ما بين “خلي راجل تاني يرفع راسه” و”تكفيت” الرئيس الفرنسي!!!

 


 

 

نشر الصديق الصدوق محمد عوض في قروب الأسرة الفقرة التالية (ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﻳﻮﻣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻛﺘﺐ ﻓﻴﻬﺎ "أنا لا أعرف كم مضى من الزمن على رحيل الأسد.. ولكن وصلت في نهاية عمري إلى قناعة راسخة لكنها قاسية مؤلمة مفادها أن ديكتاتورية الأسد أفضل من حرية القردة والكلاب.. فهو لم يكن يستعبدنا بل كان يحمينا من قرود تبيع نصف الغابة مقابل الموز وكلاب تبيع نصفها الأخر مقابل العظام"، ثم أضاف الكاتب تعليقا ليصف الفقرة أعلاه بأنها ذات "ﻣﺤﺘﻮﻯ ﻋﻤﻴﻖ".!!!

حاولت قدر محدودية فهمي ان أفسر الرسالة بانها رمزية للتعبير عن الوضع السياسي في السودان الان، وان المقصود بالأسد هو نظام الانقاذ المباد وان القردة والكلاب هم قوى الحرية والتغيير والاحزاب. وان الغابة ترمز للسودان!!!

اول سؤال تبادر الى ذهني من يقصد الكاتب بالحمار!!! واين مكان العسكر في "الحدوتة" !!!"سيجيب الجميع بكل أسف بان المقصود بالحمار هو الشعب!!! أما العسكر فهم حماة الأسد وسدنته وآلته الاستبدادية لقمع الشعب!!!

اذن الكاتب يريد ان يوصل رسالة ضد الحكومة المدنية الحالية وذلك بوضع الشعب في مكان الحمار؛ لماذا لم يختار لتمثيل الشعب حيوان أخر مثل الارنب او الخروف او حتى الهر "الكديسة" او غيرها!!!

لكن قصد الكاتب الذي يريد ان يدافع عن النظام المباد تعمد اختيار حيوان يوصف بالبلادة والقدرة على تحمل الضرب والاذى، لأنه على قناعة في دواخله بان الشعب هو "حمار"!!! وان كل قوى الثورة من قوى الحرية والتغيير والثوار ولجان المقاومة يضحكون على الشعب بشعارات الحرية في حين انه لا يستحق الا ان يحكم بديكتاتورية الأسد!! وهو يرسخ لتلك الوصية ليجعلها قناعة بالليل والنهار عندما يصفه بأنه حمار!!!

يريد هذا "الكويز" كاتب الفقرة أعلاه أن يرضخ الشعب السوداني للحكم الديكتاتوري الاستبدادي لأنه لم يتعلم ماذا تعني الحرية في حياته، او لأنه عاش طول حياته مذلولا مقابل ان يجد ما "يعلفه"!!! قال عبدالرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد " المستبدّ: يودُّ أنْ تكون رعيته كالغنم درّاً وطاعةً، وكالكلاب تذلُّلاً وتملُّقاً،"!!!، وقال كذلك " لا يعدم المستبدّ وسيلة لاستخدامها في تأييد أمره ومجاراة هواه في مقابلة أنّه يضحك عليهم بشيء من التعظيم، ويسدُّ أفواههم بلقيماتٍ من مائدة الاستبداد"!!!

أما في الدول المتقدمة والتي تؤمن بأن الشعب هو الذي يجب التودد إليه وكسب رضاه وقبل ذلك خدمته والاستماع اليه، وهو ما قام به الرئيس الفرنسي ماكرون أمس عند زيارته لمنطقة الدرووم جنوب شرق فرنسا.
، قام شاب يبلغ من العمر 28 عاما يوم امس الموافق 08/06/2021م بمحاولة الاعتداء بالضرب بالكف على وجه الرئيس الفرنسي ماكرون وحملت التعليقات الإخبارية بأنه شاب من أنصار الملكية وأعداء الجمهورية وقيل بل هو من المعجبين بمواقع التطرف والعنصرية في الانترنت.

