كنت اتهيأ للنوم بعد الساعة التاسعة مساء في منزلنا في امدرمان . هذا قبل يومين من عيد الاضحى 1985، فجأة فتح الباب ودخل أخي كابتن محجوب ،، الضب ،، . المنزل كعادة الكثير من اهل امدرمان يكون الباب فاتحا اغلب الوقت . امي طيب الله ثراها كانت تقول .... افتحو الباب اخير يجي حرامي يسرق من ما يجي ضيف يلقا الباب مقفول . جلس محجوب مع صديقه الذي قدمه باسم عز الدين . وعرفت انهما كانا في المكتب في شارع واحد العمارات بغرض شراء ملابس واغراض اخرى احضرتها لمعرض الخرطوم واتت ملابس اخرى من بوتيكنا الهنا في شارع الحصن في ابوظبي ومن السويد . المدير المالى عثمان عبد المجيد على طه كان متشددا مع عز الدين وطالب بالدفع مقدما ورفض ان يعطيه تخفيضا . ظهر شقيقي ايمان المريخابي المتشنج وقام بتحية الضيف بحرارة وعرفت انه كابتن الدحيش . فاعتذرت له لانني لم اتعرف عليه بسبب طول غيابي . طيبت خاطره وبدلا من ال10% التي كان يطلبها اعطيته 20 % التي هي جزء كبير من هامش الربح ولنا بوتيك بالقرب من المجلس البلدي شارع الموردة اسمه الهنا ولم اهتم من انه سينافسنا ببضاعتنا وكنت سعيدا بارضاء وجبر خاطر اخي محجوب . وقلت.... يمكن لكابتن الدحيش أن يدفع عندما ينتهي من البيع ، ولمحجوب لايرد طلب . كابتن الدحيش اظهر ارتياحه وقال انه يحتاج لبضاعة جديدة لبوتيكه قبل العيد وكان على اقتناع انه لن يجدني في المنزل لأن الجميع قبل العيد في حالة سهرات وقعدات الخ ، الا ان محجوب قد وضح له انني لا اخرج من المنزل بعد التاسعة مساء ...... والحقيقة هي انني كنت ممنوعا من الخروج من المنزل بعد التاسعة !! في ديسمبر 1984 كنت اقضي رأس السنة في السودان تأهبا للسفر الي شرق آسيا لشراء بضائع بعد اجراءات فتح خطاب الاعتماد المعقدة من السودان . وقضيت الليلة مع الخواجات الذين اتيت بهم من السويد بغرض ادارة مصنع وورشة واسكناهم في شقة في شارع 35 العمارات . وفي الصباح عدت الى امدرمان وانا سعيد بالدنيا والسنة الجديدة . وجدت اختي نضيفة ووالدتي لهما الرحمة في الحوش وبادرتهم بالتحية ...... صباح الخير . كان الرد من اختي نضيفة خير شنوا يا زايع يا البتنوم برة بيتك . ولم يشفع لى انه لم يتوفر بنزين للعربية وكنا في انتظار الصباح للحصول على البنزين . كان الرد .... تمشي ، تزحف ، تحبا علشان تنوم جوة بيتك . من بكرة حدك الساعة تسعة . لم يشفع لى انني اسافر لكل العالم واتنقل بين اليابان امريكا هونكونق كينيا جنوب افريقيا حتى الاسكا . ولكن القرار لم يكن مطروحا للنقاش ...... انت هني مواعيدك الساعة تسعة انحنا ما فاضين لي زواعتك نقعد نفكر كان انت حي ولا ميت .... الساعة تسعة ... سامع . اخوك الكبير الشنقيطي مؤجر بيت في فريق جبر اللة بيساهر فيه مع اصحابو لكن بينوم هني قدامنا . مافي زول بينوم برة البيت ده . وكانت النظرة التي تجبرني على الطاعة منذ الطفولة وتخفي خلفها الحب والقلب الكبير . بعد فترة طويلة وتعمد الجلوس مع نساء العائلة في قعدات الشاي والقهوة ولا اشرب ايهما ولكن كنت انتظر اللحظة المناسبة لتقديم طلب برفع سقف حظر التجول الى امبراطورة الحيشان . واغلب حيشان امدرمان لها امبراطورة تضع قوانين المنزل . وبعد النظرات النارية التي اعرفها منذ بداية الطفولة وان كانت تخفي حنانا وقلبا كبيرا تمت الموافقة بالبقاء خارج المنزل الى العاشرة .
اقتباس من موضوع مأتم الجنرال مع الفجر خرج الجنرال الفاتح عبد العال بقامته المميزة من منزله شمال المجلس البلدي . والحي عرف قديما بحي اليهود . كانت وجهة الجنرال منزلنا في منتصف الشارع ويجاور قبة الشيخ دفع الغرقان .وبصوت حزين قال الجنرال لاختي نضيفة ,, محمد عبد الجليل اسلم الروح ,, محمد عبد الجليل او محمد الانصاري ارتبط بمنزلنا لاربعة عقود ولكن تلك الليلة كان محمد عبد الجليل طيب الله ثراه يقضي الليلة مع اسرته الاخرى . نضيفة متعها الله بالصحة هي امبراطورة منزلنا نهابها ونحترمها قبل كل الرجال والنساء . وهي مثل نساء امدرمان تحل وتربط . ووصيتها للاخ الفاتح عبد العال ان يتوجه الي الاذاعة لكي يعلن خبر الوفاة وان يزكر اسم بلدته الرماش بالقرب من سنجة . وفي نفس اليوم حضر اهل محمد عبد الجليل للمأتم في منزل الجنرال .