المحاولة الانقلابية في السُّودان: الحيثيات وردود الأفعال والمآلات (1)
أ.د. أحمد إبراهيم أبوشوك
12 October, 2021
12 October, 2021
تحاول هذه المقالة قراءة تداعيات المحاولة الانقلابية الفاشلة التي حدثت في السودان 21 سبتمبر/أيلول 2021، وكيف أظهرت على السطح الخلافات الداخلية بين شركاء الحكومة الانتقالية، وأكَّدت على غياب المؤسسية في تعاملهم مع القضايا الحساسة. كما تبحث المقالة في دلالات الديناميات التي تحكم العلاقات بين الثنائي الحاكم، ومصير تلك العلاقات وانعكاساتها على مستقبل الانتقال الديمقراطي في السودان.
مقدمة
بعد اندلاع ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 ضد نظام الانقاذ (1989-2019) وإزاحة رئيسه عمر حسن البشير من سُدَّة الحُكم في 11 أبريل/نيسان 2019، شهد السُّودان ثلاث محاولات انقلابية فاشلة، حدث آخرها في فجر الثلاثاء الموافق 21 سبتمبر/أيلول 2021. وصدر أول تصريح رسمي عن المحاولة الانقلابية من العميد الطاهر أبو هاجه، المستشار الإعلامي للقائد العام لقوات الشعب المسلحة، الذي أفاد وكالة السُّودان للأنباء (سونا) "إنَّ القوات المسلحة أحبطت المحاولة الانقلابية، وإنَّ الأوضاع تحت السيطرة تمامًا." ( ) وبعد هذا التصريح العسكري جاء بيان مجلس الوزراء، الذي تلاه حمزة بلول الأمير، وزير الثقافة والإعلام، مؤكدًا صحة المحاولة الانقلابية، وموجهًا أصابع الاتهام إلى "مجموعة من ضباط القوات المسلحة ومن فلول النظام البائد." كما طمأن المواطنين بأن "الأوضاع تحت السيطرة التامة، حيث تمَّ القبض على قادة المحاولة الانقلابية من العسكريين والمدنيين"، وبدأت إجراءات التحري والتحقيق معهم. وفي الوقت نفسه تمكَّنت القوات المسلحة من "تصفية آخر جيوب الانقلاب في معسكر الشجرة [لسلاح المدرعات]، وتواصل الأجهزة المختصة ملاحقة فلول النظام البائد المشاركين في المحاولة الفاشلة." وأكَّد البيان أنَّ مؤسسات الحُكم المدني "لن تفرط في مكتسبات الشعب وثورته، وأنها ستكون على خط الدفاع الأول لحماية الانتقال من قوى الظلام المتربصة بالثورة."( ) وبعد هذا البيان، تناقلت وسائط الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية نبأ المحاولة الانقلابية في الخرطوم، وأجرت العديد من المقابلات مع بعض المحللين السياسيين والعسكريين، الذين أيَّد بعضهم صحة حدوث المحاولة الانقلابية، وشكك بعضهم الآخر في حدوثها أصلًا، بل اعتبرها من الخدع التضليلية لإحكام قبضة العسكريين على دفَّة الحكم، على حساب المكون المدني.
