فض الإعتصام يوم حداد سنوي عليكم التطهر فيه من آثامكم سنوياً يا قوات الشعب المسلحة .. بقلم/ عمر الحويج
كبسولة :-
آخر صيحة : الإسلامويون بعد أن اعتاشوا وعاشوا عمرهم الفات كله على تزوير التاريخ وإقصاء وإبعاد اليسار وخاصة الشيوعي السوداني
آخر صيحة:الإسلامويون وقد "إحتار بهم الدليل" توكلوا على الله وأسسوا حزباً يسارياً باسم حزب العمال السوداني رئيسه الإسلاموي هاشم فنجالي
آخر صيحة: الإسلامويون لا تندهشوا منهم لو أسسوا حزبهم الجديد بعد أن "يفشل حزب العمال" باسم الحزب الإسلامي الشيوعي السوداني .
وعجبي..!!
***
ما ظل يهزني ، ويهد كياني ويتركني نهباً لأفكاري ، ووساوسي ، التي يحبطها ويحيطها بألوان الأسى والحسرة والفجيعة، ويحيل مسيرة يومي إلى هموم تثقل الصدر والعقل والقلب ، هي مشاهدة الفيديوهات التي نقلت لنا بالصوت والصورة ، بشاعة وفظاعة وشناعة ، ما جرى في فض إعتصام القيادة العامة ، حيث تتجاذبني حالتان من الغضب المؤرق والقاتل البطئ ، الذي لا يفش الغبينة منه ، إلا القصاص من هؤلاء القتلة .
الحالة الأولى من الغضب ، وهو لو تدرون غضب عرمرم تجاه اؤلئك الكبار القابعون مع أسرهم وأولادهم وبناتهم يتهنون بدنياهم الفانية، ويتهادون مع زوجاتهم ، وخليلاتهم ، وما ملكت إيمانهم ، مثنى وثلاث ورباع ، لمزيد من المتعة حلالها وحرامها ، وتتويجها بالعيال زينة الحياة الدنيا ، ويبيدون فيها تلك اللحظات ، عيال الآخرين بكل برودة البال المرتاح ودون أن يرمش لهم جفن ، ولا يحسون بوخز الضمير ، لما إقترفته قراراتهم وأوامرهم ، من إنتهاكات لحقوق الإنسان وإهدار القيم ، كما لم يشهدها بشر إلا في عهود الفاشية والنازية والخمير الحُمر مرفق بهم الهولاكية التتارية ، ولا تهتز لهم شعرة ، من فظاعة قرارهم بفض الإعتصام .
أما الغضب الآخر ، فمن هؤلاء اللابشر ، الذين نفذوا هذه القرارات ، وتجاوزوا طريقة التنفيذ ، بما لايمكن أن يمارسه صاحب عقل وضمير ، ولا حتى حيوانات الغابة ، لايمكن أن تمارس عنفها ضد بعضها البعض بهذه الطريقة الوحشية ، ومن يدعي أنهم فقط انصاعوا لأوامر رؤسائهم ، لن تكونوا صادقين ، كما لن يعفيهم هذا من جرمهم ، فحتى لو مارسوا القتل الجماعي حسب الأوامر ، لقلنا أنهم نفذوا التعليمات التي تلقوها، ولكن التفاصيل التي مارسوا بها التعليمات تجعلهم شركاء من الدرجة الأولى ، مثلهم مثل من أعطاهم الأوامر .
من أين أتى هؤلاء اللاناس اللا بشر . هنا يصدق فيهم ، قول راحلنا الطيب صالح ، وإن اختلفت الرؤى في البحث عن إجابة سؤال الطيب صالح ، إلا أن هؤلاء الذين يسمونهم قوى أمنية ليسوا كذلك ، فهم فاقوا سؤال كاتبنا من أين آتى هؤلاء الناس إلى اللاناس اللابشر ، وإن كانوا من ذات المنشأ الأول ، ولكنهم تعدوا وصف الناس ، ، فهؤلاء بالتأكيد فصيلة من الكائنات شبه الحية ، تكوينها من جينات مرت بطفرات دراكولية ، صممت خصيصاً لهذه الصناعة البشعة في السودان، كما صنع لنا الانجليز سجائرنا في أيام عجائبنا المتعددة .
