علمانوفوبيا

 


 

عاصم الصعب
30 March, 2021

 

 

هل مات الجياع من عند حظٍ؟ ... كلا، بل سكت العويلُ


 

المشكلة
دعونا نحاول أن نختصر أحداث الثلاث عقود المنصرمة بالنسبة للتاريخ السياسي السوداني المتعلقة بالعلاقات الخارجية والتي انعكست بدورها على جميع الشؤون الداخلية بجميع مستوياتها، ولنبدأ لحظة أن قرر النظام السابق الذي تمتع بمميزات تتمثل في قصور الرؤية وانعدام الأفق وغياب الحكمة والتجرد من الأمانة وغيرها، أن قرر إزاحة الستار عن وجهه والاعتراف بتبجّح أمام العالم بحقيقة عضويته لتنظيم يهدف إلى تكوين خلافة إسلامية معلنا بذلك العداء والحرب على أقوى قوى العالم مجتمعة.


يقول الحكماء أعرف عدوك، وما كان ذلك إلا لغرض أنك إذا عرفته عرفت موضعك منه، فإما وجدت نقطة ضعف عنده فاستغللتها ضده أو أنك عرفت أنه أضعف منك كثيراً فغلبته أو أنك عرفت أنك لا طاقة لك به فتجنبته أو أنك عرفت نواياه تجاهك فمنعتها عنك أو ما إلى ذلك.
هذا القرار مسلوب المنطق، نعلم جميعا ونستشعر ما أوصلنا إليه من حال فقد ظللنا نتميز بين دول العالم بوجودنا في قائمة الشؤم والتي كانت تحوي فقط خمسة دول من بينها السودان، وبدورها أدخلتنا في حصار هو الأسوأ من نوعه، تشاركت به معظم دول العالم واستطاع ذلك الحصار خلال ثلاثةً من العقود أن يهوي بنا إلى قاع بئر لا نهاية له.

لنتفق
حتما لا يمكننا أن نغير التاريخ، ولكننا الآن نمر بطيف من الماضي وتعلمنا من تجربة مريرة كنا قد أُجبرنا على خوضها، وفي يومنا هذا يعتقد البعض أن غالبية الشعب لا تريد العلمانية، كما في خطٍ آخر يُعتقد أن الكثيرين يريدون تطبيق النظام الديمقراطي، ولكن دعونا لا نخوض هذا المخاض ونتفق على أن أهداف الغرب ما وراء العلمانية والديموقراطية أكبر وهاتين ما هما إلى وسيلتين لغايات أخرى أعظم، ولكن لنتفق أيضا أنه من الحكمة أن نوقن أننا لا طاقة لنا بعدائهم ولا رادع لمصيرنا المحتوم في كلتا الحالتين.

ولنتفق على أن هذا الاتفاق المعلن على علمانية الدولة المقبلة غير مبرر باعتبار أن الحركة الشعبية شمال أو غيرهم لا يمثلون رأي الشعب السوداني ولنتفق كذلك بالتوازي، أن هذا ليس بالضرورة الاعتبار الأوحد!

التصرف الحكيم
إذا كان فعلا ما يقوله من أسموا أنفسهم الوطني والشعبي وآخرون صحيحا وأن غالبية الشعب ضد علمانية الدولة فلا داعي لقلقنا جميعا، لأنه وببساطة جل ما نريده جميعا هو فقط الوصول إلا السلام والديموقراطية والازدهار والرخاء وعند وصولنا إلى هناك ما الذي يمكن أن يمنع النظام الديموقراطي الراسخ الجديد من استفتاء الشعب فتلغى بذلك العلمانية مجددا ولا يمكن للغرب حينها أن ينكروا نظامهم وليشرفوا هم على كل مراحل عملية الاستفتاء إذا رغبوا بذلك، وحتى إذا ما قرر الشعب خلاف ذلك فعلينا أن نسلم حينها بواقع إرادة الشعب وأن هذا أسلم مآلاَ من ما قد يؤول بنا عداء الغرب ومواجهتهم إليه، فكل مرئٍ بعد ذلك مسؤول عن رعيته وأهله.

بكل تأكيد نعلم جميها أنه يجوز لنا أن نسن من القوانين ما نشاء من تشريعات بما لا يتعارض مع شرع الخالق وقد يمكننا أيضا الاجتهاد في رؤى معاصرة للتشريعات بما لا يتعارض مع الأصول والثوابت، ولكن لا يجوز لنا أن نستبدل شريعة الله بما يشرَع بني البشر من قوانين تعارض الشارع، ولمّا كان على المسلم أن يكون فطنا متروّيا حكيما ووجب عليه أن يتجنب أن يلقي بنفسه وأمته إلى التهلكة وبما أننا لن نؤاخذ بما لا طاقة لنا به، وبما أن ما نمر به ضرورة قصوى وتبيح الضرورات المحظورات وكان التنازل للعلمانية أيا كان ما تعنيه هو الطريق الوحيد للسلام والمخرج الأحد للخلاص، فلما لا، ولماذا نخاف من العلمانية الآن إذا كنا موقنين أن الشعب سيختار الشريعة مجدداً يوم غد.

a.alsa3ab@gmail.com

 

آراء