النخبة المثقفة والوعي الزائف
زين العابدين صالح عبد الرحمن
3 July, 2021
3 July, 2021
هناك فرق كبير أن تصبح نجما وسط الجماهير و تنشر وسطهم قناعة يعتقدون أنها هي الصواب، أو أن تصبح مثقف تستطيع أن تطرح مبادرات تساعد علي عملية البناء و الاستقرار الاجتماعي، و السلام في البلاد. كانت الكتابات التحريضة في ظل نظام الإنقاذ تجعل الشخص بطلا مناضلا ضد للديكتاتورية، و يتعرض للمطاردة و التوقيف و المصادرة و المنع و الاعتقال و كل ممارسات انتهاكات الحقوق. و لكن بعد الثورة و الوعي الذي انتشر وسط الأجيال الجديدة التي قادت الثورة و دفعت ضريبتها، أصبح هناك دور أخر للمثقف و كتاب الرآي هي التباري علي تقديم المبادرات التي تخرج البلاد من أزماتها، و هي مهمة ليست بالسهلة لأنها تواجه تحديات كبيرة، و قناعات راسخة في المؤسسات الحزبية و حتى في الشارع و ربما تكون قناعات سالبة لا تساعد في عملية البناء الوطني، و مهمة المثقف المدرك لدوره أن يفند هذه القناعات و يبصر الجماهير بها، و يدخل معها في حوار لاختيار أفضل الطرق و الوسائل التي تؤدي إلي تحقيق شعارات الثورة.
في مرحلة البناء ليس فقط مهمة المثقف نقد الممارسات السالبة في المجتمع و خاصة في الساحة السياسية. و أيضا أن تكون له القدرة علي فحص الأدوات القديمة التي تستخدم في عملية البناء و التحول الديمقراطي، إذا كانت صالح أم بها العديد من الأعطاب، و هي بالضرورة تحتاج إلي تغيير و تحديث، أي تحتاج لجلب أدوات جديدة تتماشى مع المرحلة الجديدة. لكن الملاحظ من خلال العديد من كتابات كتاب الرآي تجدهم ما يزالون يعيشون في فترة ما قبل الثورة من خلال كتاباتهم التحريضية التي لم تتغير وفقا للتغيير الذي حدث في المجتمع، هي كتابات مواجهة بهدف إرضاء الشارع، الأمر الذي لا يساعد علي فتح النوافذ لكي تمرر تيارات الهواء النقي الذي يساعد علي تعدد منابر الحوار الفكري و السياسي، لكي ينشر وعيا جديدا يساعد علي التغيير. في هذه الفترة من مراحل التحول تحتاج لحوار مجتمعي عميق هذا الحوار يجب أن تقوده فئات المثقفين و آهل الرأي بسبب ضعف المؤسسات الحزبية و قلة نشاطها الجماهيري الثقافي. لكن هذه الفئات حتى الآن لم تستطيع أن تخرج من شرنقة النظام السابق، و هناك الذين لا يريدون الدخول في مواجهة مع اصحاب العقول الصماء التي لا يخترقها الضوء.
