١٩ يوليو درس من الماضي للمستقبل
كلام الناس
*لست من أنصار البكاء على أطلال الماضي لكن هناك محطات في التاريخ تستحق التوقف عندها لأخذ الدروس والعبر التي نحتاجها ونحن نتطلع لبناء مستقبل مشرق بعون الله وتوفيقه.
*من الصدف العجيبة أنني فرغت للتو من قراءة كتاب"عنف البادية .. وقائع الأيام الأخيرة في حياة عبد الخالق محجوب" وهو يوثق لبعض الوقائع والمواقف التي حدثت عقب المحاولة الإنقلابية التي قادها هاشم العطا في مثل هذا اليوم من عام١٩٧١م.
* الكتاب من تأليف الدكتور حسن الجزولي وهو محشود بالشهادات المهمة حول خلفيات المحاولة الإنقلابية التي أطلق عليها في ذلك الوقت الحركة التصحيحية‘ نفذها ضباط محسوبون على الحزب الشيوعي السوداني.
* بعد فشلها شهدت الساحة السياسية في السودان هجمة مرتدة عنيفة ضد الحزب الشيوعي وقادته راح ضحيتها السكرتير العام للحزب عبدالخالق محجوب والزعيم العمالي الشفيع احمد الشيخ والرفيق جوزيف قرنق وثلة من الشيوعيين.
*إجتهد الدكتور حسن الجزولي في تجميع المعلومات من أكثر من مصدر ومرجع ورجع لبعض الوثائق المكتوبة عن تلك الفترة وأزاح بعض الغموض عن بعض ملابساتها وخاصة أحداث بيت الضيافة الدموية.
*لأول مرة أعرف أن تعبير "عنف البادية" إستمده عبد الخالق محجوب من ردة الفعل الشرسة التي استهدفت الحزب الشيوعي في أعقاب سقوط الحكم العسكري الاول في أكتوبر١٩٦٤م وتشكيل حكومة أكتوبرالتي تربصت بها الأحزاب التقليدية وجلب حزب الأمة انذاك "الأنصار" بأسلحتهم التقليدية من الأقاليم للعاصمة لإسقاط حكومة أكتوبر بأسلوب حذر منه عبد الخالق محجوب بعد أن وصفه ب"عنف البادية".
*هذه ليست المرة الأولى التي أقرأ فيها كتاباً عن إنقلاب ١٩ يوليو١٩٧١م فقد قرأت من قبل كتاب عثمان الكودة الذي طبعه بمطابع دار الصحافة وهو يتضمن شهادة حية لدوره الشخصي في عملية تهريب عبد الخالق محجوب من معتقله بمصنع الزخيرة بالشجرة.
*مرة أخرى ليس الهدف من هذه الوقفة البكاء على الماضي وإنما محاولة الإستفادة من دروسه وعبره التي لم يعتبر بها أحد .. فتكررت بعد ذلك الإنقلابات العسكرية التي أطاحت بالديمقراطية وأدخلت السودان وأهله في مازق لم نخرج منها حتى الان.
*نحن أيضاً لانهدف لمحاكمة التاريخ الذي قال كلمته ومضى بخطوات متئدة نحو المستقبل‘ وكل ما يهمنا هو تسليط الضوء لتعزيز الوعي ونحن نسعى لاستشراف المستقبل.
*ما أحوجنا - جميعاً - لاستلهام دروس الماضي والحاضر للخروج من الدائرة الجهنمية التي أدخلت السودان في مشاكل سياسية وإقتصادية وامنية متفاقمة نتيجة إستمرار سياسة الإنفراد والعناد ورفض السوداني الاخر.