عدنا منهم ممتلئين بالجمال حتى غازلنا الناس في الشوارع ، التحية لزملائنا في جمعية أخصائي طب الأسرة في الإمارات
د. أمجد إبراهيم سلمان
20 March, 2022
20 March, 2022
قادتني الصدفة المحضة للتسجيل في مؤتمر طب الأسرة الخامس في دولة الإمارات العربية المتحدة ، السبب الرئيسي هو انقطاعنا عن التدريب المباشر لفترة تجاوزت العامين منذ أن ألقت جائحة الكورونا بكلكلها على مواعين التدريب فصار عن بعد مع كل ما يصاحب ذلك من تعقيدات في المتابعة و ضعف في التواصل الإنساني و التعليمي الجزء المهم في التدريب و خلق الصلات مع الزملاء و التعلم من تجارب الشعوب ، ما شجعني على التسجيل في المؤتمر هو أن الأيام الثلاثة الأولى من التدريب كانت عبر محاضرات مباشرة من خبراء من مختلف بلدان العالم.
اليوم الأول كان صباح الخميس العاشر من مارس للعام 2022 تمام الساعة التاسعة صباحاً في قاعة فندق انتركونتينتال للمؤتمرات ، و الذي يطل على القناة المائية المتصلة بمياه الخليج العربي و التي تسمى بالخور، مبنى الفندق يطل مباشرة على مبنى مكتبة الشيخ راشد بن مكتوم ذو التصميم البديع الذي يشبه كتاباً مفتوحاً ، ما يميز ما تقوم به إمارة دبي من مشاريع معمارية مدهشة جعلها في أزمنة مختلفة قِبلة للمهندسين المعماريين الذين لهم أفكار و مشاريع طموحة ، ركلة البداية في المؤتمر “إن جاز التعبير“ كانت بيد الدكتور إيدي نيدهام من الولايات المتحدة الأمريكية و هو طبيب أسرة مخضرم و مدير برنامج أدفنت لطب الأسرة في ولاية فلوريدا ، د. نيدهام قدم لنا سياحة معرفية حول مواضيع مختلفة في طب الأسرة حيث كانت محاضرته الأولى عن التعامل مع أمراض الغدد الصماء و السكري بعلم موسوعي ، و اختتم نفس اليوم بمحاضرة مسبوكة عن الأمراض الجلدية الشائعة و أهمية التشخيص المبكر لسرطانات الجلد و التي يجب الإسراع في تحويلها و أخذ عينات منها و بعثها للمختبرات المتخصصة في ذلك ، من تجربتي المتواضعة فإن الأطباء الأمريكان بارعون جداً في إيصال المعلومة بطريقة السهل الممتنع ، و يجنحون إلى تبسيط المعلومة و إضافة تعبيرات شائعة لتقريب الصورة للمشاهد ، و هذا ما كنا نفتقده في المؤتمرات التي تابعناها عن بعد خلال جائحة الكورونا التي نتمنى أن لا تعود إلينا بمتحور جديد ، و هنا أجدني أكثر تعاطفاً مع أطفالنا الذين حرمتهم هذه الجائحة من الدراسة المباشرة في فصول الدراسة مما خلق فراغات معرفية و إجتماعية نتمنى أن يستطيعوا تعبئتها في مقبل السنوات.
