هل تنجح دعاوى ترامب في الغاء فوز بايدن؟!

 


 

 

 

منذ إعلان تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية أي منذ 244 عاماً لم يسبق لأي رئيس أمريكي أن رفض مغادرة البيت الأبيض بعد خسارته الانتخابات، لكن الرئيس الأمريكي ترامب وحده هو الذي فعلها بعد خسارته للانتخابات الأمريكية حسب نتائج هيئات الانتخابات بواقع 306 صوت لبايدن و232 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي لترامب بل أعلن ترامب فوزه على بايدن ثم قام برفع عدة دعاوى طعن بموجبها بالتزوير في نتائج الانتخابات الامريكية في عدة ولايات، كما شرع ترامب في إعداد ميزانية 2021م وتعيين موظفين جدد في البيت الأبيض ليقوموا بالعمل معه في فترة رئاسته الثانية لمدة 4 سنوات قادمة! ثم قام بفصل وزير الدفاع ودفع بعض موظفي وزارة الدفاع للاستقالة مع العلم أن الدستور الأمريكي يلزم الجيش بعدم الانحياز السياسي لأي حزب أمريكي! فهل تنجح دعاوى ترامب في الغاء فوز بايدن؟! من المؤكد أن الملايين من الأمريكيين والمليارات من سكان العالم الذين ترتبط أسواقهم بالدولار الأمريكي وملفاتهم السياسية بالقرار الأمريكي ينتظرون الإجابة الحاسمة على هذا السؤال المثير لأكبر قدر من الجدل الأمريكي والعالمي! 

في اعتقادي أن دعاوى ترامب لن تنجح أبداً في الغاء فوز بايدن وأن ترامب سيجبر في نهاية المطاف على إخلاء البيت الأبيض وتسليم السلطة لبايدن وذلك لعدة أسباب وهي:
أولاً: استحالة الحصول على أدلة قانونية قاطعة تثبت وقوع عمليات تزوير واسعة النطاق في عدد من الولايات التي شارك فيها ملايين الناخبين، صحيح أن القانون الأمريكي يسمح لترامب بالطعن بالتزوير في نتائج الانتخابات لكن المؤكد أن جرائم التزوير صعبة الاثبات إذ يجب إثباتها بنسبة 100% دون أي شك معقول ولذلك فالمرجح قانوناً أن يخسر ترامب كل الدعاوى التي رفعها!
ثانياً: وجوب عدم خرق الدستور الأمريكي فالدستور الأمريكي قد قرر أن يكون ظهر يوم 20 يناير من بداية عام 2021م موعداً نهائياً لتسليم السلطة من قبل الرئيس المهزوم للرئيس الفائز، لذلك فإن إجراءات الدعاوى التي رفعها ترامب لن تنتهي في ذلك التاريخ ولن يستطيع ترامب تجاوزه خصوصاً بعد أن تقوم هيئات الولايات بإصدار الإعلان الرسمي بفوز بايدن والذي يعتبر أكبر فوز في تاريخ الانتخابات الأمريكية!
ثالثاً: من الناحية الاحصائية فإن أي أخطاء في عد الأصوات، من قبيل ثبوت عد 10 الف بطاقة اقتراع عبر البريد لصالح بايدن بعد اغلاق صناديق الاقتراع في بنسلفانيا، لن تحدث أي فرق في النتائج النهائية، فعلى سبيل المثال فإن بايدن يتقدم على ترامب في بنسلفانيا بأكثر من 45 الف صوت وحتى إذا تم الغاء 10 ألف صوت سيكون بايدن متقدماً على ترامب في بنسلفانيا بـ 35 ألف صوت! علماً بأن بايدن متقدم على ترامب حتى الآن بنحو 5 مليون صوت على المستوى الوطني حيث حصل بايدن على 77 مليون صوت مقابل 72.1 مليون صوت لترامب ومع العلم أن صحيفة نيويورك تايمز قد أكدت أنها تلقت ردوداً من 45 ولاية لم تبلغ أياً منها عن أي أخطاء في عمليات التصويت من شأنها أن تؤثر على النتائح النهائية للانتخابات الأمريكية!
رابعاً: وجوب حماية سمعة الديموقراطية الأمريكية على المستوى العالمي، فمجرد رفع دعاوى تزوير ضد نتائج الانتخابات الأمريكية سيلحق أكبر الأضرار بسمعة الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها أكثر دولة داعية لنشر الديموقراطية في دول العالم الأخرى!
خامساً : استحالة إعادة الانتخابات أو إعادة فرز كل الصناديق الانتخابية في كل الولايات الأمريكية لأسباب مالية فتكلفة إجراء الانتخابات الأمريكية لعام 2020م قد بلغت 14 مليار دولار أمريكي وهي أغلى انتخابات في العالم ومن المستحيل إعادة كافة إجراءاتها في ظل العجز المالي الراهن للحكومة الأمريكية الذي يبلغ 3.1 ترليون دولار وهو أكبر عجز مالي في العالم!
سادساً: أهمية تفادي المخاطر الأمنية الكبرى التي قد تترتب على رفض ترامب تسليم السلطة لبايدن في ظهر يوم 20 يناير 2021، فقد يؤدي ذلك لوقوع حرب أهلية في كل الولايات بين الجماعات الجمهورية والديموقراطية المسلحة، ولذلك فمن المرجح أن يقوم جهاز الشرطة القضائية أو الجيش أو جهاز الخدمة السرية بإخراج ترامب من البيت الأبيض في ذلك التاريخ علماً بأنه ومنذ إعلان فوز بايدن، عززت الخدمة السرية اجراءات حماية بايدن باعتباره الرئيس المنتخب!
سابعاً: وجوب تفادي الحرج الدبلوماسي الكبير الذي قد ينشأ من عدم تقدير الاعتراف الدولي والمحلي بفوز بايدن فقد اعترف عدد كبير من رؤساء دول العالم بفوز بايدن ومن بينهم صديقيّ ترامب بوريس جونسون وبنيامين نتنياهو! بل أن أعداداً متزايدة من أعضاء الحزب الجمهوري قد اعترفوا بفوز بايدن الديموقراطي على ترامب الجمهوري وارسلوا له باقات التهاني مع كامل التقدير والاحترام!
بناءً عليه، فإن كل المؤشرات على الأرض تصيح منذ الآن: باي باي ترامب ومرحباً بايدن! ومن المؤكد أن أولى قرارات بايدن ستقوم بالغاء قرارات ترامب ولعل من أهمها إلغاء قرار ترامب القاضي بمنع رعايا عدد من الدول الاسلامية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية ومن ضمنهم رعايا جمهورية السودان الديموقراطية!

فيصل الدابي/المحامي


menfaszo1@gmail.com

 

آراء