لمن يهتفون بسقوط حكم العسكر علي اطلاق نعم التسلط والديكتاتورية مرفوضة في كل الاحوال وتتناقض مع روح العصر ولكن اين هم العسكر من الذي جري في السودان منذ منتصف الثمانينات مرورا بالانقلاب الحزبي العقائدي الذي نفذته الجبهة القومية الاسلامية عن طريق عمر البشير وعدد محدود من العساكر من عضوية التنظيم واخرين من بعض الانتهازيين الذين تم استخدامهم مجرد ديكور لتمرير مخطط الاسلاميين في تفكيك مؤسسات الدولة السودانية القومية ومن ضمنها القوات المسلحة التي استهلوا حكمهم بمذبحة كبري لخير بنيها من الوطنيين الاماجد والمهنيين الافذاذ. من عضوية مجلس الانقاذ المزعوم من استيقظ ضميرة منذ الايام الاولي للانقلاب وقدم استقالته وعاش بقية عمره لايملك قوت يومه حتي يومنا هذا مثل فيصل ابوصالح وعثمان احمد حسن الذي اعطوه منصبا صوريا وماتعرف باللجنة السياسية لانه لم يكن موظفا لدي الترابي مثل الاخرين. لعبت القوات المسلحة السودانية القومية منذ منتصف الثمانينات ادوار بطولية مقدرة بل كانت هي المستهدف الاول من انقلاب الاسلاميين بسبب مبادرة قيادة الجيش السوداني والفريق الراحل فتحي احمد علي ورفاقة في هيئة القيادة بدعم اتفاقية السلام السودانية والتصدي عبر مذكرة القوات المسلحة لتردد القيادة السياسية وموقفها الغريب من اتفاق المبادئ الموقع بين الميرغني والحركة الشعبية وتقدمها بالمذكرة الشهيرة حتي تستيقظ الحكومة التي كانت واقعة تحت تاثير الاختراق الكبير من الاسلاميين. بعد الانقلاب عادت قيادة الجيش القومي للبلاد تحت مظلة ما كانت تعرف بالقيادة الشرعية للقوات المسلحة ولكنهم رفضوا النصيحة بالمعارضة من موقعهم ككيان قومي وانضموا لتجمع المعارضة وسددوا ثمن الاخطاء والاخفاق السياسي المتعدد ووقعوا بين مرمي الصراعات والتناحر الحزبي حتي سقط الشهيد فتحي احمد علي من فرط الارهاق النفسي والبدني بعد زيارته لاحد مناطق جنوب البلاد مع بعض الساسة وشاهد منظر الاسري الحفاة العراة من جنود الجيش السوداني وهم يجلسون علي الارض والدكتور جون قرنق يلقي خطبة امامهم وبغض النظر عن الامر الواقع ومتغيرات السياسة يبدو ان الامر قد صعب علي القائد العام لجيش السودان ففاضت روحة الطاهرة بعد ساعات قليلة من ذلك المشهد وتلقت القاهرة التي كانت بمثابة القيادة المركزية للمعارضة السياسية والاعلامية الخبر الاليم وقامت بواجب العزاء في قائد الجيش القومي السابق للبلاد. المصريين بكل الوان طيفهم كانوا واقعيين مع انفسهم وانتبهوا لضرورة دعم وتعزيز موقف الجيش القومي لبلادهم في التصدي لمخطط الجبهة الاقليمية الاخوانية المليارية القدرات والامكانات والتي شرعت منذ الساعات الاولي لسقوط نظام مبارك في التخطيط لتفكيك الدولة المصرية كما فعل الخميني في ايران والترابي في السودان لذلك نجحوا في اقتلاع تلك الجرثومة الخبيثة من بلادهم بعد عام واحد واشهر قليلة بينما استغرق الامر مننا في السودان مايقارب الثلاثة عقود من الزمان ولاتزال الساقية تدور مع الحصاد المر ودولة شبه منهارة خاوية علي عروشها والحكم بعد البشير لن يكون نزهة ولن يكون هناك متسع من الوقت للاحتفاء بالانتصار بسقوط البشير الذي من المفترض ان ينتهي بانتهاء مراسم الدفن والالتفات الي بقية القضايا الخطيرة البالغة التعقيد علي صعيد الامن والاقتصاد واعادة بناء الدولة القومية وتفكيك الميلشيات الحزبية وتحريم ارتداء ازياء وشارات الجيش القومي دون استحقاق اكاديمي وتدرج مهني كما جري من قبل بالتزامن مع الاصلاح السياسي.. يقولون الشهرة الكاذبة تجف بحرارة الاختبار وما اعظمة من اختبار ذلك الذي ينتظر الجميع في سودان مابعد حكم الاخوان والانقاذ. التحية والتجلة لشهداء الحركة الوطنية والسياسية السودانية من مدنيين وعسكريين.