباً ولنعود لقرأة الوضع السياسي ونختبر الوقائع والواقع بعيداً عن اساليب النصب والاحتيال على قضية التغيير ، فالمفاجاة القادمة لن تخرج عن محاولات النصب والاحتيال والخداع لتفادي تغيير حقيقي نرى انه قادم لامحالة ، وقيادة المؤتمر الوطني تسابق الزمن في البحث عن حيل واساليب ماكرة تمكنها من استغلال شعار التغيير وتوظيفه ضد التغيير ولمصلحة اعادة انتاج النظام القديم .
هنالك اسئلة موضوعية يجب طرحها لماذا رفض البشير مجرد فتح الباب داخل حزبه للحوار ومناقشة قضايا الاصلاح والتغيير وقام بفصل القيادات التى طرحت ذلك؟ اذا لم يسمح البشير بالحديث والحوار لحسن عثمان رزق وغازي صلاح الدين فكيف يسمح بذلك للمعارضين من خارج حزبه ؟ هذا نصب واحتيال ، ثانياً البشير قام بتدجين الحركة الاسلامية وهي صاحبة الانقلاب لماذا يسمح بالحريات للاخرين ويعامل بعض قيادات الاحزاب الاخرى بالندية وبافضل من اخوانه الاسلاميين ؟ المطلوب ليس المفاجآت بل الاعتراف بالازمة والاتفاق على طريق لحلها مع كافة الشركاء الوطنيين .
هنالك تطور جديد في اليومين الماضيين انتقل الصراع الى مرحلة جديدة واتخذ النائب الاول الجديد بكري حسن صالح يعاونه وزير الدفاع قرارات تخلصوا بموجبها من موظفين كبار في القصر الجمهوري ومرافق اخرى من الموالين لعلي عثمان ونافع على نافع في تطور جديد للصراع ، ومايتم تحريمه على نافع على نافع وعلى عثمان من سلطة حقيقية لماذا يقدم في طبق من ذهب لهذا الزعيم او ابنه ؟ اعتقد ان على هولاء اعادة حساباتهم ، وحسناً فعل الفاتح عزالدين رئيس مجلس الشورى اوالبرلمان حينما اعترف بان التغييرات في بعض الوجوه مع الابقاء على السياسات اتت نتيجة للضغوط الداخلية وعلينا ان نتابع هذا الخيط ونتسأل عن ماهية هذه الضغوط الداخلية وكيف نعمل على تصعيدها حتى نصل الى التغيير المطلوب الذي يشبه تضحيات ومعاناة شعبنا والضغوط التى يعاني منها النظام والتى يجب ان نضعها نصب اعيننا هي : اولاً : الكفاح المسلح واستنزاف الحرب للنظام سياسيا وماديا ، ثانياً : هبات وانتفاضات المدن ، ثالثاً : الازمة الاقتصادية المتفاقمة حيث الناس من هول الغلاء موتى على قيد الحياة ، رابعاً : الانقسام داخل قيادة النظام ، خامساً : العزلة الدولية والاقليمية ، سادساً : قادة النظام مطلوبيين للعدالة الدولية ،
وهذه الحلقات مترابطة تمسك بتلابيب بعضها البعض وستؤدي للتغير .