وسكنوا مع الاهل . واتي المعزون لمأتم الجنرال . محمد عبد الجليل ترك الرماش وهو صبي بعد ان ضاق بقسوة زوجة ابيه الذي لم يكن يتواجد كل الوقت في المنزل ، بسبب مشاغلة . وطلب من سائق اللوري ان يساعده في ايجاد عمل في امدرمان التي تفتح زراعيها للجميع كما عملت مع جدودنا . والسائق كان يعرف ان طباخ آل,, ابو العلا ,, يحتاج لما عرف قديما ببنجوس . وهو الصبي الذي يساعد في المهنة . ومحمد كان يقول انه بالرغم من اجتهاده ,, شغلة التبيخ دي اصلو ما ركبت لي ,, وانتهي به الامر ممارسا عملية الغسيل والمكوة في منزلنا . وصار صديقا لمئات الناس احدهم هارون الغسال في حي الامراء . ولكن صلته لم تنقطع بآل ابو العلا . وهو الذي اطلق اسم بنجوس علي الدكتور محمد عبد الحميد شقيق السيدة سلوي عبد الحميد زوجة اللواء الفاتح عبد العال، وهم من آل ,, ابو العلا ,, . اللواء الفاتح هو شقيق المناضلة محاسن عبد العال واحسان عبد العال وهما زوجات الاقتصادي بابكر بوب والمهندس عمر بوب رحمة الله علي الميتين والحيين . والدتهم هي زينب بت الناظر وهي وشقيقتها آمنة من المتعلمات ويتقن اللغة الانجليزية . وشقيقتهن الخالة عشة والدة المناضلة فاطمة احمد ابراهيم . وشقيقهم اول سوداني يصير مديرا للسكة حديد ، العم محمد الفضل زوج وردة اسرائيل شقيقة سكرتير نادي الخريجين الاستاذ ابراهيم اسرائيل . وكل هؤلاء والكثير من الاسر الامدرمانية كانت تعتبر محمد الانصاري احد افرادها.
نهاية اقتباس وانا صغير كانت اختي نضيفة قبل العشرين من عمرها . كنا في بيت المال وسط اهل والدتي . بعض الاطفال كانوا يشتكون من الجوع . وبعد السؤال عرفنا ، ان الرجال لسة ما جو من الشغل والساعة قد اقتربت من الرابعة .... وما ممكن يدوا الأطفال ،، وش الملاح ،،. انفجرت نضيفة وقالت .... رجال فارغين وانتو نسوان جايبات . الليلة الماهية والرجال ديل شفناهم في كل السودان يوم الماهية بيلعبوا القمار بجو بيوتهم متأخرين . ادوا الاولاد ياكلوا . وكان خايفات على وش الملاح اغرفوه وختوه على جنب . لم يجو الرجال الماعندهم فايدة يتسمموا . وديل رجال شنو البجوعوا اولادهم ؟ وانتو زاتكم لازم تتعلموا تأكلوا الاطفال اول، مش ينتظروا فضلة الرجال . الرجال انشاء الله ما اكلوا . سمان وليهم عناقر . دايرين يبقوا قدر شنوا خاتين ليهم ،، وش الملاح،، ؟ في منزلنا كان الاطفال اول من يأكل ونحن الصبيان موضع الاهتمام وصينيتنا الاكبر .ويحضر الكثير من الاصدقاء وزملاء المدرسة لطعام الغداء . وتقول نضيفة عندما يكون العدد قليلا . وين عقابكم ؟ يدوكم تتسمموا ولا تنتظروا اخيانكم ؟ بعض اسر بيت المال بدأت تعمل بسياسة نضيفة . في 1963 كنا نسكن السردارية كانت لوالدتي خمسة من الاطفال تحت العاشرة ولشقيقتي نفس العدد وكان في المنزل مربيتان . كان الاطفال يأكلون قبل الجميع حسب سياسة نضيفة . اتت نضيقة فيما بعد بسيدة لتغسل العدة . بعد اسبوع استسلمت السيدة قائلة .... قالوا لي ديل ناس بدري عاوزين مرة تغسل العدة بس . قلت ناس بدري ديل عندهم طفل طفلين كم صحن وحلة وارتاح .انا هني من الدقش لليل غسيل عدة . تمانية صواني غدا . انتو يا اختي ناس شيخ منو ؟ ونستكم لذيذة بجيكم بعد ده ضيفة . كان بالمنزل خمسة حمامات ولكن في بعد الظهر ينتظر الانسان دوره . وكل هذا تديره الامبراطورة نضيفة . احدى السيدات في تلك الفترة واجهت اختي نضيفة وكانت غاضبة . الا ان االرد الذي سمعته جعلها تبكي وتعتذر . اخبر بعض النسوة ان نضيفة انتقدت السيدة لانها لا تطبخ الا بالمصارين والعفشة التي تشتريها قبل قفل الجزر في امدرمان . وتكون باسعار زهيدة . وكانت تظن ان نضيفة ستتراجع او تنكر. وقالت لها نضيفة .... الحمد لله الوصلوا ليك الكلام . راجلك مسافر وتعبان وبيرسل القروش وانتي مجوعة الاولاد كل يوم ويكة ومصارين . عاوزة تدقي الدهب . الاولاد ديل اكان ماتو دهبك وتيابك ما بينفعوك . متعي اولادك لبسيهم كويس متعيهم كلها ايام وبيكبروا . وبتذكروا الحرمان والحرمتيه منهم خلي عينهم تكون مليانة . لقد تأثرنا نحن ومن سكن معنا من طلاب العلم وعددهم بالعشرات وضيوفنا الدائمين والمتغيرون باسلوب نضيفة في المواجهة والجسارة ومواجهة الآخرين بالحقيقة حتى لو كانت ضدنا . وكان هذا مهما في منزل يعيش فيه العشرات . وقد كلفني هذا الكثير . ولكن لا استطيع ولا اريد ان اقلع عن هذه العادة . احدى النسوة قالت لنضيفة انت ما ذي اختي وانا بعتبركم ذي بعض وما بفضل واحدة على التانية . الرد كان .....خلى الكلام الفارغ اختك اختك ما بتبدليها بي زول ومفروض تكون اقرب ليك من الناس التانين . وأنا في كورس اللغة الشيكية في شمال بوهيميا اصطدمت بمدير الكورس وكنا اكثر من مئة طالب من 31 جنسية . المدير ازلاطوهلافك كان مثليا لانه درس اللاهوت ككاثوليكي في مجتمع لا تتواجد فيه المرأة . كان يعتبر الكورس بوفيه . وانا كنت آتيا من العباسية اعتبر وجود فتيات في نفس السكن امرا جميلا . والتصقت بالطالبة البلغارية سفيتلا نيكولوفا ابنة دبلوماسي و يوهانا هانزدوتر الآيسلندية . وكان بيني والمدير عدم ارتياح وعندما عرفت من بعض الزملاء من لاتين امريكا ان المدير كان يتحرش بميقيل الطالب الهادئ ويتكلم كثيرا عن فقرهم وبؤس عائلته في وطنه احسست بكراهية نحو المدير . وكانت امامي صورة ناظر مدرسة ملكال الاميرية الذي تعرض للضرب من مدرسنا وحارس مرمي السودان عند الفوز بكأس افريقيا ، الاستاذ هاشم محمد عثمان . الناظر كان يستغل اثنين من الطلاب جنسيا . واضربت المدرسة . في احد الايام سألني المدير الشيكي الذي كان الطلاب يرتجفون امامه ....... الا تحترمني . وجوابي كان صادما وقاطعا وبصوت عالي ..... انا لا احترمك . احمر وجهه وقال ماذا تحسب نفسك ، اتحسب نفسك سيدا عظيما . والرد كان بطريقة رباطابية .... تو سم يا . او مايعني ... امال شنو ؟ وطردت من الكورس وكل بوهيميا وواصلت في هولشوف في مورافيا . انا في التاسعة من عمري وفي طابور الصباح بلغ احد الطلبة انه شاهد شقيقي الشنقيطي يلعب البلي في حينا . وقام ضابط المدرسة الاستاذ الرياحي ومن صار ناظرا لمدرسة حى العرب بجلد شقيقي وطلب مني ان ابلغ عن شقيقي اذا شاهدته يلعب البلي . لم ارد . وتكرر السؤال واخيرا قلت لن ابلغ وانهال السوط على ظهري وانا اردد لا مع كل سؤال وصرت ازحف من الالم . واخيرا اقتنع الاستاذ بعدم الجدوى . لقد ادخلني الصدق كثيرا في مشاكل كما افشل على صفقات جيدة . رحم اللة اختي نضيفة . بعض الناس يولدون كقادة ويؤثرون ويثرون حياة الآخرين . اختي نضيفة طيب الله ثراها اثرت وأثرت حياة المئات ان لم يكن الآلاف . في رمبيك كان منزل المفتش ضخما بحدائق وخن كبير للدجاج بسلم من الغاب او القنا ، اشجار مثمرة ويشاركنا السكن بعض المساجين الذين حسن سلوكهم او رمتهم الظروف في السجن لجرائم لا تتعارض مع فهمهم مثل صيد الزراف او نهب الابل عندما كنا في الشمال . نضيفة كانت شجاعة لدرجة غير مصدقة . كانت تتعامل معهم بود ونجالسهم ويحكون لنا عن حياتهم . اظن ان عدم تجنبي لمن يعتبرون من المجرمين يرجع الى تلك الفترة . كانت تمنعني من تسلق السلم لخن الدجاج . وفي يوم من الايام كنت اصرخ من الالم والرعب فلقد انغرس رأس احد المسامير في المنطقة بين فخذي الايسر وبطني . وبعد انزالي اكتفت نضيفة بالقول تستاهل لانك ما بتسمع الكلام . كان الخال عبد المجيد يصنع الكثير من الاطعمة ، المشروبات والمربات خاصة وان بعض زوارنا من الانجليز والاوربيين . ارادوا صنع مربة ولم يكن هنالك برتقال . واصريت انا انه يوجد برتقال في الحديقة بالرغم من ان نضيفة قد حسمت الامر . طلبت مني احضار البرتقال . اخذت ،، البرتقالة ،، ومسحتها على انفي بقوة حتى صرخت وقالت لي .... انت ما حتخلي قوة راسك . دي لارنجة ومش برتكانة ما تغالط الا بعد تتأكد . الشخص الذي كنت مرتبطا به طيلة اليوم هو الجنايني ماكرجوك الذي كان يتقبل اسئلتي التي لا تنتهي باريحية . زوجته كانت تمارس دق العيش في الفندك الكبير تحت شجرة المانقو العملاقة ، ثم تقوم بسحنه مع بعض النسوة . ثم تقوم بطهي الطعام . في احد الايام سقطت في الطعام ،، السفة ،، التي تضعها على اعلى اذنها اليمني في شكل كرة لاعادة استعمالها ، وشعرها محلوق كشعر الدينكاويات . ترددت قليلا وواصلت ،، فرك ،، الطعام الذي كان اخضر اللون . تبادلت نضيفة النظرات مع زوجة ماكرجوك وضحكن . احست نضيفة بدهشتي وطلبت مني ان اعد ان لا اذكر الامر لقدوتي وصديقي ماكرجوك . وافهمتني ان الانسان لا يخلف ابدا الوعد . هذه القصة احكيها لاول مرة . اظن ان الكثيرين يقولون انني اوفي بالعهد . كان ذلك درسا لم انساه . سنجا عبد الله على عكس الجنوب مليئة بالاشجار الشوكية عندما انتقلنا من رمبيك الى سنجة كان الشوك يجد مسكنا في اقدامنا جدتي الرسالة بت احمد كانت تحتقظ بابرة كبيرة من الفضة في آخرها منقاش لاخراج الشوك . انغرست شوكة في بطن قدمي وجعلت حياة المنزل بائسة واخيرا استطاعت نضيفة اخراجها وفي المساء بدات في الصراخ مطالبا بارجاع الشوكة محل ما كانت وبدأت في الصراح . وبعد وقت طويل عادت نضيفة وهى تحمل شيئا بين اصابعها وارادت ارجاع شوكتي , طالبت بالنظر للتأكد من انها شوكتي . وعندما ظهرت شوكة الهجليج الطويلة رفضت تسليم قدمي . وانتهى الامر بدخولي تحت عنقريب الساج الكبير ولم اخرج الا بعد ان وعدت ان اكف من الازعاج والا ستعود الشوكة . ونام االناس اخيرا في سلام . الصحفي الكبير الفاتح النور صاحب جريدة كردفان استدعى الصحفي عبد الله رجب لمشاركته في الاصدار في الابيض . بعد سنين طويلة صار عبد الله الطيب صاحب ورئيس تحرير جريدة الصراحة ومن وجهاء الخرطوم . قال الاستاذ الفاتح النور مازحا مع صديقة عبد الله رجب ..... العربي دة لمن جانا من سنجة كان عنده في جزلانو منقاش للشوك . السيدة صافي النية كانت تأتي من فريق اربعطاشر كل يوم لصناعة الكسرى الى منزلنا منزل المفتش على ضفة النيل الازرق الغربية بالقرب من المحكمة ومكتب الغابات وليس بعيدا من المدرسة في جنوب المنزل التي كان ناظرها الاستاذ حسن نجيلة كاتب كتاب ملامح من المجتمع السوداني