التسوي كريت في القرض!. بقلم: حسن الجزولي
نقاط بعد البث
حسناً تعامل مولانا قاضي محاكمة مدبري إنقلاب الثلاثين من يونيو بشكل رفيع مع الطلب "الانساني" للمتهم عبد الرحيم محمد حسين حول حوجته لحمام مريح يتوفر به مقعد وذلك نسبة لكبر سنه ولصعوبة تعامله مع "حمام بلدي". حيث وجه القاضي بكل سماحة وطيب خاطر "محايد" بتوفير ما يطلب!.
لعل الدنيا "دوارة" كما يقولون لتذيق الذين ظلموا في الأرض ما أذاقوه لبني جلدتهم، وها هي غضبة السماء تنزل لعنتها من رب عادل يبرهن عياناً بياناً للذين مشوا وطغوا وتكبروا وتجبروا على الأرض كيف أنه يمهل ولا يهمل، كما أن "التسوي كريت في القرض تلقاهو في جلدا"!.
لقد اشترك عبد الرحيم محمد حسين مع حفنة من عتاة مجرمي الانقاذ والحركة الاسلامية، في تعذيب المعتقلين الأبرياء داخل أقبية بيوت الأشباح، فاالذين حكوا وفصلوا معاناتهم فيها، أوضحوا كيف أنهم كانوا يحرمونهم من الحقوق الطبيعية والانسانية في معاودة دورات المياة قبل حرمانهم من بقية حقوقهم الأخرى، فيفضل المعتقلون عدم تناول الوجبات على رداءتها وقلتها حتى لا يحسون بالحوجة لدورات مياه بيوت الأشباح، نسبة لردائتها وغياب أي صفة فيها تتعلق بسبل الراحة!.
وبالفعل ينقل بعض المعتقلين معاناتاة بعضهم من كبار السن والمرضى منهم، خاصة أولئك المقعدين الذين يستخدمون كراسي طبية، وإن ما يواجهونه في هذا المنحى يقطع نياط القلب، حيث قسوة المعاناة نفسها حين يضطر الواحد منهم الذهاب لدورة المياه، ولو لا وجود زملاء لهم يشاركوهم المعتقل، فإن الله وحده يعلم كيف كانوا سيتصرفون!.
حكى المعتقل السياسي أمين مكي ناصر وهو يشير إلى معاناتهم بمعتقل شندي قرب السكة حديد بالخرطوم بحري، بأنه وفي زنزانة ضيقة مساحتها 3 في4 كان يتكدس فيها عدد 9 أشخاص، وبها "حمام داخلـي مافيهو باب. الواحد كان بيخجل إنو يخش الحمام عشان ما يؤذي الناس المعاهو، حتى لمن جانـي تسمم بسبب العطرون وموية الحمام البنشربها، وأبو يدوني دواء بقيت ما باكل أكلهم عشان بطني تكون فاضية وما أخش الحمام كتير." ثم يمضي قائلاً :ـ" كان في بروف ثمانيني في زنزانة جنبنا عنده كسر في المخروقة وما بيقدر يقعد في الحمام براهو، كان في شباب كتر خيرهم معاهو في الزنزانة بيدخلوهوا الحمام "اكرمكم الله" وبيمسكوهوا لحـدي ما يقضي حاجته ويشيلوهوا يطلعوهوا برة، إهانة أكتـر من كدة شنو يا عديمين الشرف والرباية"!.
وفي كتابنا بعنوان " بيوت سيئة السمعة" يوثق المعتقل والنقابي الراحل علي الماحي السخي ـ والذي انتقل لجوار ربه جراء التعذيب الذي لحق به هناك ـ لما عانوه في بيوت الأشباح وكيفية تعامل الحراس معهم في دورات المياه، وأن نفوسهم كانت تنقبض عندما يأتون لكي يمضوا بهم إلى دورات المياه، لأنها كانت أشبه بأقذر مكان لا يتصوره بشر!، ولو لا الحوجة لما رضي الواحد منهم الذهاب إليها، وفوق كل ذلك يستغل الحراس فترة ذهاب المعتقل للحمام، وبعد أقل من دقيقة يطرقون له باب الحديد ليرغموه على الخروج دون قضاء حاجته بالكامل ودون الاغتسال جيداً!، وقال عليه الرحمة أنه في مرة طلب بإلحاح السماح له بالذهاب إلى دورة المياه، فجاءه الرد من أحد الحراس موضحاً ببرود أن التعليمات تقضي بالذهاب إلى هناك "مرة واحدة في الأسبوع"!.
بعد كل ذلك فنحن لا ندعو للتعامل بالمثل ولسنا هواة إنتقام وتشفي، "ويجب أن يكون سقف تعامل ثورتنا حضاري الهوى وإنساني الوجهة"، وكلو بالقانون"!.
ــــــــــــــــــ
* لجنة التفكيك تمثلني ومحاربة الكرونا واجب وطني.
hassanelgizuli@yahoo.com