يبدو أننا - رجالاً ونساءً ، شيباً وشباباً وصبية وصبيات مدارس - بحاجةٍ لاستراحة نستجم إزاءها من ممارسة المهنة أو أي نشاط نقوم به ، خاصة إذا كان المنشط من النوع الذي يستنزف الطاقة والعصب. وتأتي الكتابة على رأس هذا النوع من الإنشطة ولأنّ كاتب هذه السطور يدّعي أنه محسوب على معسكر الكتابة ، فقد أتاحت له العودة إلى الوطن نهاية اكتوبر الماضي فرصة التواصل الإجتماعي قدر ما استطاع. قضيت ثلاثة أشهر وعشرة أيام قمت أثناءها بتلبية أكثر من دعوة لحضور بعض الفعاليات الثقافية. وبتوفيق من الله قمت وبعض الزملاء والزميلات من الصحافيين والناشطين والناشطات برحلة إلى ولاية غرب كردفان ، بدأت بلقاوة في أقصى شرق الولاية مروراً بالفولة فبابنوسة وانتهاءً بالمجلد. التقينا حيالها الآلاف من مواطني إحدى أغنى ولايات السودان وأكثرها فقراً في الخدمات. وصف البعض هذه الرحلة التنويرية بالناجحة جداً. ثم إنني دعيت أيضاً من لدن المدير بالنيابة لشركة النفط السودانية بهجليج المهندس عبد السلام محمد والعاملين بالشركة لزيارةتهم والمساهمة في عمل تنويري ثقافي . كانت رحلة أقل ما يمكن أن أصفها به أنها زوتني في وقت قصير بأكثر من معلومة عن صناعة النفط في بلادي. وكيف كانت تدار هذه الثروة الهامة في زمن الإنقاذ الأغبر. وما هي البشريات الجديدة التي ننتظرها في ظل إدارة جديدة معظم القائمين عليها من الشباب المختصين في مجالات صناعة النفط والإدارة.
ما ذكرت أعلاه كان بعضاً مما قمت أو شاركت في القيام به إبان الأشهر الثلاثة التي قضيتها في الوطن وأنا أعود إليه بعد غياب طال. لكن شيئاً واحداً وجدتني مرتاح البال وأنا منصرف عنه أو كنت أمارسه في الحد الأدنى ما استطعت : تلك هي الكتابة، هذا المرض المعافى ولأنّ كاتب هذه السطور يدّعي أنه محسوب على معسكر الكتابة ، فقد أتاحت له العودة إلى الوطن نهاية اكتوبر الماضي فرصة التواصل الإجتماعي قدر ما استطاع. قضيت ثلاثة أشهر وعشرة أيام قمت أثناءها بتلبية أكثر من دعوة لحضور بعض الفعاليات الثقافية. وبتوفيق من الله قمت وبعض الزملاء والزميلات من الصحافيين والناشطين والناشطات برحلة إلى ولاية غرب كردفان ، بدأت بلقاوة في أقصى شرق الولاية مروراً بالفولة فبابنوسة وانتهاءً بالمجلد. التقينا حيالها الآلاف من مواطني إحدى أغنى ولايات السودان وأكثرها فقراً في الخدمات. وصف البعض هذه الرحلة التنويرية بالناجحة جداً. ثم إنني دعيت أيضاً من لدن المدير بالنيابة لشركة النفط السودانية بهجليج المهندس عبد السلام محمد والعاملين بالشركة لزيارةتهم والمساهمة في عمل تنويري ثقافي . كانت رحلة أقل ما يمكن أن أصفها به أنها زوتني في وقت قصير بأكثر من معلومة عن صناعة النفط في بلادي. وكيف كانت تدار هذه الثروة الهامة في زمن الإنقاذ الأغبر. وما هي البشريات الجديدة التي ننتظرها في ظل إدارة جديدة معظم القائمين عليها من الشباب المختصين في مجالات صناعة النفط والإدارة.
