عبد الكريم الكابلي: يا زين مطربي السودان ،، سلاماً!!

 


 

حسن الجزولي
30 August, 2021

 

هو موسيقار يعد أحد حداة المغنيين في هذا الوطن الجميل، وعازف بوقهم التليع والشجي، ومطربهم البديع الذي أبدع أشعاراً وألحاناً وغناءاً عذباً طروباً، طرق به أسماع أجيال عديدة من نساءً ورجالً السودان، من مختلف الأعمار والسحنات والأمزجة، وقد شكل جمعهم مستمعين له على مر الحقب المتعاقبة منذ أن برزت للوجود السوداني ظاهرة مطرب بديع إختصاره "كابلي"!.
في هذه اللحظات والدقائق والثواني المشحونة بمختلف التوقعات، ومطربنا الحبيب يمر بظروف صحية مزعجة نحواً، ها نحن نرفع لأجله أكفنا المحملة بثقل الضراعات لكي يحفظه الله لنا ويقويه ويزيل عنه السقم، فيدرجة لمراقي الصحة والعافية، نقول قولنا هذا ونكتب ونحن مشبعين تماماً بمصابنا الجلل، المتمثل في رحيل عدد من مبدعي الأمة السودانية مؤخراً، والذين تعمق حزننا الجم في دواخل قلوبنا العامرة بمحبتهم وإعزازهم، لهم الرحمة والمغفرة. فلأستاذنا العزيز وحبيبنا كابلي، أحد كوابل وكلاء التعبير العاطفي الذين اصطفاهم مستمعي فنهم للتعبير والتحدث عن شجونهم العاطفية، تجاه الحب والوله إلى جانب محبة الأوطان!. يسعدنا جداً ـ بهذه المناسبة ـ التعبير عن كل هذه المحبة لكابلي بنشر فصل ضمن كتابنا الصادر مؤخراً وعنوانه " ملهمات" وهو الفصل الذي كنا قد خصصناه له وهو يتحدث عن "ملهمة" له في أحد أعذب أغانيه وألحانه، وهانحن بذلك نصلي لأجل أن يحفظه لنا أستاذنا الجميل، ويزيل عنه معاناته الصحية التي يمر بها حالياً ،، إنه سميع مجيب، فإلى وقائع مقالنا).
زينة وعاجباني
فاطنة حلبية
هكذا دلفت لعالم " زينة ".
فعندما طرقت باب أسرتها بحي الموردة أم درمان لأول مرة، كان هناك شعور قوي لامس حواف يقين قد إعتراني في تلك اللحظة، بأن تداعيات هذا "الطرق" على باب منزلها الذي عاشت فيه، ستفضي بي إلى تحقيق نجاحات سريعة عكس ما نقله لي المشفقون، الذين "حذروني" من مواصلة هذا البحث الذي "سيوردني حتفي"، كما أشرت في مقدمة هذا العمل.
وكنت قد حسمت أمري مقرراً مواصلة عملي المتعلق بالصحافة " الاستقصائية" والتي تمنح إحساساً بالرضا عن النفس مع "توتر لطيف" مفاده أن المستقصي وبمجرد نجاحه في الوصول للمعلومة التي أضناه البحث والتقصي والبحث والسؤال عنها و "دس أنفه" في ما يعنيه ولا يعنيه جرياً خلف تحقيق مثل هذا النجاح، سيفضي به مثل هكذا نجاح في الوصول للمعلومة الصحيحة ليكفي وحده بأن يمنح المرء إحساساً " بالخدر اللذيذ" تجاه المهنة والتخصص. و"زينة وعاجباني" أعطتنا هذا الذي نحكي!.
ثم أن ما شجعني لكي أدلف لعالم "حلبية" هي علاقتي ببعض الأطراف في أسرتها، حيث ارتبطت بمعرفة إبنها الأصغر الراحل "قاسم عثمان" لاعب الهلال الدولي المعروف عليه الرحمة، ومن جانب آخر معرفتي بكابتن "فوزي المرضي" المتزوج من السيدة "زينات" كريمتها الصغرى، إضافة لشقيقه الأصغر مجدي الذي زاملنا بالمرحلة المتوسطة والعامة في مدرسة بيت الأمانة وقتها، كل ذلك شجعني للمضي قدماً بحثاً عن سيرتها الطيبة، وحركت مفاتيح البحث عن أحد أشهر ملهمات الأغنية السودانية العاطفية الحديثة، وما ساهم أكثر في هذا الأمر هو ما ظل يتناقل عنها وعلي نطاق واسع، بأنها المعنية "الحقيقية" في أغنية الأستاذ عبد الكريم الكابلي، كمطرب وشاعر بديع لدى قطاع واسع من مستمعيه، حيث ترك بصمات تبرز أكثر وضوحاً كل ما مر عليها من زمن لدى أوساط كافة أجيال المستمعين جيلاً بعد جيل، له مديد العمر والصحة والعافية.