. رغم إدانتنا الكاملة للعنف من أي جهة جاء، ولكن توجه الرئيس الفرنسي نفسه نحو الجمهور لمصافحتهم يوضح مدى قناعة المسؤولين ولو على قمة الدولة بضرورة التنازل والذهاب نحو المحكوم لمصافحته وكسب وده، خاصة وأنه يعلم بأن اللقاء مع الجماهير هو جزء من التحضير للانتخابات وكسب الأصوات، فإن لم يكسب أصوات الشعب في الانتخابات فلن يبقى على كرسي الحكم!!! أما الحكم المستبد الظالم فيبقى في برج عاجي بعيداً عن الشعب ويريد منهم طاعته ويسوسهم بالجزرة والعصا وهو خائف منهم "كلما زاد المستبدُّ ظلماً واعتسافاً زاد خوفه من رعيّته وحتّى من حاشيته، وحتى من هواجسه وخيالاته"!!!

كل الناس نظرت للمعتدي ولكن الذي أهمني هو ان هذه الجماهير لم تدفع لها اموال وساندوتشات وغيره لاستقبال الرئيس او الهتاف بحياته.من ناحية اخري كذلك اهمني حركة الرئيس وجريه نحو الجماهير ومد يده لمصافحتهم. وليس جري الجماهير خلف سيارة الرئيس والهتاف له بطول العمر "سير سير يا بشير"!!! وصولا الى "ما همانا حميدتي معانا" ..!!!

هل يمكن ان نتصور البشير الذي يقول "الدايرنا اليلاقينا في الشارع"!! او د. نافع الذي قال "الحسوا كوعكم" !!! او الفاتح عزالدين القائل في 12 يناير 2019م " ..أدونا بس أسبوع خلي راجل تاني يرفع راسو، ...أي مظاهرة بدون إذن سنحسمها "!!! هل ممكن ان نتصور احد من هؤلاء وطغمتهم الكيزانية محل ماكرون لتلقي الصفعة وماهي ردة فعله!!! وللعلم فإن الرئيس ماكرون بعد تلقي تلك الصفعة واصل زيارته!!!

بل انه قبل الصفعة كان (قد دعى "الجميع الى الإحترام والهدوء" حتى لا تضعف الديمقراطية بعد الجدل الذي أثارته كلمات) المرشح الرئاسي والنائب البرلماني جان لوك ميلنشون والذي كان قد اطلق اتهام بأنه كالعادة قبل الانتخابات الرئاسية ستحدث هجمات ارهابية مدبرة لتخويف الناس من الإسلام وكذلك للتأثير على الإنتخابات لصالح جهات بعينها. وبعد تلك التصريحات حاول بعض المتطرفين اليمينيين إرسال فديو في النت مفاده سيتم قتل ملينشون وكل من ينتخبه قبل الإنتخابات!!!

لن يذهب بهذا المعتدي رغم جرمه الفاضح الى ما وراء الشمس او بيوت الأشباح او يصيبه ماأصاب الشهداء د.علي فضل والاستاذ أحمد الخير ؛ بل إن اقصى ما سيحدث له هو :
(إن عقوبة العنف ضد شخص يمارس سلطة عامة في فرنسا هي السجن 3 سنوات وغرامة 45 ألف يورو.)

إذن الفرق شاسع وكبير بين من يصفون الشعب بأنه "حمار" لانه يبحث عن الحرية و أنه يجب ان يحكم بالديكتاتورية والاستبداد وبين من يتلقى الصفعة من فرد من الشعب ويستمر في خدمة الشعب إحتراما له.

أنشد الشاعر أحمد مطر قصيدته أخبرنا أستاذي يوما عن شيء يدعى الحرية.

"وذهبت إلى شيخ الإفتاء لأسأله ما الحرية
فتنحنح يصلح جبته وأدار أداة مخفية
وتأمل في نظارته ورمى بلحاظ نارية
واعتدل الشيخ بجلسته وهذا باللغة الغجرية

اسمع يا ولدي معناها وافهم أشكال الحرية
ما يمنح مولانا يوما بقرارات جمهورية
أو تأتي مكرمة عليا في خطب العرش الملكية
والسير بضوء فتاوانا ولأحكام القانونية
ليست حقا ليست ملكا فأصول الأمر عبودية
**
من خالف مولانا سفها فنهايته مأساوية
لو يأخذ مالك أجمعه أو يسبي كل الذرية
أو يجلد ظهرك تسلية وهوايات ترفيهية
أو يصلبنا ويقدمنا قربانا للماسونية
فله ما أبقى أو أعطى لا يسأل عن أي قضية
ذات السلطان مقدسة فيها نفحات علوية
***
فليحفظ ربي مولانا ويديم ظلال الحرية".

 

wadrawda@hotmail.fr

//////////////////////

 

آراء