من واجبات المواطن السوداني مع ترنح نظام الإنقاذ
المتأمل لحال السودان اليوم لا يمكنه الا أن يحزن وقد تخنقه العبرة فيبكي كأول رد فعل عند رؤية الخراب الذي أصاب السودان في كل المناحي الحياتية. والبؤس الذي خيم على الجميع بما فيهم المسؤولين الإنقاذيين وأخرهم وزير الخارجية بذات نفسه البروفسور غندور الذي بكى وشكى لطوب الأرض ثم انتهى به الأمر أن شكى للبرلمان ولرئيسه فشل طغمة الإنقاذ الكامل وعجز المسؤولين بما فيهم البشير ونائبه بكري عن إدارة الدولة!!! ثم كانت المفاجأة الكبرى ألا وهي أن يأتي نائب الرئيس ورئيس الوزراء بنفسه ليؤكد فشل الدولة من تحت قبة البرلمانوإعلانه لإفلاسها عبر إقراره بفشل حكومته عن توفير مبلغ 102 مليون دولار لشراء الوقود وقوله "تعذر العملة الصعبة أحسن كلنا نقرها، إنوا في ظروف حقيقية وأنوا في شح حقيقي" !!!. حالة الخراب هذه استشفها في تساؤله الراحل الطيب صالح "هل السماء مازالت صافية فوق أرض السودان أم أنهم حجبوها بالأكاذيب.....هل مازالوا يتحدثون عن الرخاء والناس جوعى؟ وعن الأمن والناس في زعر؟ وعن صلاح الأحوال والبلد خراب؟"
الهدف من هذا المقال ليس الاستمرار في وصف الفساد الذي أصاب كل المسؤولين الانقاذيين في السودان ابتداء من داخل القصر الجمهوري بخيانة الفريق طه للسودان وبيعه لأسرار السودان مقابل حصوله على الجنسية السعودية وبعض المصالح المالية، وليس انتهاء بالسوداني الأمريكي الذي باع كل سكر المصنع أو غيرهم، فالجميع الان يعلم إنه لا يوجد مسؤول في حكومة الإنقاذ من الرئيس حتى أصغر تابع للحزب الحاكم لم يصل قمة الفساد والإفساد لمن حوله!!!
بل الهدف هو التبشير بأن الإصلاح مربوط بذهاب الإنقاذ وأن ذهاب الإنقاذ إلى غير رجعة قد بات وشيكا فما هو دور الشعب بكل أحزابه ومنظماته المدنية في ظل هذا الوضع الخانق؟؟؟
من المؤكد إن طغمة الإنقاذ الحاكمة و أصحاب المصالح والمنتفعين من فساد الإنقاذ هم أول من سيدافعون عنها بالباطل وسيوردون من الحجج والمبررات الكثير لضرورة بقاء نظام الانقاذ عامة والبشير خاصة!!! ومهما تعددت واجهاتهم وتنوعت ما بين لجنة علماء السودان، وجماعة أنصار السنة هبوطاً حتى الصحفي "المتنبي" صحفياً إسحق أحمد فضل الله ووصولا الى المتنبي سياسياً "الشيخ" بله الغائب فهم سيغلفون الدفاع عن مصالحهم المزدهرة في وجود فساد الإنقاذ وضامن تغطية ذلك الفساد أي الحاكم البشير عبر حتمية استمرار البشير، وأخر حججهم هي الحجة الأمنية بأنه بدون البشير والإنقاذ سيصبح الحال كما وصفه إسحق " ماذا بعد سقوط الدولة الأن...أبعدوا أنتم أيها اللصوص الكاذبون الدجالون...أبعدوا وما تخيفوننا به من...عالم اليمن وسوريا وليبيا ..نحن قادرون عليه،...بعدها بساعة الإجابة ...سوف تكون هي أتركوا الجيش يحمينا من الخوف ... بعدها بساعة الإجابة سوف تكون هي أبقوا على البشير..وفلان وفلان"....فالسودان ليس هو الصومال...السودان بحيرة من الوقود إن هي اشتعلت لم يبق شيء"!!!
الحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع هي إن نظام الإنقاذ وسدنته يخوفون الشعب السوداني بخيارين لا ثالث لهم إما أن يبقون حكاما الى قيام الساعة أي فرض الوصاية على الشعب وحكمه رغم أنفه أو أن يشعلوها حربا تهلك الأخضر واليابس بعد أن أمنوا الكثير من مصالحهم ومصالح أسرهم في ماليزيا وتركيا ودبي.
إذن الواجب على الشعب السوداني عامة وعلى كل فرد ومواطن صالح خاصة عدم تصديق نبوة دجالي الإنقاذ وتفويت الفرصة عليهم من خلال تلاحم الشعب بكل مكوناته الأثنية والجهوية ومستوياته الثقافية والعلمية في جبهة واحدة شعارها كلنا أبناء السودان ننبذ القبلية والجهوية ونرفض ثقافة العنف والاستبداد التي نشرتها طغمة الإنقاذ ونتعاهد على أن نكون يداً واحدة عاملة لبناء ما دمرته حكومة ونظام الإنقاذ المستبد .
يمكن من الأن ولضمان الأمن والسلام في فترة ما بعد الإنقاذ وضع تعهد لنشر ثقافة السلام يحمل كل معاني توحيد القوى والتعاون والتعاضد يوقع عليه كل أفراد الشعب السوداني أفراداً وجماعات وقبائل وجهات مختلفة للنهوض بالسودان مرة ثانية. هذا التعهد يمكن أن توقع عليه الأحزاب بكل توجهاتها الداعية للهبوط الناعم أو لتفكيك النظام أو لإسقاط النظام. وكذلك منظمات المجتمع المدني وفرق كرة القدم وقادتها وغيرهم من كل المواطنين السودانيين الشرفاء.
يمكن أن يكون التعهد بسيط وواضح ويمكن أن يشارك في وضعه الجميع على قرار هذه التعهد «أقسم بالله "بالآلهة" وأتعهد انا المواطن السوداني .......... أن، أساهم إيجابيا في دعم السلم والأمن واستمراريته وألا ألجى للعنف المعنوي او الحسي لحل أي اختلاف بل أترك ذلك للسلطات القضائية الرسمية بجانب احترامي للأساليب المتعارف عليها في حل الخلافات من جودية وأهلية وغيرها" .
تعاضد السودانيين وتلاحمهم وتعاهدهم لاقتسام الحلوة والمرة ونبذهم للأنانية والجهوية والقبلية سيكون أول أساس لإقامة دولة العدل والمؤسسات وحرية المواطن في بلده.
تسألت تلك السيدة السودانية في الفيديو المنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي بلهجتها البسيطة عندما علمت ان البشير طلب لنفسه حرس بقيادة فريق فقالت "إنت داير تقنب فيها لمتين، فريق!!! ولا سجم الجيلك والجيل أبوك"!!!
كتب الشاعر المرحوم علي صالح داؤود في 1991م
"شكراً لكم أنقذتمونا فأرحلوا
.......
إنقاذكم جلب الشقاء لشعبكم فجنى المصائب فوق ما يتحمل
فالجوع في أحشائه متمكن والعرى في أجساده يتجول
والأمن أفلت حبله وزمامه والنهب فوق ربوعه يتغول
والشعب أصبح كله في عسرة ما عاد إلا سائل يتسؤل
الداء يقرضه وينخر عظمه والحاكمون تشحموا وترهلوا
............
الكل صار بذقنه يتسربل
لينين كان بلحية من قبلكم وكذا النصارى اطلقوا واسترسلوا
وبنو اليهود كذلكم ابقوا اللحى وعنوا بها ماقصروا أو أهملوا
.......
حكم الشريعة ليس ميسوراً لكم ولمثلكم من للشريعة يجهل
فلتذهبوا ياسادتي ولترحلوا
فالشعب في جنح الدجى يتململ
ويروم صبحاً بالبشائر يقبل".
بشير عبدالقادر
wadrawda@hotmail.fr