ثم إن أكثر ما أكد لي "صحة" المعلومة المتعلقة بـ " زينة وعاجباني" من بين جيع أهل حي الموردة العريق الذين أكدوا المعلومة بوقائع متعددة، هي أسرة جدنا الأمين برهان مطرب حقيبة الفن المعروف، والتي أنتمي لها بصلة القربى العميقة، والتي تقطن حي الموردة العريق هي الأخرى، وتجاور منزل السيدة "فاطنة" وهو ذات المنزل الذي شهد مولد كلمات الأغنية، عندما سكن فيه مطربنا الكابلي كمؤجر لفترة ما.
وهكذا دلفت لعالم " زينة " .
اتصلت بالصديق "د. أنور أحمد عثمان" وهو الباحث الشهير في موضوعات "الكون ذلك المجهول"، الذي كان يقدم في برامج تلفزيون فترة السبعينيات ـ رعى الله عصرها ـ وهو جارنا اللصيق أيضاً في حي بانت شرق الذي جمعنا مع "آلــ المرضي" فطلبت منه توفير "مداخل" لي في شأن "زينة وعاجباني"، وبطبيعته تلك الحبيبة إلى النفس تولى مع كابتن فوزي فرصاً للتواصل مع أفراد الأسرة المباشرين.
وهكذا دلفت لعالم "زينة ".
في منزله الكائن بحي الموردة وخلف مطعم" ترنتي" الشهير، استقبلني "حاتم"، أحد أبناء "ملهمة أغنية زينة وعاجباني".
وهكذا دلفت لعالم "ملهمتنا" ووقفت عن طريق كل هذه الوسائل التي توفرت على سيرة كاملة لها بواسطة أولادها وبناتها المباشرين الذين كانت أريحية استقبالهم لي وترحيبهم واحتفائهم بل وتشجيعهم، قد قربني منهم أكثر وأصبحت أحد أصدقاء هذه الأسرة الجميلة التي تحمل كل معاني الكرم والجود الذي تشربته من والدتهم التي حدثني من أثق فيهم بأن أحد صفاتها النبيلة المتعددة، هو الكرم والجود على نطاق أهلها وجيرانها. وهو الاستقبال الذي حفزني لمواصلة مشواري في البحث والتقصي حول "ملهمات الأغنية العاطفية السودانية" دون تردد أو قنوط!.
هي فاطمة، محسية من جزيرة توتي من جهة والدها مصطفى علي بلول، ووالدتها زينب بت حمد، عمرابية كغالبية أهل الموردة، كنيت باسم "حلبية" لأن أمها كانت تفقد من تنجبهم مباشرة بعد ولادتهم، ولذا اختاروا لها هذا الاسم "لتثبت" كعادة السودانيين في مثل هذه الحالات. رحلت عليها الرحمة عام 2009 ولها شقيقتان وشقيق واحد رحلوا جميعهم إلى رحمة مولاهم. وبقية الأسرة عمراب من جهة الوالد الذي رحل العام 1956. ولم تتزوج حلبية من شخص آخر، مفضلة التفرغ الكامل لتربية عيالها الستة الذين كانوا ما يزالون صغاراً وقتها.
لها ثلاثة أبناء وثلاثة بنات، عاصم هو الأكبر وحاتم وآمنة وعفاف وحاتم وقاسم ثم زينات، رحل عاصم ولحق به قاسم اللاعب الموهوب الشهير بفريق الهلال الرياضي، عليهما الرحمة والمغفرة. عاصم متزوج وله أبناء وبنات، آمنة متزوجة ولها أبناء وبنات، عفاف مدير تنفيذي بالحكم المحلي وحالياً بالمعاش، متزوجة ولها أبناء، حاتم كان يعمل ببنك الخرطوم سابقاً، متزوج وله أبناء، قاسم متزوج وله بنتان، زينات زوجه فوزي المرضي كابتن فريق الهلال الشهير ولهما أبناء وبنات.