بعد ذلك قدمت الدكتورة ناهد منصف مديرة الإستراتيجية و الحوكمة في هيئة الصحة في دبي محاضرة قيّمة عن مستقبل الخدمات الصحية و تحوراتها لتقابل التحديات القادمة ، و قامت باستعراض إحصائيات دقيقة عن تطور الخدمات الصحية في دبي و وضحت بجلاء عن سياسات تقنين التأمين الصحي كي يشكل الجزء الأكبر من الصرف على الخدمات الصحية حيث ارتفعت نسبة التحصيل عبر التأمين الصحي إلى ووصلت 53% من ميزانية الصحة في الإمارة ما يعني أنها بصدد الوصول إلى نسب عالية من تمويل الخدمات الصحية عبر التأمين الصحي ، و هو الأمر السائد في نظم صحية متقدمة مثل الكثير من الدول الأوروبية و كندا و أستراليا ، أيضاً قدمت الدكتورة ناهد تصورات الأمارة للخدمات الطبية إلى العام 2050 و طرق الإستفادة من خدمات العلاج عن بعد التي فرضتها جائحة كورونا لكونها قدمت نماذج و طرائق مختلفة لتقديم الرعاية الصحية باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة ، و يحضرني هنا قول الدكتور دون بيرويك من معهد تطوير الصحة (آي أتش آي) في الدوحة في العام 2017 حيث قال " .. يجب أن نتعلم أن ننقل المعرفة من دون أن ننقل الناس في إشارة للتعليم عن بعد" .. و كأنه كان يتنبأ بجائحة الكورونا التي حدت بالكثير منا إلى تقديم خدماتهم الطبية من على البعد ، و تقديم المشورة الطبية عبر وسائل التواصل المختلفة و التي طورتها بعض المؤسسات الصحية إلى نطاقات تواصل آمنة لحماية خصوصية المرضى. في واقع الأمر كانت محاضرة الدكتورة ناهد منصف من الإضافات النوعية بالنسبة لي شخصياً ربما لأنني مهتم بالتطوير الصحي على مستوى السياسات و النظم بعد عدة دورات تدريبية في هذا المجال من جامعة لايدن بهولندا تتعلق باستدامة النظم الصحية.
لا يمكن في هذه العجالة تلخيص كل محاضرات المؤتمر الذي استمر لثلاثة أيام كحضور مباشر بين 10 و 12 مارس و 4 أيام أخرى عبر المنصة الرقمية من يوم الإثنين 14 إلى الخميس17 مارس 2022 ، و إحقاقا للحق فإن المؤتمر كان قمة في التنسيق و الترتيب من حيث مستوى المتحدثين و الموضوعات المتداولة خلاله و أفق التطوير في الخدمات الصحية التي قدمت فيه.
بيد أن ما حداني لكتابة هذا الموضوع هو المجموعة المتميزة من الأطباء السودانيين من حملة درجة الزمالة للكلية الملكية لأطباء الأسرة (عن بعد) في الخليج و كما علمت فإن عددهم حوالي 200 طبيب بين دول الخليج المختلفة ، حيث كونت مجموعة الإمارات جمعية لهم برئاسة د. راشد محمد سعيد الذي كان شعلة من النشاط أثناء المؤتمر و بمعيته د. قيس محمد عثمان من إمارة عجمان و د. رشا كمال من إمارة العين ، كما التقيت بالطبيب محمد الفاضل من الفجيرة و هو رجل فاضل و إسم على مسمى و الدكتور عبّاس الداروتي و الدكتور منتصر جبارة من إمارة أبو ظبي و العذر لمن لم أستطع تسجيل أسمائهم بسبب ضيق وقت المؤتمر ، و من النشاطات المميزة التي قامت بها هذه المجموعة الواعدة هي دعوة ممثلين لرابطة أطباء الأسرة في المملكة المتحدة و هم د. حسام محسن الذي يشغل منصب السكرتير العام و د. مروة جبريل مسئولة التواصل المجتمعي ، و كانا خير رسولين لهذه المهمة بما يمتازان به من أريحية في التواصل و سلاسة في الحديث و وضوح في تحديد الأهداف ، حيث تم عقد اجتماع مثمر حول أفق التعاون المشترك بين جمعية الإمارات و جمعية بريطانيا لأطباء الأسرة خاصة فيما يخص التدريب و التبادل المعرفي ، كما تبادل الطرفان مستجدات سوق العمل و الفجوة الضخمة في سوق العمل البريطانية فيما يخص أطباء الأسرة و هي تقدر بحوالي 6000 طبيب و طبيبة ، و لتقريب المسألة فإن عدد أطباء الأسرة في دولة مثل بلجيكا يقدر بـ 5000 ف طبيب فقط بواقع طبيب أسرة لكل 2200 مواطن تقريباً.