كيف تقيم الوضع العسكري منذ اعلان حملته العسكرية لهذا الصيف؟
في الشهر الماضي تم تدمير 9 متحركات عسكرية في شمال وجنوب كردفان والنيل الازرق وهي تشكل اكثر من 60% من استعدادات النظام لحروبه الصيفية ففي معركة طروجي الاخيرة استخدم النظام حوالي 511 عربة محملة بالمدافع وهزم بخسائر كبيرة في الارواح والمعدات وفي معركة ملكن بالنيل الازرق الحقت بالنظام خسائر كبيره وفقد معدات استراتيجية وحدثنا مصدر مطلع تحدث مباشرة الى قائد مليشيات النظام التى اتت من دارفور في جبال النوبه (حميدتي) الذي اعترف بان الجبهة الثورية كبدته خسائر كبيرة وانه عائد الى دارفور وينتظر ترحيل الاعداد الكبيرة من الجرحى في قواته واعطائه الاموال التى وعد بها وانه لن يشارك في الهجوم الجديد الذي يعد له عبدالرحيم محمد حسين وذكر ان الهجوم القادم اذا فشل فان النظام لايملك اى قوة مقاتلة الا في الخرطوم! ونحن نؤكد منذ الان ان الهجوم فاشل وعلى عبدالرحيم ان يستعد الى مابعد الهجوم . ودارفور الان تتحول الى اقليم لايمكن حكمة او السيطرة عليه كذلك انتفاضة سبتمبر واكتوبر كانت قاصمة الظهر وعزلت النظام في وسط السودان وجسرت المسافات بين اهل الوسط والهامش وفي الافق تلوح انتفاضة عظيمة وفي الارض حركات اجتماعية جديده وتمرد تيارات جديدة وسط الاسلاميين وصراعات داخل المؤتمر الوطني ونحن على استعداد للجلوس مع كل التيارات الاصلاحية في اوساط الاسلاميين لبناء مستقبل جديد واسدال الستار على تجربة الانقاذ بما في ذلك التمكين في ظل نظام جديد قائم على الشفافية والمحاسبة . والنظام يعمل على النصب على الاحزاب التقليدية وقياداتها وتلك القيادات بدورها ترفع الاكف بان تكون (كرتلة ) السلطة من نصيبها والبشير يعد كل من يلتقي به بانه الرابح في اليانصيب قريبا والبعض ينتظر اكبر يانصيب في السلطة نحن من جانبنا نرى ان هذه عملية نصب واحتيال لاتليق باي احد يحترم نفسه بان يشارك فيها .
الاقتصاد ينهار وحل الازمة الاقتصادية يكمن في حل الازمة السياسية وحل الازمة السياسية يكمن في وقف وانهاء الحرب والاتفاق على ترتيبات انتقالية ومؤتمر دستوري والمفتاح في يد قوى الانتفاضة والعمل المسلح وحتى اذا شارك البعض في اليانصيب باسم كتابة دستور جديد عبر مفوضية او مؤتمر جامع على اساسه تكون مؤسسات تنفيذية وتشريعية جديدة فهذا كازينو يدير اعماله البشير وبكري وسيخسر المشاركون مابقى لهم من راسمال وقوى الانتفاضة والعمل المسلح لن تدخل هذا اليانصيب و(الحل في الحل ) حكومة انتقالية ومؤتمر دستوري وغير ذلك فان الخيار المتبقي هو اسقاط النظام .
هل تلقيتم اي دعوة للتفاوض في مقبل الايام من الرئيس امبيكي ؟
نعم تلقينا دعوة لانعقاد المفاوضات من الالية الرفيعه في الخامس من فبراير القادم في اديس ابابا وموقفنا التفاوضي واضح وقف الحرب عبر معالجة الازمة الانسانية من النيل الازرق الى دارفور وحل سياسي شامل بمشاركة كافة القوى السياسية والمجتمع المدني والدعوة وصلت قبل يوم ونجري مشاورات داخلية ثم نقوم باتصالات بحلفائنا واصدقائنا من القوى السياسية والمجتمع المدني , ندخل المفاوضات بموقف سياسي وعسكري جيد ونعلم ماذا يريد شعب السودان وسنكون يوما مانريد .
