الدكتور صديق بولاد السودان دخل مرحلة الخط الاحمر و الانفجار والفوضي والانفلات الامني

 


 

محمد فضل علي
6 December, 2018

 

 

في مقال له علي حسابة في شبكة الفيسبوك بعنوان " حكومة الانقاذ والتفاوض مع المعارضة السودانية " استعرض الدكتور صديق بولاد في مقال له الاساليب والتكتيكات التي اتبعها نظام الجبهة القومية الاسلامية وما تعرف باسم حكومة الانقاذ خلال الثلاثة عقود من الهيمنة علي البلاد في اختراق وتفتيت المعارضة السودانية الي جانب استخدام الرشوة السياسية ضمن الاسلحة الخبيثة التي استخدمت في هذا الصدد.

الدكتور صديق بولاد المقيم في كندا منذ سنين طويلة لمن لايعرفونه احد الكوادر القيادية المعروفة في حزب الامة السوداني الذي شغل منصب رئيس تحرير صحيفة الحزب اثناء تولي السيد الصادق المهدي رئاسة الوزراء في اخر حكومة سودانية منتخبة منتصف الثمانينات قبل انقلاب الجبهة القومية الاسلامية وكان من منصبة المشار اليه يعتبر من المقربين من الصادق المهدي ووزراء الحزب في الحكومة وبقية الوزراء وقيادات العمل التنفيذي في جهاز الدولة.
جرت مياة كثيرة تحت النهر كما يقولون في ذلك الوقت وشهدت البلاد موجة من التقلبات والازمات السياسية والتحالفات المربكة التي خلقت حالة من الانقسام السياسي الذي مهد الطريق عمليا لانقلاب الجبهة الاسلامية التي كانت قد نجحت في التغلغل في الحزب الحاكم اثناء اتفاقية السلام السودانية التي وقعها انذاك الزعيم الاتحادي السيد محمد عثمان الميرغني والدكتور جون قرنق زعيم ما كانت تعرف بالحركة الشعبية لتحرير السودان وكان حزب الامة ورئيس الوزراء الصادق المهدي قد اتخذ موقفا اقرب الي موقف الجبهة القومية الاسلامية من ذلك الاتفاق ثم كانت مذكرة القوات المسلحة التي اجبرت رئيس الوزراء الي تغيير موقفه في هذه الاجواء المرتبكة ومع اختلاط الاوراق وتدهور الاوضاع المعيشية ترك الدكتور صديق بولاد الجمل بما حمل وغادر البلاد الي احد دول الجوار قبل ايام قليلة من انقلاب الجبهة الاسلامية بطريقة توحي بحدوث خلافات عميقة في الحزب الحاكم ومع ذلك لم يذكر الدكتور صديق بولاد لاحد اسباب مغادرته البلاد او خلافه مع حزبه منذ ذلك الوقت وحتي اليوم بل بادر بالانضمام الي المعارضة منذ ايامها الاولي مع حزبه بعد الانقلاب مباشرة وظل ناشطا علي اكثر من جبهة حتي انفضاض السامر وعودة بعض المعارضين الي الخرطوم وهجرة الباقين بموجب برنامج الامم المتحدة لاعادة التوطين حيث استقر الدكتور بولاد منذ ذلك الوقت في كندا .
في مقاله المشار اليه ومن موقع الخبير المتمرس في العملية السياسة السودانية قال الدكتور بولاد ان حكومة الخرطوم لم تغير استراتجيتها في التفاوض مع المعارضة ككيانات متفرقة وليست كتلة واحدة واتباع اسلوب الرشوة السياسية وعرض المناصب ثم تعمل في مرحلة لاحقة علي اضعافهم بعد استيعابهم حتي لايكون هناك تغيير حقيقي في السياسات العامة لاجهزة الدولة الي جانب توريطهم في الفساد وتوثيق تحركاتهم ومعاملاتهم ومساومتهم في مراحل لاحقة والتهديد بكشف ملفاتهم.
وقال ايضا ان استجابة حكومة الخرطوم لضغوط المجتمع الدولي من اجل السلام والحريات واحترام حقوق الانسان والتحول الديمقراطي كانت تكتيكية بغرض كسب الوقت واضعاف فصائل المعارضة وتشكيكها في بعضها البعض وتطبيق سياسة فرق تسد بحذافيرها فتذداد درجات التخوين وتنمو بذور الشك بين المعارضين وتسري كما تسري النار في الهشيم وتنهار التحالفات.
واضاف الدكتور بولاد قائلا ولكن هل وعت المعارضة الدرس من التفاوض مع نظام الخرطوم ... قرائن الاحول للاسف تقول لا.
وذكر صديق بولاد نماذج من مفاوضات التجمع الوطني الديمقراطي والحركة الشعبية لتحرير السودان والنتائج المترتبة علي تلك المفاوضات وقال ان تجمع المعارضة الراهن وما يعرف بنداء السودان الذي يتزعمه السيد الصادق المهدي يسير علي نفس الطريق الذي سلكه من قبله التجمع الديمقراطي المعارض وسينتهي الي الفشل وخيبة الامال.
واختتم الدكتور صديق بولاد مقاله بانذار شديد اللهجة من المصير الذي ينتظر البلاد علي خلفية هذا الفشل والاخفاق القديم والعظيم علي صعيد العمل المعارض منذ فجر انقلاب الفتنة الاخوانية الكبري والفشل في تحليل وادارة الازمة مع نظام الخرطوم حتي اليوم قائلا:

"الوضع الراهن في السودان وصلت فيه الدولة الي المرحلة النهائية في توصيف الدولة الفاشلة ، التي تعجز عن توفير مقومات الحياة الاساسية من غذاء ودواء وصحة وتعليم وخدمات . وتصل لمرحلة الافلاس ، تبحث في المتاجر والمنازل عن اموال المواطنين واخذها عنوة للبنوك ، التي فقدوا فيها الثقة ، بعد ان ابتعلت القطط السمان الانقاذية ما بداخلها.
السودان الان ، دخل منطقة الخط الأحمر ، للسينارو الأسوأ ، وهي مرحلة الانفجار والفوضى ، وهناك الان خيط رفيع يفصلنا منها ، شبيه بشعرة معاوية ، قبل ان تنقطع ، وهي مرحلة الانفلات الامني، والتي أصبحت قاب قوسين أو أدني ، يغذيها تعدد المليشيات الانقاذية منها والقبلية ، وانتشار السلاح ، وازدياد حدة الفقر والعوز ، والجوع والحرمان والاحتقان والظلم فإن فتيل الاشتعال جاهز ينتظر شرارة ، تشعل حمم البركان التي تلوح في الافق . ومع انهيار الانقاذ ، وعدم جاهزية المعارضة ، وازدياد فجوة الثقة بينها وبين جماهير الشعب ،
فإن أبواب مستقبل المشهد السوداني تفتح نحو المجهول ، وتبقي كافة الاحتمالات واردة الحدوث"

 

آراء