البعد المكاني وصلة الرحم ..بقلم: نورالدين مدني

 


 

 

 

كلام الناس


*أرجو أن تسمح لي في البدء كي أحييك على مثابرتك على تناول القضايا الاجتماعية والأسرية والعاطفية كل يوم سبت لأننا في أمس الحاجة لإلقاء الضوء على المسكوت عنه في حياتنا.
*أكتب إليك بعد أن أعيتني كل الحيل في كسب ود ابني الذي منذ أن كبر وبدأ يشعر بنفسه لم يعد يطيق أحد في الأسرة، وأخيراً قرر الابتعاد عن المنزل والسفر إلى الخرطوم ليعيش مع حبوبته بعد أن قرر الهجرة من السودان.
*هكذا بدأت س.م من كسلا رسالتها الإلكترونية وهي تقول : ليس هذا ما يقلقني لأنني أعرف مدى تعلقه بحبوبته منذ صغره، كما أنني مطمئنة عليه .. لكن الذي أقلقني هو مقاطعته لشقيقه وشقيقته ودخوله في مناكفات معهما وصلت إلى حد المقاطعة.
*أنا مطمئنة من ناحيته ومن ناحية إخوته .. لكنني أشعر بالذنب وأتهم نفسي بالتقصير في تربيتهم، رغم أنني فعلت كل ما أستطيع حتى تخرجوا ثلاثتهم في الجامعات بحمدالله وتوفيقه وتزوجت ابنتي التي تعيش حالياً معنا في البيت ومعنا ابني الثاني الذي تخرج حديثاً في الجامعة.
*الذي أقلقني حقاً ليس بعده عنا فهذه سنة الحياة، لكن قطعه الصلة مع أخوته التي لا أعرف سببها ، وبالمناسبة هو من قرائك لذلك كتبت إليك عسى ولعل .. وبالله التوفيق.
* هكذا ختمت س.م من كسلا رسالتها وهي تضع أمامنا مسألة تمرد بعض الأبناء على أسرهم عندما يكبرون ويحاولون بناء مستقبلهم بأنفسهم .. رغم أن هذا أمر طبيعي، حتى الخلافات والحساسيات بين الأشقاء قديمة منذ بدء الخلق الأول - أيام هابيل وقابيل - وحتى زماننا هذا، لكن ذلك لا يبرر قطع الصلات مع الأقربين.
* هذا لايعفي الآباء والأمهات وأولياء الأمور من مسؤولية الجفوة التي تحدث بين الأبناء والبنات نتيجة التفرقة بينهم في المعاملة أو إيلاء أحدهم او إحداهن اهتماماً و حباً أكثر من الآخرين.
* إن المتغيرات والضغوط الاجتماعية والاقتصادية أثرت في بعض المفاهيم والسلوكيات التقليدية التي ترعرعنا عليها، وفي كثير من بقاع العالم يستقل الأبناء والبنات عن اسرهم عندما يبلغون سن الرشد.
*صحيح أن ثقافتنا وقيمنا وأعرافنا تختلف .. لكن هذا الواقع بدأ يزحف على أسرنا ويفرز بعض هذه الحالات التي بدأت تنتشر لأسباب وظروف مختلفة.
*إننا نقدر هذه الظروف .. لكننا نرى أنه مهما كانت الدوافع والأسباب التي تدفع بعض الأبناء للسفر والبعد المكاني والجسماني عن أسرهم لابد من الحرص على صلة الرحم التي أمرنا الله عز وجل أن توصل، وأن تمتد أواصر المحبة والرحمة في أسرنا ومع الأقربين مهما فرقت بيننا المسافات والأزمنة.

 

 

آراء