“ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة”

 


 

 

كلام الناس
تعرضت البشرية لكوارث وويلات طبيعية ومجتمعية مثل السيول والزلازل والبراكين والحرائق والحروب والأوبئة الفتاكة، التي إعتبرها بعض علماء السكان أمثال مالثوس ضرورية لإحداث التوازن المطلوب لمعالجة الإنفجار السكاني المزداد.
إستطاع البشر مقاومة الكثير من الأوبئة الفتاكة والإنتصار عليها عدا جائحة كوفيد 19 التي مازالت تحير العالم وتربك حساباته رغم الجهود العلمية التي اثمرت لقاحات مضادة لها مازالت محل جدل وأخذ ورد.
كنت ومازلت من الذين يتجنبون متابعة ما ينشر ويبث حول هذه الجائحة حتى تلك التي ينشرها ويبثها من يدعون انهم من أهل الإختصاص، خاصة بعد إزدياد التخريجات والتسريبات التي تشكك في سلامة اللقاحات واثارها الجانبية، وبالغ البعض واعتبرها مؤامرة عالمية على الجنس البشري.
مع ذلك وجدت نفسي وجهاً لوجه مع تجارب خضتها مجبراً منذ ان قررت السفر إلى السودان لزيارة العائلة والأهل فخضعت أكثر من مرة لإجراءات الفحص اللازمة على المسافرين، قبل السفر من السودان وبعد الوصول إليه وقبل مغادرته وعند الوصول إلى دولة الامارات العربية لزيارة إبني محمد وأسرته.
حتى داخل دولة الامارات خضعت لإجراءات الفحص للدخول إلى أمارة أبوظبي - وبها - وعند مغادرتي لها إلى أن عدت بحمد الله وفضله إلى أستراليا لكنني نقلت من مطار سدني إلى فندق شيراتون للحجر الصحي لفترة 14 يوماً.
شهدت أيضاً تجارب غير مسبوقة مثل إقامة صلاة الجمعة أكثر من مرة في الجمعة الواحدة مراعاة للعدد المسموح به في دور العبادة، وفي دولة الأمارات لاحظت ان توجيهات الإمام عقب إقامة الصلاة تغيرت من "ساووا الصفوف وسدوا الفرج" إلى "رجاء مراعاة لبس الكمامة أثناء الصلاة ومراعاة مسافات التباعد الجسماني".
بحمد لله وتوفيقه خرجت من كل هذه التجارب والفحوصات بنتائج سالبة - أي خالية من الفايروس - وبدأت حضور بعض الأنشطة المجتمعية لكن للأسف ظهرت حالات كوفيد 19 في ولاية نيوثاوس ويلز وعادت من جديدالتعليمات المشددة بالإلتزام بالإجراءات الصحية اللازمة للوقاية منها.
كنت قد ذكرت في إستطلاع حول مستقبل التعايش مع جائحة كوفيد 19 - تم نشره في العدد السنوي الماضي لصحيفة "بانوراما" التي تصدر في سدني - أنه ليس في مقدور أحد التنبؤ بمستقبل التعامل مع الجائحة لكن التجارب العملية أثبتت إمكانية ذلك متى تم التقيد باتبـاع الإجراءات الصحة اللازمة للوقاية.
إخذت بعد ذلك الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لجائحة كوفيد 19 على يدالدكتور عصام عبدالمجيد بعيادة راوزن بأوبرن الذي أعطاني الجرعة بعد ان قال : بسم الله الرحمن الرحيم الذي لايضر مع إسمه شئ في الأرض ولا في السماء، لكنه حذرني من إحتمال ظهور بعض الأعراض خلال أربع أسابيع تتطلب الإسراع بالذهاب للمستشفى، كما طلب مني ومن كل الذين أخذوا الجرعة الأولى البقاء في العيادة لمدة ربع ساعة للإطمئنان على عدم ظهور أي أعراض تستدعي التدخل السريع، وبحمد الله لم يحدث لي ولا لغيري ما بستدعي ذلك.
إننا نؤمن بأن الأعمار بيد الله وأن "المرض مابقتله زول" كما يقول أهلنا في السودان، لكننا نؤمن أيضاً بأن على الإنسان أن "يعقلها ويتوكل" وأن لايلقي بنفسه إلى التهلكة، أي في زمن إنتشار الأوبئة الفتاكة لابد من إتباع الإجراءات الوقائية اللازمة، رغم إيماننا بأن أقدارنا كلها في يد الرحمن الرحيم الذي نسأله أن يلطف بكم وبنا وبكل عباده وأن يرفع هذه الجائحة عن العالم أجمع

 

آراء