آلاف المتظاهرين في أمدرمان رفضا لانتهاكات الأمن… والاعتقالات تتواصل

 


 

 

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أطلقت قوات الأمن السوداني، الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بكثافة، على الآلاف من المحتجين، الإثنين في تظاهرات مليونية في شارع الشهيد عبد العظيم، في مدينة أمدرمان غربي العاصمة الخرطوم، ومناطق أخرى، رفضا لانتهاكات قوات الأمن وللمطالبة بإسقاط الانقلاب العسكري، وبالتزامن واصلت السلطات حملات الاعتقالات ضد المعارضين.

ونددت لجان المقاومة بالقمع المفرط لتظاهرات الأمس، وسقوط عشرات المصابين وحالات الاختناق.

ومنذ صباح الأمس، وقبل ساعات من الموعد المحدد للتظاهرات، توجه المحتجون من مدينة الخرطوم إلى مدينة أمدرمان، في مجموعات صغيرة، تحسبا لإغلاق الطرق والجسور.

وفي مدينة بحري شمالي الخرطوم، تجمع الآلاف، قبل أن يتوجهوا سيرا على الأقدام عبر جسر شمبات إلى مدينة أمدرمان، حيث استقبلهم المتظاهرون هناك بالهتاف وطرق الطبول.

وعلى الرغم من إطلاق القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بكثافة على المتظاهرين، والذي ارتفعت وتيرته بالتزامن مع وصول المواكب القادمة من بحري، وسقوط عشرات المصابين وحالات الاختناق تواصلت التظاهرات ما بين كر وفر حتى المساء.

وقالت أميرة صالح متظاهرة (30 عاما) لـ«القدس العربي» إنها جاءت من الخرطوم إلى أمدرمان منذ وقت مبكر، للمشاركة في مليونية الإثنين للتضامن مع مدينة أمدرمان التي واجهت قمعا عنيفا من السلطات، مؤكدة أنها ستواصل التظاهر حتى سقوط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين.

وبعد إعلان تنسيقيات لجان مقاومة مدينة أمدرمان غربي الخرطوم، عن تظاهرات الاثنين، تحت شعار (أمدرمان لا تنكسر) ردا على القمع العنيف الذي واجهته المدينة، تداعت عدد من تنسيقيات لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم، مؤكدة مشاركتها في تظاهرات أمدرمان.

 

«لن تسيروا وحدكم»

 

وقالت تنسيقيات لجان مقاومة بحري، في بيان مقتضب: «إلى لجان مقاومة أمدرمان، لن تسيروا وحدكم، بل كلنا معا» لحقتها تنسيقيات لجان مقاومة شرق النيل وبعدها توالت بيانات المناصرة.

وكانت لجان مقاومة بحري، قد أغلقت كبري شمبات وعدداً من الطرق داخل المدينة، مساء الأحد، معلنة إحراق ألف إطار سيارة تنديدا بالعنف والقمع الذي تنتهجه السلطات في مواجهة التظاهرات السلمية.

والسبت الماضي، حاصرت الأجهزة الأمنية تظاهرة في مدينة أمدرمان، وأطلقت على المتظاهرين الرصاص ومتناثر الرصاص، بالإضافة إلى الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بكثافة، مما أسفر عن سقوط قتيل وعشرات الجرحى، في وقت لم تسمح الأجهزة الأمنية للكوادر الطبية وسيارات الإسعاف بالمرور، الأمر الذي نددت به منظمات دولية ومحلية ووصفته بالمجزرة.

 

«لجان المقاومة» نددت بـ«القمع المفرط» وتوعدت بالتصعيد

والأحد، دعت تنسيقيات لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم للتصعيد المفتوح في كل مدن وقرى السودان، مؤكدة أن قمع السلطات العنيف للحراك السلمي لن يثنيها عن الاستمرار في التصعيد حتى إسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين. أكدت تنسيقيات لجان المقاومة في أمدرمان، استمرار التصعيد حتى ينعم السودانيون بدولة القانون والمواطنة الحقيقية وإعادة العسكر إلى ثكناتهم وإلى مهامهم في حفظ الحدود وحماية البلاد.

وقالت، في بيان، أمس: «إن الشوارع مروية بدماء أبنائنا، الذين ظلوا يرتقون سراعاً أحدهم تلو الآخر، يدفعون أرواحهم بسخاء فداء الوطن الذي استباحه العسكر وأعوانهم».

 

قمع وحشي

 

ونددت بــ»القمع الوحشي للمتظاهرين السلميين في الشوارع» مؤكدة أنها لن تتنازل عن اللاءات الثلاث « لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية» ولن تفرط في شعارات الثورة السودانية «حرية، سلام وعدالة».