من الأمور المهمة التي وردت في المؤتمر و التي تم لفت النظر إليها عبر رئيسة جمعية طب الأسرة في الإمارات د. وديعة شريف ، أنه هناك نقص كبير في أطباء الأسرة المدربين حول العالم ، و في دولة الإمارات يختار فقط 5% من الأطباء الجدد تخصص طب الأسرة بينما الحوجة العملية للنظام الصحي تقتضي أن يتخصص 50% من الأطباء في هذا المجال ، بالإضافة إلى أن جائحة كورونا أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك أن نظام الرعاية الصحية الأولية هو كعب أخيل أي نظام صحي ، و هو خط المواجهة الأولى مما حدى بدولة الإمارات لمنح كل الأطباء المقيمين فيها الإقامة الذهبية لمدة عشرة سنوات تقديراً لمجهوداتهم الكبيرة في هذا المجال و ليس أبلغ على تلك الأهمية من تجربة د. محمد الفاضل في إمارة الفجيرة الذي واصل العمل لمدة 36 يوما متواصلة أثناء الجائحة بسبب نقص عدد الأطباء بسبب الإصابات و إرتفاع الطلب على الخدمات الطبية في أوقات ذروة جائحة كورونا.
من النقاشات المثمرة التي تم الحوار حولها أهمية طب الأسرة بالنسبة للسودان و أهمية تطويع فترة التدريب كي تخدم المجتمع و إتاحة الفرصة لقدامى الأطباء لإتباع فترة تدريب أقصر زمنا اعتباراً لخبراتهم السابقة مع تعديل درجاتهم الوظيفية إلى أخصائيين ، فالمعروف حاليا ً أن برنامج طب الأسرة في السودان يبلغ 4 سنوات تفرضها متطلبات البورد العربي ، و للمقارنة ففترة التدريب في معظم دول أوروبا بما فيها بريطانيا نفسها تبلغ 3 سنوات ، ما عدا السويد التي يجب أن يمضي الطبيب فترة تدريبية قد تصل إلى 5 سنوات لنيل المؤهل ، بينما تستغرق فترة التدريب سنتان فقط في كندا ، و بالطبع يجب مراعاة أن تكون فترات التدريب حسب متطلبات دول الإغتراب المعروفة في الخليج حتى لا تحدث معوقات في عمليات الترقية ، لكن يمكن تصميم برنامج طب الأسرة في السودان بحيث يكون سنتين إجبارياً كحد أدنى للتسجيل كأخصائي في السودان و يمكن أن تتبعها فترات اختيارية إضافية لمن يرغبون في الهجرة ، لأن النظم الصحية تنسق و تنظم حسب حوجة البلد الأم نفسها و ليس لخدمة المهاجر.
في ختام المؤتمر أصر مضيفونا أن يكملوا برنامجهم الإجتماعي بزيارة أحد مباني دبي الشاهقة و المعروف باسم الإطار ، و هو مبنى مبني بتصميم إطار صورة ذهبي يبلغ ارتفاعه 150 متراً و تكاليف بناءه 300 مليون درهم إماراتي يعتبر من أيقونات دبي الجديدة حيث يمكن الزائر من رؤية كل دبي في قمته الشاهقة و قام مضيفونا الأفاضل بتقديم هدايا تذكارية لنا بهذه المناسبة و واصلنا الحوار في أهمية بناء تنسيقية لأطباء الأسرة السودانيين حول العالم بما يخدم المهنة مستقبلاً و خاصة تنوير الجيل الشاب من الأطباء بالفرص الكبيرة التي خلقتها جائحة الكورونا ، حيث تسعى الكثير من الدول لإستقطاب الكوادر الطبية و الصحية المساندة لتعزيز جاهزية نظمها الصحية مثل بريطانيا التي تتيح حالياً عبر برنامج واست تدريباً لشباب الأطباء في مختلف المجالات.
