منصة حرة
أثارت صورة لسيارات الشرطة "الدفارات" المصممة بشكلها الذي عهدناه أيام القمع والبطش، وهي تنقل طالبات الشهادة السودانية، ردود أفعال متباينة، بين القبول والرفض بحجة أن هذه السيارات التي كانت تستخدم في الاعتقال والترويع.
ونذكر جيداً عندما كانت تخرج مظاهرة طلابية سلمية أو مسيرة احتجاجية للمواطنين رفضاً للظلم، ما هي إلا دقائق معدودات وتجد شوارع الخرطوم تعج بعشرات من هذه السيارات المصفحة و"المفحطة" التي تنقل مئات العساكر، وهم يصرخون بطريقة هستيرية، ملوحين للمواطنين بالتهديد والوعيد، وعندما تسأل أحدهم عن سبب هذا الصراخ، يقول إنها التعليمات.
نعم، ورثنا جهاز شرطة تم تصميمه لحماية النظام البائد، وضمن ما ورثناه هذه "الدفارات" المصفحة، وجنود تدربوا على الصراخ، وقمع المواطنين، واليوم بعد سقوط النظام، لا أجد مشكلة في استخدام هذه العربات في الأعمال المدنية لخدمة المواطنين، لحين اكتمال إصلاح هذا الجهاز، وتغيير العقيدة القديمة للشرطة، وإعادة تصميم هذه العربات لتصبح مقبولة شكلاً ومضموناً.
وحتى نبدأ مشوار الإصلاح، علينا أن لا ننسى أن من يعملون في الشرطة، هم أبناء هذا الشعب، ونعلم أن مرتبات الجنود لا تكفي حتى مصروفاتهم الشخصية، دعك من بقية الالتزامات الأسرية، والأوضاع الاقتصادية لا تخفى على الجميع، وحتى يؤدي الشرطي واجبه بالتمام والكمال، وبكل أمانة، على الدولة توفير حياة كريمة لهم ولأسرهم، وإلا سنجدهم يماطلون في الواجب، ويستسلمون لإغراءات ضعاف النفوس، وبذلك يقعون فريسة سهلة للرشوة والابتزاز.
ولماذا لا نحفز هؤلاء الأبطال، وهم يواجهون عصابات التهريب المسلحة في الولايات، ويتعرضون للخطر، وبالأمس القريب تم تبادل إطلاق نار بين قوات الشرطة وعصابة تنشط في تهريب الوقود في ولاية نهر النيل، واستطاعت السيطرة على عربة تانكر حمولة 10 آلاف جالون بنزين و4 مركبات لوري محملة بعدد 64 برميل سعة 50 جالون للبرميل وعدد 51 برميل فارغ مجهزة أمام التانكر، و1.3 مليار جنيه، وحاولوا تقديم رشوة مقابل إطلاق سراحهم، ولكن تم اتخاذ إجراءات بلاغ منفصل تحت المادة 88 من القانون الجنائي في مواجهتهم.
وقبل أيام، رفض ضابط شرطة برتبة ملازم يتبع للمباحث استلام رشوة بقيمة 10 آلاف دولار مقابل إخلاء سبيل تاجر عملة، واحتج على تصرف التاجر ومن ثم اقتاده إلى القسم ودون ضده بلاغاً بالرشوة وفقاً للمادة 88 من القانون الجنائي.
وأيضاً وجه مدير الإدارة العامة للمرور القوات باستثناء المركبات التي تحمل طلاب الشهادة السودانية من حملات الضبط المروري، وتسخير جميع مركبات المرور لنقل الطلاب الممتحنين.
وتنشط قوات "البرق الخاطف، في ضبط من يخربون الاقتصاد، وتجار المخدرات والمتفلتين، ودك أوكار الجريمة في المناطق الطرفية، وننتظر منهم المزيد من الإنجازات لبسط الأمن وخدمة المواطنين.
هذه أمثلة قليلة لإنجازات الشرطة خلال أيام، وحتى يكتمل الإصلاح، ونشاهد الإنجازات العظيمة، ونتمكن من حماية قوات الشرطة من إغراءات الرشاوي، وردم الفجوة بين هذه القوات والمواطنين، يجب علينا تحفيزهم مادياً ومعنوياً، وتغيير النظرة القديمة التي رسخت في العهد البائد.
ويحق لنا اليوم أن نقدم الشكر، لرجال ونساء الشرطة وهم يؤدون الواجب في كل الميادين، وتحت أقسى الظروف الاقتصادية، ويوفرون الأمن في كل ربوع السودان، وكلنا ثقة وأمل في منحهم ما يستحقون ليمنحونا ما نستحق.. ومعاً من أجل بناء جهاز شرطة في خدمة الشعب.. حباً ووداً..
الجريدة
نورالدين عثمان
manasathuraa@gmail.com