وأضافت: «لن نحيد عن ثورتنا حتى تحقيق غاياتها في دولة الأمن والسلام والعدالة، والفيصل بيننا وبين العسكر هي الشوارع التي لا تخون، ولن نهدأ حتى نراهم خلف القضبان ينالون جزاء أعمالهم».

وأكملت: أن «فعلنا المقاوم الرافض للانقلاب مستمرٌ بلا توقف لأجل تحقيق الحرية والسلام والعدالة وبناء الديمقراطية الراسخة والمستدامة في بلادنا التي عانت من ظلم الأنظمة العسكرية والدكتاتورية والشمولية منذ عقودٍ طويلة أقعدت البلاد وعطلت مصالح أجيال من السودانيين والسودانيات».

وفضلا عن التظاهرات في مدينة أمدرمان، شهدت عدد من أحياء مدينة الخرطوم تظاهرات غير مركزية، كان أبرزها في حي بري شرقي الخرطوم، القريب من المقر الرئيسي للقيادة العامة للجيش السوداني.

وحاصرت قوات الأمن، موكبا بريا من اتجاهات مختلفة وأطلقت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بكثافة على المحتجين، بينما انتشرت سيارات مدرعة وباصات مزودة بأقفاص مخصصة للاعتقالات في محيط المنطقة، حسب شهود عيان. وعلى خلفية استمرار قمع الأجهزة الأمنية للاحتجاجات السلمية الرافضة للانقلاب، عقدت الآلية الثلاثية المشتركة المكونة من بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) والاتحاد الافريقي والإيغاد اجتماعا الأحد. وأعربت في بيان عن قلقها البالغ إزاء استمرار استخدام القوة المفرطة في الرد على الاحتجاجات، مشيرة إلى مناشدتها السلطات وقف العنف وإطلاق سراح جميع المعتقلين، بمن فيهم أعضاء لجان المقاومة، ووقف جميع الاعتقالات ورفع حالة الطوارئ.

وطالبت، بإجراء تحقيقات موثوقة في جميع حوادث العنف، مؤكدة أن تهيئة الظروف المواتية تعد أمرا بالغ الأهمية لإنجاح العملية السياسية، التي تقوم بتيسيرها وينبغي أن تتم على وجه السرعة. كما نددت قوى «الحرية والتغيير» بالعنف المتصاعد خلال الفترة الماضية وفي معتبرة مؤشرا لفقدان قادة الانقلاب للإرادة السياسية وعدم رغبتهم في مناخ ديمقراطي أو حل سياسي.

وشددت على أنه لا يمكن الشروع في أي عملية سياسية منتجة في ظل حالة الطوارئ والعنف المفرط والقتل المستمر في مواجهة الحركة الجماهيرية واستمرار الاعتقالات السياسية والقرارات الارتدادية التي تتخذها السلطة الانقلابية لصالح نظام الرئيس المخلوع عمر البشير».

وفي الأثناء، تتواصل الاعتقالات، وبعد ساعات قليلة من اعتقال القيادية في الحزب الشيوعي السوداني آمال الزين، التي أفرج عنها لاحقا، إذ اعتقلت السلطات الناشط في العمل الإنساني والمدير التنفيذي لمنظمة «حاضرين» الناشطة في علاج مصابي الثورة السودانية، ناظم سراج.

وحسب مقربين من سراج، تحدثوا لـ«القدس العربي» فقد، ألقت القبض عليه مجموعة ترتدي الزي المدني، ولم يتم حتى كتابة التقرير إخطار أسرته بمكان وأسباب اعتقاله.

واعتقلت السلطات أيضا مسؤول تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل في ولاية الجزيرة عبد الله محمد الحسن. وقال المتحدث باسم الحزب، عادل خلف الله لـ«القدس العربي» أن الحسن أعتقل أمس من دار الحزب في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، وسط السودان، بعد مشاركته في اجتماع جمع عدد من القوى السياسية ولجان المقاومة ولجان التسيير النقابية والمهنية، لتأسيس جبهة شعبية للديمقراطية والتغيير.

ويقبع العشرات من المعتقلين السياسيين في سجون السلطات السودانية في أوضاع صحية وإنسانية متردية.

ونددت تنسيقيات لجان المقاومة، بالاعتقال والاخفاء القسري للمحتجين والناشطين السياسيين، وحملت السلطات كامل المسؤولية عن صحة وسلامة المعتقلين والمعتقلات.

وأدانت لجان مقاومة حلفاية الملوك، في مدينة بحري شمالي الخرطوم، اعتقال ناظم سراج، مشددة على أن من تعتقله سلطة الانقلاب يحرره إسقاطها. ودعت المحتجين لاتخاذ الحيطة والحذر وتأمين أنفسهم من أعمال الاعتقال.

ومنذ انقلاب الجيش في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قتل نحو 96 متظاهر وتجاوز عدد المصابين 6000، بالإضافة إلى عشرات المعتقلين.

 

 

آراء