بالتزامن مع التطورات المتلاحقة والمتسارعة في السودان وفي خبر مثير للدهشة وملفت للانظار نشرت صحيفة غلوبال اند ميل الكندية الواسعة الانتشار في طبعتها الاولي والثانية اليوم الخميس تقرير اخباري مفصل عن توقيع احد شركات الضغط الكندية اتفاق بما يعادل ستة ملايين دولار امريكي لتحسين الصورة الاعلامية للمجلس العسكري السوداني وتقديم المشورة العسكرية لقوات الدعم السريع المتورطة في القتل والفظائع التي ارتكبت ضد المواطنين السودانيين الاسابيع الماضية حسب ما ورد في التقرير الاخباري للصحيفة.
الشركة المشار اليها : Dickens & Madson (Canada) Inc مملوكة لمغامر دولي محترف وضابط سابق في المخابرات الاسرائيلية Ari Ben-Menashe من اصول ايرانية يتحدث الفارسية والعبرية والعربية والانجليزية وصاحب سجل فظيع في السمسرة وتجارة السلاح والتعامل مع الانظمة القمعية والمنظمات المشبوهة ويسعي وراء الربح دون التقيد بالقانون او ضوابط اخلاقية ارتبط اسمه بصفقة بيع السلاح الاسرائيلي الي ايران اثناء حرب الثمانية اعوام بينها وبين العراق فترة الثمانينات. ونسبت الصحفية الكندية الي المسؤولين في الشركة المشار اليها تعهدهم بتقديم كل مايمكن لتحسين الصورة الاعلامية لسلطة الامر الواقع السودانية المجلس العسكري وميليشيا الدعم السريع في اجهزة الاعلام والمحافل الدولية. وفي مفارقة مؤلمة قالت الصحيفة ان بعض الوثائق قد كشفت قيام السلطات السودانية عن دفع مبالغ ضخمة للشركة التي يملكها السمسار والمغامر الدولي السيئ السمعة من اجل الحصول علي الاسلحة المتطورة لقواتها الامنية والبحث عن مستثمرين نفطيين والسعي لعقد اجتماع مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب الي جانب المساعدة في تحسين العلاقة مع روسيا والسعودية. وكشف التقرير الاخباري المثير في احد فقراته ان قائد قوات الدعم السريع المعروف بحميدتي قد قام شخصيا بتوقيع العقود المشار اليها مع المغامر والسمسار الدولي وصاحب الشركة الكندية. وربط التقرير ايضا بين هذا الاتفاق وبين الانتهاكات والفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد المتظاهرين المدنيين في العاصمة السودانية وحسب وثائق رسمية صادرة عن الحكومة الامريكية فقد تم توقيع الاتفاق بين الشركة الكندية المشبوهة وقائد قوات الدعم السريع السودانية في السابع من مايو المنصرم. وعلي الرغم من الضجة والاحتجاجات وربما الملاحقات القانونية المتوقعة بسبب هذا الاتفاق لكنه سيظل حبر علي ورق نسبة لاستحالة الايفاء بواحد بالمائة من التعهدات التي قطعتها علي نفسها الشركة المذكورة ونسبة للتعقيدات المحيط بالوضع الداخلي في السودان حيث يبدو ان قائد قوات الدعم السريع قد وقع ضحية لعملية نصب منظم لايستبعد ان تكون هناك اطراف سودانية خارجية قد ساهمت في توريطه في هذه العملية وحصلت علي نصيبها من العمولات في هذا الصدد ويصعب بل يستحيل في نفس الوقت استراداد اي جزء من مبلغ الستة ملايين دولار المدفوعة للسمسار الدولي وشركته المشبوهة او حتي مقاضاته قانونيا داخل كندا او خارجها حيث ينطبق علي العملية المثل الشهير القائل " القانون لايحمي المغفلين " .