كلام الناس
إستمعت مؤخراً لتسجيل لجانب من ندوة نظمها المركز العربي للبحوث والدراسات عقدت قبل سنوات بفندق ميرافيزا بالقاهرة حول مستقبل حركات الإسلام السياسي.
تحدث فيها الدكتور حيدر إبراهيم مدير معهد الدراسات السودانية وأوضح الفرق بين المسلم والإسلامي والإسلاموي ليبين أن الإسلامويون هم من أقحموا الدين في دهاليز السياسة وحاولوا حشر الواقع في أيديولوجيتهم السياسية لكنهم فشلوا حتى في تحقيق "مشروعهم الحضاري" دعكم من حكم السودان.
لفت نظري إستشهاده بتوصية الدكتور عمر احمد فضل الله في أحد مؤتمرات الحوار التي عقدت في سنوات الإنقاذ الأولى بالإستعانة بالجن لتحقيق أهدافهم، ليؤكد الخلل الجوهري في فكر الإسلامويين.
كنت حضوراً في هذا المؤتمر وأذكر أن الرئيس المخلوع عمر البشير رد عليه حينها باية من محكم التنزيل "وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا".
لذلك ظللنا قبل حكم الإنقاذ وإبان حكمهم ننتقد سياساتهم خاصة السياسة الإقتصادية التي تبناها أول وزير للمالية والإقتصاد الدكتور عبدالرحيم حمدي - عليه رحمة الله - عبر نهج التحرير الإقتصادي وألبسها عباءة إسلامية، كتبت وقتها في صحيفة "السودان الحديث" مقالاً بعنوان : هل هذه سياسة إسلامية ام رأسمالية ؟ ولم يتطوع أحد بالرد علي.
للأسف مازالت سياسة التحرير الإقتصادي تمارس مع سبق الإصرار حتى بعد الإطاحة بحكم الإسلامويين ومازالت الحكومة الإنتقالية تتخبط وسط مختلف الانواء السياسية والإقتصادية والخدمية والامنية.
لسنا بصدد محاكمة تجربة حكم الإسلامويين الذين قال الشعب كلمته فيهم وأسقط سلطتهم، لكن للأسف مازالت الحكومة الإنتقالية بعيدة عن تطلعات الجماهير في تحقيق السلام الشامل العادل واسترداد الديمقراطية وبسط العدالة وسيادة حكم القانون ومحاكمة المجرمين والفاسدين وتنفيذ برنامج الإسعاف الإقتصادي.
لذلك تزداد الحاجة لتصحيح مسار الحكومة اللإنتقالية ومعالجة الإختلالات الناجمة من الثنائية العسكرية المدنية والممارسات الشائهة التي مازالت تمارس ضد المواطنيين السلميين مثل الذي حدث في التاسع والعشرين من رمضان هذا العام وكانه لم يحدث التغيير المنشود.
إن الوضع يستدعي الإسراع بتنادي كل الأحزاب والفعاليات المهنية والمجتمعية التي شكلت قوى الحرية والتغيير لإسترداد عافية الحاضنة السياسية دون إقصاء لشركاء الحكم الذين دخلوا في العملية السلمية، وتكثيف الجهود لإكمال مهام المرحلة الإنتقالية وسد الطريق أمام أعداء السلام والديمقراطية الذين أسقطتهم الإرادة الشعبية وحسن توظيف الحكم لتحقيق تطلعات المواطنين المشروعة والمستحقة
///////////////