وداااااااعاً سيد الصادق، رَبّ الديمُقراطيّة

 


 

 

 

وفاة الإمام الصادق المهدي، تقبّله الله قُبولاً حسُناً وأحْسن عزاء أسْرته الكريمة، ستكون علامة تاريخيّة تحدِّد، ما قبْل وما بعْد، لحزبِ الأمّةِ وطائفةِ الأنصار.

لا شكّ أنّه الامْتِحان العسير الذي لا تُمْنح فيه درجات عُلْيا وصُغْرى وما بينهما، وإنّما أحد علامتين: ناجِح، أو مُقابِلها في القُطْبِ الآخر من قُطْرِ الدائرةِ على مسافةِ 180 درجة، أي راسِب.
وضعْت خليفتك سيدي الصادق المهدي في موقِفٍ صعْبٍ ووضْعٍ عصِيبٍ، بل وضعْت لا قِيادة حِزبك وهيئة شئون الأنصار فحسْب، وإنّما كل قاعِدةِ حِزب الأمّة وجموع انصار المهدي، في ذاتِ الموقِفين والوضْعين الصعب العصِيب.
غاب السيد الصادق المهدي، الرجل الذي اسْتطاع أنْ يجْمع حوله الحِزب والطائفة برغم أنّه كان قد شَقّ الحِزب في بداية النصف الثاني من الستينيّات، وأبدى رغْبة في عدم الاعْتماد بشكلٍ كُلّيٍ على الطائفةِ، وصَكّ شعارات وعبارات خاطب بها القوى الحديثة، ثُمّ عاد وجمع الحِزب والطائفة حوله، وفي شخصه جمع بالانْتِخابِ رئاسة حِزب الأمّة وإمامة الأنصار باستحقاقٍ دفع ثمنه سجوناً ومُصادرةً وتشْريداً ومنافي.
رحم الله الإمام الصادق، كان ديمقراطياً طَبْعاً وتطبُعاً، كان أميناً طاهراً في أدائه للوظيفةِ العامةِ التي صعد لها فقط بالانْتِخابِ. كان نظيف اليد بذل كل ما يملك من طاقةٍ، بل فوق طاقته، في عمله. صبر وصابر على الأذى وتحمّل ما لا يتحمّله بشر.
يكفي السيد الصادق أنّه ودّع الأمّة السودانيّة بكلمةٍ ستأخُذ مكانها المرْموق في التاريخ عنواناً للتسامُح الذي اتّصف به، حيث قال ضِمْن ما قال في خُطْبةِ الوداعِ: "أيّها الأحْباب، أعفوا عني فأنا عافٍ عمَن أساء إليّ، فالله أمَر ـ خُذِ العَفْوَ وأمُرْ بالعُرْفِ واعْرِضْ عن الجاهلينِ ـ"؛ ثُمّ دعا ربه بأفضل دعاء لبلاده قائلاً: "اللهم ارْفع عن بلادنا وأمّتنا وعن العالمين البلاء والغلاء وضِيق العيش وأجْعل الخير في زرْعِها وضِرْعها وبارِك خريفنا هذا ووفِق اللهم أهل السودان إلى تمامِ السلامِ العادلِ الشاملِ والتحوّل الديمُقراطي الكامل".
لله درّك سيدي الأمام الصادق، وأنت تدعو ربّكَ لِما فيه الخير لخلقِ الله أجْمعين، فكُلّهم عِباده؛ ولله درّك يا "حمامة السلام" ويا "رَبّ الديمُقراطيّة" وفي آخر كلماتك وأنت تخْتم حياتك تدْعو ربّك ليوفق أهل السودان في السلامِ والتحوّل الديمُقراطي.
اللهم يا رحْمن يا رحِيم، لا تُحاسِب سيدي الصادق المهدي على أخْطائه، أياً كانت أخْطائه، فقد كان بشراً، والبشر خطاؤون. وزِدْ في حسناته وأعْطِه بقدرِ نواياه العريضة تجاه بلده وشعبه وكل خلْقِك، فقد كان دائماً يبْحث لنواياه عن اعْرض وفاق، بل كان يريد لها وفاقاً وإجْماعاً تاماً، وتلك حالات لَمْ تتحقّق حتّى للأنْبِياء.
بوخارست 26 نوفمبر 2020

isammahgoub@gmail.com

 

آراء