الأمارات حقائق واسرار الصراع في السودان 

 


 

 

قالت دولة الأمارات أنها سحبت مبادرتها التي كانت قد قدمتها في التوسط لأنهاء الخلاف الدائر بين السودان و أثيوبيا علي الحدود و سد النهضة، و كانت قد طلبت أن تستثمر في أراضي الفشقة بمبلغ 8 مليار دولار أمريكي، حسب ما جاء في تصريحات وزير المالية عقب مؤتمر باريس، و كان قبل ذلك أشار مالك عقار أن المبادرة الأمارتية غير مرغوب فيها، ثم أعلن الفريق أول شمس الدين الكباشي في عيد الفطر في حديثه بعد صلاة العيد لكتائب القوات المسلحة السودانية المرابطة على الحدود السودانية مع  أثيبوبيا أن أراضي الفشقة سوف توزع لأصحابها و آهل المنطقة. مما يدل أن هناك بالفعل مبادرة أمارتية، لكن الجميع لم يفصحوا عنها بالصورة الكاملة المطلوبة.

السؤال هل الأمارت بالفعل سحبت مبادرتها؟ و ما هي الجهة التي تساند الأمارات في الحصول علي هذه الأراضي؟ و لماذا رفضت سلطة الفترة الانتقالية في المجلسين السيادي و الوزراء أن تكون شفافة مع الشعب و تعلن عن تفاصيل مبادرة دولة الأمارت بصورتها الكاملة؟ ما هو هدف الأمارات من مد انفها في الشأن السوداني؟ و متى استطاعت أن يكون لها جيش جرار من السياسين يقفون مع مصالح دون مصالح وطنهم؟ و لماذا طلبت أن تلتقي باغلبية القيادات السودانية في أبوظبي دون الخرطوم؟ و لماذا لم تصرح تلك القيادات عن مادار في تلك اللقاءات؟ كلها أسئلة تحتاج إلي إجابات ترفض القوى السياسية الإفصاح عنها.

أن الجواب علي الأسئلة بالضرورة سوف يقودنا مباشرة إلي أسئلة أكثر أهمية في ذلك. تتعلق بقضية معايش الناس و سوء الخدمات في البلاد، و أيضا دعم بعض المكونات السياسية و دعم حركتها و نشاطاتها السياسية، و هي نشاطات كبيرة جدا قياسا لوضع القيادات الاقتصادي. كل ذلك يقودنا إلي أسئلة أكثر أهمية من سابقتها.  أولها هل عملية التجويع الآن هي جزء من السياسة لكي تركع شعب السودان لكي يقبل بشروط لم يفصح عنها حتى الآنظ؟ و لماذا قطعت الأمارت و السعودية المنحة التي كانت قد أعلنت عنها؟ هل لكي تكمل سياسة التجويع؟ و أن مؤشرات سوق دبي للذهب يؤكد أن بيع الذهب السوداني يبلغ عشرات الأطنان، و هو ريع يكفي لتوفير الحاجات الأساسية لمعاش الناس، و توفير الخدمات المطلوبة، و يسهم في خفض العملة الوطنية تجاه العملات الأخرى بصورة كبيرة، و يوفر الدواء، و مدخلات الانتاج جميعها، لكن هذا الريع لم يدخل الخزينة العامة للدولة و لا يستفيد منه المواطن أين يذهب؟ أن هناك كميات كبيرة من الذهب تخرج من مطار الخرطوم في وضح النهار دون أي اعترض عليها، و معلوم أن ريعها لا يعود للبلاد من وراء هذا التصدير هذا أشار إليه نائب رئيس المجلس السيادي تكرارا من الجهة التي تشرف عليه؟ لماذا السلطة التنفيذية خاصة مجلس الوزراء لم يفكر في إقامة بورصة لبيع الذهب السوداني من خلالها و يبيع للجهة التي تدفع أكثر؟ حتى تعطي الفرصة لبنك السودان أن يتحكم في صادر الذهب، أم أن البنك نفسه يوافق علي هذه السياسة، هل لآن هناك جهات ترفض ذلك تماما لأنها مرتبطة بشبكة مصالح مع دبي؟ أيضا أن إنتاج الصمغ العربي حتى الآن لم تسيطر عليه الدولة بشكل مباشر و يتم توزيعه علي كوتات لبعض الرأسمالية من وراء هذا؟ و لمصلحة من يعمل هؤلاء؟ هي أسئلة تحتاج إلي إجابات من السلطة التنفيذية و هي رافضة أن تخوض في ذلك، و الغريب في الأمر أن رئيس الوزراء ممتنع أن يقيم مؤتمرا صحفيا بشكل دوري كل اسبوعين لكي يجب فيه علي الأسئلة العالقة في أذهان الكثيرين، هل يحتاج رئيس الوزراء لأذن لقيام مؤتمر صحفي أم ممنوع أن يخوض في الممنوع؟ و أيضا ما صحة أن رئيس الوزراء مع مجموعة القوى المدنية يخططون لتأسيس حزب جديد يستمر في الفترة الانتقالية التي يريد رئيس الوزراء تمديدها لعشرة سنوات حتى يصبح حزبه قادرا علي خوض الانتخابات؟ أن رئيس الوزراء استغنى من من مجموعة المزرعة لكنه جاء بمجموعة المدنيين التي لها علاقة الآن بالورش الستمر في بعض المراكز و الاتحادات بدعم خارجي. كلها أسئلة تحتاج إلي إجابة من رئيس الوزراء.

