المقارنة بين قحت (قوى الحرية والتغيير) وهيثم مصطفى
د. الوليد آدم مادبو
10 June, 2019
10 June, 2019
يناقش هذا المقال ديناميات الثورة ما بعد المجزرة والتي تختلف تماما عمّا قبلها في الأتي:
لقد حاول المجلس العسكري شرعنة نفسه مستخدما كافة رموز الرجعية والامبريالية الاسلامية فلم يزده ذلك إلا خبالا فلجأ إلي حيل الاستقطاب الإيديولوجي (يسار ويمين)، ليُفاجأ فقط بأن وعي السودانيين تجاوز مماحكة هذه الأقليات السياسية وعلم بأنها حيلة لإستبقائة في خانة العبودية.
هرعوا للاستعانة "برجالات القبائل" فوجدوهم أعجز من أن يعينوا عنزة على حملها وإستخراج مولودا من بطنها، لا لأنهم يفتقدون الأيدي والحيلة، بل لأن المخلوع بإستخداماته غير المشروعة والممجوجة أفقدهم الرعية وأحال نقابتهم إلي نقابة "مضروبة" مثلها نقابة العمال والقضاة وكل النقابات التي يهيمن عليها الكيزان، إلي أخره.
لجأوا للخارج وهم لا يدرون بأنه ليس بمقدور شخص — ناهيك عن دولة — إعالة شخص. ولو أنه فعل ذلك بمثل هذه الاشتراطات السخيفة (لا تزور عمتك فلانة وأولادك لا يزورن خالتهم فلانة)، لكان ذلك على حساب النمو النفسي والإجتماعي لأفراد الأسرة المعنية.
هذا المجلس العسكري اليوم في أضعف حالته فأتمني ألا ترتكب جماعة (قحت) ذات الخطأ الإستراتيجي فُيفرون له مخرجاً.
ليس لدي الطغمة العسكرية الحاكمة (وإذا شئت المتحكم فيها) غير خيارين:
يقتتلون فيما بينهم حتى يميز الله الخبيث أو الطيب وحينها نكون تخلصنا من وصاية هذه النخبة العسكرية المعتلة ومن وصاية النخب المدينية التي لم تستوعب بعد التحولات التي طرأت على الساحة الثقافية والاجتماعية، ولا تدرك حجم التحديات الجيو إستراتيجية التي تنجم من جراء محاولات التلاعب بالمحاور، وما زالت تعتقد أن بإمكانها الاستئثار على المشهد السياسي بأكمله كما كانت تفعل في الماضي، أو يسلمونها كاملة إلي مجلس سيادي يختار رئيس وزرائه بمشورة جميع أهل السودان الذين كان لهم قدم صدق في الثورة ومصادقة تجمع المهنيين.
اذا كان مطلب الشعب السودان حكومة تكنوقراط فهؤلاء يجب ان تُستشار فيهم جهات عاملة باتت تتكسب من عرق جبينها ومن وظائف أعضائها الذهنية والفكرية وليس جهات عاطلة ظلت وما زالت تستثمر في محنة الشعب السوداني الأبي وقد لا ترعوي مطلقا في وضعه تحت الوصاية أو الإنتداب إيفاء "بمستحقات المرحلة".
يجب أن يعي الكل أن الشعب — خاصة بعد نجاح العصيان المدني يوم أمس، فلا توجد نقابة أو تنظيم في العالم يمكن أن تبلغ فاعليته قرابة المئة بالمئة — يخوض المعترك ببسالته المعهودة ونضجه الأخلاقي والفكري، عليه فإن واجب من ينوبون في التفاوض عنه أن يعوا عظم الأمانة وأن يدركوا بأنهم في حمى الشعب والعكس غير صحيح.
إن أي تقاعس من شأنه أن يعطي صاحب الحق، في هذه الحالة الشعب السوداني، الفرصة لسحب تفويضه أو تغيير إشتراطته.
أتمنى أن يطالب الشعب السوداني (قحت) باستبعاد كلمة "تفاوض" لأن لديها رنين يذكر بكلمة "تواطؤ" خاصة في ظل الظروف الحالية، وأن يطالب (قحت) بتحديد الطاقم التنفيذي المقترح فذاك حريّ أن يملأ الفراغ الحالي و أن يحدد ملامح الفترة الإنتقالية. تذكرني جماعة (قحت) بلاعب الهلال العظيم هيثم مصطفى من حيث أنه يحاور ولا يستطيع التهديف، مع الفارق أن هيثم يعلم ملكاته ويوظفها بحرفية عالية فما أن يصل خط ١٨ حتى يمرر الباص إلي زميل له يستطيع هز الشباك.
يكفي توافقنا على كلمة واحدة: الحرية. متما عبرنا إلي ساحل المسحورة فجبراكة الجماعة بتكب في زرعنا أو كما قال الصحفي المخضرم والرجل الرضي الاستاذ عبدالله آدم خاطر.
ختاما، لا أعتقد أن السودان سيدخل في فضاء سديمي ولكنه سيمر بتجربة دموية قاصية تستخدم فيها الشرعية الثورية للتخلص من كل العاطلين والمتواطئين، وستأتي سلطة عسكرية وطنية تسند مهمة التنمية لطاقم مدني وتعهد إلي جهاز تشريعي — يتم إختياره بعناية لجنة وطنية — يراقب مهمة تطوير البلاد في سبعة سنوات قابلة للتجديد، لعل هذا ما يحتاجه السودان كي يتخلص من الوصاية العسكرية وتلكم المدنية.
دكتور الوليد آدم مادبو
١٠ يونيو ٢٠١٩