من ينقذ المؤسسات؟، كيد الإخوة والعنصرية عار وعيب ومرض

 


 

 

بهــــــــــــدوووء_
(١)
مابين مايو و يوليو 2020م تشكلت اللجنة العليا للطواريء الاقتصادية على خلفية الأزمات التي كان المواطن السوداني يعيشها ، و اللجنة جزء من ترتيبات سياسية في الأساس و ليست هيكلية بارادة مؤسسات الدولة، و تظهر أنها سياسية في شكل الاتجاه الموازي الذي تعمل من خلاله ، كما هو الحال مع اللجان التنفيذية التي شكلت حينها ، لتصبح فوق الوزارات وفق عمل مؤسسات الدولة ، و كانت بديلا للمفوضيات ، بكل تأكيد توقفت هذه اللجان مع صعود قوى اعلان الحرية و التغيير حينها لكرسي الوزارة في حكومة حمدوك الثانية.
مرة أخرى تعود اللجنة العليا ، مع حميدتي ، وهذه المرة مع شركاء جدد من حاضنة حركات التمرد الموقعة على اتفاق جوبا ، ولم تكتفي بهذا بل شكلت لجان على ذات النسق الذي اتخذته قوى اعلان الحرية و التغيير ، لتصبح ذراعا للجنة الاقتصادية. بهذه اللجان التي لا نعرف صلاحياتها ولا شروط عملها ، مع هذه اللجنة ، يتحول بذلك حميدتي و زمرته الى رئيس وزراء فعلي مما يعني أن نظام الدولة البيروقراطي قد بدأ في التحلل و التلاشي، فلقد مات قبل هذا. ويشير هذا إلى أن هناك مصالحا اقتصادية قد تشكلت بفعل هذه الوضعية المسمومة ، والتي تعمل على ايقاف مسار مؤسسات الدولة رغم ضعفها ، فنحن لا ندري هذه اللجان تعمل كجزء من الوزارات أم أنها تساعد الوزارات ، ايا كان فإن هذا الشكل من التعامل مع الدولة و مؤسساتها ماهو الا استرزاق واضح وضوح الشمس ، وهو مرفوض جملة و تفصيلا.
(٢)
الناجي عبدالله يشن هجوماً عنيفاً على الأخوان دقلو وعلى البرهان شخصياً،طبعاً رأي الناجي ليس مقياساً لتوجه الإسلاميين عموماً. و لكنه ربما يدل على الوضعية الجديدة لتوازن القوة بالنسبة للتيار الإسلامي. العسكر اصبحوا بلا غطاء جماهيري بعد الطلاق مع (قوى الثورة)، و أصبحوا يمثلون انفسهم. لو كان تحالف الشراكة القديمة ما يزال قائما، كانت آلة التطبيل الإعلامي لقحت ستتولى التحريض عليه و ستوفر الشرعية و التبرير للعسكر لاعتقاله و زجه في السجن. و لكن العسكر اليوم معزولون و سيجازفون إذا فتحوا جبهة عداء ضد الإسلاميين. ربما هذا ما يراهن عليه الناجي عبدالله و هو يهاجم حلفاء قحت السابقين. حديث الناجي أعاد للأذهان أجواء المفاصلة والصراعات التي أقعدت الحركة الإسلامية والتي يبدو أنها ستستمر في ٳضعافها، فما بين التكتلات هنا وهناك والخلافات في القيادة والرؤية وما بين علي المختفي وعلي المتهوم سيتواصل التمزق وكيد الإخوة.يا تُرى إلى متى سيتحمل عبدالفتاح ومحمد حمدان وأخيه حراك الإسلاميين وخطابهم؟!
(۳)
في تصريحات وتوضيحات صحفية نفي شوكت ما تم تداوله بشأن حديثه غير المقبول بحق الأستاذ لقمان أحمد وقبل هذا وذاك وقوع محمد شوكت في وحل التساهل في سب العقيدة وحدوث هذا في شهر رمضان المبارك أمر شنيع وشائن بكل ماتحمل الكلمة من معني. مؤكدأن المحامي محمد شوكت قد قال ماتم تداوله وليس هناك سبيل للإنكار أو الدفاع عن موقفه وسوء تصرفه لاسيما هو رجل قانوني فالصوت للرجلين، نعم لهما وغير مصنوع أو مدبلج ولا يحتاج الأمر لخبراء في علوم الاصوات والالكترونيات ، لو كان مفبركا أومصنوعا وفق برامج متخصصة هل يخرج بذات بصمة صوت الشخص؟ طيب فرضا لنقل إن هذا حصل فعلا .. السؤال لماذا تتم فبركة وتركيب تماثل صوتي لحديث قانونيين (ما يسووووو تعريفتين )من حيث القيمة السياسية، لماذا لم يتم الترتيب لإنتاج نماذج شديدة التأثير لشخصيات اكبر وأهم؟ بذات اللغة والاشارات العنصرية البغيضةو المرفوضة ؟