وذكرياتي في البادية . كان لصافي النية عقد عجيب يحتوي على اسنان حيوانات خرز كبير عظام واشياء لا تحصي . كانت تضعه بعيدا عن النار . كنت اتحسسه . انتهرتني نضيفة ونصحتني ان لا اقرب اشياء الآخرين . واتذكر هذه النصيحة الى اليوم . في الخمسينات تقدم الاخ محمد وهو من اهل مدني للزواج من نضيفة الا انها رفضت . وكان قلبها قد تعلق بعمر بدري . وكان معروفا وسط الاهل انهما مخطوبان لبعضهما . الا ان عمر الذي كان فردة الفنان ابراهيم عوض منذ الصبا كان كثير الاسفار وانتهى به الامر كمحب للخمر . ولكن نضيفة رفضت الزواج بعده . شخصيتها القيادية وقوة شكيمتها حبها للصراحة والمواجهة جعلت الامر اكثر صعوبة . تقدم لها بعد سنين ابن عمنا ومن كان له على عكس اهلنا الذين يعملون بالمرتب فقط مالا ، لانه مقاول . وهو ابن الطيار موسي بدري ، رفضت . تقدم لها من كنت ىاعتبره قدوتي فارس امدرمان ابن عمتي ومن شاركنا السكن منذ ميلاده وهو من مشاهير امدرمان وفرسان القنيص خلف الله احمد . الزقاق الموازي للشارع الذي يأتي من التجاني الماحي الى البريد يعرف بزقاق خلف الله كانت له شاحنات . قالت الاستاذة فريدة شورة لمسؤولة الخارجية السويدية في اجتماع الوفد السوداني عندما ركزت المسؤولة على اضطهاد المرأة في افريقيا الخ ..... ان المرأة في االسودان عامة تجد الكثير من الاحترام وليست مثل الدول الاخرى . وحالها مختلف من بقية النساء . ولقد كتبت انا قديما ان امدرمان مدينة بنتها النساء . بعد كرري وموت الكثير من الرجال شمر النساء عن سواعدهن وعملن في نقل الطوب والحجارة وكن يعلن اكثر من عائلة وكان التكافل الذي لا يزال واضحا . نضيفة طيب الله ثراها كانت مثل اولئك النسوة . عندما تعرضت بالنقد لمبارك الفاضل لم يعجب هذا مبارك وأخرين . قال لي اخي ومن يشاركني حب توأم الروح بله الوجيه معتصم قرشي . ان مبارك قد دعاه لمنزله بدون سابق معرفة وتطرق لما أسماه هجومي على شخصه. ولا بد ان مبارك قد عرف بعلاقتي الحميمة بالوجيه معتصم قرشي . ولكن هجومي لم يتوقف عن مبارك وغيرمبارك . وبعد فترة توقفت . السبب كان تلفونا من نضيفة وبدأ الكلام كالعادة ب ..... اسمع ، تاني ماتكتب مادام انا حية ما عاوزة زول يجي يشتكي لي . وعرفت انهم جابوا لي السم القدر غداي. قبل فترة عادت حليمة لي عادتها القديمة . اتصل بي البعض مستنكرا بسبب ردتي . جوابي كان الزول الوحيد الكان بخوفني مات . في يوم 27 سبتمبر 2016 اسلمت نضيفة الروح في القاهرة بعد ان قضت بقية حياتها تجد الرعاية من شقيقتي الهام بناتها واهلنا . ونقل جثمانها الى امدرمان طيب الله ثراها . لقد ائرت على حيا ة المئات اذا لم يكن الآلاف . شقيقتي آمال متزوجة من محمد صالح عبد اللطيف وقيع الله ضابط بلدية امد رمان في الخمسينات وقاضي محكمة امدرمان الجنائية ومنزلهم يلاصق منزلنا فكان سيل ضيوف اهل رفاعة لا يتوقف للمنزلين . وعدد لا يحصى من الطلاب الذين سكنوا معنا . منهم خمسة من الاشقاء من النيل الابيض . التصقوا بالمنزل منذ المدرسة الوسطى الى تخرجهم اغترابهم زواجهم ولا يزال بعضهم مرتبطا بالمنزل اليوم . وكانت لتلك المنازل امبراطورة تسير الامور ، تراقب وفي بعض الاحيان تحل النزاعات . في الثمانينات بدون ان اقصد كنت اغير وضع بعض الكراسي والمناضد الخ . في اليوم الثالث قال لي شقيقي ايمان بدري . .... شوف البيت ده انحنا بناكل البختو لينا وبننوم في الملايات البفرشوها لينا ما بنحرك حاجة ولا بندخل . انت ضيف احترموك يومين تحرك حاجة حيدوك الكرت الاحمر امك واختك ما بيقبلوا . الاستاذة ميمونة حميد زوجة العم على عبد اللطيف وقيع الله كانت عندما تأني من رفاعة تبدا عند الباب بجملة ياقلب البيت وتقصد نضيفة . وعمتنا حاليمة الحاج من الجنينة تقول لها ملكة البيت ولهما كل الحق . في التسعينات عرض عصام احمد البشير منزله للبيع في نمرة اتنين . وقامت شقيقتي الهام بشراءه . وبينما هي تشرف على تركيب الستائر . رأت اختنا قدي وهي تشير اليها من الشارع . قدي ذهبت لزيارة الاستاذ ابن العباسية غازي سليمان طيب الله ثراه في منزله في نمرة اتنين . وبادرها قائلا اختك الهام سكنت في البيت داك . فهرعت اليها فرحة . في 1964 كانت قدي من سكان منزلنا . كانت تسير تعبة في السردارية وطرقت الباب وتصادف وجود المبراطورة بالقرب من الباب . ارادت قدي شربة ماء الا ان الامبراطورة احست انها مرهقة فقد كانت في بداية حملها .