جاء في الأخبار عشية أمس 13 سبتمبر 2018 أنّ نظام الإنقاذ - ورئيسه عمر البشير- في الطريق لترشيح عالم الإقتصاد الدكتور عبد الله حمدوك - أمين عام الهيئة الإقتصادية في أفريقيا التابعة للأمم المتحدة ومقرها أديس أبابا - ليكون وزيراً للإقتصاد في تركيبتهم الوزارية (الجديدة-القديمة)!!
ما قرأناه مجرد خبر - خبر أعيد تدويره في مواقع التواصل وألحقت به سيرة ذاتية للدكتور عبدالله حمدوك ، وهو تكثيف إعلامي مقصود، يعني في فن الصحافة أهمية الخبر والإمعان في نشره حتى يصدقه الجمهور!!
لا أعرف نوايا الناس وما يضمرون. لكني أعرف أنّ مواقف بعض الرجال والنساء التي رفعتهم عالياً ليست محل مساومة. والدكتور عبد الله حمدوك الذي عرفت عنه كل ما يحمد للمتعلم والمثقف وعالم الإقتصاد النموذج قبل أن ألتقيه وعرفته فيما بعد - ولو إلى حين- يكون قد سدد طعنة لتاريخه الشخصي ولمواقف تحمد له ولجيله لو قبل - تحت كل الذرائع والأسباب - منصباً لنظام بدأ فاشلا وفي طريقه إلى نهايته المحتومة..وفوق ذلك فإن الدكتور عبد الله حمدوك لا تجمعه بهذا النظام الدموي أدنى آصرة فكر سياسي أو وشيجة عاطفة وطنية من قريب أو بعيد.
الدكتور عبد الله حمدوك -لمن لا يعرفونه - خبير دولي في الإقتصاد ويجلس حاليا على قمة المنظمة الإقتصادية التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا. له أبحاث عديدة في إقتصاديات أفريقيا وآخرها كتاب بالشراكة مع زميلين له الدكتور آدم الحريكة وزميل آخر حول (الإقتصاد الجزئي في أفريقيا Microeconomics in Africa)- إن صحت ترجمتي لعنوان الكتاب. رجل ذو ابتسامة دائمة حتى في أحلك المواقف. كثير الفعل وقليل الكلام. ودبلوماسي ينصت ويراقب وجوه المتحدثين باهتمام قبل أن يدلي برأيه في أي نقاش أو أنس عابر.
لست ضد خيارات أي إنسان في هذه الحياة ، خاصة حين يكون الشخص في مقام عالم اقتصاد ومثقف عضوي مرموق مثل الدكتور عبدالله حمدوك..قطعاً لا أزاود على وطنيته ولا ينبغي لي ، لكن من حق محبتي له وحرصي على تاريخه الشخصي وحرصي فوق ذلك على طبقة عريضة من المثقفين الأحرار الذين هو منهم دون شك فإنني أرجوه أن يعيد النظر في المائدة المسمومة التي دعوه إليها باسم وزارة اقتصاد لبلد يعرف د. حموك قبل كل شخص أن اقتصاداً في ظل نظام مثل نظام عمر البشير وزمرته يحتاج لمعجزة لكي يتعافى ، ناهيك أن شخصاً مثل دز حمدوك ليس في حاجة لكي يكون كبش فداء لنظام يحمل أسوأ سيرة ذاتية بين أنظمة البطش والإهانة لشعبه في عالمنا.
أهم من ذلك كله فإنّ كثيرين - ومنهم كاتب هذه السطور - يدخرون الدكتور عبد الله حمدوك على رأس قائمة لعلماء وقادة رأي آخرين وحقوقيين ليوم تؤذن شمسه بالشروق على بلادنا وشعبها الصابر !
وأختم يا أبا علي - وأنت تعرف محبتي لك وحرصي مثل كثيرين جدا على أن تظل نظيفا كما عهدناك وأن تبقى ذلك العالم العلم والمثقف العضوي قوي الشكيمة لأن وطنك يدخرك ليوم يرونه بعيدا ونراه قريباً.