غايات مواكبنا الهادرة عبر الطرقات شهوراً لم تكن اقتلاع نظام الإنقاذ . الهدف الاستراتيجي هو الانعتاق من ربقة عقلية اهدرت فرصنا الثرية في وطن يسع الجميع بالحب ، السلام والرفاهية . على قدر ذهابنا في هذا الطريق نقترب من تحقيق امانينا الوطنية .من المهم التوافق على رسم أولويات المرحلة الانتقالية . بعيدا عن الانفعال العاطفي ينبغي التشديد على أن قادة إشعال الثورة ليس هم بالضرورة بناة الدولة .لكل ميزاته ،قدراته ومهاراته . كما يجب الفرز بين روح الفريق والقيادة الجماعية .
نحن نحلم بوطن ينعم بالخير ، قائم على العقل ، العلم ، العدل ، الحرية والسلام . من أبهى شعاراتنا انتقاء شاغلي الوظائف العامة بناءً على معيار الكفاءة. نبذ الجهوية ، القبلية والحزبية الضيقة يشكل احد ابرز قسمات وجهنا الثوري الجديد. إلبقاء داخل فخاخ هذه الشباك الواهية يعني رسوبنا في الانفكاك من النهج الانقاذي . ثورتنا ليست ضد الشخوص بل ضد عقلية أرهقت كاهلنا وكاهل الدولة بمن لاهم لهم غير النهب المنظم والعشوائي .
حجر إنجاز الثورة يتشكل في بناء دولة المؤسسات من اجل ترسيخ الشرعية الثوريه على أسس دستورية تمهد الطريق لجهة الدولة الديمقراطية المرتجاة.من المطلوب تكريس روح الفريق لكنما الاتكاءة على القيادة الجماعية يفتح ثغرات امام ذوي المغامرين ، ذوي الطموحات غير المشروعة، اصحاب نزعات الهيمنة الفردية ، الكهنة وصنعة التصنيم . السودان قاسى كثيراً من الأصنام ،أنصاف الآلهة وكهنتهم.
ذلك وباء لم تبرأ منه العديد من شعوب القارة منذ تسمية الكهنة في اثيوبيا هيلاسي لاسي"أسد يهوذا" بينما نصف شعبه جائع والنصف الآخر لاجئ، مرورا بتعريف الكهنة في مالي الرئيس باندا "الأسد "في حين كان شعبه فريسته الكبرى.انتهاء بإطلاق " اسد افريقيا" على رئيسنا المخلوع وقد احتكر لعشيرته والأقربين من حاشيته المغانم وأرسلنا جميعا الى يباب الفقر
من اجل استشراف طريق المستقبل نحن مطالبون بالتحديق مليّاً في مرآة الماضي بغية تفادي عقبات اعتورت مسيرتنا الطويلة المشَرَّبة بالمعاناة. لا نملك فائضاً من الوقت للهدر او التسكع على رصيف الانتظار والترقب. لدينا اجندة عمل مثقلة بالطموح والأماني والامال في بناء سودان جديد يسع تبايننا العرقي والثقافي على ارض مشتركة وتحت سقف واحد.
أمامنا تطلعات شاهقة لبناء السودان الديمقراطي المستقر الفاعل القائد في محيطه الإقليمي بما يملك من موارد طبيعية ، طاقات بشرية وقدرات مستنيرة. نحن على يقين بان مظلة التكنوقراط أوسع من قواعد الأحزاب . من بين هؤلاء من لا يملك فقط توصيف أعراض ازماتنا بل كذلك تشريح أمراضها ، من ثم القدرة على مداواتها. لدينا من الخيارات الواسعة في هذا السياق ما يحرًّضنا على اختيار اكثر التكنوقراط فحولة وخصوبة في ميادين اختصاصاتهم .فلننأى بإدارتنا الجديدة من شرور المحاصصات ذات الأشكال الهشة الضيقة اذ ليس في ذلك من جدوى للشعب او الوطن
مع القناعة الراسخة بأن اعادة منهجة العملية التعليمية تمثل منصة انطلاق الثورة الحقيقية وجوهرها ، يظل تبني برنامج عمل اقتصادي ناجح يأتي شيء من فيئه عاجلا الصدى المأمول لكل الفوران الثوري العارم عبر الوطن . لاسبيل امام الادارة الجديدة من تحمل كلفة سياسية جراء تبني مثل هذا البرنامج . لكن تأجيل تنفيذه او الإبطاء فيه يزيد حتما من أحمال الكلفة.
هناك قطاعات شعبية لن تتمتع بالصبر اللازم من اجل قطف ثمار الثورة اذ تريد على عجل تحقيق أحلامها في حياة أفضل . هذه الأحلام غير الصبورة سترفع أصوات مطالبية بتحسين الظروف المعيشة . لهذا يصبح اعادة تأهيل المواطن نفسه واجبا ثوريا يوازي اعادة تأهيل البنى التحتية الاقتصادية . ذلك واجب يقتضي بث ثقافة نوعية لمفهوم ومضامين الحرية ،تستهدف ازكاء روح المسؤولية وترسيخ مشاعر الانتماء الوطني . فالحرية عبءٌلا يقوى على حمله المواطنون كافة .
قوى الثورة والتغيير أفلحت عندما منحت اسكات البنادق وإطفاء النار في جنبات الوطن اولوية متقدمة على جدول اعمال المرحلة الانتقالية. من شأن ذلك الإنجاز وقف ازهاق الأرواح، إنهاء تبديد الطاقات وهدر الموارد، من ثم الاستنفار الجماعي من اجل البناء. على النسق نفسه ففي ذلك تأمين حق الدولة وحدها في احتكار حمل السلاح . تلك خطوة متقدمة على درب اعادة بناء قواتنا المسلحة في ضوء عقيدة وطنية مستحدثة.