كتاب عبد القادر الرفاعي ومتعة قراءة سيرة الشهيد هاشم العطا
نقاط بعد البث
* عن مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، صدرت الطبعة الأولى من كتاب "الرائد هاشم العطا" للدكتور عبد القادر الرفاعي. والذي مهد لصفحاته الممتعة بإهداء صادق وحميم موجه لأخلص أصدقاء عمر الكاتب الجميل.
* فعبر 560 صفحة من القطع الكبير قبعت مستمتعاً بسفر حميم، كما عودنا الرفاعي ضمن سلسلة مطبوعاته المتعددة والقيمة والتي يرفع عبرها بمسؤولية وطنية جمة راية التوثيق، باعتبارها أحد هموم الكاتب الذي ينظر للماضي نظرة فاحصة، يضع فيها موضوعة تاريخ البلاد بين أيدي أجيال حق لها أن تتعرف عليه دون شوائب أو تحريف.
* يتناول الرفاعي سيرة البطل الوطني ممثلة في الشهيد هاشم العطا ابن الشعب والقوات المسلحة السودانية، والذي أدلى بدلوه لمعالجة النتوءات التي برزت في وجه بلاده الذي أحب أن يراه جميلاً وناصع الوسامة، فإذا به يسمو فوق الحياة منفعلاً بهذه المحبة التي جعلت بلاده أكثر جمالاً برحيله البطولي، والذي شهد به كل الكون من حوله، وكأن شهيدنا وبصوفية عذبة يمضى لآخر أشواط الاستبسال والفداء متدثراً برداء التعايشي والماظ وجميع شهداء كرري وثوار 24 وبقية شهداء الثورة السودانية.
* سجل الرفاعي ضمن كتابه عن العطا سيرة عطرة لانسان باسل ونبيل، حيث جاءت كإفادات وشهادات وكتابات ومقالات، عبر ستة عشر فصلاً وعدداً من ملاحق والبوم لصور نادرة، تناولت جميعها جوانب هامة من سيرة وحياة الشهيد هاشم العطا، وجاءت غالبيتها كمعلومات جديدة لم تُذكر من قبل، تعرف القارئ خلالها أكثر على شخصيته وتقرب أعمق من صورته.
* ومن بين أبرز ما ورد عن هذا الشهيد الباسل هي تلك الافادات التي سجلها بعض أفراد أسرته وضمنهم زوجته السيدة ليلى الريح وكريمته الوحيدة الأستاذة هند، وأيضاً تلك الشهادات النادرة التي استطاع الرفاعي ووفق في أن يستنطق فيها رفاق السلاح والمهنة من أولئك الضباط الذين عاصروا الرائد هاشم العطا ورافقوه خلال محطات حياته داخل الجيش وخارجه، وشهدوا له بالكفاءة المهنية والفكرية والاستقامة الاجتماعية.
* وبالطبع ضم كتاب الرفاعي فصولاً حفلت بتحليل فكري وسياسي عن طبيعة ما جرى من أحداث قادها وفجرها العطا، من التي عرفت بأسماء متعددة، فحيناً "إنقلاب هاشم العطا" وفي أخرى "إنقلاب 19 يوليو" وفي أحيان "حركة هاشم التصحيحية"، وكذا "ثورة 19 يوليو"، حيث لم يتوافق المهتمون والدارسون لتلك الأحداث على ضبط صحيح بعد يعرف بطبيعة ما جرى في عصر ذاك اليوم الذي وافق التاسع عشر من يوليو 1971!. لاغرو حيث أن ما جرى في ظهيرة ذاك اليوم وما تلاه من أحداث دراماتيكية ما يزال يكتنفه الكثير من الغموض والارباك الذي إذا أضيفت له ولو معلومة صغيرة في حجم رأس الدبوس، إنما تكثف وتعمق من الحدث بأكثر من المساعدة في فك شفرات غموضه وطلاسمه!. وتعد الجزئية المتعلقة بأحداث بيت الضيافة هي الأكثر غموضاً من بين جميع جزيئيات تلك الأحداث. فلماذا أصبحت كتاباتنا عن تاريخ البلاد أكثر إلتواءاً عن ما يجب، ولم هذا التخفي والصمت والسكوت عما يجب الافصاح عنه، حتى أضحى هذا التعقيد في المسكوت عنه مهيمناً على ثقافتنا فأصبحت ضمن الأسباب المباشرة لشقاء بلادنا التي تقدم تاريخها وهي تضاير بعضه حيناً وحيناً تفبرك وقائعه للأجيال الطالعة حديثاً؟ ،، لمً؟!.
* حسناً كتب د. الرفاعي متناولاً سيرة الشهيد هاشم العطا كإطار لتلك الأحدث ضمن من كتبوا باستفاضة عن 19 يوليو، فلقد تناولتها أقلام عدد من الكتاب والأساتذة الأجلاء كالراحل الرائد معاش محمد محجوب عثمان والراحل دكتور عبد الماجد بوب والرائد معاش عبد الله الصافي والرقيب عثمان الكودة وهناك تقرير اللجنة المركزية عن الأحداث، إلى جانب عدد لا يستهان به من حوارات ومقابلات ومقالات تناولت الحدث بالتحليل والدراسة والافادة والاضافة.
* ونعتقد أن الاهتمام بحدث كـ 19 يوليو يبرز كنتيجة لما تركه من تأثير بالغ الأهمية وله ارتباط عميق ووثيق بما سبقه من أحداث أسست للواقع شديد التعقيد الذي تمر به بلادنا منذ واقعة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان، والذي كان بداية للانزلاق نحو هاوية عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي لبلادنا.
* وضمن إنطباعنا الشخصي عن كتاب الرفاعي القيم هو أن عمله جاء وكأنه "كتابين في كتاب" حيث حفل بالعديد من الموضوعات والتي وإن كان لها علاقة بالشهيد هاشم العطا، إلا أنه لا علاقة مباشرة تربطها بسيرته، وكنا نآمل أن يضمها كتاب آخر تفرد صفحاته لمعالجة تلك الموضوعات، وهي بالطبع ذات قيمة كبيرة، ولا نشك بأن د. الرفاعي ولما له من حس وانتباهة موضوعية سيلتفت لمعالجة هذا الأمر ضمن الطبعات الجديدة من الكتاب عند تنقيحه لاحقاً. رغم أن وجودها بين ضفتي الكتاب الصادر لا تقلل مطلقاً من قيمته بأي حال من الأحوال.
* مرحباً بالشهيد هاشم العطا الذي وضعه الرفاعي ضمن أضابير المكتبة السودانية، كتاب وجب أن يكون داخل كل بيت وعند كل أسرة، كإضافة جديدة لتتعرف الأجيال الطالعة مع القديمة على سيرة إنسان سوداني نادر الوجود ،، هو كما قال عنه الرفاعي نفسه ضمن عنوان الكتاب " ابن هذا الشعب ،، ابن شقاءه المتكاثر".
ــــــــــــــ
نشرت بصحيفة الميدان
helgizuli@gmail.com