مواقف شركاء الحكومة الانتقالية من المحاولة الانقلابية
كشفت ردود أفعال شركاء الحكومة الانتقالية (المكون العسكري والمكون المدني) النقاب عن خلافاتهما السياسية، التي تؤكد أنهما يتحركان وفق أجندة متعارضة لا تصب في مصلحة تحقيق الانتقال الديمقراطي حسب نصوص الوثيقة الدستورية. والشواهد على ذلك أنَّ عبد الله حمدوك، رئيس مجلس الوزراء، فور الإعلان عن المحاولة الانقلابية اجتمع مع قُوى إعلان الحرية والتغيير، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، ثم عقد مؤتمرًا صحافيًا أوضح فيه أن المحاولة الانقلابية كانت "تستهدف الثورة وكل ما حققته من إنجازات"، وأنها من تدبير "فلول النظام المباد"، الذين يسعون إلى "إجهاض الانتقال المدني الديمقراطي." واستشهد بالتحضيرات الواسعة التي سبقت المحاولة الانقلابية، ممثلة "في الانفلات الأمني في المدن، واستغلال الأوضاع في شرق البلاد، ومحاولات قطع الطرق القومية، وإغلاق الموانئ، وتعطيل إنتاج النفط". كما وصف المحاولة الانقلابية بأنها "مظهر من مظاهر الأزمة الوطنية" التي أشار إليها في مبادرته عن "الطريق إلى الأمام"، والتي أكَّد فيها على "ضرورة إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية"، واتخاذ "إجراءات فورية لتحصين الانتقال ومواصلة تفكيك" نظام الثلاثين من يوليو، "الذي لا يزال يشكل خطرًا على الانتقال" الديمقراطي.( )
ويبدو أنَّ اجتماع رئيس الوزراء بقوى إعلان الحرية والتغيير قبل أن تعقد الحكومة الانتقالية اجتماعًا طارئ لمجلسيها السيادي والتنفيذي لمناقشة حيثيات المحاولة الانقلابية، وربط المحاولة الانقلابية بإصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية، قد آثار حفيظة العسكريين، ودفعهم إلى التحرك في الاتجاه الآخر. إذ زار الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، سلاح المدرعات بالخرطوم جنوب (الشجرة) وأكَّد الفريق البرهان في مخاطبته لضباط وجنود المدرعات أن "القوات المسلحة ... ستحمي الفترة الانتقالية"، و"أن المكون العسكري ... على استعداد للجلوس مع كل الأطراف والقوى الوطنية لمناقشة كل القضايا لإنقاذ البلاد."( ) وفي لقاء ثاني مع القوات الخاصة بمنطقة المرخيات شمال أم درمان بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول 2021، شن الفريق البرهان هجومًا عنيفًا على القوى السياسية المدنية المشاركة في الحكومة الانتقالية، ووصفها بأنها لا تستطيع إبعاد القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والشرطة وجميع الأجهزة الأمنية عن المشهد السياسي. وأكَّد أنهم أوصياء "على وحدة السُّودان وأمنه ... رغم أنف كل شخص"؛ وعضد ذلك بقوله: "وإذا كنا لا نستطيع تحمل هذه الأمانة والمحافظة على الوطن ووحدته ونوفي بالشعارات التي رفعناها ما في أي داعي أن نلبس الكاكي، وندعي شرف الانتماء للجندية." واتهم القوى السياسية بأنها مشغولة بتقاسم كراسي الحكم، ولا يوجد أي حزب يتحدث عن الانتخابات، أو الديمقراطية، أو انتهاء الفترة الانتقالية. بل وصفهم بأنهم يفلحون في توجيه سهامهم "للقوات النظامية، والمعيار الذي يختارون به الموظفين في الدولة هو شتم العسكريين والإساءة لهم." واتهم أيضًا أعضاء المكون المدني في الحكومة الانتقالية بأنهم أقصوا المكون العسكري من "مبادرة رئيس الوزراء (عبد الله حمدوك)"، وانحرفوا عن المسار الصحيح للفترة الانتقالية"، وتساقط بعضهم من قوى الثورة.( ) وفي السياق نفسه، هاجم، الفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة، أعضاء الحكومة التنفيذية وحاضنتهم السياسية، واتهمهم بممارسة "الاقصاء حتى على الذين وقعوا معهم الوثيقة الدستورية، وظل كل طرف يحفر للطرف الآخر من أجل المناصب والمصالح الحزبية الضيقة."( )