أحكي لكم في زماننا حين شبابنا ، ونحن نعارض نظاماً عسكرياً ، وكنا يفعاً ، كما جيلنا الراكب راس ، وكان ذلك النظام يدافع عن نفسه، كما كل ديكتاتور ، لكن الفرق كان في أدواته ، فقد كانواُ ، بشراُ ادوات التنفيذ ، القوات الأمنية ، كانوا لم يئن أوان طرح ذلك السؤال عليهم بعد ، فقد كانوا ، لازالوا هم الأهل والأقارب والجيران ، أما أولئك الذين طرح عليهم الطيب صالح سؤاله فقد كانوا حينها تحت التدريب اللا بشري ، يتحسسون مسيرتهم ، التي وصلوها ليلة إنقلابهم الأول ، بعدما تشرنقت فصيلتهم ، خرج الينا الشر من قمقمه ، وظل يفرز سمومه فينا حتى يومنا هذا .
قلت أن نظام عبود كان يدافع عن وجوده بأوامر يصدرها لعساكره ، بتراتبية مهنية ، وهم يحملون نفس التسمية قوات أمنية ، لكن أنظروا الفرق .
في حادثة حدثت لي شخصياً ، "لم يحكها لي أحد " استطراد خفيف عفواً ، تذكرون قولة المخلوع المشهورة ، وعلى فكرة بالصدفة بعد الرجوع لكبسولاتي ، وجدت واحدة ، بتاريخها ولحظة كتابتها، لم تتعدى اللحظات عند سماعها من فم المخلوع ، فقد كنت أول من قبضت عليه متلبساً بتلك المقولة الهزلية الغبية ، والتي سارت بها الركبان ، فأذعتها بعد لحظات من سماعها ، فأحسست بأني فشيت بطني ذلك اليوم من نظامهم وتسقط بس .
عفواً هذا استطراد عابر ، دعوني أعود لحادثتي تلك المعنية،بغرض المقارنة ، فقد كان عبود وطغمته الفاسدة ونظامه الديكتاتوري ، برغم أولئك الذين قابلوه وهتفوا له "ضيعناك وضعنا وراك" تلك الكانت في الأصل موجهة رفضاً للحكام الجدد أكثر مما هي موجهة اليه شخصياً ولحكمه ، أليس كذلك ياعثمان ميرغني ، وعفواً للخروج عن النص ، فالذكريات تتداعى . فقد كان عبود يدافع عن نظامه بذات الأجهزة الأمنية ، التى أكلها سوس الكيزان فيما أتى من زمان . ففي تجمع طلابي التأم ضد نظامه ، خرجنا طلاب وطالبات جامعة القاهرة فرع الخرطوم في مظاهرة عاتية قبيل سقوط النظام بداية إندلاع ثورة اكتوبر ٦٤م ، هاجمتنا الشرطة من خلفنا ، وتفرقنا أيدي سبأ ، وأنا أهرول مع المهرولين ، فاذا بي " أتكعبل" وأقع واطه ، علماً بأني كنت أحسب نفسي من الرياضيين ، حيث لعبت كرة القدم ، التي أوصلتني لمرة واحدة فقط ، لم تتكرر لإستاد عطبرة الرياضي ، والذكريات أيضاً تتداعى . المهم رفعت رأسي وأنا على الأرض ، ورأيت الشرطي على هذا الرأس المرفوع إلى أعلى ، وعلى يده عصاته السميكة المدببة ، وليس خرطوشه أو كلاشنكوفه أو دوشكته أو علبة بمبانه القاتلة ، كما هو حادث الآن ، عصاته فقط تلك السميكة المدببة لا غير ، رأيتها مرتفعة ، تود الإنقضاض ، ظننتها ستكون على أم رأسي ، الذي لم يشوف جديده بعد ، ولكن ما حدث ، كان غير ذلك وحَسُن ظني بتلك العصاة ، ولم أهابها من بعد ، فما حدث ، أن يد الشرطي اليسرى إمتدت تجاهي وأمسكت بي من يدي اليمنى لترفعني ، من وقعتي السودة تلك ، بل يقودني هذا الشرطي من هذه اليد ذات نفسها ، ويوجهني إلى مخرج آمن ، لأهرول بعدها مع المهرولين -شاكراً له في ، سري طبعاً تعاطفه معي- وكانت هرولة السلامة ومخرج الأمان هكذا كانت شرطتنا ، قبل أن يلوثها الملوثون .
