يكاد عقلي يذهب!
الخضر هارون
9 July, 2022
9 July, 2022
maqamaat@hotmail.com
ويثور السؤال مم ؟ وتجيب القصة التي نحن بصددها: من حب الذهب ،كما تروي الأسطورة التي جذبت انتباهنا ونحن تلاميذ صغار في المدرسة الأولية. والاسطورة كما رواها كتاب المطالعة مختصر لقصة الملك ميداس في الميثولوجيا اليونانية القديمة أخذت طريقها إلي كتاب المطالعة، وهي من ترجمات الكاتب المصري كامل كيلاني أول من كتب للأطفال حيث تصدق الرجل عليهم وأوفي رحمه الله علي نشء الناطقين بالعربية من علمه الغزير مما سطره الأدب الإنقليزي من أساطير الأولين. ولا أدري إن كان هو من صاغها شعراً .
.نعم، يكاد عقل الملك يذهب من عشق الذهب لذلك صاح من فرط الغبطة باقتنائه:
الذهب ...الذهب يكاد عقلي يذهب
الذهب.. الذهب..أعز شيء يقتني
يا ليت كل ذهب في الأرض يأتيني هنا
لقد شغفت نفسه حباً بالذهب إلي حد الهوس فألقي الشيطان في أمنيته بحبائله فتحققت أمنيته لكنها جاوزت حد التحقق إلي حمام الموت، بفقدان الحياة نفسها فاستحال كل شيء مسه إلي تمثال من الذهب، لا أعرف أي عيار كان وقتئذ!
والرجل في سكرة الفرح ونشوته أراد أن يقبّل صغيرته الوحيدة ،فلذة كبده اللاهية في مرح الطفولة وبراءتها تملأ بهما المكان سعادة وحبوراً. وما أن مسها حتي تحولت إلي تمثال من الذهب الخالص أو بالأحرى إلي صنم رائع الجمال يسر الناظرين لكنه جماد فقد نبض الحياة وأنسها! فاسقط في يد الرجل واستحالت الفرحة الكبرى إلي كابوس لم يدر له بخلد. و هكذا الناس أحيانا تجدهم من فرط العجلة يسرفون في التمني ويتغافلون عن المآل وعن عواقب التحقق حتي علي الآجال، آجالهم هم وآجال من يحبون. وصدق الديّان حين قال " وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً" (الآية ٥٤ من سورة الكهف). كاد الحزن يذهب بعقل الملك مرتين، أولاهما فرحاً وسعادة والثانية حزنا علي ا لصغيرة البريئة. وجال ببصره حول مقتنياتها في قصره الفخيم فلم يجد سوي دمي و تماثيل من الذهب فبكي شعراً :
بنيتي تكلمي فقد أثرت ألمي وغدوت ذهباً مصوراً كالصنم
يا لهفتي يا أسفي
يا حسرتي يا ندمي
لقد طارت السكرة بالبهارج والزخارف والطلاءات الخارجية للأشياء و تيقن الرجل كما لم يتيقن من قبل بأن ليس باقتناء الذهب وحده تستقيم الحياة ويسعد الناس. نزل عليه الوعي بذلك كله مرة واحدة واستوعبته صحوة بحقائق الحياة و تكشفت له الحجب. ولو ركب عجلة الزمان إلي يومنا هذا ايغالاً في المستقبل الذي هو حاضرنا نحن ، لزاد من يقينه ولأعتبر بما عليه حال بلاد كثيرة تملك الذهب الذي هام به وتمناه بل و تملك ما هو أثمن من الذهب .ولو أنه تخير بلداً واحداً كبلدنا السودان، لكفاه ذلك عن سائر العبر فهذا بلد كأن الخالق سبحانه قد أقامها علي قلعة عظيمة من الذهب ومع ذلك ظل أهلها يعانون المسغبة بكل صنوفها وأنواعها! وظلوا منذ الأزل، ضحايا أطماع جُردت لها الجيوش وأرسلت لنوالها الغزوات من اليونان القديم وحملات أرسلها عظيم الفرس ،قمبيز من بلاد فارس البعيدة اجتازت المفاوز والقفار وجاءت بعد ذلك ربيعة ومضر من الجوار القريب تقتتلان عليه لثلاثة قرون حتي نضبت عيذاب منه. ثم ظفر بالبلاد الألباني محمد علي باشا حالماً بالحصول عليه ليبني به وبسواعد أهله ملكاً لا ينبغي لأحد بعده، فسام أهلها الخسف بلا طائل . ومع ذلك كله لا نري اليوم للذهب في حياتنا أثراً من نعمة ظاهرة أو باطنة تماثل ثقل وجوده الكثيف علي أرضنا بل نجد نقمه ونحس حجم أطماع الغير للاستحواذ عليه. ومع جلاء هذا الحرمان الذي لا تخطئه عين، نفاخر بوجوده تحت أقدامنا والناس من حولنا يتعجبون أين هو؟ فلا يجدوه نعماً تبهج حياتنا وربما وجدوه اسماً علي هوياتنا الوطنية ، ( اسمي دهب)! وتلك حيازة ما عهدناها تنبت لنا غَلة و لا تروي لنا غُلة . ما أشقانا به من قوم! فهو حرام علينا حلال للطير من كل جنس! ويحملنا الحياء والأدب والإجلال للوطن الذي رضعنا حبه مع لِبان أمهاتنا ، من أن نورد البيت الذي يصف موت الحُمر الأهلية من العطش بينما الماء فوق ظهورها محمول.