جاء رد فعل المكون المدني في الحكومة الانتقالية عنيفًا ومفندًا للاتهامات المذكورة أعلاه؛ لدرجة دفعت محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة، بأن يصف تصريحات الشركاء العسكريين في مجلس السيادة بأنها "أخطر من محاولات الانقلاب الفاشلة نفسها"( )، وانتقد جعفر حسن، الناطق الرسمي باسم التجمع الاتحادي، رئيس مجلس السيادة؛ لأنه لم يدين المحاولة الانقلابية بصورة صريحة وواضحة، بل ذهب إلى مهاجمة المدنيين وانتقادهم في لقاءاته الإعلامية، كما عزا جعفر حسن المحاولة الانقلابية إلى عدم إنجاز العسكريين لملف إصلاح المنظومة العسكرية-الأمنية، التي تحتضن بعض فلول النظام البائد.( ) وعلى النسق ذاته جاءت تصريحات خالد عمر يوسف، وزير شؤون مجلس الوزراء، الذي وصف اتهامات العسكريين بأنها "تهديد للتحول الديموقراطي"، وسخر منهم قائلًا: إنَّ "بعض الجنرالات يقرأون من الكتاب القديم"، بمعنى أنهم لا يتعلمون من تجارب الماضي وثورات السُّودانيين ضد الحكومات العسكرية. وفي مضابط حواره مع مقدم برنامج "بلا حدود"، عزا خالد يوسف المشكلة في جوهرها إلى ضرورة إعادة هيكلة القوات المسلحة ومليشيات حركات الكفاح المسلح في جيشٍ واحدٍ يحمل عقيدة وطنية.( ) وزبدة القول إنَّ مواقف شركاء الفترة الانتقالية المشار إليها أعلاه تعكس عمق الأزمة التي تعيشها الحكومة الانتقالية، والتي تنذر بصراعات داخلية، ربما تشكل تهديدًا حقيقيًا لعملية الانتقال الديمقراطي؛ إذا لم يتم معالجتها بنوعٍ من الشفافية والمسؤولية والحكمة السياسية.
ردود الأفعال المحلية للمحاولة الانقلابية
بعد إعلان المحاولة الانقلابية، انقسم الشارع السياسي في السُّودان إلى ثلاثة تيارات سياسية. أولها، التيار السياسي الذي يتكون من الأحزاب المشاركة في الحكومة الانتقالية والقوى السياسية الأخرى المساندة لها. فمثلًا حزب الأمة القومي أصدر بيانًا بتاريخ 21 سبتمبر 2021م، أدان فيه المحاولة الانقلابية، التي نسبها إلى عدد من "ضباط القوات المسلحة ومن فلول النظام البائد." وأكَّد الحزب أنه سيظل صامدًا "من أجل هذا التحول الديمقراطي ... ودحر المتربصين بأمن وسلامة الوطن".( ) وصف حزب المؤتمر السُّوداني المحاولة الانقلابية بأنها "صنيعة ضباطٍ ينتمون للنظام البائد"، وأكَّد وقوفه بالعزم "اللازم ضد كل المؤامرات البائسة والهادفة لدفع عقارب الساعة إلى الوراء، وإعادة إنتاج نظم الحكم الديكتاتورية المستبدة من جديد، والتي ظل شعبنا يرزح تحت وطأتها الشمولية العسكرية البغيضة لمدى إثنين وخمسين عامًا من عمر دولته الفتية."( ) وأدان حزب البعث العربي الاشتراكي المحاولة الانقلابية واقحام اسمه فيها، ودعا "جماهير الشعب إلى اليقظة في مواجهة المؤامرات، التي تستهدف وحدة البلاد وسيادتها، متسلحة بالوعي في مواجهة حملات التضليل والمعلومات الكاذبة والملفقة، وأن تعتصم بخندق الثورة الواحد، صمام أمان الانتقال الكامل للديموقراطية والحكم المدني والتنمية المتوازنة والعدالة، وتصفية بنية التمكين والفساد في كافة مرافق الدولة المدنية والعسكرية."( )
