أصبح من الصعب الدفاع عن الحكومة الإنتقالية بسبب البطء في تنفيذ مهامها السياسية والإقتصادية والعدلية والأمنية، لكن لابد من التنبيه لمخاطر هذه الهجمة المنظمة التي تهدف لاسترداد سلطة التمكين التي ازاحتها الإرادة الشعبية الغلابة. نبهت منذ بدء ظهور بعض الخلافات وسط قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للثورة الشعبية وإلى ضرورة معالجتها داخلها، لكنها للأسف خرجت للسطح عبر تصريحات بعض رموز الأحزاب وتفاقمت إلى ان وصلت إلى هذه الحالة من الإنقسام. كنا نعلم بوجود هذه الخلافات الحزبية لكننا فقط طالبناهم بتأجيلها لما بعد إنتهاء الفترة الإنتقالية وبعدها فليتنافس المتنافسون على كسب أصوات الناخبين والتداول السلمي الديمقراطي للسلطة. للأسف تصاعدت هذه الخلافات الحزبية وتبعتها حالة التصعيد التي جسدتها مسيرة "جرد الحساب" التي كان من المعلوم إمكانية التسلل وسطها من بعض أعداء ثورة ديسمبر الشعبية لحرفها وتشويها، إلى أن حدث ما حدث وبدأت الاتهامات المتبادلة تطفح على سطح الإعلام بلا جدوى ولا طائل. إستمرت حالة الإحتجاجات في العاصمة وبعض المدن وتسببت في إغلاق و"تتريس" بعض شوارع الخرطوم كما نشرت بعض الصحف، فيما بدأت الحركات المسلحة المتشاكسة فيما بينها في اتخاذ مواقف مربكة بعد التصريحات المبشرة بقرب التوقيع على إتفاق السلام. اثبتت التجارب العملية أن المفاوضات الفوقية والثنائية لم تحقق السلام المنشود ولن تحققه مالم تعد كل الحركات المسلحة إلى داخل السودان والجلوس مع الحكومة الإنتقالية التي جعلت في مقدمة اولوياتها تحقيق السلام العادل الشامل في كل ربوع السودان. هذا أيضاً يتطلب عودة كل مكونات قوى الحرية والتغيير لحضن الحاضنة السياسية لثورة الشعب للعمل مع الحكومة الإنتقالية لاستكمال مهامها لحماية والديمقراطية وتحقيق السلام وبسط العدالة وسيادة حكم القانون ومحاسبة المجرمين والفاسدين وتنفيذ برنامج الإسعاف الإقتصادي ومحاصرة التضخم ورفع المعاناة المعيشية عن كاهل المواطنين. مرة أخرى وأخيرة نقول لكل مكونات قوى الحرية والتغيير : أجلوا خلافاتكم لمابعد إنتهاء الفترة الإنتقالية واعطوا الفرصة للحكومة الإنتقالية كي تعمل معكم لقفل الطريق أما م المحاولات اليائسة للردة السياسية والإنقلاب العسكري الذي يسعى أعداء الثورة للقيام به وسط هذه الفوضى المتعمدة.