منذ 1989م، لم أعد أكترث لكثير بما يصرح به الصادق عبدالرحمن الفحل "المهدي"، وإن كنت في حقيقة الأمر لم اقبل به كرئيس للوزراء إلا من باب القبول بالخيار الديمقراطي الذي اتت به صناديق الاقتراع عام 1986م.
صمت السيد الصادق عن نظام طغمة الإنقاذ وجرائمه البشعة بل جرائمه ضد الإنسانية في كل السودان ، أقنعني بانه لا رجاء يرجى من السيد الصادق! الذي بدأت نهاياته تظهر للرأي العام منذ تصريحه "البشير جلدنا وما بنجر فيه الشوك" وانتهاء "بتصاريحه" الضحلة والتي توضح محدودية فكره الثوري الذي جعله يصف ثورة الشباب بأنها "بوخة المرقة"!
هنا جمعت خلاصة صغيرة يمكن للقراء عامة و الشباب منهم التعرف على شخصية السيد الصادق المهدي-93 عاما- مما قد يدفعهم لرفض خياراته الثلاثة الفوضى أو الانقلاب العسكري أو الانتخابات المبكرة وعليهم التمسك بالخيار الرابع أي الصبر على تجربة الحكم الانتقالي ومعالجتها والوصول بها لمرحلة النضج ووضع أسس الحكم الديمقراطي المبني على خيار الأغلبية عبر الانتخابات النزيهة وتثبيت الحكم المدني.
أذا نظرنا للخيار الأول أي الفوضى فمن المؤكد انه خيار اللاوطنيين والخونة وبائعي الضمائر. وإذا نظرنا للخيار الثاني فهو خيار المندسين من أصحاب المصالح الاقتصادية والذين لا يهمهم فقد الأرواح السودانية أو سيل الدماء انهارا كما يدور في كسلا هذه الأيام، ولكن يرضيهم الايعاز للعسكر بالقيام بالانقلاب العسكري وإيصالهم للسلطة ثم تقاسم المصالح معهم.
وهاهو المكون العسكري يهيء الساحة للانقلاب فيقول البرهان "انه في انتظار إشارة من الشعب"، ثم يأتي مستشاره الصحفي العميد ابوهاجة فيصرح في 30/08/2020 لصحيفة الانتباهة (محذر من مآلات خطيرة للبلاد،...في ظل وجود المهددات الأمنية المتكررة وعدم ارتكاز القرار السياسي على البعد الأمني بأبعاده الوطنية ستستمر معاناة الشعب.. في العالم الثالث والتطور الديمقراطي .. دونما أمن وطني صلب وقوات مسلحة رادعة لا تتعرض للحرب النفسية من عملاء شعبها ولا تطعن من الخلف ولا تكون مكان مزايدات....في غياب كل هذه الأشياء يصبح التحول الديمقراطي ضرباً من الأحلام.
....يمكن أن يصبر الناس على الفقر والعدم والمعاناة لفترات لكنهم لن يصبروا ولو دقائق على الانفلات الأمني والانزلاق نحو الهاوية".
تعليقي بأن تصريحه ماهو الا حركة استباقية و محاولة لتبرير ضرورة الانقلاب!!!
للدلالة على فشل الحكم العسكري الذي سبق وان حكم السودان 52 سنة خلال 3 تجارب عسكرية بدأها الجنرال عبود لمدة 6 سنوات ثم نميري لمدة 16 سنة ثم البشير لمدة 30 وكانت كل فترة أشد استبدادا وبشاعة من التي سبقتها!
في حين انه لم تعطى فرصة للحكم المدني سوى 9 سنوات، منها 6 سنوات كانت رئاسة الوزراء فيها للسيد الصادق وفشل فيها بل سلمها للعسكر وتماهى معهم!!!. هذا التماهي يوحي بما يحمله الخيار الثالث أي الانتخابات المبكرة، فالسيد الصادق وكما يردد دائما بأنه كان صاحب الأغلبية التي فازت في انتخابات 1986م، ولذلك يجب تسليمه السلطة من قبل المجلس السيادي طوعا، أو "كرها" بمعنى إجراء انتخابات مبكرة ورعاية حلمه بأن يساعده العسكر وبقايا نظام طغمة الإنقاذ في حزبي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي في دغمسة الأنتخابات وتسخير إمكانيات الدولة من أجل فوزه بتلك الانتخابات المبكرة التي لم تستعد لها بقية الأحزاب كما صرح بذلك البرهان!!! وكدليل على ما سقناه - اجتمع السيد الصادق في 29/08/2020م مع وفد المؤتمر الشعبي واتفقا على عقد المؤتمر الجامع الذي دعا له حزب الأمة القومي في العقد الجماعي الجديد لتكوين حاضنة عريضة لحكومة مرتضاة تسوق البلاد إلى انتخابات حرة تفضي إلى ديمقراطية..."- !!!
أما دليلنا على نرجسية السيد الصادق التي تقوده من فشل إلى فشل أكبر مع مرور السنين، رغم قناعته بأنه وجد ليحكم السودان وانه الوحيد الذي يحق له الحكم ، نعم دليلنا ما سنسوقه في الفقرات التالية .
ذكر د. أسعد علي حسن بأن السيد الصادق صرح في برنامج شاهد على العصر " وأنا حدث السن، وقبل أن أسافر للدراسة في جامعة أكسفورد، كتب البريطانيون تقريراً سريا مفاده أنهم لم يعودوا بحوجة للاستمرار في البحث عن من يحكم السودان مستقبلا وأنني الشخص المناسب لذلك، نظرا لما لمسوه في شخصيتي عقب حوار جمعني بأحدهم"!!!