ومثَّل التيار الثاني حركات الكفاح المسلحة والقوى الثورية المشاركة في الحكم، التي اكتفت بإصدار بيانات شجب للمحاولة الانقلابية دون الدخول في حديث مباشرٍ ومؤيدٍ لأحد طرفي الشراكة الرئيسين. أدانت حركة العدل المساواة المحاولة الانقلابية، ونسبتها إلى "بعض المحسوبين على قوى الإبادة والتفتيت لوقف عجلة التغيير التي مهرت بدماء غالية وزكية عبر نضال تراكمي مستمر قدمت قوى الثورة السُّودانية خلالها الأرواح والدماء من أجل التغيير، وإقامة دولة العدالة والمواطنة المتساوية." ودعا البيان "جماهير الشعب السُّوداني وقواه الحية وشابات وشباب لجان المقاومة والتروس وقوى الحرية والتغيير إلى وحدة الصف والخروج عن العباءات الضيقة إلى رحاب هيكلة حقيقية للتحالف، وتكوين حاضنة فاعلة؛ دعمًا لحكومة الثورة وحفاظًا على مقدرات الشعب.( ) وجاء بيان الجبهة الثورية في منزلة بين المنزلتين، إذ أدان المحاولة الانقلابية ونسبها إلى بعض فلول النظام المباد، وثمن دور "القوات النظامية التي انحازت إلى خيارِ الشعب السُّوداني في دحرِ النظام المُباد، ودورها في إفشال المحاولة الانقلابية." وأكَّد البيان على ضرورة "تعزيز الشراكة بين المكونين المدني والعسكري، والدعوة إلى حل كل التبايُنات عبر حوارٍ جادٍ وشفافٍ ضمانًا لِتحصينِ عملية الانتقال، والتصدي بِحسمٍ وحزمٍ لكل محاولات الثورة المضادة الهادفة لتقويض النظام الدستوري". ومن زاوية أخرى ثمَّن البيان ضرورة "توحيد كل قوى الثورة، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية دون إقصاء أو تخوين، الإسراع في استكمال هياكل الحُكم المدني، وتنفيذ اتفاق السّلام، وخاصةً بنّد الترتيبات الأمنية، وحلّ قضية شرق السُّودان حلًا وطنيًا، يقطعُ الطريق على مُزايداتِ الفلول والأجندات الخاصة."( )
أما التيار الثالث فهو تيار القوى السياسية التي تعمل خارج منظومة قوى إعلان الحرية والتغيير، مثل الحزب الشيوعي السُّوداني، وبعض حركات الكفاح المسلح والأحزاب الإسلامية. وجاء بيان الحزب الشيوعي بعنوان "الثورة مستمرة والردة مستحيلة"، وصوَّب البيان الاتهام إلى "فلول النظام الديكتاتوري السابق والقوى المعادية للثورة داخل القوات المسلحة"، وطالب "بضرورة الكشف عن كل الحقائق المرتبطة بالمحاولة الانقلابية الأخيرة ونشرها للرأي العام، وتقديم الجناة إلى محاكم عادلة علنية." كما حمَّل البيان "المكون العسكري المسئولية الكاملة جراء تقاعسه في تنفيذ ما جاء في الوثيقة الدستورية بإعادة هيكلة القوات المسلحة والترتيبات الأمنية لحل المليشيات"، وحثَّ المكون المدني على تحمُّل "كافة المسئوليات وتنفيذ المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية بتكوين المفوضيات واستكمال هياكل السلطة وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات."( ) أما حزب المؤتمر الشعبي فقد شكك في صحة المحاولة الانقلابية، وعزا التذمر في الجيش والشارع السُّوداني إلى اخفاق الحكومة في تقديم الخدمات الضرورية للمواطن السُّوداني، وإقصاء للعديد من الجهات في المجتمع من المشاركة في مؤسسات الحكومة الانتقالية.( )
المؤازرة العالمية والإقليمية