كل الشكر و الإمتنان لزملاء المهنة في الإمارات على حفاوة الإستقبال و نتمنى لهم بصدق التطور المهني الذي يليق بمجهوداتهم و أصدق تعبير يصف شخوصهم هو تعبير الأديب د. بشرى الفاضل في وصف حبيبته حيث قال "خرجت من لقائها مليئاً بالجمال حتى غازلني الناس في الشوارع".
الدوحة السبت 19 مارس 2022
د. أمجد إبراهيم سلمان
إستشاري طب الأسرة
amjadnl@yahoo.com
WhatsApp 0031642428913
اليوم الأول كان صباح الخميس العاشر من مارس للعام 2022 تمام الساعة التاسعة صباحاً في قاعة فندق انتركونتينتال للمؤتمرات ، و الذي يطل على القناة المائية المتصلة بمياه الخليج العربي و التي تسمى بالخور، مبنى الفندق يطل مباشرة على مبنى مكتبة الشيخ راشد بن مكتوم ذو التصميم البديع الذي يشبه كتاباً مفتوحاً ، ما يميز ما تقوم به إمارة دبي من مشاريع معمارية مدهشة جعلها في أزمنة مختلفة قِبلة للمهندسين المعماريين الذين لهم أفكار و مشاريع طموحة ، ركلة البداية في المؤتمر “إن جاز التعبير“ كانت بيد الدكتور إيدي نيدهام من الولايات المتحدة الأمريكية و هو طبيب أسرة مخضرم و مدير برنامج أدفنت لطب الأسرة في ولاية فلوريدا ، د. نيدهام قدم لنا سياحة معرفية حول مواضيع مختلفة في طب الأسرة حيث كانت محاضرته الأولى عن التعامل مع أمراض الغدد الصماء و السكري بعلم موسوعي ، و اختتم نفس اليوم بمحاضرة مسبوكة عن الأمراض الجلدية الشائعة و أهمية التشخيص المبكر لسرطانات الجلد و التي يجب الإسراع في تحويلها و أخذ عينات منها و بعثها للمختبرات المتخصصة في ذلك ، من تجربتي المتواضعة فإن الأطباء الأمريكان بارعون جداً في إيصال المعلومة بطريقة السهل الممتنع ، و يجنحون إلى تبسيط المعلومة و إضافة تعبيرات شائعة لتقريب الصورة للمشاهد ، و هذا ما كنا نفتقده في المؤتمرات التي تابعناها عن بعد خلال جائحة الكورونا التي نتمنى أن لا تعود إلينا بمتحور جديد ، و هنا أجدني أكثر تعاطفاً مع أطفالنا الذين حرمتهم هذه الجائحة من الدراسة المباشرة في فصول الدراسة مما خلق فراغات معرفية و إجتماعية نتمنى أن يستطيعوا تعبئتها في مقبل السنوات.
بعد ذلك قدمت الدكتورة ناهد منصف مديرة الإستراتيجية و الحوكمة في هيئة الصحة في دبي محاضرة قيّمة عن مستقبل الخدمات الصحية و تحوراتها لتقابل التحديات القادمة ، و قامت باستعراض إحصائيات دقيقة عن تطور الخدمات الصحية في دبي و وضحت بجلاء عن سياسات تقنين التأمين الصحي كي يشكل الجزء الأكبر من الصرف على الخدمات الصحية حيث ارتفعت نسبة التحصيل عبر التأمين الصحي إلى ووصلت 53% من ميزانية الصحة في الإمارة ما يعني أنها بصدد الوصول إلى نسب عالية من تمويل الخدمات الصحية عبر التأمين الصحي ، و هو الأمر السائد في نظم صحية متقدمة مثل الكثير من الدول الأوروبية و كندا و أستراليا ، أيضاً قدمت الدكتورة ناهد تصورات الأمارة للخدمات الطبية إلى العام 2050 و طرق الإستفادة من خدمات العلاج عن بعد التي فرضتها جائحة كورونا لكونها قدمت نماذج و طرائق مختلفة لتقديم الرعاية الصحية باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة ، و يحضرني هنا قول الدكتور دون بيرويك من معهد تطوير الصحة (آي أتش آي) في الدوحة في العام 2017 حيث قال " .. يجب أن نتعلم أن ننقل المعرفة من دون أن ننقل الناس في إشارة للتعليم عن بعد" .. و كأنه كان يتنبأ بجائحة الكورونا التي حدت بالكثير منا إلى تقديم خدماتهم الطبية من على البعد ، و تقديم المشورة الطبية عبر وسائل التواصل المختلفة و التي طورتها بعض المؤسسات الصحية إلى نطاقات تواصل آمنة لحماية خصوصية المرضى. في واقع الأمر كانت محاضرة الدكتورة ناهد منصف من الإضافات النوعية بالنسبة لي شخصياً ربما لأنني مهتم بالتطوير الصحي على مستوى السياسات و النظم بعد عدة دورات تدريبية في هذا المجال من جامعة لايدن بهولندا تتعلق باستدامة النظم الصحية.
