الديكتاتور يشتكي وكالة فرانس برس!!

 


 

 

أما الديكتاتور محل المقال، فهو الجنرال عبدالفتاح البرهان الذي جمع كل السلطات في يده منذ انقلابه المشؤوم في 25 أكتوبر 2021.. وحين تتجمع كل السلطات بين يدي الفرد الواحد، ويتفنن في ممارستها وفق أهوائه ومزاجيته، فنحن إذاً إزاء حالة واضحة من الديكتاتورية. حيث إن الديكتاتور هو ذاك الطاغية المستبد الذي يستفرد بالحكم والرأي والقرار، ويمارس نفوذه المطلق ويستحوذ على كل السلطات والصلاحيات من دون مشاركة أو اعتبار للقانون والعدالة. وكتب التاريخ القريب والبعيد مليئة بمثل هذه النماذج المستبدة التي حكمت شعوبها بكل أشكال الطغيان والجبروت، ومارست كل أصناف الظلم وأنواع القسوة والسادية والدموية التي تصل حدّ التوحش والخروج عن الآدمية أحيانًا كثيرة.

هذا الديكتاتور قد أعلن، في حوار مع وكالة فرانس برس، السبت 4/12/2021، أنّ جميع القوى السياسيّة وبينهم العسكريّون سيتمكّنون من الترشح في انتخابات 2023.

وردا على سؤال لفرانس برس عمّا إذا كان سيكون ممكنا لأفراد الجيش والقوّات شبه العسكرية الترشّح لهذه الانتخابات، ردّ البرهان بـ"نعم".

وأوضح البرهان أنّ هذه الانتخابات، الأولى الحرّة في بلاد تجاوزت عام 2019 ثلاثين عاما من الديكتاتوريّة العسكريّة الإسلاميّة، ستكون مفتوحة "لجميع القوى التي شاركت" في المرحلة الانتقاليّة، بما يشمل العسكريّين وقوّات الدعم السريع بقيادة الفريق أوّل محمد حمدان دقلو.

عزيزي القارئ..

هذا التصريح لم يدل به الجنرال القاتل لصحافة محلية أو الصحف العربية المعروفة بعدم المهنية، بل ادلى به لوكالة فرانس برس ذات المصداقية العالية -دوليا وعالميا. ووكالة بحجم فرانس برس، ليس لها اي مصلحة في تحريف ما ادلى به الجنرال. لكن الواقع يقول ان رودود الافعال المحلية والاقليمية والدولية الغاضبة على هذا التصريح هي التي ارعبت الديكتاتور ليبلع ما صرح به وينفيه. ليس هذا فحسب، بل أعلن مكتب رئيس مجلس السيادة الانقلابي، عبد الفتاح البرهان، شروعه في مقاضاة، مديرة مكتب وكالة الأنباء الفرنسية بالخرطوم، منى زكي، بعدما اتهمها بنشر معلومات، قال إنها تتعلق بالأمن القومي وتحركات القوات المسلحة.

وحسب بيان نشرته الصفحة الرسمية للمجلس الانقلابي بالفيسبوك، اليوم الثلاثاء، تم تدوين بلاغين، الأول بنياية الصحافة والمطبوعات، تحت المادة (٢٦ أ)، والثاني بنيابة جرائم المعلوماتية، تحت المادة (٢٦ب) المتعلقة بنشر معلومات تتعلق بالأمن القومي وتحركات القوات المسلحة.

وزعم البيان، أن ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، كان كذباً وتلفيقاً، على لسان البرهان، بأن الانتخابات القادمة ستكون مفتوحة لجميع القوى التي شاركت في المرحلة الانتقالية، بما فيها العسكريين.

إذا جئت عزيزي القارئ بأي طفل في ثاني من عمره أو أقل، وسألته عن من الذي يكذب هنا!.. وكالة فرانس برس أم الجنرال القاتل. لأشار ودون تردد، الى ان البرهان هو الذي يكذب.

البرهان منذ استيلاءه على السلطة، يمارس الكذب مع سبق الإصرار والترصد حتى عند مواجهته بالحقائق التي لا تقبل الانكار، اعتقادا منه أنّ تكرار الكذب وسيلة ناجعة لتحسين صورته الانقلابية السيئة امام الشعب السوداني.

نعم، يعتقد البرهان أنّه بتكرار الكذب سوف يدفع ولو جزءا من السودانيين إلى التشكّك في الحقيقة، واعتناق الخرافة التي تدعم أهدافه الانقلابية، دون ان يدري أن الضخّ المستمر لهذه الأكاذيب لها نتائج كارثية.

التصريح الذي ادلى به الجنرال لوكالة "فرانس برس"، ومن ثم يريد الآن التراجع عنه بتدوين بلاغ ضد مكتب وكالة فرانس برس في الخرطوم، يؤكد ان هذا الديكتاتور يعمل بمقولة " إكذب إكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم إكذب أكثر حتى تصدق نفسك".

وكالة فرانس برس، ليس لها أي مصلحة في ان تكذب أو تحرّف أي تصريح للانقلابي البرهان، لكن الجنرال الكذاب هو الذي يصوغ كل الأكاذيب والافتراءات التي يحاول من خلالها تزيين واقع الحال السيء جراء انقلابه على المدنية.

bresh2@msn.com

 

آراء