لطالما تسألت في حيرة عن سبب تفشي العنصرية في صفوف الاسلاميين مع ان أول رسالات الاسلام كانت الاخاء بين بني آدم، و سواسية الناس (عربي و اعجمي و ابيض و اسود)، و ألا تمييز الا بالتقوي التي هي هاهنا (في القلب الذي لا يعلم مافيه الا الله) ؟ ليت الاسلاميين يجيبون علي هذا السؤال!!
إن المحامي الذي تفوه بتلك العبارات و هو يظن أنه يفضي بها في السر قد فضحه الله و فضحه جهاز الالتقاط المفتوح.. فتلك العبارات لا تحط من قدر من اطلقت عليه بل من قدر مطلقها، و بدلاً عن النفي و التكذيب و الكذب و الانكار كان الاولى أن يعتزل الناس و يختار له منفي يختلي فيه و يسأل الله أن يفغر له ذلته و سقطته المشهودة، إذ قديما قال زهير: و مهما تكن لإمرئٍ من خليقة و إن خالها تخفي علي الناس تُعلَم. علي كل حال فشل المشروع الاسلامي مناهضة العنصرية .. و الواقع أنه اشعلها نار فتنة.
عنصرية منسوبي المؤتمر الوطني و الحركة الاسلامية فهي مثبتة بالبراهين الساطعة،انقسام ١٩٩٩م بين البشير و الترابي كان انقسام عنصري الاساس بامتياز، صحيح بعض كوادرهم في الشمال و الوسط اصطفوا خلف الشيخ و بعض كوادرهم في دارفور اصطفوا خلف البشير.. الا أن ذلك لا يخفي حقيقة إن الصبغة الغالبة كانت انقسام علي اسس عنصرية.. كما تم استغلال العنصرية بكثافة في التحشيد و الدعاية لكل جناح و كأداة للصراع و التحريض للقتال في الحرب التي عقبت الانقسام و كانت دارفور مسرحها (حرب الجنجويد ضد قري الزرقة، و حرب الزرقة ضد فرقان العرب)، و التسريب الذي نقله الترابي في ندوة الميدان الغربي سنة ٢٠٠٥م تقريباً لحديث البشير مع رئيس لجنة التحقيق في جرائم دارفور تمثل احد العلامات الفارقة في لغة التحريض العنصري بما حوته من دلالات عرقية عنيفة و عنف لفظي جنسي في قمة الابتذال.
حتي ثورة ديسمبر و شعاراتها النبيلة (ياعنصري ومغرور )و نوايا الناشطين الحسنة (كلنا لقمان) لن تجدي في علاج داء العنصرية الوبيل كما لم تجدي ادبيات الألأربعينات و الخمسينات (رعيل الاستقلال) و ماقبلها في بطولات علي عبداللطيف عندما رفض أن يجيب علي سؤال القاضي الاستعماري عن قبيلته و اجاب (سوداني)و قصائد: نحن للقومية النبيلة ما بندور عصبية القبيلة/ و انا سوداني/ ..الخ
علاج داء العنصرية لن يتم بنوايا و لا ادبيات إنما باستراتيجية مكتملة، استراتيجية لا تعتمد علي الأدوات فقط (التعليم و الاعلام و القانون ..) إنما تركز بشكل أساسي علي المضمون و المحتوى، فبلا ضمان شيوع وعي و قناعة بأن العنصرية عار و عيب و مرض.. فلن تجدي كل الادوات في اجتثاثها مهما كانت فاعلة. علة العنصرية الأولي هي الفقر و التخلف، فالفقر يُورث الكُفر و (سب العقيدة) و العنصرية و كل رذيلة، و التنمية و الرفاهية تتيح المجال لتنمية كل ما هو نبيل و اخلاقي!
mido34067@gmail.com
//////////////////////////

 

آراء