لنرى الآن كيف كان فض الإعتصام ، كم واحد من الشباب والشابات ، وقع على الأرض ، وكانت الرصاصة تخترق صدره ، في لحظتها ، فأسكتت منه القلب والجسد نهائياً ، كم من الشباب والشابات ، تم حرقه داخل خيمته حياً ، كم منهم ، رُبط بكتلة أسمنتية والقى به في نيلنا الخالد ، خلود هؤلاء الأبطال الشهداء ، كم شابة أُخذت مقهورة للإغتصاب ، وكان ساترها وحائطها من أعين الأخرين وعيون الكاميرات، العشَرة المبشرون بالجحيم الآتي ، والمدججين بالسلاح ، يحوطونها إحاطة السوار بالمعصم حول محيطها ، هؤلاء المنتظرين المناوبة عليها لإفتراسها ، هذا قليل من كثير ، لم تستطع عيون الكاميرات نقله الينا ، سترة أو خوفاً أو سنسرة للأشرطة ، وإلا كان أغلبنا قد مات قهراً لما يرى أمامه من فظائع ، بيد هؤلاء اللاناس اللا بشر ، ولكن رغم ذلك يأبي الخيال إلا أن يجبرنا على أن نراه عيانا يياناً ، في تخيلنا لو لم نجده على الأشرطة لأخترعنا تفاصيله ، بعد ما شاهدنا ما نقلته الينا الكاميرات ، من وقائع حية يشيب لها شعر الرأس والولدان . ولا تطاوعني نفسي الأمارة بالخير ، لذكر هذه الوقائع ، فهي ليست للحكي وإنما للحفظ في ذاكرة الشعب أبد الآبدين ، فقد رأها الجميع ، وعلينا فقط استرجاعها ،فإن الذكرى تنفع المناضلين والثوريين ،وذوي القلوب والضمائر الحية ، وفي النهاية تجدون كل ماحدث ليس تنفيذاً لأوامر وتعليمات يتم تفعيلها ، بين جيشين متقاتلين ، وإنما هي ذاتها بصفاتها ، تلك الإبادة الجماعية للسلميين من البشر العزل وهم نيام ، ولمن لم يرأها في دارفور ، تلك الآبادة الجماعية ، أوفي جنوب كردفان ، أوالنيل الأزرق فقد رأى تفاصيلها ، في فض إعتصام القيادة العامة ويا للهول..!! .
فهل ياترى هؤلاء منفذين لأوامر تلقوها ، أو تعليمات أتوها ، أم هم فاعلين أصيلين وليسوا متلقين لأوامر قادتهم ، فعلى القضاء الإتي بعد الإنتصار ، أن يفحص في كل الوجوه ، فرداً فرداً ، التي ظهرت في كل الفيديوهات التي شاهدناها وشاهدها معنا كل العالم ، من أدناه إلى أقصاه ، ليتم جلبهم للعدالة ليحاكموا ، مثلهم وأولئك المجرمين أصحاب القرار وصدق الشباب يا المشنقة يا الزنزانة ، وأظن يا..المشنقة يا..المشنقة ، ومعهم كل الذين ارتكبوا الجرائم المشابهة ، منذ إنقلاب 25 اكتوبر وحتى الآن وحتى ما سيأتي من جرائم سيرتكبونها حتماً ، طالما ظلوا ممسكين بأسنانهم وأظفارهم على السلطة ، وذلك لحين الإنتصار النهائي ، وسقوط الإنقلاب وتوابعه من القائمين عليه والمساندين له . أولئك الذين إعترفوا بعضمة لسانهم بأنه "حدث ما حدث" .
