الشيوعيون السودانيون أبناء الشعب والوطن

 


 

 


نقاط بعد البث

 

* في إحدى ندوات الشهيد عبد الخالق محجوب، بدائرته الجنوبية بأمدرمان، والتي كان يحرص على قيامها، مساء كل أربعاء ، سألته إمرأة مسنة قائلة (والله يا عبد الخالق يا ولدي كلامك سمح . لكن أنا عندي ليك سؤال .. صحي إنتو كان مسكتو الحكومة بتشيلو من الناس بيوتم؟!) .. فأجابها عبد الخالق ، بسرعة وبحزم واقتضاب :- نعم! .. وخيم على الحاضرين ، صمت ووجوم واستغراب ، قطعه عبد الخالق ـ بعد أن فهم ببديهة حسه الماركسي العالي مزاج الجماهير بعد تلك الهمهمة ـ فعدل من حديثه إلى السائلة ليستعدل موقف الحزب في اللحظة والتو:- لكين يا والدة ، إنتي مش ساكنة في الحي ده، فردت قائلة:- بالحيل.. فقال لها عبد الخالق وهو يمازحها ليدخل الطمأنينة في قلبها الطيب حتى يهدئ من بلبالها:- عليك أمان الله يا حاجة .. بيوتكم ما بنقدر عليها .. كل سنة زبالة.

* الشيوعيون السودانيون هم في قلب معارك شعبهم، وقد علمتهم التجارب والخبرات الامساك بأعنة مطلوبات الحاضر وفهم المزاج الجماهيري، وقراءة أشواق شوارع الثورات، مما أهلهم لكي يستقرأوا واقع أمتهم، وفي مثل هذه القراءات لم يلجأوا مطلقاً لضرب الرمل أو رمي الودع، بل كانوا ينجحون في ذلك من خلال ارتباطهم بهموم شعبهم وتحليلاتهم الصائبة اعتماداً على هضمهم للماركسية كمرشد ثوري.
* والشيوعيين السودانيين لم يدعوا يوماً أنهم "أفهم" من شعبهم وأنهم يفهمونها وهي طايرة، إنما كانوا دوماً يؤكدون أنهم يتعلمون ويعلمون من ما علمه لهم شعبهم، بل انهم لا يستنكفون أو يتعالون على نقد أنفسهم في كل منعطفات نشاطهم السياسي، متى ما اتضح لهم أن موقفاً اتخذوه لم يكن صحيحاً أو في مصلحة شعبهم ووطنهم، وفي هذا يشهد لهم التاريخ والواقع كثيراً من مبادرات الاقدام الشجاع على نقد مواقف كانت غير صائبة تم اتخاذها وأثبت لهم الواقع عدم صحتها، يبادرون فوراً بالنقد والتصحيح، حيث أنهم يرفعون راية التواضع الجم في أسس المعارف وأنهم لم يدعوا في أي يوم بأنهم ملائكة، وجلً من لا يخطئ طالما أن أخطائهم تتم بحسن نوايا في سبيل البحث عن أفضل الطرق لاسعاد أمتهم.
* ويذكر لهم التاريخ كثيراً من محطات تصحيح المواقف علناً وبشجاعة ودونما لجلجة أو تأتأة، مما انعكس إيجاباً بانحياز أوسع فئات من الجماهير نحوهم باحترام جم.
* حدث ذلك منذ آماد وسنوات طويلة خلال مسيرة نشاطهم السياسي، كانوا فيه يتسمون بالصراحة والوضوح واستقامة تصحيح المواقف.
* حدث ذلك عام 1953 عندما اتضح لهم موقفهم الخاطي من اتفاقية الحكم الذاتي التي سرعان ما صححوا فيها موقفهم علناً بعد انتقاد ما اتخذوه من موقف.
* وحدث ذلك بعد نيف وعشرات السنوات عندما وقف الأستاذ الراحل التيجاني الطيب في إحدى الندوات الفكرية بالقاهرة معلناً وبصرامة المناضلين الصادقين مع شعوبهم، عن الموقف الخاطئ لحزب الشيوعيين السودانيين في دخوله ومشاركته في انتخابات المجلس المركزي للانقلاب العسكري الأول لجنرالات عبود بدعوى فضح سياسات النظام من مواقع مؤسساته التنظيمية، وكان خطأ في موقف الحزب حيث كانت جماهير شعبنا قد أدانته ردحاً من الزمن، مستنكرة أن يجنح حزب مناضل كالشيوعي السوداني ليشارك الديكتاتورية العسكرية مقاعدها التي بسطتها لتغبيش وعي الجماهير.
* وحدث ذلك عندما سكت الحزب الشيوعي جراء إقدام إنقلاب هاشم العطا على إطلاق سراح معتقلي القوى المؤيدة للانقلاب وبرنامجه بينما أبقت على معتقلي القوى السياسية الأخرى دون المطالبة بعدم تجزئة الحريات العامة وبسط الديمقراطية للجماهير والبعد عن سياسة الكيل بمكيالين.
* الشيوعيون السودانيون في نهاية الأمر يمارسون في نشاط العمل السياسي فعلاً بشرياً غير منزه من الأخطاء.
* الشيوعيون السودانيون ليسوا كباراً على النقد وتصحيح الأخطاء علناً وأمام الشارع السياسي، دون خجل أو وجل طالما أن ذلك يصب في مصلحة شعبهم ومستقبل بلادهم.
* الشيوعيون السودانيون في نهاية الأمر وفي كل منعطفات التاريخ ومعارك شعبنا، يتقدمون الصفوف مبادرين بتقديم ما عندهم من خبرات متواضعة في المساهمة لتنظيم صفوف الجماهير لأجل انتصار برامجها وشعاراتها وأهدافها وأشواقها الكبيرة، ثم تراهم يتراجعون إلى الصفوف الخلفية بعد انتهاء غبار المعارك المنتصرة وهم يرددون "نخف عند التضحية ونعف عند المغنم".
* قال شاعرهم محجوب شريف الشيوعي الفذ والذي عمدته الجماهير شاعراً لها ضمن شعراء آخرين للشعب والوطن:ـ
" كم نشارك في المعارك
وما بنخلي فرسنا بارِك
وما بنقيف نستنا في الآخر نبارِك
" ..."
وما حنقبل في وطنا الغالي دية
وما بنخلي وطن سبية ،،
وطن زوجين وحارس وبندقية ".


hassanelgizuli@yahoo.com

 

آراء