الانظمة الفاسدة والجماعات الاسلامية والشماتة في الحكومة الفرنسية
في تطور درامي لمجريات السياسة الدولية طال الزلزال السياسي واحدة من الدول الكبري في قمة الهرم الديمقراطي العالمي ودولة فرنسا العريقة
تذكرت عنوان كتاب الراحل المقيم الاستاذ محمد احمد المحجوب " الديمقراطية في الميزان" عن تاريخ التجربة الديمقراطية وتاريخ السودان المعاصر وهو انسب عنوان رئيسي للزلزال السياسي الذي يحدث في بلد مثل فرنسا التي تعتبر واحدة من اكبر الدول المتمدنة التي ظلت تدعم الحريات والديمقراطية في العالم مع دول اخري في منظومة الدول التي تدافع عن القيم الليبرالية والراسمالية في العالم مما يفتح الباب امام الكثير من المراجعات الفكرية والسياسية والتوقف قليلا امام الايمان و الانبهار المطلق بالنظم والتجارب السياسية الراسمالية الغربية.
انا افهم ان يختلف الاخرون من اصحاب الخلفيات اليسارية الاممية والقومية من شيوعيين وقومين واشتراكيين عرب مع الغرب فكريا وسياسيا واتفهم ان يدلو بدلوهم فيما يجري في فرنسا واستخدام ادوات التحليل الماركسي او القومي والاشتراكي العربي وانتقاد التجربة الراسمالية المعاصرة وما انتهت اليه علي الارض اليوم من احتجاجات مطلبية تتعلق بحياة الناس في بلد بحجم وثقل الدولة الفرنسية ولكن ان يخرج علي الناس اعلام واتباع بعض الانظمة القمعية والفاسدة المعروفة بالثراء الفاحش والحرام لاصغر موظف فيها فذلك امر مثير للدهشة والعجب.
اعتبرت الدوائر المشار اليها من حكومات فاسدة ودول شبه منهارة الي جانب اعلام بعض المنظمات الاسلامية والجهادية التطورات الغريبة للانتفاضة الفرنسية والتغطية الاعلامية الحرة والمبهرة للاحداث فرصة لكي ينخرطوا في حملات مسعورة ومحمومة للشماتة في فرنسا وليس النقد السياسي او الفكري الي جانب محاولات ساذجة لاستصدار شهادات براءة للانظمة التي يدعمونها من خلال المقارنة وضرب المثل وقصة "انظروا هذه هي فرنسا الدولة الكبري" نفسها لم تسلم من الغلاء والثورة واشياء من هذا القبيل وانضم اليهم في المقارنات والنقد الساذج لمجريات الامور في فرنسا الاخوان المسلمين وبعض الجهاديين الذين ذهب بعضهم مذهب غير كريم من شاكلة بعض اخوانهم الذين يعتقدون ان كل كارثة طبيعية من زالزال او فيضانات او حرائق هي غضب من رب العالمين بسبب ابتعاد الناس عن الدين مع ان النكبات والكوارث الطبيعية لم تستثني احد بسبب الدين او العرق منذ فجر التاريخ الانساني وحتي اليوم.
ولكن جماعات الاولياء الصالحين المتاسلمين واتباع الانظمة الفاسدة يجهلون ان الفرق بين الاحتجاجات التي تحدث في فرنسا وبين بلادهم فارق كبير حيث يعتبر الامر قابل للاصلاح وعودة الاوضاع الي طبيعتها بسبب قوة الدولة واقتصاد ومؤسسات الدولة الفرنسية والفرق بين الاثنين فارق كبير جدا لاتجوز معه المقارنة اصلا مثل الفرق بين الشخص المصاب بمرض عضوي عضال يستخدم ادوية وعقاقير لاتخلوا من الاثار الجانبية في ظل عدم وجود ضمانات بالشفاء مع مريض اخر مصاب بعلة عابرة لاتعيق استمرارة في العمل والعيش حياة طبيعية بالمسكنات والمراهم الخالية من الاثار الجانبية.