وكلمة أخيرة ، على الشعب السوداني ، أن يُعامل يوم فض الإعتصام يوماً للحداد الوطني ، يحمله الناس في جوانحهم وذواكرهم عنواناً ، وتذكاراً للبشاعة والفظاعة والشناعة ، يقومون سنوياً بالإصطفاف حول النيل ، يحملون الورود اليه ويجعلونها ، تحلق وتبحر حول مجراه وعلى ضفافه ، لتحي أرواح شهدائنا الذين ما ماتوا فهم أحياء بيننا ، وأن يتواصل ذات اليوم ، بزيارة قبور الشهداء قبراً قبراً ، ووضع تقليداً لنا جديداً وحميداً ، بوضع الورود عليها ، تخليداً لذكراهم الخالدة .
أما الأجهزة الأمنية، وحتى تُكفِر عن هذه الجريمة الشنعاء ، التي فارقت فيها دورها ووظيفتها في حماية الوطن ، عليها أن تخصص في هذا اليوم ، وقفة أمام القيادة العامة سنوياً ، اصطفافاً رمزياً وسلوكاً فعلياً ، مضمونه يكون ، بحملهم ليس سلاحهم ذلك اليوم وإنما اداة يعاقبون بها أنفسهم ، شئياً يكون قريباً مما يفعله شيعة العراق وغيرهم عند التطهر من الجريمة ، وليس بالضرورة أن يكون مطابقاً، وإنما شكلاً مقارباً يشكل تطهيراً لأنفسهم من ثقل مجزرة فض الاعتصام ، التى لن يمحوها ويخفف من وقع ذكراها في النفوس ، حتى أبد الإبدين ، إلا هذا التقليد السنوي التكفيري التطهري ، من قبل القوات المسلحة ، بالطريقة الرمزية التي يرونها مناسبة ، حتى تزيل آثام وأثار هذه الجريمة النكراء ، وكل الجرائم التي أرتكبت باسم القوات المسلحة منذ الإستقلال وحتى تاريخه ، وتتحمل هي وزرها .
ولكم شهداء الشعب السوداني الخلود : أين ومتى ولماذا وكيف كان استشهادكم .
omeralhiwaig441@gmail.com
/////////////////////////
آخر صيحة : الإسلامويون بعد أن اعتاشوا وعاشوا عمرهم الفات كله على تزوير التاريخ وإقصاء وإبعاد اليسار وخاصة الشيوعي السوداني
آخر صيحة:الإسلامويون وقد "إحتار بهم الدليل" توكلوا على الله وأسسوا حزباً يسارياً باسم حزب العمال السوداني رئيسه الإسلاموي هاشم فنجالي
آخر صيحة: الإسلامويون لا تندهشوا منهم لو أسسوا حزبهم الجديد بعد أن "يفشل حزب العمال" باسم الحزب الإسلامي الشيوعي السوداني .
وعجبي..!!
***
ما ظل يهزني ، ويهد كياني ويتركني نهباً لأفكاري ، ووساوسي ، التي يحبطها ويحيطها بألوان الأسى والحسرة والفجيعة، ويحيل مسيرة يومي إلى هموم تثقل الصدر والعقل والقلب ، هي مشاهدة الفيديوهات التي نقلت لنا بالصوت والصورة ، بشاعة وفظاعة وشناعة ، ما جرى في فض إعتصام القيادة العامة ، حيث تتجاذبني حالتان من الغضب المؤرق والقاتل البطئ ، الذي لا يفش الغبينة منه ، إلا القصاص من هؤلاء القتلة .
الحالة الأولى من الغضب ، وهو لو تدرون غضب عرمرم تجاه اؤلئك الكبار القابعون مع أسرهم وأولادهم وبناتهم يتهنون بدنياهم الفانية، ويتهادون مع زوجاتهم ، وخليلاتهم ، وما ملكت إيمانهم ، مثنى وثلاث ورباع ، لمزيد من المتعة حلالها وحرامها ، وتتويجها بالعيال زينة الحياة الدنيا ، ويبيدون فيها تلك اللحظات ، عيال الآخرين بكل برودة البال المرتاح ودون أن يرمش لهم جفن ، ولا يحسون بوخز الضمير ، لما إقترفته قراراتهم وأوامرهم ، من إنتهاكات لحقوق الإنسان وإهدار القيم ، كما لم يشهدها بشر إلا في عهود الفاشية والنازية والخمير الحُمر مرفق بهم الهولاكية التتارية ، ولا تهتز لهم شعرة ، من فظاعة قرارهم بفض الإعتصام .
