يامصر هل؟ -1- … بقلم: عادل الباز
لا يعنيني إن ذهب الرئيس حسني مبارك أم بقي في السلطة فذاك شأن يخص الشعب المصري ما يعنيني هو مصر شعباً وارضاً وتاريخاً. غصة في حلقي وقلبي يكاد ينفطر وأنا أتابع على مدار الساعة ماتبثه صور الفضائيات من فوضى لايمكن تصورها في وسط القاهرة.
كنا إذا نزلنا الى أرض الكنانة نقرأ على أول لافتاتها آية (ادخلوها بسلام أمنين) ثم نعبر لاحيائها بنفوس ملأى بالطمأنينة و نمضي للسهر حتى أنصاص الليالي في طرقاتها ولياليها العامرة نسوح في مقاهيها ونضحك على مسارحها ونطرب لصوت مغنيها فينك (ياثمة) لتبكي على أطلال مصر الآن!!. مصر هى كتابنا الذي تعلمنا فيه القراءة ومسرحنا الذي أدمنا على مقاعده الضحك وصوتنا الذي صدح بغناء أم كلثوم.فكيف ياترى الآن نتحمل هذا الحريق الذى أحال غناءها لنواح ومتاحفها لرماد وضحكتها لحزن مقيم؟.
لا أعلم كيف غابت الدولة المصرية عن المشهد ولكن مايدهشني هو غياب مثقفوها عن المشهد كيف ياترى إرتضو أن ترسم صورتها فى العالم بهذه البشاعة. أين هم؟ لماذا توارو عن المشهد؟.لا أحد يدافع عن تاريخ ولا حضارة مصر ولا أحد يستلهم عبر تاريخها القريب ليقول للناس شيئاً مفيداً. تركوا الساحة للسياسيين فأحالوها لمشهد درامي لم تحظ بتصويره كل المسلسلات المصرية. كنت أتوقع أن يهبوا جميعا لا لينصروا طرف على آخر ولكن لينصروا مصر التي طالما تغنوا بها. لم أعد أصدق أنهم يحبون مصر. فنانو مصر وممثلاتها خرجن فى جوقة القنوات لا ليدافعن عن مصر بل ليتخذن موقفاً سياسياً مع وضد وليس لديهن أدنى تأهيل لذلك ملأن الجو تهريجاً وعياطاً دون أن يقلن شيئا مفيداً لا للرئيس ولا لمعارضيه.
ياترى لماذا توقفت عقارب ساعة مصر في ساحة التحرير وكيف تحولت تلك الساحة الرائعة لميدان حرب حقيقي.الى أين تتجه مصر في ظل هذا الهرج؟ هذا السؤال قطعاً ليس بإمكان أحد أن يجيب عليه الآن لا في الدولة ولا في معارضتها ولا في العالم وتلك هى المأساة. المأساة تحدث في الدول حين لا يكون هناك اجابة للتساؤلات الحرجة في الأوقات الصعبة على أن ذلك ليس من سمات الدول الكبرى ولا تلك التي ترفدها حضارة قديمة ومصر منها فماذا جرى؟ لماذا فقدت مصر عقلها فى لحظة جنون لا تشبه شعب مصر العظيم؟.يامصر هل؟ هل ستعودين تمشين واثقة الخطى ملكة ومتى؟.