القضية الأخرى: و يجب أن ننظر إليها بعقل مفتوح بعيدا عن أدوات التخوين، و هي أدوات يستخدمها العاجزون الذين ليس لديهم حجة ،و لا منطق للقضايا التي يثيرونها. للأسف هناك حالة من التماهي في تفكير آهل الرأي و المثقفين مع العامة، الاعتقاد أن سقوط الإنقاذ يعني نهاية المؤتمر الوطني و لا اقول الإسلاميين. أن حل الحزب بقرار و منعه من النشاط لا يعني نهايته. أن الإنقاذ عندما أنجزت انقلابها حلت الأحزاب بقرار سياسي و منعتها عن ممارسة نشاطها و دخلت كلها تحت الأرض، لكن هل بالفعل قد حلت الأحزاب و توقف نشاطها، طبعا لا؛ و الدلالة علي ذلك ذهبت الإنقاذ و ظلت الأحزاب باقية. أن المؤتمر الوطني لا يمثل الإسلاميين لوحدهم، بل جيش كبيرا كان كل هؤلاء مستفيدين من هذا النظام و سقوطه يعني نهاية لمصالحهم. و هي معركة سياسية سوف تستمر، و الأفضل أن تكون بادوات سياسية بعيدا عن العنف، لذلك هي مهمة آهل الرأي أن يجعلها في آطارها السلمي الذي لا يعيق عملية البناء. القضية الأخرى أيضا أخطأت فيها سلطة الفترة الانتقالية لكي تكسب الشارع فقط دون أن تؤسس للعملية الديمقراطية هي محاربة الفساد. لآن محاربة الفساد يجب أن تكون من خلال مؤسسة عدلية نيابة معامة و قضاء و محكمة استئناف و محكمة دستورية، و الهدف من ذلك إرساء ثقافة عدلية ديمقراطية في المجتمع، و قضاء مستقل يواجه كل الانحرافات التي تتم و تتجاوز القانون. و أيضا أن تحاكم كل الذين افسدوا و استغلوا وظائفهم، و محاكمة الذين ارتكبوا انتهاكات للحقوق، و منعهم بالقضاء عن ممارسة أي عمل سياسي في المستقبل، و لكن أن تكون لجنة تمارس عمل سياسي بسلطات قضائية هو انحراف عن قيم الديمقراطية و العدالة، هي ممارسة الهدف منها كما ذكرت أن لا تطال المحاسبة العديد من الاشخاص، و تختصر فقط في نزع أرضي و أموال، و الذين يجردوا من هذه الأشياء ليس هناك سلطة تمنعهم عن مزاولة العمل السياسي مرة أخرى. المنهج السائد الآن لا يقود لعملية التحول الديمقراطي، بل يساعد علي استمرار الشمولية تحت ظل شعارات ديمقراطية ليس لها علاقة بمجريات الواقع، و تظل الثقافة الشمولية هي السائد و هناك قوى سياسية حريصة عليها لأنها ليس لها مصحلة في عملية التحول الديمقراطي. كما أن عمل أي لجنة دون أن يكون عليها رقابة و جهة تحاسبها و لها سلطات واسعة هي علاضة للفساد في المستقبل.
أيضا آهل الرأي و المثقفين أغفلوا ما هو المقصود بالدولة العميقة، هل الدولة العميقة هي مجموعة الإسلاميين الذين كانوا في الحكم، أم هي ثقافة شمولية سائدة خلفها النظام السابق، و يمارسها الإسلامي و غير الإسلامي في جميع المؤسسات. اعتقد هي ثقافة شمولية سائدة في المجتمع و تمارس حتى من بعض الذين في السلطة الآن مدنيين و عسكريين، و لا يمكن التخلص منها إلا إذا استطاع المجتمع أن ينتج ثقافة ديمقراطية تنداح علي الثقافة السابقة. و هي المعضلة التي تواجه ليس المثقفين و آهل الرأي وحدهم، بل تواجه الأحزاب السياسية جميعها دون استثناء. أن ضعف المؤسسات الحزبية و ضيق مساحات الحرية و المواعين الديمقراطية يساعد فقط علي ترسيخ الثقافة الشمولية، و بالتالي يحدث التناقض في المجتمع، و هنا يأتي دور آهل الراي و المثقفين لكشف هذا التناقض الحاصل، لكن المثقفين يميلون لعدم المواجهة لذلك يختارون تبرئة الزمة و يطلقون عليه "الدولة العميقة- الفول – كيزان و غيرها من المسميات" لآن الدخول في تحليل الواقع من خلال دراسة الظاهرة يبين أن قصور أدوات الديمقراطية هي السبب.
و معروف أهم أدوات الديمقراطية هي الأحزاب التي عجزت أن تخرج للهواء الطلق من خلال الندوات الجماهيرية المفتوحة التي لم يمارسها أغلبية الأجيال الجديدة الحالية من 45 سنة حتى أدني سنة. البلد في حاجة أن تنقل الجماهير من سياسة أصدار البيانات التي تهدف الي نقل معلوم أو رأي، إلي اللقاءات المفتوحة و الحوار المباشر مع قيادات الأحزاب. لكي ترسي قواعد الديمقراطية، أن ممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب و في مؤسسات الدولة، و في منظمات المجتمع المدني و في الإعلام و الصحافة و أكتمال أدوات العدالة هي التي تحارب الثقافة الشمولية. أن إقالة الناس من الوظائف و قطع أرزاقهم ليست حرب علي الدولة العميقة بل تزيد دائرة الناغمين علي الديمقراطية. أنما الحوجة لمحاربة الثقافة الشمولية و ترسيخ قيم ثقافة جديدة في المجتمع هو الذي يجعل الكل يشعر بالانتماء الحقيقي للدولة الديمقراطية. أعتقد أن آهل الرأي و المثقفين في حاجة لوقفة مع الذات و قراءة الواقع قراءة بعيدا عن العواطف السالبة و الإيجابية بهدف تقديم مبادرات تخرج البلاد من عنق الزجاجة. و نسأل الله حسن الخاتمة.
