انفصام الرياضيين
كمال الهدي
20 February, 2022
20 February, 2022
تأمُلات
. دعونا نعود لواقعنا المفروض علينا بعد أن انتهت مباراتي الهلال والمريخ ضد الأهلي المصري وصنداونز الجنوب أفريقي.
. وواقعنا الذي نحاول الهروب منه هو حال البلد المائل وثورة ديسمبر المسروقة وعودة الكيزان رغم أنف هذا الشعب الذي لفظهم، ليعودوا عبر نافذتهم (البرهان) كنتيجة طبيعية لغفلاتنا المتكررة واكتفائنا بالفرجة على المؤامرات حتى تكتمل.
. في بدايات الثورة، وحين نشطت في الفيس بوك وقرأ لي أهلة كثر مقالات سياسية ما كانوا يطلعون عليها بمواقع أخرى قبل ذلك، بدأوا ينصحونني بالنأي عن السياسة بحجة أنها تفرق ولا تجمع وأن أركز على الرياضة ومعشوقهم الهلال.
. وكان ردي عليهم دائماً هو أنني لست سياسياً ولا أروج لتيار معين، لكن ما فعله الكيزان بالبلد فرض علينا هذا التناول.
. وإبان فترة رئاسة الكاردينال وتماهيه الواضح مع الكيزان وذوي النفوذ المفسدين، ومع التراجع والتنازلات المستمرة من أهلة كثر عن مقولات وعناوين واضحة وضوح الشمس مثل " الهلال نادي الحركة الوطنية"، ظللت أردد أن حالنا الرياضي لن يتغير إلا بعد ثورة شاملة تنتظم البلد وتغير المفاهيم.
.وقد اشتعلت الثورة، لكن المؤسف أننا لم نشهد تغييراً ملموساً في المفاهيم.
. فما نردده كثيراً عن ثورة الوعي والتغيير الذي طرأ في طرائق التفكير يظل حبراً على الورق ما لم تصاحبه الممارسة الجادة.
. والرياضيون على وجه الخصوص ما زالوا على حالة انفصامهم القديمة لم يتغيروا.
. فهم يشاركون بقية أهلهم في التظاهر ضد نظام الكيزان وفي ذات الوقت لا يقفون كثيراً أمام لقطة تمايل الكاردينال طرباً برفقة البشير وعبد الرحيم أحمد حسين داخل استاد الهلال، ولا يكفون عن المدح الدائم لجمال الوالي ابن تنظيم الكيزان المدلل.
. كان من الممكن أن نعتبرها فترة ولت بشرورها (لم يكن فيها خير طبعاً) ، لكن المحزن أن الحال بعد الثورة هو ذات الحال.
. فالأهلة سعداء بكل عون مادي تقدمه لجنتهم التي استفاد بعض أعضائها من فساد الكيزان وانتسبوا لتنظيمهم، والمريخاب يهللون لما يجود عليهم به ربيب الكيزان حازم.
. والغريبة أن نفس من يهللون لهذا وذاك يمكن أن يكتبوا مقالات في الصحف، أو بوستات في مواقع التواصل تدين انقلاب البرهان وتنتقد قحت على تماهيها مع العسكر.
. ما أستغربه تماماً هو تجاهل الرياضيين لحقيقة أنهم يمثلون الشريحة الأكبر (عددياً) في هذا السودان.
. كل هذه الملايين ترفض الإنقلاب، لكنها تؤيد وتناصر بعض داعميه بشكل غير مباشر، فكيف نتوقع ازاحة الإنقلابيين!
. ولا أظن أن أياً منا يمكن أن يقنع نفسه بمقولة غير موفقة مثل " ما لينا في السياسة وخلونا في هلالنا أو مريخنا".
. وها انتم تلاحظون أن الإنقلابيين ومتآمري جوبا قد بدأوا من حيث انتهي الكيزان.
. وكمان ديل عملوها شينة وخالية من أي ذكاء (لقطة مبارك أردول من داخل ملعب الهلال نموذجاً).
. مثلما استغل الكيزان الرياضة وعاطفة الكثيرين تجاه أندية الكرة، يفعل الإنقلابيون ذات الشيء لكي يطيلوا أمد الظلم والطغيان.
