تحت مظلة التجوال القسري وجدتني اختلي مجبرا وحيدا بنفسي وبالايام الخالية و الوجوه التي مضت وتلك الآتية هرباً من الوباء الأممي والموت الجمعي المبثوث عبر الأقنية لمّا كسرت الطوق خلسةً من وراء ظهر العسس انفردت بالمدينة بالشوارع المفرغة من غابة الأشباح الراكضة و أرتال الحديد الزاحفة انتهكت حرمة الحصانات واللوائح المقلّظة حدجتُ بالتعالي أسراب الزحام الغائبة تأملت للمرة الاولى ألوان إشارات المرور وأشباح السلطة الطاغية تفرعنت في غيبة المتغطرسين في الارض وأنصاف الآلهة رسمت على الأفق وواجهات البنايات الباهتة ما اشتيهتُ من الأحلام ومن باقات الأماني واللوحات الزاهية يا لوحشة المعارض المتدثرة بالصمت و الأبواب المسدلة الرابضة يا لبهاء الثريات المبللة بالندى عبأتُ صدري بالهواء النقي المصفى من ذرات الادخنة تحت الإقامة الجبرية الخانقة اكتشفت جوهر السكون العام إيقاع جلبات زوار المطاعم و الحدائق أطراف النهار صدى ضجيج رواد المقاهي وفوضى قعقعة الحانات والفنادق عند منحدرات الأماسي وآخر الليل وحمى ميممي المطار في كل حين ووقت اكتشفت اننا وهم جميعاً وحوش أليفة أو حمقى بعضُ مروّضة كم كنت صادقاً في الإلفة والفراق لا أحد استوعب فُجائيةَ الانكسار ذوبان الْحُلْم الجميل المشرّب باللهف لم تكن تلك المدينة العامرة إمرأةً واحدةً بل نساءً كثيراً رافلات في الأنوثة والغنج وحفلا من الصبايا المنعّمات ذات فرح موشىً بالترف قوامهن الفتنة والدلال والتأنق والجمال لكنما حريتي فوق الشروط والقيود والنزوات العابرة و قلبي ضد الرهن والإعتقال وذاتي من الطراز العصي كالوحوش الكاسرة على الحبس والأقفاص و الحجر والاحتكار لم تُغرني مع رياح الغيرة والتقلبات والنوبات المزاجية العالية ودوّامات الشك والريبة بحيرات العسل وكثيّبات العاج والعقيق والسيقان المرمرية الناهضة لاشيء يعدل التحليق في الفضاء بأجنحة الوعي والزمان الحب والصحو والعافية