zainsalih@hotmail.com
في مرحلة البناء ليس فقط مهمة المثقف نقد الممارسات السالبة في المجتمع و خاصة في الساحة السياسية. و أيضا أن تكون له القدرة علي فحص الأدوات القديمة التي تستخدم في عملية البناء و التحول الديمقراطي، إذا كانت صالح أم بها العديد من الأعطاب، و هي بالضرورة تحتاج إلي تغيير و تحديث، أي تحتاج لجلب أدوات جديدة تتماشى مع المرحلة الجديدة. لكن الملاحظ من خلال العديد من كتابات كتاب الرآي تجدهم ما يزالون يعيشون في فترة ما قبل الثورة من خلال كتاباتهم التحريضية التي لم تتغير وفقا للتغيير الذي حدث في المجتمع، هي كتابات مواجهة بهدف إرضاء الشارع، الأمر الذي لا يساعد علي فتح النوافذ لكي تمرر تيارات الهواء النقي الذي يساعد علي تعدد منابر الحوار الفكري و السياسي، لكي ينشر وعيا جديدا يساعد علي التغيير. في هذه الفترة من مراحل التحول تحتاج لحوار مجتمعي عميق هذا الحوار يجب أن تقوده فئات المثقفين و آهل الرأي بسبب ضعف المؤسسات الحزبية و قلة نشاطها الجماهيري الثقافي. لكن هذه الفئات حتى الآن لم تستطيع أن تخرج من شرنقة النظام السابق، و هناك الذين لا يريدون الدخول في مواجهة مع اصحاب العقول الصماء التي لا يخترقها الضوء.
القضية الأخرى: و يجب أن ننظر إليها بعقل مفتوح بعيدا عن أدوات التخوين، و هي أدوات يستخدمها العاجزون الذين ليس لديهم حجة ،و لا منطق للقضايا التي يثيرونها. للأسف هناك حالة من التماهي في تفكير آهل الرأي و المثقفين مع العامة، الاعتقاد أن سقوط الإنقاذ يعني نهاية المؤتمر الوطني و لا اقول الإسلاميين. أن حل الحزب بقرار و منعه من النشاط لا يعني نهايته. أن الإنقاذ عندما أنجزت انقلابها حلت الأحزاب بقرار سياسي و منعتها عن ممارسة نشاطها و دخلت كلها تحت الأرض، لكن هل بالفعل قد حلت الأحزاب و توقف نشاطها، طبعا لا؛ و الدلالة علي ذلك ذهبت الإنقاذ و ظلت الأحزاب باقية. أن المؤتمر الوطني لا يمثل الإسلاميين لوحدهم، بل جيش كبيرا كان كل هؤلاء مستفيدين من هذا النظام و سقوطه يعني نهاية لمصالحهم. و هي معركة سياسية سوف تستمر، و الأفضل أن تكون بادوات سياسية بعيدا عن العنف، لذلك هي مهمة آهل الرأي أن يجعلها في آطارها السلمي الذي لا يعيق عملية البناء. القضية الأخرى أيضا أخطأت فيها سلطة الفترة الانتقالية لكي تكسب الشارع فقط دون أن تؤسس للعملية الديمقراطية هي محاربة الفساد. لآن محاربة الفساد يجب أن تكون من خلال مؤسسة عدلية نيابة معامة و قضاء و محكمة استئناف و محكمة دستورية، و الهدف من ذلك إرساء ثقافة عدلية ديمقراطية في المجتمع، و قضاء مستقل يواجه كل الانحرافات التي تتم و تتجاوز القانون. و أيضا أن تحاكم كل الذين افسدوا و استغلوا وظائفهم، و محاكمة الذين ارتكبوا انتهاكات للحقوق، و منعهم بالقضاء عن ممارسة أي عمل سياسي في المستقبل، و لكن أن تكون لجنة تمارس عمل سياسي بسلطات قضائية هو انحراف عن قيم الديمقراطية و العدالة، هي ممارسة الهدف