يصوم ويصلي ويفسد في الأرض !!

 


 

منى أبو زيد
24 January, 2012

 



في حوار ذو شجون مع صحيفة السوداني، استدل الأستاذ الطيب مصطفى - رئيس منبر السلام العادل - بحرص أغلبية الشعب السوداني على الصلاة لتأكيد وجوب أخذه بالإسلام كله في نظرته إلى مفهوم الدولة الإسلامية .. والمؤتمر الوطني – برأيه ورأي الكثيرين! - لا يمثل الحركة الإسلامية، وسياساته لا تتفق مع المرجعية الإسلامية، بدليل أن الإنسان قد يصلي ولا يصوم، أو يصوم ولا يصلي، أو يصلي ويكون فاسداً ..!

إذن، منبر السلام العادل يؤكد أنه ليس انشقاقاً بل حركة إسلامية قائمة بصورتها المغايرة، حركة سياسية تسعى لوراثة المؤتمر الوطني في خلافة الدولة السودانية وتطبيق الشريعة الإسلامية كما ينبغي لذلك أن يكون ..! 

قد لا يطيق الأستاذ الطيب مصطفى (الذي اتفق مع محاورته على أن تارك الصلاة ليس بالضرورة أن يكون فاسداً) الرأي القائل بأن الدين والمجتمع شأن إسلامي صميم، بينما الدين والدولة شأن – سياسي – آخر! .. وليس بالضرورة أن يفعل، المهم أن لا يصادر منبره خيار هذا الشعب في تقديم عفة يد حكومته على التزامها بأداء الصلاة  ..!

في هذا البلد علماء ومفكرين لهم أطروحات تقارع حجة المتشددين بمنطق أقوى منها، الدكتور عبد الله النعيم قدم – قبل سنوات - تأصيلاً عميقاً لمبدأ علمانية الدولة ما يزال طازجاً، لم يتسنَّه، فالدولة كانت – بحسبه - دوماً علمانية بشهادة التاريخ الإسلامي، وليس صحيحاً أنها فكرة مستوردة من الغرب، بل تجربة ذاتية تحكمها ضوابط كل مجتمع، وبالتالي فإن نجاحها مشروط بموازنة ثابت الفكرة بمتغير العلاقة بين الدين والدولة والمجتمع ..

ومفهوم الدولة الإسلامية – كما يراه النعيم - متناقض، فالدولة مؤسسة سياسية لا تقوم على المعتقد، ولا مكان للمعتقد إلا في صدور القائمين على الحكم، وعليه فإن الحديث عن معتقدات الحاكم هو حديث عن السياسة وليس عن الإسلام كمعتقد، والمستقبل القريب لا يبشر بتطبيق الشريعة كقوانين وسياسة رسمية للبلاد، ولكن يبقى المجتمع الكيان الخاص الذي لا غنى له عن تطبيق الشريعة ..

والشريعة نفسها مفهوم متغير محفوف بإشكالات التفاسير وثباتها كحكم ملزم مشروط بإجماع أجيال بأكملها على مذهب فقهي بعينه، والإجماع الفقهي على مذهب موحد شبه مستحيل، وعليه فإن ما يشرع وينفذ هو الإرادة السياسية للدولة وليس الشريعة الإسلامية ..

لا كفر إذن في الاعتقاد بوجوب الفصل المؤسسي الصارم بين الدين والدولة، لأن الدولة – ببساطة - لا ينبغي أن تُمنح قداسة ادعاء تطبيق الشريعة الإسلامية، فتمنع المعارضة السياسية من ممارسة دورها، وليس لذلك التوسع علاقة باستمرارية تأثير الشريعة الإسلامية على حياة المجتمعات .. فالفصل بين الدين والسياسة غير ممكن، ولكن الفصل بين الدين والدولة شر لا بد منه ..!

منى أبو زيد
munaabuzaid2@gmail.com

 

آراء