لا يمكن في هذه العجالة تلخيص كل محاضرات المؤتمر الذي استمر لثلاثة أيام كحضور مباشر بين 10 و 12 مارس و 4 أيام أخرى عبر المنصة الرقمية من يوم الإثنين 14 إلى الخميس17 مارس 2022 ، و إحقاقا للحق فإن المؤتمر كان قمة في التنسيق و الترتيب من حيث مستوى المتحدثين و الموضوعات المتداولة خلاله و أفق التطوير في الخدمات الصحية التي قدمت فيه.
بيد أن ما حداني لكتابة هذا الموضوع هو المجموعة المتميزة من الأطباء السودانيين من حملة درجة الزمالة للكلية الملكية لأطباء الأسرة (عن بعد) في الخليج و كما علمت فإن عددهم حوالي 200 طبيب بين دول الخليج المختلفة ، حيث كونت مجموعة الإمارات جمعية لهم برئاسة د. راشد محمد سعيد الذي كان شعلة من النشاط أثناء المؤتمر و بمعيته د. قيس محمد عثمان من إمارة عجمان و د. رشا كمال من إمارة العين ، كما التقيت بالطبيب محمد الفاضل من الفجيرة و هو رجل فاضل و إسم على مسمى و الدكتور عبّاس الداروتي و الدكتور منتصر جبارة من إمارة أبو ظبي و العذر لمن لم أستطع تسجيل أسمائهم بسبب ضيق وقت المؤتمر ، و من النشاطات المميزة التي قامت بها هذه المجموعة الواعدة هي دعوة ممثلين لرابطة أطباء الأسرة في المملكة المتحدة و هم د. حسام محسن الذي يشغل منصب السكرتير العام و د. مروة جبريل مسئولة التواصل المجتمعي ، و كانا خير رسولين لهذه المهمة بما يمتازان به من أريحية في التواصل و سلاسة في الحديث و وضوح في تحديد الأهداف ، حيث تم عقد اجتماع مثمر حول أفق التعاون المشترك بين جمعية الإمارات و جمعية بريطانيا لأطباء الأسرة خاصة فيما يخص التدريب و التبادل المعرفي ، كما تبادل الطرفان مستجدات سوق العمل و الفجوة الضخمة في سوق العمل البريطانية فيما يخص أطباء الأسرة و هي تقدر بحوالي 6000 طبيب و طبيبة ، و لتقريب المسألة فإن عدد أطباء الأسرة في دولة مثل بلجيكا يقدر بـ 5000 ف طبيب فقط بواقع طبيب أسرة لكل 2200 مواطن تقريباً.
