حميدتي والإستعدآء في صيوان العزآء 

 


 

فيصل بسمة
27 September, 2021

 

سلام

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

يبدوا أن العقل و الحكمة قد فارقت الساحة السياسية السودانية في بلاد السودان و حلت محلها الأطماع و الطموحات الشخصية و الفوضى...

و يبدوا أن الفتنة قد أصبحت هي الصيغة الأساسية في كل الخطب السياسية و الإجتماعية !!!...

و يبدوا أنه ما منبر أو مناسبة إلا و قد إهتبلها المغامرون السياسيون لكسب الجماهير وتسجيل الأهداف السياسية في مرمى الخصوم...

شاهدت و استمعت ، كما الكثيرون ، إلى خطاب حميدتي قآئد قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) في عزآء إبن عبدالله بلال...

كان حديث حميدتي في مجمله يبدو سياسياً مصادماً تحدى فيه الحاضنة السياسية/الشق المدني و كذلك المجتمع الدولي على الرغم من أنه قد إستهل الحديث بالتأكيد على أنه قد أتى من أجل التعزية في مناسبة إجتماعية...

و الشاهد أن حميدتي قد حضر إلى مكان العزآء في معية طاقم إعلامي جاهز لتوثيق الحدث و الحديث و بثه في الوسآئط الإجتماعية و الأسافير...

و بعد مداخلة قصيرة من حميدتي عن مناسبة العزآء ، و أن المناسبة إجتماعية ، و أنه لا يروم أي مكاسب ، عاودت حميدتي الرغبة في الحديث و الخطابة فالحضور معد و جاهز و قابل للتلقي و التفاعل ، و يبدوا أن (اللَّمَّة) القبلية قد هيجت في حميدتي عادة (تكسير الثلج) للإدارات الأهلية و حفزته إلى مغازلتها و طلب ودها مع الإشارة إلى أنها قد توارثت السلطة و النفوذ و المجد:

(... جد عن جد...)...

بعد تلك المقدمة القصيرة إنخرط حميدتي مباشرةً في حديث سياسي من الدرجة الأولى إدعى فيه أن لديه:

”كلمة حق“ يجب البوح بها ، و (أنهم) مظلومون و مستهدفون من الحاضنة السياسية/الشق المدني ، و أن هنالك (مدافع) توجه (إليهم) من (الناس ديل):

(... و كدي أهبش أي شي أو أي حتة... ما نتكلم يعني...)...

و كيف (أنهم) يعانون بسبب المشورة و النصيحة ، و (أنهم) يفترض أن يكونوا مسئولين تنفيذيين لكنهم حصروا حتى أصبحوا تشريفيين على الرغم من (أنهم):

(... ما قالوا غلط... )...

و (أنهم):

(... لن يسكتوا تاني... )

و أن:

(... الوضع ما بتحمل...)...

حاشية:

يبدوا أن (الناس ديل) تعني في قاموس حميدتي الحاضنة السياسية للمرحلة الإنتقالية أو الشق المدني في الحكومة الإنتقالية أو كلاهما ، و أن الضمير في (هم) و (أنهم) يعود للشق العسكري...

و كالعادة لم يفت على حميدتي إلحاق شخصه بالمؤسسة العسكرية كعسكري نظامي محترف مثله مثل النظاميين الرسميين المؤهلين في القوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى على الرغم من علمه و علم جميع الشعوب السودانية في الخلآء و الحضر أنه و كثيرين في قوات الدعم السريع ما هم إلا مليشيات الجنجويد الشهيرة و ذات التاريخ الدموي المعروف...

و كالعادة هاجم حميدتي الحاضنة السياسية/الشق المدني و حمله الفشل ، و أن الوضع الحالي غير مطمئن:

(... ما ماشي لقدام...)... و (... الدولار مرتفع...) و (... البلد ماشية في إنهيار...)... و

(... قالوا أنحنا شوم...) و (... أنحنا عملنا السيولة الأمنية... ده نفاق...)... و

(... الفوضى كترت...)... و قد (... طفح الكيل مية مية...)...

ثم انتقد حميدتي تكتيكات الثوار في طرق الإحتجاج (قفل الشوارع و المتاريس) و أن:

(... القفل ما حضاري...)...

و أن (الناس ديل) هم الذين إستنوا سنة إغلاق الطرق ، و يبدوا أنه كان يلمح و يشير إلى أن ما قام به تِرِك و آخرون في شرق السودان من إغلاق للطرق القومية و المرافق الإقتصادية و كأنه شيء مماثل و يقارنه بما فعله و يفعله الثوار...

ثم انخرط حميدتي في حديث عن كيف أن الحاضنة السياسية/الشق المدني يرفض و يعوق مسألة إصدار الغانون (القانون) التي تنظم طرق الإحتجاج !!! ، و يبدوا أن حميدتي كان يقصد طلب التفويض بفض التجمعات و التظاهرات مع الحماية القانونية الكاملة للقوات النظامية من المسآءلة القانونية كما حدث في الإعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في شهر يونيو ٢٠١٩ ميلادية...