ما ذكرت أعلاه كان بعضاً مما قمت أو شاركت في القيام به إبان الأشهر الثلاثة التي قضيتها في الوطن وأنا أعود إليه بعد غياب طال. لكن شيئاً واحداً وجدتني مرتاح البال وأنا منصرف عنه أو كنت أمارسه في الحد الأدنى ما استطعت : تلك هي الكتابة، هذا المرض المعافى! الكتابة الإبداعية - مثل كل أوجه النشاط الإنساني - تصعب ممارستها باستمرار ، دون استراحة يجمع فيها الكاتب بعض قواه وأدواته ، ثم يقرأ ويضيف لحصيلة ما عنده من معلومة. استراحة يختلط حيالها بالناس على مختلف مشاربهم مستمعاً وراصداً لحركة ووعي الشارع، ذلك لأنّ جمهرة الناس هم الهدف من وراء الكتابة الجادة في عصر الشعوب والأوطان. وهموم الناس في الشارع - والتي هي مدماك التجربة الإبداعية لكل من يكتب - يصعب تحويلها إلى فعل إبداعي إن لم يدخل الكاتب في لب الناس مستمعاً ومشاهداً وراصداً ، بل ومتفاعلاً إن لزمت الضرورة. نعم ،كنت في الوطن. حاولت جهد المقل أن أكون فرداً وسط الملايين من أبناء وبنات بلدي. رسموا الإبتسامة في فمي ، بل أبكوني أكثر من مرة في حفاوة أجدني أقلّ قامة من عرش محبتهم الذي أجلسوني عليه بهرني أينما ذهبت وعي الناس المتنامي بما يجري حولهم داخل الوطن وخارجه. أظن أنّ لثورة المعلومات في عصرنا القدح المعلّى وهي تحول العالم إلى قرية كونية في تنامي وعي الجماهير بما يحدث ساعة بساعة. كان أكثر ما بهرني وعي الجيل الجديد - الجيل الذي لعب الدور المشهود في الإنفجار الأخير للثورة السودانية،. وظل حارساً يقظاً لها. إلتقيت أطيافاً من الشباب والشابات (لجان المقاومة على وجه الخصوص). تأكد لي أنّ على من يحاول سرقة الثورة السودانية - والثورة لمّا تزل مستمرة - أنّ من يحاول سرقتها داخل وخارج الوطن ، فإنّ عليه أنّ يحسب ألف حساب قبل أن يقوم بمغامرته. وأعداء الثورة السودانية كثيرون. نعرفهم جيداً، بل هم أكثر وضوحاً من شمس صيف السودان في عز النهار. والمؤسف أن من بينهم من هم داخل المنظومة المحسوبة على الثورة نفسها. فالذين ركبوا قطار الثورة بعد صافرته الثانية أو الثالثة كثيرون، ويلعبون الآن جنباً إلى جنب مع عناصر نظام الخيبة الذي قطع أوصال بلادنا ورمى بها في الدرك السحيق على مدى ثلاثين عاماً قلت إنّ من المفيد أن نأخذ قسطاً من الراحة من عمل نمارسه بجدية وحماس حتى إذا عدنا إليه وجدنا في داخلنا من الحماس ما يدفعنا لممارسته بنشاط . كنت في إجازة من الكتابة. كنت مرتاحاً من وجع الكتابة فوق الثلاثة أشهر. اليوم نعود إليها . سنكتب لأن الكتابة الجادة في عصرنا مصباح يطرد خفافيش الظلام. فهي صانعة الوعي، وما من سلاح يهابه القتلة واللصوص مثل سلاح الإستنارة والوعي!
