في ذكرى سعودي دراج

 


 

شوقي بدري
8 July, 2020

 

 

الرسالة فارس لن يترجل

من موضوع قديم انقل لكم اهلي .
اقتباس
الابن شريف محمد أدوم في كوبنهاجن كتب لي مداخله عندما كتبت عن سعودي دراج طيب الله ثراه , أنهم أثناء سجنهم في عام 1995 أصيبوا ببعض الإحباط والضيق نسبة لصغر سنهم فأخذهم سعودي دراج إلي حائط السجن حيث كان اسم الكثير من المناضلين والشيوعيين مكتوبا ، أحدهم كان سعودي دراج . والتأريخ كان 1958 ديسمبر . وهذا يعني أنه أعتقل بعد أيام من 17 نوفمبر 58 ,, انقلاب عبود ,, وروحه كانت لا تزال عالية في 1995 وستكون . لقد شاهدته في براغ بعد أكتوبر 64 وشاهدته في الخرطوم في الديمقراطية الأخيرة كعادته بشوشا بسيطا متجردا متواضعا .
نهاية اقتباس
عندما قام الشيوعي الآبق الدكتور خالد المبارك بالهجوم علي الشيوعيين ، ووجه احد سهامه المسموسة لشخصي ،قمت بالرد علية بعدة مواضيع . ولقد ذكرته بعظمة الاغلبية من الشيوعيين واحدهو المناضل سعودي دراج ، طيب الله ثراه .
بما ان الحزب الشيوعي كان يجند خيار الناس والمميزين في المجتمع ، فعندما يسقط هؤلاء او ينحطون يمارسون الانحطاط بتميزهم المشهود ، ويبدعون في الانحطاط . لقد اختلفنا مع الشيوعيين فكريا . واثبتت الايام ان التفكير الشيوعي لم يكن صحيحا . ولكن كانت الشيوعيه من اهم مدارس الاشتراكية . ويبقي الشيوعيون السودانيون اشرف واعظم السودانيين . احدهم المناضل سعودي دراج . كانت له اخلاق الانبياء . في ديسمبر 1966 كان ضيفا في فندق ,,براها,, بالقرب من بوابة براغ القديمة، المخصص لزوار الحزب الشيوعي الكبار . وفي هذا الفندق سعدت بمجالسة عبد الخالق , وبعض كبار الزوار . وليس في الفندق نقود متداولة . يكفي ان يطلب النزيل وضيوفه ما يريدون .
ولكن المناضل سعودي دراج كان بسيطا . يهرب من الفندق، يترك طعام الفندق الفاخر ويتواجد عند الطلبة واعضاء الحزب الشيوعي وغيرهم في غرفهم الضيقة. ويسعد الجميع بحكاياته وقفشاته . ونقاشاته العميقة . وكان مغني القعدات بصوته العذب . اذا طلب من انسان ان يرسم صورة لسوداني رائع يكفي وصف المناضل سعودي دراج طيب الله ثراه .
في تلك الايام غاب الاستاذ ابراهيم زكريا الذي كان سكرتيرا لاتحاد النقابات العالمي في براغ . وحل مكانه الزميل محمد لفترة قصيرة . وتجمع كثر من السودانيين في مسكنه في منطقة ميدان الفاسلاف ، في مادبة غداء. وتصادف حضور احد الطلاب من بلغاريا وهو قريب صاجب المنزل . وقام الاستاذ سعودي دراج بالسؤال عن طالب يدرس في بلغاريا . واكتفي الطالب بوصف زميله بكلمتين احداهما ممعنة في العنصرية والثانية مسيئة . ولم تختفي ابتسامة سعودي دراج . والانسان يحسب ان تلك الابتسامة ابدية . لانني لم اره بدونها . وعرفت أن الطالب من بلغاريا كان يتكلم عن وداعة شقيق سعودي دراج . هذه اخلاق الملائكة. .
ان القياديين الذين حظي بهم الحزب الشيوعي كانوا بشرا غير عاديين . لقد عرفوا ان ذالك الطريق يعني الشقاء والاعتقالات والتعذيب وربما الاغتيال والحرمان من تكوين الاسرة والاطفال . ولكنهم ساروا في ذالك الطريق الشائك الوعر عن طيب خاطر . وهم اعرف الناس بانهم سيضحون بالراحة والمرقد الناعم وراحة البال. وسيمرون بظروف ينعدم فيها ثمن الرغيف وكوب الشاي. وتسارعوا خفافا . ان امثال المناضل سعودي دراج هم من يجعلونا ننسي اللؤم الذي واجهناه من بعض الشيوعيين . ولكم قلنا ان عظمة من قابلنا من الشيوعيين امثال سعودي دراج والزعيم التجاني الطيب بابكر والشهيد الشفيع وقاسم امين والاستاذ محجوب عثمان والبروفسر فاروق كدودة والآخرين هي ما تجعلنا دائما نخلع قبعاتنا للشيو عيين السودانيين .
وحتي داخل الحزب كان هنالك من يثير الخلافات ويقود حملات الشواء واغتيال الشخصية، الذي كاد ان يكون تخصصا للشيوعيين . سعودي دراج كان الفارس الذي يوحد الناس ويترفع عن الاسائة . ويسعي جاهدا لتوحيد الصف والترفع عن الصغائر . انها اخلاق الملائكة . لم يحصر نفسه في الحزب الشيوعي . وكان اصدقائه من كل اطياف المجتمع السوداني . لم ينغلق في مربع واحد . لا اظن ان للفارس سعودي دراج عدو واحد . لانه ليس في نفسه سوء او حقد . كان احد انقباء بلادنا
من المؤلم ان سعودي دراج قد ترشح في انتخابات السودان الاخيرة . وترشح ضده الكوز مهدي ابراهيم الذي شتم وهدد الشعب السوداني مثل كل الكيزان واليوم يختفي كفأر . وهدي هو من قال على رؤوس الاشهاد وامام عدسات التلفزيون مهددا مثل على عثمان ...... والله انحنا صبرنا ليكم اكتر من صبرنا على نسوانا .... تصور .
عند فرز الاصوات كان سعودي دراج المتقدم . طالب الكيزان باعادة فرز الاصوات . وفجأة صار مهدي ابراهيم الفائز وظهر ان اغلب الاصوات من ديوم بحري كانت من نصيب مهدي الكوز . والكيزان قد تلاعبوا في اغلب الانتخابات . كانوا يأتون بمادة تزيل الحبر الذي يصبغ اصبع الناخب دلالة على تصويته ، وكانت شاحنات الكيزان تنقل الناخبين الذين صوتوا اكثر من مرة. الكيزان سخروا كل امكانياتهم والنقود التي نهبوها في عهد نميري وبنك فيصل الاسلامي وتنظيم الكيزان االعالمي للفوز على سعودي دراج . ولقد تضامن بعض رجال الاحزاب الطائفية ضد سعودي دراج وهذه شهادة بالوطنية والجودة لسعودي دراج طيب الله ثراه . .
قال لي احد الرفاق ان سعودي دراج كان يؤثر علي رجال الامن الذين يعتقلوه . وكان يجبرهم علي احترامه ، وحتي عندما تغيرت الامور بعد اكتوبر والانتفاضة . كان يتعامل معهم باريحية وكرم ، خاصة من عرفهم وعرف اهلهم في منطقة بحري .
ان الطريق الذي رسمه الفارس سعودي دراج لن يختفي . والقواعد التي ارساها لن تنهد . فهذا الفارس لن يترجل . وسيسير الكثيرون متأثرين بتضحيته ووطنيته الشريفة . .


shawgibadri@hotmail.com

 

آراء