ماهو تقيمك للعمل المعارض الان في السودان ؟
هنالك احباط يعلو سطح بعض قوى التغيير وعبر عنه كتاب مخلصين لقضايا التغيير ويرجع ذلك لتشتت المعارضة في ظل ضعف النظام والنظام يستمد قوته من ضعف المعارضه والمعارضه ليست لديها خطة وقيادة موحدة وقياداتها لاتتقدم الصفوف بصورة ملهمة في ظل تضحيات كبيره دفع ثمنها الاطفال والنساء والشباب في جبهات العمل المسلح والسلمي, وفي المدينة والهامش , وقد فاقت جسارة شباب انتفاضة سبتمبر واكتوبر كل التوقعات ورسم الشباب تاريخا جديدا بالدماء وتجاوزت الحركة الجماهيرية محاولات الخداع والنصب على مستقبل التغيير ولن يجدي النظام فتيلا توزيع الاوسمة والانواط ولايجوز ان نقبل بتكريم اللصوص على من سطوا عليهم في وضح النهار, وداسوا كرامتهم على مدى ربع قرن ,ان المخلصين في العمل السلمي والمسلح سيوحدون المعارضة , ومن كان ينتظر من اهل النظام اخبار الهجوم الصيفي فان الهجوم الصيفي قد فشل, وشباب الانتفاضة قد تقدم وعلينا تقديم رؤية جديدة لوحدة المعارضة وتوحيد الراغبين في التغيير وتجاوز المترددين وهذا يحتاج لجهد وصبر وجلد وهو ممكن والاسبوع الماضي كونت الجبهة الثورية لجنه برئاسة احمد ادم بخيت للعمل بجدية على وحدة المعارضة وقطع الطريق على النظام في محاولته اعادة انتاج نفسه عبر قادته الحاليين او بقيادة جديدة وهذا النظام لم يتبقى له الا ان يذهب .
كيف تقيم اوضاع الحركة الشعبية لتحرير السودان الحالية ؟
الحركة الشعبية في افضل اوقاتها تجاوزت صعوبات عديده ولاتزال تواجه تحديات ولكن الحركة الشعبية اليوم (قوى سياسية لايمكن تجاوزها, وقوى عسكرية لايمكن هزيمتها) . وتتمتع بتحالفات داخلية ستتسع عاما بعد عام وبعلاقات اقليمية ودولية ولديها (22)مكتب تمثيل في الخارج وموجوده في مناطق محررة شاسعه حررتها بالدماء وخرج المئات من سجون النظام في العمل السري وهذه ثروة كبيرة للبناء ومع ذلك تعاني الحركة الشعبية من نواقص كثيره في مجال البناءوالمؤسسات والتدريب والاعلام وبناء المؤسسات الاقتصاديه وضرورة الانفتاح على القوى الاجتماعية الجديدة وفتح المجال واسعا للنساء والشباب والمحاسبة والشفافية ولكن ماتم انجازه في عامين ونصف بعد انفصال الجنوب جيد وقبل هذا وذاك تحتاج الحركة الشعبية لمراجعه برنامجها بنظرة نقدية استنادا على رؤية السودان الجديد وعلينا ان نطرح برنامجنا بروح جديدة واجراء مراجعات جديه لتجربتنا على مستوى الممارسة والبرنامج بما يشبه البداية الجديدة والاحداث المتتالية تؤكد ان بناء مشروع وطني يحقق الديمقراطية والتقدم والازدهار غير ممكن الا بالاستناد على رؤية السودان الجديد, ان احداث اليوم تعيد وترد الاعتبار لمشروع السودان الجديد على عكس مما يتصور خصومه وعلينا فحص الاخطاء قبل تسويق النجاحات بنظرة نقديه منفتحه لكامل تجربتنا
هل من كلمة اخيره تود اضافتها ؟
ان القبول بالاعيب النظام باعادة انتاج نفسه سوف يؤدي الى انهيار وتمزيق السودان لا احد يرفض الحل السلمي الشامل ولكن التجارب مع هذا النظام اكدت مرارا انه يراوغ ولن يمضي في هذا الطريق الا مرغما فالنظام فضل على السلطة فصل الجنوب ,وفضل على السلطة اشعال الحروب الجديده بديلا للاصلاح ولذلك فان البديل الوحيد والمتاح هو ان نعمل على اسقاط النظام .