كذلك فقد أورد السيد الصادق في مقاله " يسألونك عن الجمهورية الطهوية" ... لم أكن أفكر في الذهاب لأكسفورد ....هذا لم يكن عادياً ولعله بسبب أن أحد أعضاء الإدارة البريطانية قد تنبأ لي بمستقبل قيادي منذ كنت في الثانية عشر من عمري" ....مجاهداتي هي التي جعلت جماهير حزب الأمة تنتخبني رئيساً للحزب في سن مبكرة 29 سنة رغم اعتراض قادة أسرتي. سيرتي أكثر سيرة شخص عمل في السياسة في العالم الثالث توثيقاً وقد أفلحت بنتي رباح في تدوينها ونشرها في 6 مجلدات...مكنني السجن ثمان سنوات ونصف أن أطلع وأدرس ثلاثة ألف كتاب. ومكنتني الظروف أن أكتب معارف فكرية وتجارب سياسية ونضالات جهادية واجتهادية ومعارف إقليمية ودولية. لقد دونت اجتهاداتي في حوالي 113 إصدارة من كتاب إلى كتيب" !!!
من ناحية أخرى، أورد شوقي بدري قول للسيد للصادق مفاده ( عبود قال لينا استلموا السلطة انتو بدل يستلموها الصعاليك . وانحنا رفضنا لأننا مش طلاب سلطة . والنميرى قال لى أنا أسلمك السلطة وأنا أبيت)"...اقرَّ إمام الأنصار، بتلقيه عرضاً من الرئيس السابق “جعفر نميري” لتنصيبه نائباً للرئيس لخلافته في لقاء تم بمنزله بحي الملازمين بحضور “فتح الرحمن البشير” بيد أنه رفض وربط ذلك بالتوافق على دستور ديمقراطي دائم للبلاد، ومضى في القول: “جاني بعد ذلك د. “حسن الترابي” في منزل د. “خالد فرح” – سنة 1993، وقال لي تعال نتقاسم السُلطة، وكان ردي ما لم نتفق على دستور انتقالي مشاركة ما في”، مفصحاً في الوقت ذاته عن رسالة تلقاها من الرئيس “البشير” – عن طريق شخص لم يفصح عنه، عقب انتخابات (96) قبيلة، تشكيل الحكومة عرض خلالها مشاركتهم في السُلطة، بيد أن “المهدي” قطع بتمسكه بمبرراته و دفوعاته السابقة للمشاركة في الحُكم، وعد ما تم بالمحاولة من قبل الحكام إضفاء شرعية شعبية وتاريخية عبر مشاركة حزب الأمة في الحكومة).
لن نناقش رأي المستعمر الانجليزي في السيد الصادق ولا إدعائه تأليفه لعدد 100 إصدارة من كتاب وكتيب، فله أن يدعى ما يدعي من إمكانيات وملكات وقدرات ومواهب، ولكن يهمنا "اعترافه" بان السادة النميري والترابي والبشير عرضوا عليه اقتسام السلطة معه!!!
لا أعتقد أن هناك عاقل في الكون يمكن أن يعرض لمن يعارضه أو ينافسه اقتسام السلطة معه ولكن يعرضها لمن يمكن أن يتفق معه ويساعده في إطالة بقائه في السلطة!!!ونكتفي بها كدليل على أن العسكر ونظام طغمة الإنقاذ كان يرى في السيد الصادق شخص يمكن "ضمان جانبه" !!!
يبقى أن ندائي للشباب خاصة بأن الخيار الرابع سيتم من خلال مواصلة ثورتهم والعلم بان كل تجربة جديدة تصاحبها عثرات و أخطاء في التطبيق ولابد من التنبه لها و يمكن تصحيحها ومواصلة المشوار النضالي حتى يتم التثبيت الكامل لركائز الحكم المدني. على الشباب أن يعلم أن البناء والتعمير مرحلة تتطلب مزيدا من التوحيد للقوى ومزيد من الاجتهاد في العمل والبذل والعطاء، ليس هناك مكان لطامع في السلطة بل كل الأماكن لمن يريد وضع قدراته وإمكانياته لخدمة الشعب بغض النظر عن موقعه ومكان عمله. نعم الساعة ساعة جد وتلاحم السواعد وتضافر الجهود، هناك أفراد وجمعيات ومنظمات مجتمع مدني وروابط ثقافية ولجان مقاومة وغيرها والجميع يعمل في تقديم الأفضل للشعب والوطن.
بالطبع كل هؤلاء الشباب قد يكون لهم انتماءات حزبية او قد لا يكون وليس هو المهم الآن، بل الأهم هو نكران الذات الآن ورفع شعار الوطن أولا وثانيا وأخيرا.
انشد المغني "صفا ياوطن وإرتاح ملعون أبو الفتنة خُت إنتباهك صاح للدار يباغتنا جُرح الحرب نتاح بالخوف يقوتنا أرضاً سلاح ياصاح وعوافي عوافي ارضاً سلاح وتعال يلاك نتسالم في سكة الامال الحلوة نتقادم بالعزم والاصرار حنملك العالم ولو كنا في فد ميل بالحب يكون وافي ليك إنتمائنا يكون بي شكل انساني لا حزب لا جيهة لاقبيله من تاني اليسألوهو يقول أنا زول وسوداني .