أين العقلاء . . ؟

 


 

 

 

ما قاله نائب رئيس المجلس العسكري الفريق محمد دقلو " حميدتي" في إفطار كلية الشرطة من حديث خلال اليومين الماضيين حمل في طياته لغة مغايرة تماماً لما كنا نسمعه منه خلال الأيام الماضية. 

لغة غارقة في وحل الماضي وبشاعاته.
صحيح قبل ذلك قال: حميدتي كلاماً طيباً في حق الثورة والثوار الذين بادلوه ذات الاحترام والتقدير الذي وصل حد الإتحفاء به والمراهنة عليه، وكانوا يهتفون:
قوات الدعم السريع معانا وما همانا.
ايضا اللواء معاش كمال محجوب مدحه عبر الواتساب بكلام طيب وزاهي.
ومنذ يومها إنداحت العاطفة السودانية حباً وألقاً وأملاً وعشماً فيه وفي قوات الدعم السريع.
لكن تصريحاته الاخيرة التي للأسف حادت عن هذا المسار، وإتسمت بالتهديد والوعيد. في أحدى مخاطباته من القصر الجمهوري التي قال فيها: " نحن لا نسمح بالفوضى بعد الآن ، لن نسمح بالفوضى" وكان يقصد المتاريس التي نصبت خارج مكان الاعتصام التي أتهم بها أعداء الثورة، المندسين بين الصفوف بنصبها من أجل تعطيل حركة المرور بغرض خلق حالة من الضجر والتذمر في نفوس الناس من الثورة والثوار .
أيضاً اطلق تصريحات أخرى بعد إنسداد شرايين التفاوض بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، التي أعلنت الإضراب الشامل الثلاثاء يوم امس واليوم الأربعاء وقتها قال حميدتي : اي زول بيضرب يعقد في بيتوا تاني ما يرجع.
كل هذه التصريحات في تقديري غير موفقة ومشاترة وخارجة عن روح الشراكة التي إدعاها المجلس في بدايات دخوله للقصر الجمهوري.
لغة وصفها البعض بانها تشبه كثيراً لغات الطغاة الذين عرفهم التاريخ الإنساني وآخرهم الطاغية عمر البشير، نيرون عصره ، الذي احتل مكانه في مزبلة التاريخ غير مؤسفاً عليه، بكل جدارة لا يحسده عليها أحد.
تصريحات حميدتي الأخيرة التي قال فيها إنهم غير مستعدين لتسليم السلطة لأناس قد كشفوا عن أجندتهم مبكراً، وهي التخلص من كل الأجهزة بِمَا فيها الدعم السريع، ثم أردف قائلاً : انا والله ما عارف الناس بفكروا كيف . . ؟ الشيء الذي ظهر إنه هناك دول تقف وراء هؤلاء الناس وفي دورلات ماشة عشان كده نحن لازم نفهِم الشباب المعتصمين ديل، ونوريهم الحقائق.
ونحن سوف نتعامل مع الشباب لانهم صادقين وشفناهم ضربوا الشوارع بالبوهية الشباب ديل ناس صادقين وديل ناسنا.
ولن نسلمها لديل . . !
وديل هؤلاء .. يقصد بهم ممثلي قوى الحرية والتغيير.
ثم واصل حديثه قائلاً: بانهم مستعدين لتسليم السلطة للقوي الأمين خلال ثلاثة شهور.
السؤال الذي يطرح نفسه من هو هذا القوي الأمين . . ؟ أخشى أنه كان يقصد الصادق المهدي أو ياسر عرمان أو بقية العقد الفريد الذي حطت رحاله في الإمارات . . !
حميدتي تساءل كثيراً أثناء حديثه الأخير ، قائلاً : منوا الأكثر منا شعبية . . ؟ منوا الأكثر منا شعبية . . ؟ منوا الأكثر منا شعبية. . ؟ منوا بالقدر يقول لينا هو أكثر منا شعبية . . ؟ نحن لسنا مقطوعين من شجرة .
نحن لسنا مقطوعين من شجرة هذه المفردة كررها ثلاثة مرات . . !
عشان كده نحنه عايزينها بالانتخابات، وبالنسمة والمحليات، الزول البستلم الحكومة يأتي بالانتخابات.
مش ديل . . مش ديل. يعني قوى الحرية والتغيير .
لا يفوتني أيضاً أن اذكر انه وجه كلمة شكر للصادق المهدي، لانه قاطع الإضراب، وقال: دي المحرية فيه .
رغم كثرة التصريحات التي أطلقها حميدتي وما حملته من تهديد ووعيد، مضافاً إليها دعوة الصادق المهدي الشعب السوداني لمقاطعة الإضراب، الشعب السوداني في العاصمة والاقاليم إستجاب للإضراب الذي دعته إليه قوى الثورة، ممثلة في قوى الحرية والتغيير .
إذن السؤال الذي يطرح نفسه الآن بعد أن اظهر الإضراب توحد قطاعات الشعب السوداني المختلفة وإلتفافها حول خيار الحكومة المدنية.
ماذا في جعبة المجلس العسكري الانتقالي من ذرائع وحجج ومبررات، يبرر بها مماطلاته وتلكئه المحير . . ؟
حميدتي وبقية أعضاء المجلس العسكري الانتقالي، عليهما ان يفهموا أن تلكئهم ومماطلاتهم هذه قد خصمت كثيراً من رصيدهم في بنك النضال الوطني الذي فتحوه بعد تخليهم عن الطاغية وإنحيازهم للشعب في ١١/٤/٢١٠٩، ليس هذا فحسب، بل ستخصم من رصيدهم وتأييدهم في داخل الجيش وقوات الدعم السريع، وإذا واصلوا عنادهم وركوب رؤوسهم غير المفهوم والمبرر . . !
حتماً سيلحقون بالطاغية عمر البشير ، بعد أن يتجاوزهم الشرفاء داخل الجيش وقوات الدعم السريع، ويضعوا حداً لهذه المهزلة التي طال أمدها .
لذلك نتساءل أين العقلاء في هذا السودان الكبير العريض الزاخر العامر الوافر بالأجاويد الذين يبذلون النصح لوجه الله ولمصلحة الوطن التي تعلو على الجميع . . ؟
الطيب الزين

eltayeb_hamdan@hotmail.com
/////////////////

 

آراء