الولاة الجدد وانتفاء ضرورة الفعل الثوري.. حالة والي شرق دارفور

 


 

 

 

انتابني خوف حقيقي على مستقبل التحول في السودان من الحالة الثورية الي عملية الإنتقال العملي للحكم المدني الديمقراطي بمفهومه التنموي الشامل، عندما سمعت كلمات والي شرق دارفور الجديد يتحدث في أول لقاء جماهيري له بالقول :(إن لم يُشيد طريق بالولاية سيكون أول من "يصبها" مع أبناء الولاية)، وكرر كلمة "الصبة" أكثر من مرة بغير دواعي حقيقية... منبع خوفي أن الوالي الجديد يبدو أنه لا يدرك حقيقة المهام الموكلة له ولا طبيعة الخطاب الذي يجب أن يتحدث به. فإذا كان الطريق مطلبا تنمويا جماهيريا لأهل الولاية، كان أحرى به القول أن مشروع الطريق سيكون في مقدمة سلم أولوياته كوالي. وفي ذلك استجابة حقيقية لأحد مطالب ابناء الثورة. أما الصبة فلا ضرورة لها لأنها كفعل ثوري رهين في المقام الاول برفضه القيام بتعبيد الطريق من حيث المبدأ. فالصبة في الاول والاخير هي حالة ثورية احتجاجية على ممانعة الحاكم تنفيذ المطالب الجماهيرية .... لذلك فهي فعل ثوري من هذا المنظور، أما وأنه كوالي أو حاكم قد أمن على ضرورة أن يقوم الطريق، فذلك ينفي اشتراط الفعل الثوري، ويحول لغة الخطاب من اللهجة الثورية الاحتجاجية القائمة على الصبة، الي لغة رجل الدولة الذي يجيد التحدث بمفردات الأولويات وفق رؤيا تنموية متكاملة تشتمل على برامج ومشروعات لتحقيق أهداف بمواقيت يتم تنفيذها وفق موازنات معدة ومرصودة سلفاً للوصول لنتائج قابلة للتقويم والقياس ... إذا لم يعِ الوالي هذه النقطة الأبجدية في إنفاذ مشروعات التنمية، فلن تكون هنالك فائدة من الإتيان به للتحول من الحالة الثورية الي حالة البناء والتنمية. 

د.محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com

 

آراء