أن الجهة التي تتحكم السلطة التنفيذية، هي التي كانت وراء قرار فض الاعتصام بأي طريقة كانت. و هدفها الأول أن الاعتصام يشكل نقطتين أكثر خطورة لها. الأولى أصبح مركزا للوعي الجديد في المجتمع، و نقطة انطلاق و تجمع و يكسب حماس للشباب، و أصبح يزيد وعي الشباب من خلال تفاعلاتهم و إبداعاتهم، هذا الناشط ليس قاصر علي مكان الاعتصام بل هو شعاع من نور ينسرب مباشرة داخل العقول النظيفة. الثاني أن الاعتصام له أثرا كبيرا علي الدول التي لا ترغب في النظام الديمقراطي ربما ينعكس علي مجتمعاتها، و هي التي خططت مع القيادة التي أصدرت قرار فض الاعتصام، و هو قرار سوداني بمعاونة دول خارجية، حيث أصبح القرار الخارجي يتحكم في إدارة الدولة بشكل مباشر، و هي تنفذ سياساتها من خلال عناصر في السلطة التنفيذية بمكوناتها و خاصة في القووى السياسية.

الملاحظ أن العناصر التي تم ترشيحها لشغل حقائب دستورية ليس هي أفضل العناصر في تلك المؤسسات السياسية، بل هي مختارة اختيارا يناسب المهام التي يجب أن تؤديها. إذا نظرنا لحديث حميدتي الأخير يؤكد أن قرار فض الاعتصام تم بمعاونة بعض القوى السياسية في قوى الحرية و التغيير. و هي ذات القوى التي اصرت أن تبقى علي حمدوك و أن يحدث التغيير في الوزراء، و هؤلاء ليس لهم رغبة في عملية التحول الديمقراطي هي تريد أن تستمر دون أن تكون هناك أي انتخابات تجعلها خارج اللعبة السياسية. و حمدوك في الواقع كان قد ظهر أسمه مرتين قبل الثورة. الأولي عندما تم تعينه وزيرا للمالية في أخر تشكيل وزاري للإنقاذ، و رفض التعين، الثاني اجتماعه مع محمد إبراهيم موي و صلاح قوش و صلاح مناع في أديس أبابا، الظهور الثاني يؤكدأن ترشيحه جاء من قبل الرأسمالية السودانية المرتبطة بدولة الأمارات و قد أعلنت ترشيحه القوى المدنية ذات العلاقة بالرأسماليين الجدد. و بالتالي تكون دولة الأمارات باقية و لم تنسحب من الشأن السوداني. بل ستظل لخدمة مصالحها. خاصة أن الأمارات تكسب مئات الملايين من تصدير الذهب السوداني لبورصة دبي. كما أن المحاصيل السوداني تشكل العمد الفقري لأغلبية المصانع الأمارية خاصة مصانع الزيوت و الفاكهة و الخضروات و غيرها، لذلك ليس في مصلحتها أن توفر قطع الغيار للمصانع السودانية حتى تشاركها في شراء المحاصيل و منتجات الفاكهة و الخضر.

أن دولة الأمارات لم تدخل فقط من باب العسكريين المرتبطين بقوات في اليمن و من ثم في ليبيا فقط، بل دخلت من خلال القوى المدنية أيضا، و عندما تم ترشيح مدني عباس مدني لكي يشغل منصب وزير شؤون مجلس الوزراء من قبل قحت غير حمدوك موقعه ليكون وزيرا للتجارة و الصناعة، و التغيير محكوم بمصالح الرأسمالية الجديدة التي لها علاقة قوية مع دولة الأمارات العربية المتحدة. و الأمارات أيضا دخلت كدولة داعمة للسلام في السودان، و هي التي دفعت أغلبية مصروفات الاجتماعات و الترحال و الإقامات و غيرها، و هي التي وعدت أن تسهم في تعمير دارفور، إذا دولة الأمارات لم تنسحب من الشأن السوداني، لآن إستراتيجتها أن تفشل أي عمل يفضي إلي تحول ديمقراطي في البلاد، و أن المنتجات المعدنية النفيسة السودانية جميعها يجب أن تمر عن طريق دبي، لذلك سعت لكي تسيطر علي ميناء السودان. كل هذه تحتاج إلي قوى منفذ داخل السودان لكي تحمى المصالح الأماراتية. نسأل الله حسن البصيرة. و لنا عودة حول الحديث عن العطاءات المتوقع صدورها حول عملية الإصلاح في قطاع الاتصالات.



zainsalih@hotmail.com

 

آراء