أما الغضب الآخر ، فمن هؤلاء اللابشر ، الذين نفذوا هذه القرارات ، وتجاوزوا طريقة التنفيذ ، بما لايمكن أن يمارسه صاحب عقل وضمير ، ولا حتى حيوانات الغابة ، لايمكن أن تمارس عنفها ضد بعضها البعض بهذه الطريقة الوحشية ، ومن يدعي أنهم فقط انصاعوا لأوامر رؤسائهم ، لن تكونوا صادقين ، كما لن يعفيهم هذا من جرمهم ، فحتى لو مارسوا القتل الجماعي حسب الأوامر ، لقلنا أنهم نفذوا التعليمات التي تلقوها، ولكن التفاصيل التي مارسوا بها التعليمات تجعلهم شركاء من الدرجة الأولى ، مثلهم مثل من أعطاهم الأوامر .
من أين أتى هؤلاء اللاناس اللا بشر . هنا يصدق فيهم ، قول راحلنا الطيب صالح ، وإن اختلفت الرؤى في البحث عن إجابة سؤال الطيب صالح ، إلا أن هؤلاء الذين يسمونهم قوى أمنية ليسوا كذلك ، فهم فاقوا سؤال كاتبنا من أين آتى هؤلاء الناس إلى اللاناس اللابشر ، وإن كانوا من ذات المنشأ الأول ، ولكنهم تعدوا وصف الناس ، ، فهؤلاء بالتأكيد فصيلة من الكائنات شبه الحية ، تكوينها من جينات مرت بطفرات دراكولية ، صممت خصيصاً لهذه الصناعة البشعة في السودان، كما صنع لنا الانجليز سجائرنا في أيام عجائبنا المتعددة .
أحكي لكم في زماننا حين شبابنا ، ونحن نعارض نظاماً عسكرياً ، وكنا يفعاً ، كما جيلنا الراكب راس ، وكان ذلك النظام يدافع عن نفسه، كما كل ديكتاتور ، لكن الفرق كان في أدواته ، فقد كانواُ ، بشراُ ادوات التنفيذ ، القوات الأمنية ، كانوا لم يئن أوان طرح ذلك السؤال عليهم بعد ، فقد كانوا ، لازالوا هم الأهل والأقارب والجيران ، أما أولئك الذين طرح عليهم الطيب صالح سؤاله فقد كانوا حينها تحت التدريب اللا بشري ، يتحسسون مسيرتهم ، التي وصلوها ليلة إنقلابهم الأول ، بعدما تشرنقت فصيلتهم ، خرج الينا الشر من قمقمه ، وظل يفرز سمومه فينا حتى يومنا هذا .
قلت أن نظام عبود كان يدافع عن وجوده بأوامر يصدرها لعساكره ، بتراتبية مهنية ، وهم يحملون نفس التسمية قوات أمنية ، لكن أنظروا الفرق .
في حادثة حدثت لي شخصياً ، "لم يحكها لي أحد " استطراد خفيف عفواً ، تذكرون قولة المخلوع المشهورة ، وعلى فكرة بالصدفة بعد الرجوع لكبسولاتي ، وجدت واحدة ، بتاريخها ولحظة كتابتها، لم تتعدى اللحظات عند سماعها من فم المخلوع ، فقد كنت أول من قبضت عليه متلبساً بتلك المقولة الهزلية الغبية ، والتي سارت بها الركبان ، فأذعتها بعد لحظات من سماعها ، فأحسست بأني فشيت بطني ذلك اليوم من نظامهم وتسقط بس .