. فيما مضى كنا نقرأ لمن يطبلون للبشير كرياضي مطبوع، ومن يسعدون بتكريم رئاسة جمهورية الطغاة لبعض الرياضيين، واليوم نتابع الممارسات التي تشبه ما تأذينا منه خلال ذلك العهد (العائد بقوة).
. حين أطالع خبراً يعكس شوفونية بعض إداريي الغفلة مثل شقيق رئيس لجنة التطبيع هيثم السوباط يقول أنه يتبرع لمشجع هلالي بتذكرة ذهاب وإياب للقاهرة لحضور مباراة الهلال والأهلي وأطالع ردود الأفعال أحس بغصة في الحلق.
. فالأمر بالنسبة لي لا لفتة بارعة ولا يحزنون.
. فالممارسة هي ذات الممارسة، ومحاولات تلميع الذات هي نفسها، والتطبيل هو ذاته مع تغير الشخصيات فقط.
. أولاً شراء تذكرة لمشجع ليس بالعمل الخيري النبيل الذي إن كتب عنه ونُشر على الملأ هكذا باركنا ذلك وقلنا أن من شأنه تحفيز آخرين لعمل خير أكبر.
. كما أن شراء تذكرة لمشجع فرد ظهرت صورته في الميديا لن يحل أي مشكلة بالنظر لمعاناة مشجعي الفريق الآخرين الذين حُرموا من المتابعة بينما أُتيحت الفرصة لحامل بندقية سابق كان كل همه من دخول الملعب أن يلتقط صورة توهم أنها ستمنحه بعضاً من الشعبية والقبول، فالموقف موقف عاطفة تجاه معشوق الملايين الهلال ولابد من استغلاله عند أردول وأمثاله.
. نعود للمتبرع بتذكرة الطيران وهو رئيس الآلية الإعلامية لنادي الهلال، هذا الجسم الهلامي الذي دُشن لكي يترأسه هيثم السوباط فقط لأنه شقيق الرئيس الذي يدفع.
. لسنا ضد هيثم أو هشام كشخصين، لكننا نناهض فكرة وممارسة قبيحة.
. وإلا فلماذا قسونا على الكاردينال ومنحه لفاطمة الصادق من المناصب والصلاحيات ما لم تكن مؤهلة له!!
. يبدو لي أن السوباط الأصغر بعد حواره الكارثي مع إحدى القنوات المصرية أراد أن يصرف الأنظار حين لاحت له فرصة ذهبية يعلم أنه لو استغلها بهذا الشكل فسوف تنسينا كلامه (المشاتر) للقناة المصرية لأننا عاطفيين ونتفاعل مع الأحداث سريعاً وقبل أن نُعمل العقل.
. (طبزة) الفتى أثناء ذلك الحوار الضعيف كان من المفترض أن تكلفه منصبه (المصنوع).
. قد يقول قائل " صرتم تدخلون لقلوب البشر لمعرفة ما يجيش بخواطرهم" والحقيقة أننا لا نفعل ذلك، لكننا نقرأ ونحلل ونستنبط وفي ذلك قد نصيب وقد نخطيء.
. والسؤال المهم هو كيف نرفض محاولات التلميع والتزييف والتطبيل في زمن الكيزان لنقبل بكل ذلك الآن بعد تضحيات الشباب وفقدان أخيارهم!!
. ألم أقل لكم اننا استبدلنا رموزاً مصنوعة بآخرين وبمطبلين وحارقي بخور جدد، فيما ظلت الفكرة كما هي لم تتغير!
. ومع كل ذلك نرغب في سودان تسوده العدالة ونتعشم في اكتمال الثورة.
. السياسة فُرضت عليكم يا رياضيين، وقد تابعتم جميعاً ما جرى في قضية دخول الجماهير للملعب وشاهدتم استقبال بعثة النادي الأهلي عبر صالة كبار الزوار، فهل كانت تلك رياضة أم هي السياسة اللعينة!!
. فإما أن نداوي أنفسنا من حالة الانفصام التي نعيشها، أو نسلم أمرنا للبرهان ونتهيأ للمصير الذي ينتظرنا مع سيده حميدتي، فليس هناك منطقة وسطى يا سادة.
kamalalhidai@hotmail.com
////////////////////
. دعونا نعود لواقعنا المفروض علينا بعد أن انتهت مباراتي الهلال والمريخ ضد الأهلي المصري وصنداونز الجنوب أفريقي.
