يوم الزيارة: على خرائب الخدمة المدنية !!

 


 

 

 

مخلّفات الإنقاذ كارثية من أي جهة أو وجهة تنظر منها إلي ما صنعته في البلاد وبالعباد .. فهي كارثة وقارعة وجائحة ونازلة ونكبة وبلوى ومحرَقة وطامة ومهْلَكَة لا تشبهها داهية ولا كارثة.. وما صنعته بالسودان لا مثيل له إلا بالدمار الذي حاق بـ(عاد) إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد.. وثمود الذين جابوا الصخر بالواد...!

يا بئس ما أوصلت الإنقاذ الوطن إليه... ولو كانت البلاد تُدار على هذه الكيفية لما كانت الأمم قد تحدثت عن الاستراتيجيات والسياسات العامة والترسيمات الدستورية والحوكمة والميزانيات والبرامج والتخطيط وفنون الإدارة والخدمة المدنية والكفاءة والمساءلة والمنهجية والأساليب العلمية؛ ولما انتهى بنا الأمر أن يطوف (البريقديرات) والمارشالات من خريجي الكليات الحربية آو من خريجي الخلاء العام) أن يطوفوا على العاملين أو على بعض مؤسسات الدولة وهيئاتها ليعلنوا عن التبرع لهؤلاء بمرتب ثلاثة أشهر وعلى أولئك بمكافأة أربعة أشهر.. كما فعل أحدهم وهو يظن أنه قد حل مشكلة المؤسسات ومعضلة الاقتصاد السوداني.. ولا أحد في الدولة يقول له: يا رجل هل أنت "وزارة المالية"؟!

هل سألت البنك المركزي؟ كم تبلغ التكلفة المالية؟ ومن أين يتم دفع هذه المرتبات والإكراميات التي أعلنتها على الهواء؟ وما موقعها من ميزانية الدولة؟ وهل المرجع في كل ذلك الخزينة العامة أم ذهب (جبل عامر)؟ وهل يتم دفع المتأخرات أو المرتبات هكذا بالتجزئة وعند كل زيارة لمصلحة أو مؤسسة أو فرع من مصلحة ومؤسسة حتى يتكفّل المسؤول أو الجنرال بدفع المرتبات والأعطيات أو (الرشوات).. وهو يظن انه يتكرّم على العاملين أو أنه يشتري ولاءهم؟! وماذا يصنع الموظفون الآخرون الذين لهم ذات المطالبات؟ هل ينتظرون حتى يزورهم الجنرال في جولاته الميدانية القادمة؟!

كل هذه المصائب وحالة التسيب التي تسود الآن في إدارة الدولة على يد المجلس العسكري هي (بالضبط) ما كانت تعمل له الإنقاذ منذ مجيئها المشؤوم.. وهو ما كانت تريد أن تصل إليه... حيث أنها اتجهت بقوة من يومها الأول لتدمير الخدمة المدنية وزرع (العبوات المفخخة) في كل أركانها من أجل نسفها بالكامل، وبدأت خطتها الآثمة هذه عن طريق زعزعة مفاصل الخدمة المدنية أولا عن طريق التمكين والمحسوبية ونزع كل عناصر الكفاءة منها، وإمطارها بعديمي الكفاءة من أهل الولاء الخائب، والحرامية الذين لا يردون طلباً ولا يرفضون رشوة ولا يتأففون من وضاعة، ولا يتورعون عن معصية..! والمرتشين الذين يرتكبون (الفاولات) الإدارية والقانونية وغيرهم من (نافقي الضمير) بمعنى الذين يشبه موت ضميرهم جيف الحيوانات والضواري المتعفنة... وقد نجحت الإنقاذ في هذه المهمة التدميرية (نجاحاً منقطع النظير)؛ فأصبحت الخدمة المدنية المطيّة الذلول لأصحاب السرقات والانحرافات، ومرّت من تحت أيادي الخدمة المدنية وبصرها كل السرقات المليارية ونهب التوريدات المالية العامة والمداخيل والجبايات والرسوم والضرائب والزكوات والقروض والعقارات والبواخر والموانئ ومراكز الأبحاث وسرقة وتدمير موجودات السكة حديد ومشروع الجزيرة ومصانع الدولة وفبريكاتها ومزارعها...الخ

هذه هو حال الخدمة المدنية اليوم.. ينعق البوم في أوكارها وخرائبها.. ولا تجد فيها إلا الفوضى الضاربة ..انزواء أهل الضمير والتأهيل وسيادة الحرامية والمرتشين و(الدلاقين) التي لا تهش ولا تنش.. ولا تجد غير ذلك إلا الركام والأوراق المبعثرة والسرقات خارج القانون، ثم لا تجد فوق هذا الركام إلا مديري الهيئات والمؤسسات ورؤساء الأقسام.. ثم وكلاء الوزارات وكلهم إنقاذيون و(بقايا إنقاذيين) ولا تقل لي أن الإنقاذ تسمح بأن يوجد في عهدها الفاجر وكيل وزارة ليس إنقاذيا (أو ما هو أسوأ من ذلك).... بئس ما فعلت الإنقاذ بالخدمة المدنية (عمود الطوالي) والنخاع الشوكي والعمود الفقري الذي يمثل حياده صمام الأمان في كل دولة..ولكن من يسمع؟ هذه هي الإنقاذ ملعونة ملعونة هي وأهلها كيفما كانوا...عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين..!

murtadamore@yahoo.com
//////////////

 

آراء