أين السلام الذي تدعو عبد الواحد نور للانضمام إلى ركبه يا مني اركو مناوي؟

 


 

 

تتخيلوا أيها السّوادنة الفقراء ان تتعطل جميع المؤسسات الرسمية والمرافق الحكومية والدوائر والوزارات والمصالح الحكومية، والهيئات العامة، ووحدات الإدارة المحلية، وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، والقطاع الخاص، بولاية جنوب دارفور، وذلك بمناسبة زيارة المدعو مني اركو مناوي اليها يوم الأحد 5/9/2021م؟
مثل هذه الأشياء الغريبة جدا، لا تحدث إلا في السودان الذي فقد البوصلة ولا يعرف قادتها ان تعطل جميع المؤسسات الرسمية والمرافق الحكومية والدوائر والوزارات والمصالح الحكومية، والهيئات العامة، ووحدات الإدارة المحلية، وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، والقطاع الخاص.. يعني تعطيل مصالح الناس والعباد، وفقدان خزانة الولاية لملايين الدولات!
بعد وصول المدعو مني أركو مناوي، إلى حاضرة ولاية جنوب دارفور، نيالا، في أول زيارة له بعد تسلم مهامه حاكماً للإقليم. ذرف دموعا غزيرة، قِيل انها، امتناناً للجماهير التي استقبلته.. لكن الواقع هو ان هذه الدموع ما هي، سوى "دموع التماسيح"، دموع خادعة زائفة لا تغير شيئا من حقيقة صاحبها المتأهب دائما لافتراس الدار فوريين حين تحين اللحظة المناسبة.
بعد ان مسح المدعو مني اركو مناوي دموعه الكاذبة الخادعة، بدأ يثرثر كالعادة، ليدعو رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور للانضمام لركب السلام - (سلام جوبا) الذي لم ينفذ منه شيء، سوى توزيع الوظائف على أساس المحاصصة المنصوص عليها في الاتفاق.
ولطالما تحدث الرجل طويلا عن السلام الذي تحقق بموجب اتفاق جوبا بحسب زعمه، فعليه ان نطرح عليه هذه الأسئلة؟
1/هل اخلى النازحين معسكراتهم وعادوا الى قراهم ومدنهم؟
2/هل تم تقديم المجرمين والجناة للمحاكمات العادلة على جرائمهم؟
3/هل تم تسوية قضايا الأرض والحواكير؟
4/هل تم توفير الأمن لأهالي دارفور جميعا؟
5/هل تم جمع السلام غير المقنن من ايدي الناس هناك؟
6/هل تم توفير الطعام والغذاء للمواطن؟
7/هل تم تجاوز حالة التشظي القبلي والاثني في دارفور؟
8/هل تم حسم موضوع ميليشيات الجنجويد؟
المدعو مني اركو مناوي في حديثه عن السلام، يعتقد جهلا، ان السلام هو مجرد غياب الحرب والعنف، ولا يعرف انه -أي السلام أكثر من مجرد غياب الحرب والعنف. إنه يعني، وجود العدالة الاجتماعية من خلال تكافؤ الفرص، والتوزيع العادل للسلطة والموارد، والحماية المتساوية والإنفاذ العادل للقانون.
والسلام بالمعنى أعلاه، لا وجود له اطلاقا في دارفور، وان ما نسمعه من خطب رنانة تلوكها السن قادة اتفاق جوبا، ما هي إلا تضليل متعمد، إذ ان ما يسمى بسلام جوبا لم يعالج الأسباب الجذرية للحرب والعنف والظلم في دارفور -أي ان الشروط اللازمة لتحقيق السلام، لم تتوفر كــ:
1/قدرة أهالي دارفور على إدارة حياتهم اليومية دون خوف من العنف المنهجي للجنجويد والميليشيات الأخرى.
2/قدرة أهالي دارفور على المساواة في الوصول إلى القوانين العادلة ونظام عدالة موثوق به يحاسب جميع الأشخاص ويحمي حقوقهم الإنسانية ويضمن سلامتهم وأمنهم.
3/قدرة جميع أهالي دارفور على المشاركة في السلطة أو الوصول إليها أو التنافس عليها من خلال عمليات سياسية غير عنيفة.
4/قدرة أهالي دارفور على البحث عن فرص متكاملة في كل المجالات.
5/قدرة أهالي دارفور على التحرر من عدم الحاجة للاحتياجات الأساسية والتعايش بسلام وامان.
الأستاذ عبد الواحد محمد نور مؤسس حركة جيش تحرير السودان التي انشق عليها المدعو اركو مناوي، لا يمكنه ان ينضم لاتفاق سلام جوبا الذي ولد ميتا.. فلماذا ينضم لسلام غير موجود على ارض الواقع وقد طرح الرجل رؤيته حول كيفية حل الازمة الدار فورية!؟
رؤية عبد الواحد محمد نور تتلخص في ان يأتي السلام من خلال الحوار المجتمعي -أي حوارا بين كل مكونات شعب دارفور في قراهم ومدنهم، وفي معسكرات اللجوء والنزوح ومن هم خارج دارفور.
بهذه الرؤية المبسطة، يمكن الوصول الى سلام حقيقي، فالسلام القابل للدوام والبقاء، لا يولد في المؤتمرات الدولية، بل في قلوب الناس وأفكارهم، وان ما حدث في جوبا وسمي سلاما، ليس سلاما حقيقيا، بل محاصصة وتقاسم للسلطة والوظائف، وليترك مني اركو مناوي تخدير الناس باسم السلام في دارفور.

bresh2@msn.com

 

آراء