. وواقعنا الذي نحاول الهروب منه هو حال البلد المائل وثورة ديسمبر المسروقة وعودة الكيزان رغم أنف هذا الشعب الذي لفظهم، ليعودوا عبر نافذتهم (البرهان) كنتيجة طبيعية لغفلاتنا المتكررة واكتفائنا بالفرجة على المؤامرات حتى تكتمل.
. في بدايات الثورة، وحين نشطت في الفيس بوك وقرأ لي أهلة كثر مقالات سياسية ما كانوا يطلعون عليها بمواقع أخرى قبل ذلك، بدأوا ينصحونني بالنأي عن السياسة بحجة أنها تفرق ولا تجمع وأن أركز على الرياضة ومعشوقهم الهلال.
. وكان ردي عليهم دائماً هو أنني لست سياسياً ولا أروج لتيار معين، لكن ما فعله الكيزان بالبلد فرض علينا هذا التناول.
. وإبان فترة رئاسة الكاردينال وتماهيه الواضح مع الكيزان وذوي النفوذ المفسدين، ومع التراجع والتنازلات المستمرة من أهلة كثر عن مقولات وعناوين واضحة وضوح الشمس مثل " الهلال نادي الحركة الوطنية"، ظللت أردد أن حالنا الرياضي لن يتغير إلا بعد ثورة شاملة تنتظم البلد وتغير المفاهيم.
.وقد اشتعلت الثورة، لكن المؤسف أننا لم نشهد تغييراً ملموساً في المفاهيم.
. فما نردده كثيراً عن ثورة الوعي والتغيير الذي طرأ في طرائق التفكير يظل حبراً على الورق ما لم تصاحبه الممارسة الجادة.
. والرياضيون على وجه الخصوص ما زالوا على حالة انفصامهم القديمة لم يتغيروا.
. فهم يشاركون بقية أهلهم في التظاهر ضد نظام الكيزان وفي ذات الوقت لا يقفون كثيراً أمام لقطة تمايل الكاردينال طرباً برفقة البشير وعبد الرحيم أحمد حسين داخل استاد الهلال، ولا يكفون عن المدح الدائم لجمال الوالي ابن تنظيم الكيزان المدلل.
. كان من الممكن أن نعتبرها فترة ولت بشرورها (لم يكن فيها خير طبعاً) ، لكن المحزن أن الحال بعد الثورة هو ذات الحال.
. فالأهلة سعداء بكل عون مادي تقدمه لجنتهم التي استفاد بعض أعضائها من فساد الكيزان وانتسبوا لتنظيمهم، والمريخاب يهللون لما يجود عليهم به ربيب الكيزان حازم.
. والغريبة أن نفس من يهللون لهذا وذاك يمكن أن يكتبوا مقالات في الصحف، أو بوستات في مواقع التواصل تدين انقلاب البرهان وتنتقد قحت على تماهيها مع العسكر.
. ما أستغربه تماماً هو تجاهل الرياضيين لحقيقة أنهم يمثلون الشريحة الأكبر (عددياً) في هذا السودان.
. كل هذه الملايين ترفض الإنقلاب، لكنها تؤيد وتناصر بعض داعميه بشكل غير مباشر، فكيف نتوقع ازاحة الإنقلابيين!
. ولا أظن أن أياً منا يمكن أن يقنع نفسه بمقولة غير موفقة مثل " ما لينا في السياسة وخلونا في هلالنا أو مريخنا".
. وها انتم تلاحظون أن الإنقلابيين ومتآمري جوبا قد بدأوا من حيث انتهي الكيزان.
. وكمان ديل عملوها شينة وخالية من أي ذكاء (لقطة مبارك أردول من داخل ملعب الهلال نموذجاً).
. مثلما استغل الكيزان الرياضة وعاطفة الكثيرين تجاه أندية الكرة، يفعل الإنقلابيون ذات الشيء لكي يطيلوا أمد الظلم والطغيان.
