من غير المساس بعقلية الإنجاز يمكن وصف ميثاق العمل الصحفي الموقع أخيرا بتعاقد أطراف أكثر من كونه ميثاق شرف .الجنوح الى التطرف يؤطره ضن عقد عمل الأصل في ميثاق الشرف الصحافي تأطير مبادئ قيمية تستهدف تعزيز أخلاقيات الأداء المهني وآدابه.جوهر إلإنجاز يتمثل في صوغ الميثاق باعتياره نبعا من الوسط الصحافي نفسه.هو بالضرورة يخاطب الوسط ذاته بغية شد عصب الإنضباط الذاتي على طريق الإرتقاء بالعمل الجماعي .هذه وثيقة تحرص عليها بعض الدور الصحافية كما تتقيد بها دور إعلامية .
بما أن الصحيفة تمثل في ذاتها وثيققة عمل يومية بين الصحفيين والقراء ،فالأمثل تلاقي الطرفين على ميثاق – إذا كان لابد-- وليس أي طرف ثالث . الواقع ثمة ميثاق غير مكتوب بين الجانبين .ذلك أن الصحيفة نفسها تشكل عقدأ إنتقائيا للحواربين الصحافيين والقراء .كماهي جبهة متقدمة للدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم كذلك كما أن لكل مهنة قيما سلوكية فان أخلاقيات الصحافة تشغل مكانة متقدمة في كل المجتمعات في ظل نشابكها اليومي مع أطراف متعددة على محاوربالغة الحيوية .أكثر من ذلك الإشتباك دور الصحافة باعتبارها رسالة تساهم في تشكيل الراي العام وقيادته.
هناك إجماع - مع تباين المدارات واللغات - على منظومة من القيم تجسد روح ميثاف رفيع للشرف الصحافي من مطلق تأمين صناعة ونشر مادة إعلامية ذات محتوىً يتسم بالمهنية ،الموضوعية والصدقية .
يشكل مصطلح الشرف مفتاح الميثاق وحجر بناء أساسه .الشرف ليس فقط محور المبادئ المضمنة بل هو كذلك المنصة الأعلى من حيث يتم النظر إلى جميع النصوص فيه ومحاكمتها .إذا كان ثمة مصطلح مفتاحي آخر فهو – بلا تردد - الكرامة . ليس من شأن ميثاق الشرف التركيزعلى الإلتزام بنصوص الدستور والقوانين . تلك بدهية تطال كل المؤسسات والأفراد داخل الوطن .
ميثاق الشرف يؤكد إنحياز الصافيين المطلق إلى الحقيقة والولاء الكامل للشعب والتعبير عن مصالحه العليا من منطلق إيمانهم التام بأنهم يمثلون ضميره الحي . تحت هذه امظلة تندرج منظومة القيم الكفيلة بتأمين رسالة تساهم في حماية مكتسبات الشعب ،أمن الوطن وحرية التعبير. تلك سلسة ذهبية من المبادئ ليس أدناها النزاهة. كما ليس أعلاها حق الشعب في الحصول على المعلومات الصادقة الدقيقة ،الحقوق الفكرية والحقوق الخاصة للافراد والمكونات المجتمعية .كما تشدد على المساهمة في تحقيق العدالة وسيادة القانون .
الميثاق يضع أمام الصحافيين خطوطا حمراء .منها عدم الإستثمار في الأزمات الوطنية ،النعرات الطائفية ، الإثنية أو الجهوية .الحرص على الفرز بين الإعلام والإعلان . الفرز بين الخبر، التحليل والتوقع. هذا تأكيد على إبراز الخبر خالصاً من شوائب الرأي الشخصي أوالصبغ السياسي.كما تقتضي الحيدة النأي عن الإثارة .
بما أن الشرف والكرامة ركنان اساسيات للشخصية الصحافية فبالضرورة بناء الميثاق عليهما في الرؤى والديباجة .لايجوز التقليل من دوره أوالمساس بمكانته . من ثم يصبح تخوينه او الإشارة إليه بأي من أصابع الإتهام إنتهاكا صارخا لحقوقه .لهذا ينبغي كتابة الميثاق من قبل صحافيين محترفين . هذه مهمة لاتترك لأي طرف آخر بما في ذلك الأكادميون من أساتذة الإعلام .هؤلاء رغم خصوبة معرفتهم بعيدون عن معاناة الصحافيين اليومية . الميثاق يعكس في جوهره وديباجته مشاكل وتطلعات أهل المهنة فيأتي طلقا ذاتيا سلسا حين يكتبه أهله .إستسهال الإستنساخ وباء عربي في الأنظمة الشمولية حيث تنوب السلطة عن الصحفيين في كتاية الميثاق .لذلك لاتجد فروقات بينة فيما لواستعرضت شريحة من المواثيق الصارة في عواصم عربية عدة .
بالإضافة إلى طابع الإستسهال الغالب على الميثاق المنجز فان الظاهر والباطن يوحيان بانه وليد خارج الطلق الذاتي .مفتتح الكلام استغرق في بنود دستورية لاتعكس أياً من هموم المهنة .البند الأول لايخاطب الصحافيين أو قضاياهم بل وثب إلى القارئ . هي نفسها وثبة عرجاء إذيكبلها النص بالقانون. هذه شائنة تلاحق كل البنود.الصياغة تضع الصحافي في قفص الإتهام .عوضاً عن المنع والحظر يجب اللجوءإلى التعزيز والتحريض الخفيين أو حتى المباشر ,صيغة الأمر المتكرر ترجح كتابة الميثق بأيد "سفرة ".إقرأ عدم الإنحياز ،عدم نشر، عدم إستخدام ،يحظر ،لايجوز ،يمنع . يمتنع .
أما ثالثة الأثافي في الأمر والمنع في" عدم التستر على الذين يسئون للمهنة أوالذين يخضعون اقلامهم للمنفعة الشخصية .......".هنا يرتج الكيان الصحافي .فالإدانة لاتكتفي بوجود فئة منحرفة داخل الوسط الصحافي بل أدهى من ذلك وجدود من يتستر على المنحرفين.ربما ليس ثمة خلاف على المقاصد لكن الصياغة تختلف كثيرا فيما لوانجزها أهل الدراية . لعل الزميل محمد لطيف عنى أكثر مما فهم آخرون عندما أشار إلى دار الصحافيين مسرحا أفضل للإحتفاء بالميثاق. الإحتفال في مقر السطة التشريعية نزع عن االوليد طابع المخاض الأسري بل زاد على الصياغة غماطا سلطوياً. المتحدثون لم يتركوا ثغرة للشك . مدير حهاز الأمن كان أكثرهم وضوحا إذ لوَح بالقبضة الغليظة غير مرة .لهذا كله تأتي الوثيقة وكأنها عقد بين السطة والإتحاد أكثر من كونها ميثاق شرف مهنيا .كماقال رئيس الوزراء هو ليس جرعة دواء شافية غير أن ما سيظهر على الجسم الصحفي وهوأصبح مضطراً لتجرعه سيكشف أعراضا أكثر من مؤشرات لتعافي دع عنك ملامح الشفاء.
aloomar@gmail.com