و لم ينسى حميدتي أن يلعب دور الحمل السياسي الوديع الذي يبحث عن ”الوفاق“ و الحريص على مصلحة الوطن...

و أكد حميدتي (أنهم) غير راغبين في السلطة ، و لم يفت على حميدتي أن يذكر الحضور و المشاهدين أنه مجبر على المشاركة في العملية السياسية ، و كيف أنه قد قدم إستقالته ثلاث مرات و أنه قد تم رفضها مراراً ، و كيف أنه قد تدخلت (جوديات) لإعادته إلى المجلس ، ثم عاد حميدتي ليذكر في حديثه مهدداً أن ليس هنالك من يستطيع إزاحته عن منصبه و قواته !!!...

أشار حميدتي مؤكداً أن الناس ديل (الحاضنة السياسية/الشق المدني) لا يمثلون كل الشارع السياسي ، و أن الناس ديل (الحاضنة السياسية/الشق المدني) فقط يمثلون جهات وصفها بأنها أعداد قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة و:

(... أن المظاهرات ما قايدنها الناس ديل...)...

و أن الناس ديل (الحاضنة السياسية/الشق المدني):

(... كانوا قاعدين تحت الترابيزة...)...

و أن الناس ديل (الحاضنة السياسية/الشق المدني) قد أقصوا أحزاب أخرى ، لكن حميدتي لم يفصح عن هويات هذه الأحزاب الأخرى التي تم إقصآؤها أو عن أعدادها...

ثم ألمح حميدتي إلى أن الحاضنة السياسية/الشق المدني معوق ، و أوحى أن كل المعاكسات و المشاكسات مسجلة ، و أنه سوف يكشف عنها و يذيعها على الناس...

لكن أكثر ما يلفت النظر في حديث حميدتي هو تحديه السافر للمجتمع الدولي:

(... ما في زول بهددنا بالمجتمع الدولي... و عندنا معاهو كلام... و دايرين نعرف هو {المجتمع الدولي} داعم الشعب السوداني؟... و لا داعم أحزاب معينة؟...)...

ثم عاد حميدتي إلى عادة الذم و المن على الحاضنة السياسية/الشق المدني في الحكومة الإنتقالية:

(... قالوا أنحنا خصمنا من رصيده السياسي !!!...)

(... و القوة دي أديناها ليهو أنحنا!!!...)...

(... أنحنا غفرة !!!...)...

(... أنحنا حامينو... و حارسنو...)...

ثم تحدى حميدتي الجميع ، و ذكر أنه لا يقبل التهديد بالمجتمع الدولي ، ثم استعرض أمام الحضور مقدرته على تحريك جماعته و سوقهم إلى الشارع كما تفعل الجماعات في الحاضنة السياسية/الشق المدني...

ثم تحدث حميدتي في تهديد مبطن و خطير عن نفاد الصبر:

(... أتبقى تبقى... و بدل مطر... تمطر حصى... خلاص مصارينا إِتهَرَدَت... صبرنا... و نصبر لمتين...)...

ثم أشار حميدتي إلى أن بإمكانهم التخلص من الكَاكِي (الزي العسكري) و النزول و الجماعة إلى الشوارع في أزيآء مدنية:

(عندنا شارع... و لا عشان لبسنا الكاكي... خلاص نجيكم بالجلابية و القميص... بس نباري الناس...)...

و كأن حميدتي يحن إلى أيام المواجهات و الحرب الأهلية و الإقتتال في الزمان الأول ، زمان الدوشكا الدايرة على ظهور التاتشرات !!!...

ختاماً:

نأمل أن ينتهي قريباً زمن (الإستهبال العسكري/السياسي) الذي يمارسه حميدتي و البرهان و شخصيات عسكرية أخرى والغة في العمل السياسي و طامعة في الحكم و السلطة ، و التي ترى في النقد الموجه لممارساتها و ألاعيبها في دنيا السياسة على أنه إنتقاص من القوات النظامية كمؤسسات قومية لها دورها و رمزيتها...

نأمل أن يقرأ كل المراقبين و المهتمين المتابعين للشأن السوداني خطاب حميدتي قآئد قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) في صيوان العزآء بعناية و تركيز و أن تقرأ التهديد و الوعيد الذي ما بين السطور و ما ورآء التلميحات...

نأمل أن تسارع القوى السودانية الحريصة على أمن و سلامة بلاد السودان إلى توحيد صفوفها حتى تقوى على مقاومة الفتنة و الفوضى و طموحات و تهديدات المغامرين الطامعين في التنصل عن إستحقاقات المرحلة الإنتقالية و الوثيقة الدستورية...

لا بديل لإكمال إستحقاقات الفترة الإنتقالية و الوثيقة الدستورية...

نأمل أن يقرأ الثوار خطابات حميدتي و تصريحات البرهان بعيون ثورتهم الخالدة المجيدة...

لا بديل للحرية و السلام و العدالة في دولة القانون و المؤسسات...

و أن المحاسبة و المحاكمات و العقاب آتية لكل مجرم سفك دمآء الشعوب السودانية دون حق...

و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

 

فيصل بسمة

 

FAISAL M S BASAMA

 

fbasama@gmail.com

 

آراء