. فيما مضى كنا نقرأ لمن يطبلون للبشير كرياضي مطبوع، ومن يسعدون بتكريم رئاسة جمهورية الطغاة لبعض الرياضيين، واليوم نتابع الممارسات التي تشبه ما تأذينا منه خلال ذلك العهد (العائد بقوة).
. حين أطالع خبراً يعكس شوفونية بعض إداريي الغفلة مثل شقيق رئيس لجنة التطبيع هيثم السوباط يقول أنه يتبرع لمشجع هلالي بتذكرة ذهاب وإياب للقاهرة لحضور مباراة الهلال والأهلي وأطالع ردود الأفعال أحس بغصة في الحلق.
. فالأمر بالنسبة لي لا لفتة بارعة ولا يحزنون.
. فالممارسة هي ذات الممارسة، ومحاولات تلميع الذات هي نفسها، والتطبيل هو ذاته مع تغير الشخصيات فقط.
. أولاً شراء تذكرة لمشجع ليس بالعمل الخيري النبيل الذي إن كتب عنه ونُشر على الملأ هكذا باركنا ذلك وقلنا أن من شأنه تحفيز آخرين لعمل خير أكبر.
. كما أن شراء تذكرة لمشجع فرد ظهرت صورته في الميديا لن يحل أي مشكلة بالنظر لمعاناة مشجعي الفريق الآخرين الذين حُرموا من المتابعة بينما أُتيحت الفرصة لحامل بندقية سابق كان كل همه من دخول الملعب أن يلتقط صورة توهم أنها ستمنحه بعضاً من الشعبية والقبول، فالموقف موقف عاطفة تجاه معشوق الملايين الهلال ولابد من استغلاله عند أردول وأمثاله.
. نعود للمتبرع بتذكرة الطيران وهو رئيس الآلية الإعلامية لنادي الهلال، هذا الجسم الهلامي الذي دُشن لكي يترأسه هيثم السوباط فقط لأنه شقيق الرئيس الذي يدفع.
. لسنا ضد هيثم أو هشام كشخصين، لكننا نناهض فكرة وممارسة قبيحة.
. وإلا فلماذا قسونا على الكاردينال ومنحه لفاطمة الصادق من المناصب والصلاحيات ما لم تكن مؤهلة له!!
. يبدو لي أن السوباط الأصغر بعد حواره الكارثي مع إحدى القنوات المصرية أراد أن يصرف الأنظار حين لاحت له فرصة ذهبية يعلم أنه لو استغلها بهذا الشكل فسوف تنسينا كلامه (المشاتر) للقناة المصرية لأننا عاطفيين ونتفاعل مع الأحداث سريعاً وقبل أن نُعمل العقل.
. (طبزة) الفتى أثناء ذلك الحوار الضعيف كان من المفترض أن تكلفه منصبه (المصنوع).
. قد يقول قائل " صرتم تدخلون لقلوب البشر لمعرفة ما يجيش بخواطرهم" والحقيقة أننا لا نفعل ذلك، لكننا نقرأ ونحلل ونستنبط وفي ذلك قد نصيب وقد نخطيء.
. والسؤال المهم هو كيف نرفض محاولات التلميع والتزييف والتطبيل في زمن الكيزان لنقبل بكل ذلك الآن بعد تضحيات الشباب وفقدان أخيارهم!!
. ألم أقل لكم اننا استبدلنا رموزاً مصنوعة بآخرين وبمطبلين وحارقي بخور جدد، فيما ظلت الفكرة كما هي لم تتغير!
. ومع كل ذلك نرغب في سودان تسوده العدالة ونتعشم في اكتمال الثورة.
. السياسة فُرضت عليكم يا رياضيين، وقد تابعتم جميعاً ما جرى في قضية دخول الجماهير للملعب وشاهدتم استقبال بعثة النادي الأهلي عبر صالة كبار الزوار، فهل كانت تلك رياضة أم هي السياسة اللعينة!!
. فإما أن نداوي أنفسنا من حالة الانفصام التي نعيشها، أو نسلم أمرنا للبرهان ونتهيأ للمصير الذي ينتظرنا مع سيده حميدتي، فليس هناك منطقة وسطى يا سادة.
kamalalhidai@hotmail.com
////////////////////