عفواً هذا استطراد عابر ، دعوني أعود لحادثتي تلك المعنية،بغرض المقارنة ، فقد كان عبود وطغمته الفاسدة ونظامه الديكتاتوري ، برغم أولئك الذين قابلوه وهتفوا له "ضيعناك وضعنا وراك" تلك الكانت في الأصل موجهة رفضاً للحكام الجدد أكثر مما هي موجهة اليه شخصياً ولحكمه ، أليس كذلك ياعثمان ميرغني ، وعفواً للخروج عن النص ، فالذكريات تتداعى . فقد كان عبود يدافع عن نظامه بذات الأجهزة الأمنية ، التى أكلها سوس الكيزان فيما أتى من زمان . ففي تجمع طلابي التأم ضد نظامه ، خرجنا طلاب وطالبات جامعة القاهرة فرع الخرطوم في مظاهرة عاتية قبيل سقوط النظام بداية إندلاع ثورة اكتوبر ٦٤م ، هاجمتنا الشرطة من خلفنا ، وتفرقنا أيدي سبأ ، وأنا أهرول مع المهرولين ، فاذا بي " أتكعبل" وأقع واطه ، علماً بأني كنت أحسب نفسي من الرياضيين ، حيث لعبت كرة القدم ، التي أوصلتني لمرة واحدة فقط ، لم تتكرر لإستاد عطبرة الرياضي ، والذكريات أيضاً تتداعى . المهم رفعت رأسي وأنا على الأرض ، ورأيت الشرطي على هذا الرأس المرفوع إلى أعلى ، وعلى يده عصاته السميكة المدببة ، وليس خرطوشه أو كلاشنكوفه أو دوشكته أو علبة بمبانه القاتلة ، كما هو حادث الآن ، عصاته فقط تلك السميكة المدببة لا غير ، رأيتها مرتفعة ، تود الإنقضاض ، ظننتها ستكون على أم رأسي ، الذي لم يشوف جديده بعد ، ولكن ما حدث ، كان غير ذلك وحَسُن ظني بتلك العصاة ، ولم أهابها من بعد ، فما حدث ، أن يد الشرطي اليسرى إمتدت تجاهي وأمسكت بي من يدي اليمنى لترفعني ، من وقعتي السودة تلك ، بل يقودني هذا الشرطي من هذه اليد ذات نفسها ، ويوجهني إلى مخرج آمن ، لأهرول بعدها مع المهرولين -شاكراً له في ، سري طبعاً تعاطفه معي- وكانت هرولة السلامة ومخرج الأمان هكذا كانت شرطتنا ، قبل أن يلوثها الملوثون .
لنرى الآن كيف كان فض الإعتصام ، كم واحد من الشباب والشابات ، وقع على الأرض ، وكانت الرصاصة تخترق صدره ، في لحظتها ، فأسكتت منه القلب والجسد نهائياً ، كم من الشباب والشابات ، تم حرقه داخل خيمته حياً ، كم منهم ، رُبط بكتلة أسمنتية والقى به في نيلنا الخالد ، خلود هؤلاء الأبطال الشهداء ، كم شابة أُخذت مقهورة للإغتصاب ، وكان ساترها وحائطها من أعين الأخرين وعيون الكاميرات، العشَرة المبشرون بالجحيم الآتي ، والمدججين بالسلاح ، يحوطونها إحاطة السوار بالمعصم حول محيطها ، هؤلاء المنتظرين المناوبة عليها لإفتراسها ، هذا قليل من كثير ، لم تستطع عيون الكاميرات نقله الينا ، سترة أو خوفاً أو سنسرة للأشرطة ، وإلا كان أغلبنا قد مات قهراً لما يرى أمامه من فظائع ، بيد هؤلاء اللاناس اللا بشر ، ولكن رغم ذلك يأبي الخيال إلا أن يجبرنا على أن نراه عيانا يياناً ، في تخيلنا لو لم نجده على الأشرطة لأخترعنا تفاصيله ، بعد ما شاهدنا ما نقلته الينا الكاميرات ، من وقائع حية يشيب لها شعر الرأس والولدان . ولا تطاوعني نفسي الأمارة بالخير ، لذكر هذه الوقائع ، فهي ليست للحكي وإنما للحفظ في ذاكرة الشعب أبد الآبدين ، فقد رأها الجميع ، وعلينا فقط استرجاعها ،فإن الذكرى تنفع المناضلين والثوريين ،وذوي القلوب والضمائر الحية ، وفي النهاية تجدون كل ماحدث ليس تنفيذاً لأوامر وتعليمات يتم تفعيلها ، بين جيشين متقاتلين ، وإنما هي ذاتها بصفاتها ، تلك الإبادة الجماعية للسلميين من البشر العزل وهم نيام ، ولمن لم يرأها في دارفور ، تلك الآبادة الجماعية ، أوفي جنوب كردفان ، أوالنيل الأزرق فقد رأى تفاصيلها ، في فض إعتصام القيادة العامة ويا للهول..!! .