يشير حاتم لعلاقتها بالأغنية انهم سمعوا ومنذ صغرهم أهل الموردة والجيران يتناولون هذه السيرة، وتؤكد السيدة عفاف ما أشار له شقيقها حاتم أيضاً، متناولة سيرتها بمحبة وصدق متحدثة عن خصالها الحميدة، ومشيرة لوسامتها وبشاشتها وكيفية ترحابها وضيافتها لكل من يصل دارها، مضيفة بأنها " تعز وتحترم النسب، مقدامة في كل المناسبات، محبة ومحبوبة للأهل والجيران، صبورة ومدبرة وذواقة في تقديم طعامها وشرابها، راقية وأنيقة في ملبسها، صاحبة حضور في المجتمع وغير مغترة بجمالها، لا تتفاخر بنفسها ولا متعالية، ، بسيطة تتعامل مع الكبار والصغار بفهم، ثم تضيف لي إبنتها السيدة عفاف "نسعد كثيراً ويملأنا الفخر بأنها الهمت من كتب فيها كلمات خلدها التاريخ، لها الرحمة وجنان الفردوس بقدر ما رعتنا وقدمت لنا تربية سليمة، علماً بأن والدنا رحل عنها وهي لم تبلغ الثلاثين من عمرها بعد، فلم تتزوج لأنها لم تر لغير والدنا أحمد محمد عثمان علي بديلاً، لها عاطر التحايا والرحمة. كوننا نحس بوجودها بيننا لأن روحها الطاهرة ترفرف فوق سماء حياتنا ما دمنا أحياءاً".
وحسب إفادة إبنتها عفاف المتعلقة بأنها تفرغت لتربيتهم ورفضت التفكير في الارتباط والزواج مرة أخرى من أجل مهمة رعاية بناتها وأولادها، فيبدو أن أهلها وجيرانها ومعارفها، كانوا يتمنون لها الارتباط لصغر سنها وجمالها الأخاذ، بما فيهم الشاعر الذي عكس أحاسيسه النبيلة تجهاها في القصيدة المشار إليها، فبقدر عالي من السمو وجميل العشرة الأخوية لها كجار عزيز بالحي، تمنى لها هو الآخر من داخل قلبه السعادة ومواصلة بناء الأسرة عندما عبر عن ذلك في صدر القصيدة:ـ
{كم قلبي المعنّا بأشوقي غنّى ليك
يا عاجباني
كم في السر تمنى يشوف في إديك حنا وحريرة
يا عاجباني}.
عندما طلبت من الأسرة توفير صورة فوتوغرافية وعدوني خيراً،، ولم تمض فترة طويلة حتى فوجئت بالسيدة زينات إبنتها الصغرى تبعث لي بأحد أجمل ما تحتفظ به الأسرة في البومها، فتشرفني هذه الأسرة الطيبة بها كهدية لبحثي، متشرفاً بها بغبطة وسرور. لهم جميعاً التقدير ولوالدتهم العظيمة الرحمة والمغفرة.
وهكذا دلفت لعالم "زينة وعاجباني".

زينة وعاجباني
شعر: عبد الكريم الكابلي
زينة و عاجباني
تعجب كل شاعر يلعب بالمشاعر
عليها يهنيني و يقول زينة وعاجباني
أنا بي ريدا ناذر إني أكون مغامر
بكل غالي عندي أضحي ولا أحاذر
بقلبي والأحاسيس بأدق المشاعر
بالأيام وعمري وكل عزيز و نادر
لأنها لو عرفتو عفافا عليّ قادر
لما يزيد حنيني أقول زينة وعاجباني
كم قلبي المعنّا بأشوقي غنّى
ليك يا عاجباني
كم في السر تمنى يشوف في إديك حنا
حريرة يا عاجباني
كان في دهر وفنا يضوق لحياتو معنى
معاكي يامالكاني
هو الفاقد المحنة و دايما ليك أحنّ
منو لأحزاني
ما قادر أجاهر ريدا عليّ ظاهر
لما يزيد حنيني أقول زينة و عاجباني
hassanelgizuli3@gmail.com
////////////////////

 

 

آراء