بلطجية حمدوك وقنابل الغاز المسيل للدموع وتعطيل ندوة الحرية والتغيير

 


 

 

يدخل السودان، مرحلة جديدة من مراحل التعامل مع الحراك الثوري المنادي بإنهاء الانقلاب. مرحلة يمكن تسميتها بمرحلة "البلطجة السياسية"، تلك التي لا تقيم وزنا لشعارات الثورة السودانية (حرية سلام عدالة)، أو القواعد التي تؤسس للدولة الديمقراطية، أو حتى المعايير الإنسانية العامة. فما فعلته مجموعة من بلطجية عبدالله حمدوك مع الحرية والتغيير في ندوتها بــ(شمال الخرطوم)، بإطلاق قنابل غاز مسيل للدموع، انما بلطجة وإرهاب سياسي مرفوض.
عزيزي القارئ..
اطلق مجهولون يرتدون زيا مدنيا قنابل غاز مسيل للدموع على ندوة سياسية نظمها المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير، شمال العاصمة الخرطوم.
فيما ذكرت وسائل إعلام محلية، أن الندوة التي نظمها قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم سابقا) بمنطقة شمبات شمالي الخرطوم بحري شهدت اشتباكات بالأيدي وإطلاق قنابل غاز مسيل للدموع.
شيء اغرب من غريب في بلد ينادي اهله بتطبيق القانون وتحقيق العدالة، ان يعتدي افرادا بزي مدني على مواطنين عزل، مستخدمين قنابل مسيل للدموع، إذ السؤال الجوهري هو: كيف حصل المعتدين الذين يرتدون زيا مدنيا على القنابل المستخدمة في الهجوم والتي يفترض انها لا تكون دائما وابدا إلا في يد (الشرطة)؟
هذا الحادث الغريب، يدخل ضمن مخططات الإرهاب السياسي المنظم الذي تمارسه السلطات الانقلابية في السودان منذ 25 أكتوبر والتي تجمع بين كل المتناقضات، ولعل موقفها من الانتقال الديمقراطي المدني للسلطة، يُعد هو الأكثر تناقضاً وغرابة في الوقت نفسه،، حيث ان الانقلابيون في السودان يعملون ليلاً ونهاراً على تدمير كل ماله علاقة بالانتقال الديمقراطي المدني، لكنهم في الوقت ذاته، يتحدثون ببجاحة عن الاعداد والاستعداد لإقامة انتخابات ديمقراطية نزيهة.
السؤال هو، كيف وصل سلاح القنابل والغاز المسيل للدموع الى يد (مدنيين)، إذا لم يكن المقصود بهذه الخطوة، الفوضى؟
نعم، السلطات الانقلابية في السودان، ارادت بهذا الحادث الغريب، خلق فوضى شاملة للتهرب من مسؤوليتها أو محاولتها توسيع صلاحيتها بهدف خلق زبائنية لها تكون جمهورها في الانتخابات التي تتبجح بانها ستكون نزيهة.
ولم تكتفِ السلطات الانقلابية بإنتاج الفوضى، وإنما اختارت نظرية المؤامرة باعتبارها وهماً تستجير به لتبرير فشلها وحماقاتها، وباتت تسوقها للرأي العام بصراخ غوغائي وتفسيرات غير منطقية، وتريد من السودانيين التعايش مع اللابديل، أو بديلها الفوضى! ولا أعرف أي فوضى يمكن أن تكون أقسى وأكثر دماراً من التي يعيش فيها المواطن السوداني؟
بعد مجزرة يوم 17 نوفمبر 2021، قام الموظف حمدوك بإقالة مدير الشرطة ونائبه وتعيين آخرين في مكانهما، وادعى في بيان له حينه، بأنه أعطى أوامر صارمة جدا بعدم استخدام العنف أياً كان نوعه ضد المتظاهرين السلميين، لكن بعد شهر واحد فقط من الوعد الذي قطعه بعدم استخدام الشرطة للعنف والقوة ضد المتظاهرين، اعتدت "بلطجية" أياً كانوا، على ندوة سياسية للمجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير، شمال العاصمة الخرطوم.
مسئولية الشرطة كهيئة مدنية نظامية، هي خدمة الشعب، وتوفير الطمأنينة والأمن والسهر على حفظ النظام العام والالتزام بأداء الواجبات، واحترام حقوق الإنسان وحرياته. وعليه تقع مسؤولية الحادث الغريب على عبدالله حمدوك وشرطته، فليس مقبولا قول مدير الشرطة، بأن جهازه لا علاقة له بهذا الحادث.
على حال، مخطئ إذا حرصت السلطات الانقلابية على توظيف الإرهاب السياسي خدمة لأهدافها الشيطانية في التسلط وإسكات كل صوت يعارضها، وتثبيت أركان حكمها المشارف على الانهيار، لأن الشارع الثوري السوداني، لم ولن يهدأ له بال حتى هزيمة الانقلاب والانتقال بالسودان الى الدولة المدنية الديمقراطية.

bresh2@msn.com

 

آراء