ود مدني تطبق على الانقلاب من الخاصرة

 


 

 

والمآقي لم تجف دموعها الذُرّف التي سحت وما شحت على فقد واستشهاد إبن مدينة ود مدني محمد فيصل شعيرية، تقدم والي ولاية الجزيرة المكلف عبد الهادي عدلان باستقالته يوم ٢٢ يناير ٢٠٢٢م.
فبرغم أن الاستقالة لم تبين على وجه التدقيق أنها قد جاءت كاحتجاج مباشر على سفك الدماء، إلا أنها أكدت على أن الأوضاع في الولاية بعد تلك الحادثة لن تستقر على حال وسيصعب عليه مواصلة تكليفه بمهامه كأمين عام للحكومة ووالي للولاية... فقد أورد في متن الاستقالة ما نصه :(إن الأمور تمضي بشكل متسارع في اتجاه لا يمكننا من أداء مهامنا على الوجه الذي ننشده).
قد لا يلتبس الأمر على أحد أن ما أشار اليه الوالي المستقيل "بالأمور" هي في نهاية التحليل الأوضاع العامة في الولاية لاسيما السياسية، وفي ذلك قراءة ذكية لمجمل ما قد تؤول إليه الأوضاع بالولاية في أعقاب استشهاد الشهيد محمد فيصل.... فالواضح من حجم جموع المشيعين الغفيرة التي لم تشهدها جنازة في الذاكرة الحية، وتصاعد مستويات الغضب الجماهيري تجعل في واقع الأمر من العسير على الوالي أو أي والي آخر أن يواصل مهام تكليفه بتصريف شؤون ولايةٍ تحولت عاصمتها لبيت عزاء كبير، وإرتفعت فيها حرارة المد الثوري لدرجة الغليان، وانبعثت من حناحر أهلها المكلومة هتافات تنذر بالوعيد. وإرتسمت على الجباه علامات الإصرار بالقصاص للشهيد بالقول الثوري المأثور :(الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية)، حتى أن إحدى النساء ومن عمق مأساة الفقد رددت وبصوت جهوري شطراً ذو دلالة من قصيدة الأوراس لشاعر الثورة الفلسطيني محمود درويش(يا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر). بل إن والدة الشهيد التي بدت رابطة الجأش، ولم تنشج نشيج الصائحات الثكالى، حمدت لإبنها المغدور حسن الخاتمة، وتوعدت الفاعل بسؤ المنقلب..... هكذا وفي هذه الأجواء يبدو بأن الفتق في عاصمة الجزيرة حتماً سيستعصي على الراتق.... وأن (الأمور التي تمضي بشكل متسارع) كما وصفها خطاب الاستقالة ستمضي بإتجاه تصعيدي يطبق على خاصرة الانقلاب في أحد أهم مراكز الوعي الحضري بالسودان، مضاف الي ذلك التصعيد المتواصل الذي يواجهه بشكل شبه يومي ويطبق عليه من العنق في الخرطوم... لتتكامل القبضة تحت رحمة شعب تمرس على إصطياد الطرائد.
د.محمد عبد الحميد

 

آراء