من الأمور المهمة التي وردت في المؤتمر و التي تم لفت النظر إليها عبر رئيسة جمعية طب الأسرة في الإمارات د. وديعة شريف ، أنه هناك نقص كبير في أطباء الأسرة المدربين حول العالم ، و في دولة الإمارات يختار فقط 5% من الأطباء الجدد تخصص طب الأسرة بينما الحوجة العملية للنظام الصحي تقتضي أن يتخصص 50% من الأطباء في هذا المجال ، بالإضافة إلى أن جائحة كورونا أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك أن نظام الرعاية الصحية الأولية هو كعب أخيل أي نظام صحي ، و هو خط المواجهة الأولى مما حدى بدولة الإمارات لمنح كل الأطباء المقيمين فيها الإقامة الذهبية لمدة عشرة سنوات تقديراً لمجهوداتهم الكبيرة في هذا المجال و ليس أبلغ على تلك الأهمية من تجربة د. محمد الفاضل في إمارة الفجيرة الذي واصل العمل لمدة 36 يوما متواصلة أثناء الجائحة بسبب نقص عدد الأطباء بسبب الإصابات و إرتفاع الطلب على الخدمات الطبية في أوقات ذروة جائحة كورونا.
من النقاشات المثمرة التي تم الحوار حولها أهمية طب الأسرة بالنسبة للسودان و أهمية تطويع فترة التدريب كي تخدم المجتمع و إتاحة الفرصة لقدامى الأطباء لإتباع فترة تدريب أقصر زمنا اعتباراً لخبراتهم السابقة مع تعديل درجاتهم الوظيفية إلى أخصائيين ، فالمعروف حاليا ً أن برنامج طب الأسرة في السودان يبلغ 4 سنوات تفرضها متطلبات البورد العربي ، و للمقارنة ففترة التدريب في معظم دول أوروبا بما فيها بريطانيا نفسها تبلغ 3 سنوات ، ما عدا السويد التي يجب أن يمضي الطبيب فترة تدريبية قد تصل إلى 5 سنوات لنيل المؤهل ، بينما تستغرق فترة التدريب سنتان فقط في كندا ، و بالطبع يجب مراعاة أن تكون فترات التدريب حسب متطلبات دول الإغتراب المعروفة في الخليج حتى لا تحدث معوقات في عمليات الترقية ، لكن يمكن تصميم برنامج طب الأسرة في السودان بحيث يكون سنتين إجبارياً كحد أدنى للتسجيل كأخصائي في السودان و يمكن أن تتبعها فترات اختيارية إضافية لمن يرغبون في الهجرة ، لأن النظم الصحية تنسق و تنظم حسب حوجة البلد الأم نفسها و ليس لخدمة المهاجر.
في ختام المؤتمر أصر مضيفونا أن يكملوا برنامجهم الإجتماعي بزيارة أحد مباني دبي الشاهقة و المعروف باسم الإطار ، و هو مبنى مبني بتصميم إطار صورة ذهبي يبلغ ارتفاعه 150 متراً و تكاليف بناءه 300 مليون درهم إماراتي يعتبر من أيقونات دبي الجديدة حيث يمكن الزائر من رؤية كل دبي في قمته الشاهقة و قام مضيفونا الأفاضل بتقديم هدايا تذكارية لنا بهذه المناسبة و واصلنا الحوار في أهمية بناء تنسيقية لأطباء الأسرة السودانيين حول العالم بما يخدم المهنة مستقبلاً و خاصة تنوير الجيل الشاب من الأطباء بالفرص الكبيرة التي خلقتها جائحة الكورونا ، حيث تسعى الكثير من الدول لإستقطاب الكوادر الطبية و الصحية المساندة لتعزيز جاهزية نظمها الصحية مثل بريطانيا التي تتيح حالياً عبر برنامج واست تدريباً لشباب الأطباء في مختلف المجالات.
كل الشكر و الإمتنان لزملاء المهنة في الإمارات على حفاوة الإستقبال و نتمنى لهم بصدق التطور المهني الذي يليق بمجهوداتهم و أصدق تعبير يصف شخوصهم هو تعبير الأديب د. بشرى الفاضل في وصف حبيبته حيث قال "خرجت من لقائها مليئاً بالجمال حتى غازلني الناس في الشوارع".
الدوحة السبت 19 مارس 2022
د. أمجد إبراهيم سلمان
إستشاري طب الأسرة
amjadnl@yahoo.com
WhatsApp 0031642428913