وبعد إعلان المحاولة الانقلابية الفاشلة صرحت بعض الدولة والمنظمات الدولية والإقليمية بمساندتها للحكومة الانتقالية في السُّودان. فمثلًا، أعربت دول الترويكا (الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والنرويج) عن دعمها القوي لعملية الانتقال الديمقراطي في السودان، كما حذرت "أولئك الذين يسعون لتقويض عملية الانتقال التي يقودها المدنيون أن يفهموا أن شركاء السُّودان الدوليين يقفون بحزم خلف شعب السُّودان وحكومته الانتقالية."( ) وشملت أدانات المحاولة الانقلابية الفاشلة مجلس الأمن الدولي، والأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، والأمين العام لجامعة الدولة العربية، وبعض الدول العربية والغربية مثل جمهورية مصر العربية، وقطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السُّودانية، وفرنسا، وألمانيا، وكندا. وأكَّد فولكر بيرتس، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السُّودان، "رفض الأمم المتحدة لأي دعوات للقيام بانقلاب عسكري، أو تبديل الحكومة الانتقالية بحكم عسكري"، وأوضح أنَّ دعم الأمم المتحدة سيكون مستمرًا "بتقديم المساعدة والمشورة والدعم للحكم المدني الشامل في السُّودان، كما شدد على ضرورة استمرار جميع أصحاب المصلحة بالالتزام بالعملية الانتقالية الشاملة وتحقيق تطلعات الشعب السُّوداني نحو مستقبلٍ سلميٍ ومستقرٍ وديمقراطيٍ."( ) وفي 24 سبتمبر/ أيلول 2021 تحدث جكوب سوليفان (Jacob Sullivan)، مستشار الأمن القومي، هاتفيًا مع عبد الله حمدوك، مُعْرِبًا عن التزام إدارة بايدن بدعم الانتقال الذي يقوده المدنيون إلى الديمقراطية، ومعارضة أي محاولات لعرقلة أو تعطيل إرادة الشعب السُّوداني. وأكَّد أنَّ أي محاولة من قبل الجهات العسكرية لتقويض الروح والمعايير المتفق عليها للإعلان الدستوري السُّوداني سيكون لها عواقب وخيمة على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والسُّودان والمساعدات المخطط لها. ومن زاوية أخرى حثَّ الحكومة الانتقالية على معالجة المشكلات الاقتصادية، وإصلاح قطاع الأمن تحت قيادة مدنية، وتعزيز عملية السلام في السُّودان، وضمان العدالة والمساءلة عن الانتهاكات السابقة. وأبان أنَّ جيفري فيلتمان (Jeffrey Feltman)، المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي، سيصل السُّودان الأسبوع المقبل؛ لتأكيد دعم الولايات المتحدة لعملية الانتقال التي يقودها المدنيون ومناقشة التحديات الأمنية الإقليمية. ( )
مآلات المحاولة الانقلابية
أظهرت المحاولة الانقلابية الخلافات الداخلية بين شركاء الحكومة الانتقالية إلى العلن، وأكَّدت على غياب المؤسسية في تعاملهما مع القضايا الحساسة، بمعنى الوضع الطبيعي كان يقتضي أن يعقدا اجتماعًا طارئًا مشتركًا بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء، قبل الاحتماء بحواضنهما السياسية (قوى إعلان الحرية والتغير) والعسكرية (القوات المسلحة)، بغية الخروج ببيانٍ مشتركٍ يوضِّح موقف الحكومة من المحاولة الانقلابية، والإجراءات المطلوبة لمواجهة تداعياتها السياسية والعسكرية، بدلًا من تبادل اللوم والتخوين بين شركاء الفترة الانتقالية. وكذلك نلحظ أنَّ حالة فقدان الثقة التي أفرزها خطاب ما بعد المحاولة الانقلابية توحي بأن عملية انتقال رئاسة مجلس السيادة من العسكريين إلى المدنيين ربما تواجه بعض الصعوبات السياسية؛ لأنَّ المكون العسكري يبدو أنه يناور لعدم نقل رئاسة مجلس السيادة إلى المكون المدني في شهر نوفمبر 2021، حسبما نصت عليه الوثيقة الدستورية. لكن الضمان لتجاوز هذه المعضلة هو يقظة الشارع السُّوداني، وتوحد قوى إعلان الحرية والتغيير، والضغوط الخارجية الهادفة إلى تحقيق مخرجات الفترة الانتقالية وفق نصوص الوثيقة الدستورية.
ahmedabushouk62@hotmail.com