منها كما ذكرت أن لا تطال المحاسبة العديد من الاشخاص، و تختصر فقط في نزع أرضي و أموال، و الذين يجردوا من هذه الأشياء ليس هناك سلطة تمنعهم عن مزاولة العمل السياسي مرة أخرى. المنهج السائد الآن لا يقود لعملية التحول الديمقراطي، بل يساعد علي استمرار الشمولية تحت ظل شعارات ديمقراطية ليس لها علاقة بمجريات الواقع، و تظل الثقافة الشمولية هي السائد و هناك قوى سياسية حريصة عليها لأنها ليس لها مصحلة في عملية التحول الديمقراطي. كما أن عمل أي لجنة دون أن يكون عليها رقابة و جهة تحاسبها و لها سلطات واسعة هي علاضة للفساد في المستقبل.
أيضا آهل الرأي و المثقفين أغفلوا ما هو المقصود بالدولة العميقة، هل الدولة العميقة هي مجموعة الإسلاميين الذين كانوا في الحكم، أم هي ثقافة شمولية سائدة خلفها النظام السابق، و يمارسها الإسلامي و غير الإسلامي في جميع المؤسسات. اعتقد هي ثقافة شمولية سائدة في المجتمع و تمارس حتى من بعض الذين في السلطة الآن مدنيين و عسكريين، و لا يمكن التخلص منها إلا إذا استطاع المجتمع أن ينتج ثقافة ديمقراطية تنداح علي الثقافة السابقة. و هي المعضلة التي تواجه ليس المثقفين و آهل الرأي وحدهم، بل تواجه الأحزاب السياسية جميعها دون استثناء. أن ضعف المؤسسات الحزبية و ضيق مساحات الحرية و المواعين الديمقراطية يساعد فقط علي ترسيخ الثقافة الشمولية، و بالتالي يحدث التناقض في المجتمع، و هنا يأتي دور آهل الراي و المثقفين لكشف هذا التناقض الحاصل، لكن المثقفين يميلون لعدم المواجهة لذلك يختارون تبرئة الزمة و يطلقون عليه "الدولة العميقة- الفول – كيزان و غيرها من المسميات" لآن الدخول في تحليل الواقع من خلال دراسة الظاهرة يبين أن قصور أدوات الديمقراطية هي السبب.
و معروف أهم أدوات الديمقراطية هي الأحزاب التي عجزت أن تخرج للهواء الطلق من خلال الندوات الجماهيرية المفتوحة التي لم يمارسها أغلبية الأجيال الجديدة الحالية من 45 سنة حتى أدني سنة. البلد في حاجة أن تنقل الجماهير من سياسة أصدار البيانات التي تهدف الي نقل معلوم أو رأي، إلي اللقاءات المفتوحة و الحوار المباشر مع قيادات الأحزاب. لكي ترسي قواعد الديمقراطية، أن ممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب و في مؤسسات الدولة، و في منظمات المجتمع المدني و في الإعلام و الصحافة و أكتمال أدوات العدالة هي التي تحارب الثقافة الشمولية. أن إقالة الناس من الوظائف و قطع أرزاقهم ليست حرب علي الدولة العميقة بل تزيد دائرة الناغمين علي الديمقراطية. أنما الحوجة لمحاربة الثقافة الشمولية و ترسيخ قيم ثقافة جديدة في المجتمع هو الذي يجعل الكل يشعر بالانتماء الحقيقي للدولة الديمقراطية. أعتقد أن آهل الرأي و المثقفين في حاجة لوقفة مع الذات و قراءة الواقع قراءة بعيدا عن العواطف السالبة و الإيجابية بهدف تقديم مبادرات تخرج البلاد من عنق الزجاجة. و نسأل الله حسن الخاتمة.
zainsalih@hotmail.com