دعتها لدخول المنزل كما يحدث في السودان قديما . ولم تخرج قدي من المنزل وصارت اختنا التي ابكتني يوما في الطريق العام . فبعد سنين براغ وستة سنوات عندما كنت في في قائمة الجنرال على صديق السوداء له الرحمة . وكان قد هدد باخذي من براغ الى سجن كوبر مباشرة . السبب كان مطالبتي بنظام فدرالي للجنوب اوتقرير مصير , كما اعترضت في اجتماع الطلاب في مسكن روزفولتوفا بعد ضرب الجزيرة ابا وود نوباوي الخ . وكان المتحدث الزعيم التجاني الطيب ومن الشيوعيين شقيقي الشنقيطي . تسللت الى السويد بدون فيزة ولا ازال في السويد . كنت اقود العربة في امدرمان وفجأة سمعت قدي تصرخ وهي تجري وتنادي اخوي شوقي... اخوي اخوي شوقي . ولا بد انها قد قنعت من رجوعي . وعندما نزلت من السيارة كانت دموعها تجري وتحتضنني وكانها لا تريد ان تطلقني ولم اتمالك دموعي . كان الشارع ينظر باستغراب في البداية ثم الابتسام . كانت قد صارت فراشة في المدرسة ولها طفلان . ناهد او ترحاس وتعني بخيتة بلغة التقراي والفارس مالك الذي عاد من بريطانيا فيما بعد وبنى منزلا رائعا لوالدته كانت تقول فخوره بيت ب ،، سراميكو ،، كما يقول الايطاليين والاثيوبيين . وعندما كان ابن اختي ايراهيم محمد صالح في لندن كان يسكن مع رفيق طفولته مالك . كنت اذكر اختي قدي كثيرا وانا في تشيكوسلوفاكية . فعندما اصلحت نطق قدي في البيت قالت لي ساخرة .... محل انت ماشي ده حيضحكوا عليك ذي قدي لمن تتكلم . لكم تذكرت اختي قدي وانا اتعلم الشيكية والسويدية . كان هنالك الكثير والكثير من الساكنين والعابرين في منزلنا . وكانت اختى قدي تقول ... الالها بريدو نضيفة بتريدو . اذكر احد الاشقاء الخمسة كانت في المدرسة الوسطى كان يتكلم مع الامبراطورة . فقالت له اهلك ما رسلوك علشان تسف الصعوط . انت لسة في الابتدائي . كان يقول لي انه يقرص السفة في الفصل وحتى الاساتذة لا يلاحظون عندما يتكلم ولكن الامبراطورة كانت تلاحظ كل شي . ولم يكن رأيها في الناس يخيب . كانت تحب اخي عبد المجيد محمد سعيد العباسي الذي كان في عمري وصفيي لانه كان شجاعا ودغريا منذ بواكر طفولته لا يعرف اللف والدوران . لم نكن نفترق . انقطعت زياراته بعد الثانوية . وبينما هو بعد سنين عديده في السوق امسكت نضيفة بيده بقوة وقالت له ... يا عبد المجيد البيت بيتك ما تنقطع منه ..... واعتذر عبد المجيد بأنه كان يمر بالمنزل ولكن يختشي بسبب انقطاعه الطويل . عاد عبد المجيد وفرح الاهل برجوعه خاصة شقيقاتي . وهو مثل والدة الشاعر الفحل الشيخ محمد سعيد العباس كبير النفس والهمة . المثل السوداني يقول في عيالك ليك داني . بمعنى ان الانسان يكون اقرب الى بعض اطفاله . من المقربين الى نضيفة كان اخي شيخ البطانة حمودة ابوسن الذي غادرنا قبل شهور . وحتى بعد ان صار من كبار رجال الاعمال كان يعود الى المنزل للونسة مع نضيفة . وفي بعض الاحيان يأتي ويطلب فقط كسرة بي موية وزيت ويرفض كل الطعام . له شقيقة اسمها الهام كان يحضر لمنزل الهام بدري في لندن او باريس خاصة عندما كان يمارض والده الوزير في 1980 . عندما عدت في اول اجازة في 1966 كان خالي ابن عم والدتي حسن محمد صالح ابتر من بورسودان والذي صار من مديري مصنع النسيج وابن الخال الباقر ابتر الذي عمل بوزارة المالية بعد تخرجه من جامعة الخرطوم ، من كادوقلي وابن الخال صلاح محمد احمد من لقاوة الذي صار من مليونيرات السودان ومجموعة من القادمين الجدد واهل العباسية لا يتوقفون من دخول المنزل منذ الصباح الباكر كانت نضيفة تدير كل شئ . المنزل كان اقرب الى نزل او هوتيل وكما قال الخال حسن الذي صار احد مديري مصنع النسيج في بحري كل شئ في ايد نضيفة حتى مفتاح الخزنة . وكانت حاسمة ولا تتردد من المواجهة . احد سكان المنزل قال متبرما لنضيفة .... ليه لمن شنقيطي يكون عندو ضيوف الاكل بيكون عزومة . الجواب كان سشنقيطي بيسلمني ماهيتو انت سلمني ماهيتك شوف حتاكل كيف . منذ بداية طفولتنا يصر والدي على اكلنا مع الخدم والسائق . وعندما احتجت احدى النساء على اكل اولاد المفتش مع الخدم والسائق . نادانا ابراهيم بدري في المساء وقال لنا ان الانسان الذي يعمل ويكدح هو خير من الآخرين . ولا يخرج دود من اصابع الخدم ولهذا يجب ان لا نترفع من الاكل معهم . شجاعة نضيفة كانت خرافية ولم يكن هذا محصورا في الجلوس مع المساجين ونساء العباسية ومنهن من تشد العرقي او الفامزوت الخ ويحضرن الى منزلنا بطريقة راتبة ولكن مواجهة اعتى البشر . الاخ ع . كان مهابا في الحي وكان جزارا يذبح كيري . في الصباح يخبط على الشباك ويسلم نضيف اللحوم وكان يسمع اقسى الكلام مثل ما بتخجل دي لحمة كيري ، وبعد ده كلها عصب وعضام وقد تعيد اللحمة اكثر من مرة . والجزار كان مشهورا بشراسته يكتفي بالاعتذار . الاخ صباحي كان مثل كل الجزارين لا يعترف بالتعريفة . عندما كان يسلم اللحمة لنضيفة اعطته الفلوس اخرج رجل بطاقته واتهم الاخ صباحي ببيع اللحمة خارج التعريفة . فقالت له نضيفة باع لى بالتعريفة . وعندما سألها ما هي التعريقة ؟ لم تعرف وقالت ان الفلوس دين قديم وستدفع فلوس اليوم فيما بعد . وانصرف رجل الامن مغلوبا على امره . وقال الاخ صباحي ...... لكن لمن نضيفة جاتني راجعة قلتا يا ريت لو خلتني لي بتاع الامن . العازف الذي كان يعزف مع اخي الفنان ابراهيم عوض طيب الله ثراه قام بقتل المهندس ب . بمساعدة عازف آخر . ووضعه في الزقاق امام بابنا في الليل وفي الصباح لاحظت نظيفة ان رقاد الرجل بالملابس المهندمة قد طال . وعندما اقتربت منه اكتشفت انه مقتول واعينه قد تعرضت لتخزيق . وببساطة نادت على زوج اختي القاضي محمد صالح عبد اللطيف الذي قال مباشرة ان من قتل ذلك الشخص سيشنق لان الطعنة ليست مرة واحدة كما حدث مع جارنا الجزار الآخر الذي حكم عليه محمد صالح ب 12 سنة سجنا . ونفذ حكم الاعدام في العازف . المنزل كان يمتلئ بالبشر ومن العادة ان يكون من يحضر للغداء ما بين العشرة والعشرين . وفي المساء يمتلئ الحوش بالمريخاب اصدقاء ايمان بدري لمناقشة الكرة او لاقناع لاعب لكي يتنازل عن بعض المبلغ الذي يطلبه ، او لمشاهدة التلفزيون وانتظار العشاء . فكانت لنضيفة قدرة صغيرة للفول وصاج كبير للطعمية . وترتفع الاصوات في بعض الاحيان بالصراخ والتشنج في نقاشات رياضية وسياسية . كانت بعض اجتماعات الحزب الشيوعي تدار في منزلنا وفي بعض الاحيان يأتي الكبار ومنهم الاستاذ نقد طيب الله ثراه . اذكر ان المناضل الفيلسوف الخاتم عدلان قد قال لي انه يعرف منزلنا جيدا لانه قد سكن عندنا لفترات . ولم يكن سيل الشيوعيين ينقطع . ولاحظت انه في المرات التي تظهر نضيفة في ثوبها الابيض وهي في طريقها الى خارج المنزل ان كل الاصوات تتوقف عند مرورها . وحتى في الزيارات التفقدية القصيرة كان البعض يكون مشدودا وكأن ناظر المدرسة في المرور فقد تقرع لاختفاء كبابي الشاي التي قد تتدحرج تحت الاسرة او صينية الغداء قد تأخر ارجاعها . وقد تتواجد ثلاثة من حفاظات الماء البارد وبعضها قد قضى الليل في الحوش الخ . بعد رجوع شقيقي مختار من لندن صار يجمع مجموعته من المسلمين . واحتلوا الصالون الضخم . ولم يعد مسموحا لنا وللآخرين بالتواجد في الصالون ولهم اكلهم الخاص ولا يرد بعضهم التحية .كما سمعنا في وجهنا باننا من باع الآخرة بالدنيا ولهذا لايصح الاكل معنا او الكلام معنا . تجمع البقية من السكان والزوار في الغرفتين المعدتين للضيوف والبرندة . لم يكن في الامكان الشكوي فمختار آخر العنقود حبيب نضيفة الاول . اذكر ان نضيفة تخلفت من الاجازة التي كانت في باريس لندن او السويد . وبالرغم من الحافي رفضت لان مختار كان يعاني من الازمة . واذكر انها حسمتنا بسبب تمدد مختار وجماعته قائلة ..... انتو زمان كلكم عندكم حيران . اشارة لاصدقائنا الكثيرين . وتمدد مختار الذي يعرفه العالم اليوم بشيخ مختار ، يتجنب كبار الكيزان مناظرته . لقد تركت نضيفة بصماتها علينا جميعا ولكن تأثيرها على مختار كان الاكبر .لقد كانت امه الحقيقية . اثناء السكن في شارع تشسترفيلد رقم عشرة في قلب الحي الانجليزي الفاخر ميفير ، كانت تتواجد امرأة انجليزية متشردة امام محطة المترو قرين بارك . كانت نضيفة تـأخذ لها الطعام ثلاثة مرات في اليوم ومشروب الشوكولاتة الساخنة بالحليب . وعندما يأخذها البوليس بعيدا من الحى الفاخر كانت نضيفة تذهب بحثا عنها في الاحياء المجاورة . وقد تذهب الى هايد بارك وقد تعود متعبة بعد ساعات من البحث . في امدرمان كان تزود الشماسة كل صباح بقدح من الالمنيوم وتجمع كل ما بقي من غداء المنزلين وتكون وليمة للشماسة . عندما انتقلت نضيفة الى نمرة اتنين فرح الشماسة الذين انتقلوا الى الخرطوم بظهور حبوبة نضيفة . في احد الايام ارسلت نضيفة لاحضار جالونا من زيت السمسم . وعندما استفسرت والدتي لانها قد ارسلت لجالون قبل ايام ، كان الرد انها قد صنعت كركارا . واستغربت والدتي لانها لم ترى كركارا . عرفت ان نضيفة قد قامت بتعبئة الزيت في برطمانيات لنزيلات مستشفي التجاني الماحي ومن يرافقهن . ففي الشتاء تتشقق الاقدام والايدي بسبب الوضوء او الغسل في العراء وهن ينمن في البرندات اوفي حوش المستشفي . ولنا التصاق بالمستشفي منذ الخمسينات ففيه ماتت احب عماتنا والتي تركت شرخا في حياتنا منذ بداية الطفولة لانها رافقتنا في كل انحاء السودان من مريدي الى سنكات الابيض وسنجة عبد الله الخ . عندما المستشفى كان تابعا للارسالية الامريكية . نضيفة كانت تحضر المرافقات للاستحمام وتأتي بمن يغسل ثيابهن . ويرتحن من عناء النوم على الارض . او لشراب القهوة والنوم على الاسرة . كانت تهتم بنزلاء قبة الشيخ دفع الله وعددهم كبير . كان الجميع يقولون عنها ،، جبارة الخاطر،، احد الزملاء في براغ كان نزيلاا في مستشفى التجاني الماحي . وكانت نضيفة تلبي طلباته لانه ينادي يا نضيفة يا نضيفة عبر الحائط . الشمالي ويطلب من المارة طرق الباب المواجه . ابن خالي الباقر ابتر كان يحب العزف والموسيقي والغناء في احد الايام كانوا في قعدة واتت كشة تسلق البعض الاسوار الى الشارع . الباقر تسلق سورا وانتهى في منزل اسرة وحسبوه لصا ولم يشفع له قوله انه طالب في جامعة الخرطوم . ولكن عندما قال لهم يا جماعة انا نضيفة عمتي . اخلوا سبيله وتوقف الضرب . واعتذروا له . من لم يعرف نضيفة ؟