فهل ياترى هؤلاء منفذين لأوامر تلقوها ، أو تعليمات أتوها ، أم هم فاعلين أصيلين وليسوا متلقين لأوامر قادتهم ، فعلى القضاء الإتي بعد الإنتصار ، أن يفحص في كل الوجوه ، فرداً فرداً ، التي ظهرت في كل الفيديوهات التي شاهدناها وشاهدها معنا كل العالم ، من أدناه إلى أقصاه ، ليتم جلبهم للعدالة ليحاكموا ، مثلهم وأولئك المجرمين أصحاب القرار وصدق الشباب يا المشنقة يا الزنزانة ، وأظن يا..المشنقة يا..المشنقة ، ومعهم كل الذين ارتكبوا الجرائم المشابهة ، منذ إنقلاب 25 اكتوبر وحتى الآن وحتى ما سيأتي من جرائم سيرتكبونها حتماً ، طالما ظلوا ممسكين بأسنانهم وأظفارهم على السلطة ، وذلك لحين الإنتصار النهائي ، وسقوط الإنقلاب وتوابعه من القائمين عليه والمساندين له . أولئك الذين إعترفوا بعضمة لسانهم بأنه "حدث ما حدث" .
وكلمة أخيرة ، على الشعب السوداني ، أن يُعامل يوم فض الإعتصام يوماً للحداد الوطني ، يحمله الناس في جوانحهم وذواكرهم عنواناً ، وتذكاراً للبشاعة والفظاعة والشناعة ، يقومون سنوياً بالإصطفاف حول النيل ، يحملون الورود اليه ويجعلونها ، تحلق وتبحر حول مجراه وعلى ضفافه ، لتحي أرواح شهدائنا الذين ما ماتوا فهم أحياء بيننا ، وأن يتواصل ذات اليوم ، بزيارة قبور الشهداء قبراً قبراً ، ووضع تقليداً لنا جديداً وحميداً ، بوضع الورود عليها ، تخليداً لذكراهم الخالدة .
أما الأجهزة الأمنية، وحتى تُكفِر عن هذه الجريمة الشنعاء ، التي فارقت فيها دورها ووظيفتها في حماية الوطن ، عليها أن تخصص في هذا اليوم ، وقفة أمام القيادة العامة سنوياً ، اصطفافاً رمزياً وسلوكاً فعلياً ، مضمونه يكون ، بحملهم ليس سلاحهم ذلك اليوم وإنما اداة يعاقبون بها أنفسهم ، شئياً يكون قريباً مما يفعله شيعة العراق وغيرهم عند التطهر من الجريمة ، وليس بالضرورة أن يكون مطابقاً، وإنما شكلاً مقارباً يشكل تطهيراً لأنفسهم من ثقل مجزرة فض الاعتصام ، التى لن يمحوها ويخفف من وقع ذكراها في النفوس ، حتى أبد الإبدين ، إلا هذا التقليد السنوي التكفيري التطهري ، من قبل القوات المسلحة ، بالطريقة الرمزية التي يرونها مناسبة ، حتى تزيل آثام وأثار هذه الجريمة النكراء ، وكل الجرائم التي أرتكبت باسم القوات المسلحة منذ الإستقلال وحتى تاريخه ، وتتحمل هي وزرها .
ولكم شهداء الشعب السوداني الخلود : أين ومتى ولماذا وكيف كان استشهادكم .
omeralhiwaig441@gmail.com
/////////////////////////