كلمة شكر جاءت متأخرة .. أرجو قبولها
يؤمن كاتب هذه السطور بالأثر الذي يقول: من لا يشكر الناس لا يشكر رب الناس! ولأبدأ بأول يوم وطئت فيه أقدامنا - زوجتي وأنا - مطار الخرطوم عاصمة بلادنا، بعد منفى دام قرابة الثلاثة عقود، جئت خلاله على وجه السرعة لأتقبل العزاء في الراحلين: أمي وأبي. شكراً للجنة الإستقبال التي أعطتني من الحفاوة ما هو أكبر من حجمي بكثير. لكنّ أجمل ما في هذه الحفاوة أنّ ناشطي ومثقفي بلادنا في حقبة ما بعد الثورة العظيمة قد أعادوا للكلمة كرامتها واعتبارها. أنا أفهم أنّ الإحتفاء كان مقصوداً به تكريم الحرف السوداني حين يقف إلى جانب نضالات الجماهير وحركتها الدؤوب في السعي نحو مستقبل مشرق. وقد استن مثقفونا العضويون ومعهم كبار مسئولي الثقافة والإعلام سنة حميدة وهم يكرمون الكلمة باستقبال شيخي وأستاذي الدكتور حيدر ابراهيم علي مدير مركز الدراسات السودانية إذ عاد ثانية لأرض الوطن من منفاه في مصر. وتكرر المشهد مع وصول كاتب هذه السطور. ولعلها سانحة أن أقدم شكر العاجز للجنة الإستقبال في يومٍ منحوني فيه كما أسلفت مقاماً أعلى من مقامي. لكني أعود لأكرر بأن الإحتفاء كان بالكلمة حين تتوسل سكة الوطن والجماهير. شكراً لهؤلاء وقد زادوا محبتي لوطني أطناناً وأنا فيه أو حين أكون بعيداً عنه: لجنة الإستقبال التي تقدمها وزير الثقافة الهمام الأستاذ فيصل محمد صالح ووكيل الوزارة الأستاذ رشيد سعيد يعقوب والشاعر السوداني الكبير عالم عباس أمين عام المجلس القومي للتراث والآداب والفنون. شكراً لعضوية اللجنة: الأستاذ ياسر العوض ، الأستاذ محمد المصطفى أبو حريبة ، د . غادة فاروق كدودة ، مركز الفاتح ميكا الثقافي ، الأستاذة إيماض بدوي ، الأستاذ محي الدين جبريل ،الأستاذة أميرة جمعة بلل، الفنان عبدالقادر سالم ، الأستاذ خالد محمد طه، د. حسن الجزولي، الأستاذ مبارك عبدالرحمن أردول، الشاعر محمد طه القدال .. وعفواً لمن سقط إسمه سهواً وشكراً لقادة فرقتي الفنون الشعبية وأخص الفنانين الحاج ومرسال على ما قدمته فرقتاهما من فنون ورقصات شعبية في ساحة المطار كانت قمة في الأداء. والشكر من بعد الله للأصدقاء الذين هرعوا للمطار ليعطوا هذا الإستقبال روحه القومية. شكراً للأهل والأقارب نساءاً ورجالاً، شيباً وشباباً وقد طوى بعضهم المسافات مرحباً بعودتي سالماً لأرض الوطن بعد طول غياب. الشكر موصول لأسرتي وللشقيقين يحي وعلي جماع على كل ما قاما به من حفاوة بالأهل والضيوف عدت من الوطن إلى موضع إقامتي الأخير - بريطانيا الأسبوع الماضي ، وفي الأعماق شوق يهف بي إليه. فالوطن هو آخر ما نشد إليه الرحال. ومن أنا بلا وطن ؟ شخص دون عنوان!
فالبرغم من كل ما عانيت من صعوبة في السفر في فيافيك ووهادك..ورغم ضنك العيش وجحيم المواصلات وقلة ضرورات الحياة ، إلا إن تلك الضائقات ستزول وقريبا جدا..وستبقى أنت أيها الوطن الحبيب، تظلك سحب خريفك الماطر. وينير فيافيك وأوديتك قمرك الضحوك، ويظل المغنون يسجعون بأحلى الخرائد في أجمل حسانك. وتظل الحرية تاجاً على رأسك ورؤوسنا جميعاً ما دامت وجوه شهدائنا من عليائها تبارك خطانا فيك صوب النماء والحرية والعيش الكريم لكل بناتك وبنيك
خذني إليك أيها الوطن. فأنت آخر المحاط في سفري، ومن أنا بدونك سوى شبح يهيم في بلاد الله وكائن بلا عنوان