نضيفة كانت تجوب السوق ويعرفها الجميع وبتعاملون معها باحترام كبير ومودة . وفي النهاية تنادي على صديقي العربجي فضل المولى والذي صار حماريا في نهاية عمره . وتقول له عندي نص ربع كبكبي عند فلان عندي دخن حلبة وفول عند فلان عندي لحم شرموط عند فلان وديهم البيت . وقد يكون الامر شوال عيش صفيحة زيت سمن الخ اشهر جزاري امد رمان كان محجوب حمد الذي من اصدقاءه البروفسر على المك عبد الخالق محجوب والكثير من المثقفين ويجلسون امام دكانه في المساء في نهاية شارع الاربعين على خطوات من البريد العام وهو اول جزار في امدرمان يصنع اللحوم بمكاكينات حديثة وبرادات . كانت السيدة حرم الامين زوجة محافظ مشروع الجزيرة في الوقت الذي كان مرتب المحافظ 485 جنيه سوداني وله مخصصات سيارات ومرتب رئيس الوزراء 150 جنيها . كانت السيدة تغضب عندما تعرف من من ارسلتهم ، ان لحمة الفلتو التي اوصت عليها اعطيت لشخص آخر . وعندما ذهبت الى الاخ محجوب حمد غاضبة سألت .... منو البشتري الفليتو ومنو المابتقدروا تقولوا ليه الفلتو محجوز . وعندما كان الرد ... نضيفة . كان ردها لا كان كدي مافي كلام . في احد الايام كنت في زيارة للسودان وصحبتني نينا ومن صارت والدة الدكتورة نضيفة . وكانت نينا في ضحك وونسة مع شقيقاتي واخبرتها اكثر من مرة بالاستعداد لاني سآخذ البريطاني الميجر هيو ماكينا الذي كان يعمل معي من الفندق للذهاب الى المكتب في الامتداد وسيكون في انتظارنا وفد ، ورفعت صوتي . الا ان نضيفة نادتني ووبختني قائلة . تعال هني .. من وين اتعلمت تكورك في مرة ؟ اول ما تطلع من هني تعتذر للبت دي . وتاني اوعك ترفع صوتك على مرة . عندما اعتذرت قالت والدة نضيفة ضاحكة . انها لم تكن تعرف ان هنالك من يخيفني . عندما اطلقت اسم نضيفة على ابنتي . كانت والدتها سعيدة بالاسم . واتي عقد من الذهب ارسلته نضيفة يحمل اسم نضيفة لا يزال يتلألأ على جيد دكتورة نضيفة . ويثير هذا حفيضة بعض بناتي . عندما كانت شقيقتي الدكتورة ليمياء بدري تستعد مع صديقاتها للجلوس لامتحان الدخول الى الجامعة قررت مع فردتها ام سلمة الصادق المهدي ان يعتكفن في منزلنا للمذاكرة . وكن اثنيعشر فتاة . ولم يعترض اهلهن لانهن يعرفن انهن تحت اشراف الامبراطورة نضيفة التي شكلت حياة بنات واحفاد شقيقاتي ومنهم من صاروا اطباء او طبيبات . قال لي صديقي الوجيه معتصم قرشي ان زوجته ابنة الجنرال المرهوب عوض عبد الرحمن صغير كان لا يسمح لهن بالخروج الا بعد التأكد من وجهتهن . وعنما تكون وجهتهن منزلنا يوافق مباشرة ويطلب من االسائق ايصالهن . قبل سنوات حضر الدكتور امين النور شقيق الشهيد بابكر النور من مقره في لندن . وعندما عرف ان ابنة شقيقته قد اخذتها زميلتها في الجامعة بسيارتها الى منزلهم في نمرة اتنين غضب وطالب بالاتصال واحضارها واحضار البت التي تمتلك سيارة وتعيش في نمرة اتنين . وعند سؤال ابتسام صلاح ابنة شقيقتي عن هويتها واهلها قالت له قاسم بدري خالي . والسؤال كان خالك بي وين ؟؟ وعندما قالت له انا بت الهام ابراهيم بدري . قال لها انتي اخت شوقي وشنقيطي . والتفت الى ابنة اخته وقال لها . امشي واسكني معاها . ابتسام صلاح تعيش اليوم في النرويج كانت تقول لي دائما انها تدين بتربيتها ونظرتها الى الدنيا مثل العشرات لنضيفة . ولم يحدث ان رفضت لها نضيف طلبا الا اذا كان غير معقول . ولم تكن تزد عن ،، خلاص ،،ولا تحتاج لاعادة الطلب وينقضي المر . مهما كان السعر غاليا . ولكن ليس هنالك من تستطيع ان تعصي امرها لان لها فراسة غير طبيعية . يكفي ان تنظر اليهن وتقول ما تشيلي هم الدنيا دي ما بتستاهل . ولا يعرفن كيف تحس وتعرف . زوجة شقيقي بابكر بدري اتت من السويد وكانت تفكر في تطوير حياة السودانيات . وبعد سنة كانت تعزم على الاكل والمشروب وتخصم عليك الله . وعندما سألتها عن سبب التغيير قالت لى ان حياة السودانيات غنية وجميلة . في البداية كانت لا تقبل بمفراكة نضيقة مع ابنها شهاب الذي كان مصيبة . واقتنعت اخيرا . نضيفة كانت تقول لها .... ابوه زاتو ربيتوا كدة . ماعندنا وكت نقعد نحنس ونشرح للشافع ساعة الغلط والصاح . البيت كان كل الوكت مليان شفع مافي تحنيس مفراكة مفراكتين بيفهم . قبل سنة رزق شقيقي بابنة . قالت شقيقتي الهام انها ارادت ان تطلب منه اطلاق اسم والدتنا عليها . ولكن تذكرت نصائح نضيفة في عدم التحشر . ولحسن الحظ اطلق على البنت اسم امينة . البرحة كنت اقول لاحد القادمين الجدد بعد ان رددت على الكثير من اسئلته الشخصية . فقلت له انا متعود عالى الرد ولكن ارجوا ان تكثر الاسئلة الشخصية وان لا تتدخل في ما لا يعنيك لان هذا يحرج الآخرين ويسكسبك اعداء . انها تعاليم نضيفة . منزلنا الذي كان يمتلئ بالرجال والشباب كان يمتلئ بالشابات والسيدات . كانت قهوة وشاي المساء تجمع الكثير من النساء . بعضهن من عملن في الاحفاد منهن ايقونات السودان ،، البلابل،، وبعض المشاهير كن يحضرن لمنزلنا للزيارة بجانب النساء البسيطات . حواء صارت من سكان منزلنا في التسعينات لانها اتت من دارفور بحثا عن ابنها الغائب . شاهدت منزل الدار مفتوحا بمناسبة زواج شقيقتي لمياء ودخلت فرحبت بها نضيفة وصارت من سكان المنزل . لكي لا تكون عالة على الآخرين كانت حوى تقوم ببيع البامبي المغلي في المدارس . وانضمت اليها شقيقتها وبعد زمن طويل التقت بابنها ورحلت الى ام بده وصرن يحضرن للزيارة . نضيفة كانت من احتضنتها مثل الكثيرين . كما تبنت طفلا يتيما من الجنوب صار اسمه محمود مختار . كان متأثرا بشيخ مختار ولهذا اراد ان يكون اسمه محمود مختار . لا بد انه اليوم رجل ملئ هدومو . رحم الله نضيفة . عند وفاة والد اخي صديق حيدوب رجل الاعمال الشهير قبل سنة اتصلت به معزيا وتحدثنا عن الايام الجميلة فصديق كان فردة شقيقي خليل بدري ويعد من اخوتنا . وكنت اترك له مذكرات مسجلة . ترك لي تسجيلا يقول فيه انه قد بكى عندما سمع تسجيلاتي وتذكر والدتنا امينة ونضيفة . نضيفة كانت تتكلم عن مدرستها في بداية الاربعينات وزميلتها في المدرسة الاستاذة نفيسة احمد الامين التي لا تحتاج لتعريف وكانت مدرستهن فاطمة ابراهيم بدري . ولقد سمعت الاستاذة نفيسة تقول في التلفزيون انها تأثرت بمدرستها فاطمة ابراهيم بدري . نضيفة عبد الله محمد من الدينكا والدتها فضل الموجود من النوبة . بعد سقوط امدرمان في 1898 صار الاغلبية من الفقراء . اتحدت الاسر بغض النظر عن القبيلة وتكاتفوا ضد مصاعب الدنيا . وعند تركوا امدرمان الى الدويم التحمت اسرتانا . وصار والدي اخ فضل الموجود ، صافيات وفضل المولى في الرضاعة . وكانت والدتهم جميعا فضل الرحام امرأة اشتهرت بقوة الشخصية والشجاعة . وهى التي تكفلت بالاشراف على تربية والدي . عندما اراد العم عبد الله على الرحيل من منزل جدنا يوسف بدري مع زوجته فضل الميجود ابنه فضل الله ونضيفة التي كانت رضيعة رفضت المرأة الحديدية التي يذكرها اهل الدويم . وهذه العادة كانت ولا تزال تمارس في السودان وهى ان يبقى الزوج مع اهل زوجته . وكان الطلاق . والدي الذي كان اداريا وقاضيا كان يعتبر قاسيا وحاسما في قراراته . الا انه كان يعاني من نقاط ضعف عندما يتعلق الامر بفاطمة بدري ونضيفة . كان يعطيهن اكبر المساحات وكن عند حسن ظنه . وانا في العاشرة خرجت في الصباح وانا احمل النبلة بين المسرح الذي كان ارضا فارغة ، الصهريج وابي روف . ولم اعرف ان الدكتور محود حمد نصر وابناءه قد شاهدوني . وكانوا يظنون انني عند جدتي في بيت المال وصاروا يبحثون عني . وعندما حضرت بعد الغداء بفترة طويلة قام والدي بحبسي بدون اكل . ولكن نضيفة احضرت لى قراصة بالسكر والسمن . ولا بد ان والدي قد احس بالتهريب لانها مرت اماه ورائحة القراصة بالسمن لا يمكن تجاهلها . وقام والدي اكراما لنضيفة باطلاق سراحي . لقد كانت نور عينيه . كانوا يقولون ان نضيفة صورة طبق الاصل في اخلاقها من جدتها فضل الرحام التي كانت قوية الشكيمة شجاعة وكريمة لدرجة كبيرة ، الا انه كان لنضيقة واخي الحبيب فضل الله والذي كان يشقى مه طلبلتي قامة الدينكا . كانت قضل الرحام ترحب بالجميع في الساقية التي تمثل 25 فدانا ، وتعطي بكرم من الثمار والخضار . ولا تزال الارض موجودة في الدويم ومسجلة باسم ابراهيم افندي بدري . ولكن من كان يتلاعب او يحاول السرقة تقول له دايرني اوريك جن اهلى النوبة ؟ ابنتي نضيفة من شاكلة اختي نضيفة . يقولون في السودان الاسم بيجبد عندما ذهبت الي الدويم في 1963 اعطتني نضيفة قائمة بالنساء الذين ساذهب لزيارتهن . وعندما احضر للسودان تقول لي بدون النظر الى وهذا يعني ان الامر ليس للنقاش تمشي لي فلانه تديها كدي وفلانة كدي وفلانا اشتري ليها كدي لانها ما بتشيل قروش . وتطلب مني ان آخذ معي شخصا . ذهبت لمنزل احدى السيدات التي طلبت حضوري بسبب خلافات مع اهل زوجها الذي تربطني باحدهم صداقة ، بخصوص ميراث . وبعد فترة كان الشرر يتطاير من عيني نضيقة لانها كالعادة قد سمعت بذهابي . وارادت ان تعرف كيف ذهبت لمنزل امرأة ارملة لوحدي . لم يشفع لي انها اكبر مني سنا . الجملة الاخيرة كانت . تجيك في بطن بيتك . تعمل كدة تاني بقاطعك فاهم . قد نواصل عن نضيفة الكبيرة والصغيرة .