ساقني هذا السوق إلي هذا الأمر قصيدة باكية للشاعر المجيد خالد شقوري تتحدث عن صبي ترك مقاعد الدرس في الصف السادس إلي الفلاة يبحث عن المعدن الأصفر ، الذهب. والقصيدة عزف حزين يقطع نياط القلوب وهي مغناة تلتمس في مظانها:
جاء في مطلعها:
يا وجع الغشيم الخاته
في الولد المرق من ساته
الفرزع حويلا حليلا
زي حال السبيطي الحاته
كان متميزاً متوقد الذهن لاكتساب المعارف:
يا هو وحيدا فوق اخواتو
خالف فوق سرج أبواتو
من ما قام نبيه ومربي
دايما نمرو فوق رفقاتو
فارق حن ابوهو سقير
وما خلالو غير معزاتو
من المدرسة الطاحونة
قش المعزي والطابونه
مفارقة المدرسة:
قالها ماني داير ضمة
درديري القراية الغمة
وتم حديثو عند الباب
الدهب..الدهب آ يمة
أنا فايت الدهب آ يمة
شان اسند قفاك آيمة
شان يبرد حشاك آيمة
وقصيدة أخري من غناء المطرب معاوية المقل صاغها شعراً الشاعر عبدالله التاج علي لسان أحد ضحايا البحث عن الذهب تذوب حزنا في تصوير مأساة العطش والجوع والتوهان.
هاكي رسالة ليك يا يمة
نكتبا بدموع عينينا
همنا كلو ياهو رضاكي
يمة أرجوكي أرضي علينا
إلي أن يقول:
تايهن في صحاري غريبة
واقعين في كربتن شينة
تلاتة أيام يا الغالية
لا كريات ولا اتعشينا
كملت في الجراكن الموية
يسكب عليها الطنبور، هذا( الحنين )من إيقاعاته الباكية ،ما يسيل الدمع ويفتت الأكباد!
لقدفعلت طفرة النفط سبعينيات القرن المنصرم في بلاد الخليج ما يفعله التماس الذهب في الصحراء اليوم .فقد التعليم عرشه كسلم وحيد للصعود الاجتماعي والاقتصادي المفضي للوظيف الذي كان يحقق ما فوق حد الكفاف من الرزق ولم تعد أعلي الوظائف كفيلة بتحقيق حد الكفاف نفسه فتسابق الجميع لعبور بحر( المسور) .وبكي الشعراء، وهم حاسة الأمة السادسة يحذرون من عواقب في رحم الغيب: محمد سعيد دفع الله ،السر عثمان الطيب وعلاء الدين عبدالله واسحاق الحلنقي وأسماء أخري لا استحضرها الساعة ، دون أن تنتبه أجهزة الدولة بتدابير تقلل من الخطر وتسد الثغرات كما لم تتصدي مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث بعد ذلك لدراسة تلك الظاهرة ورصد آثارها الإيجابية والسالبة لتكون عوناً لواضعي السياسة لمثيلاتها في المستقبل . ولم أقف إلا علي واحدة قام بها عالم اقتصاد نيجيري قدمها لاحدي المؤسسات الدولية قبل عقود خلت .
واليوم أري في قصيدة خالد شقوري والتاج عبدالله صيحات أرجو ألا تضيع في الأودية المهجورة تردد صداها الآكام بغير عائد . وإني لأرجو بهذه الكلمة أن تلتفت المجتمعات في كل مكان لحماية فلذات أكبادنا من مخاطر هذه الهرولة المحفوفة بالهلاك إلي قلب الصحراء بثمارها المرة المتمثلة في مخاطر الموت الزؤام ، جوعاً وعطشاً وتسمماً بالمواد الخطرة المخصصة لمعالجة ما يجدون من الذهب مع خطر الفقد التربوي آجلاً وأن ينتبه أولياء الأمور إلي اتخاذ خطوات تقلل من تلك الأخطار ليحددوا مثلاً شروطاً للقادرين المغامرين الذين يرومون اقتحام المجهول بتسجيل أسمائهم وبضرورة التزود بأجهزة الاتصال الأحدث وبالبوصلات المحددة للاتجاهات أو اصطحاب أدلاء يجعلون لهم خرجاً من كسبهم مع خزانات متحركة من مياه الشرب. ولا عذر إن قصرت و عجزت إمكانات مؤسسات الدولة الرسمية عن القيام بذلك ، لسائر منظمات المجتمع المدني: الأندية الرياضية والاجتماعية والثقافية وكافة الروابط من اقتحام الميدان لحماية النشء والحرص علي حيواتهم وحقوقهم المشروعة في المعرفة والاستنارة وليكن هذا الهم هو الشاغل الأهم في أذهان المنظمات الأهلية التي ذكرت في تخصيص حيز من اهتماماتها للتنوير الثقافي وعقد الندوات والتعريف بتاريخ كل منطقة واسهامها في بناء الوطن الكبير وواجبها اليوم في تعزيز وحدته والحفاظ علي تماسكه واحياء ما اندثر من كريم الخصال في الفزع والنفير والتعاضد الاجتماعي ذلك كله دريئة من كل سبب مشروع للتباكي علي مصائر الأحبة بعد فوات الأوان كما وقع للملك ميداس.
ويثور السؤال مم ؟ وتجيب القصة التي نحن بصددها: من حب الذهب ،كما تروي الأسطورة التي جذبت انتباهنا ونحن تلاميذ صغار في المدرسة الأولية. والاسطورة كما رواها كتاب المطالعة مختصر لقصة الملك ميداس في الميثولوجيا اليونانية القديمة أخذت طريقها إلي كتاب المطالعة، وهي من ترجمات الكاتب المصري كامل كيلاني أول من كتب للأطفال حيث تصدق الرجل عليهم وأوفي رحمه الله علي نشء الناطقين بالعربية من علمه الغزير مما سطره الأدب الإنقليزي من أساطير الأولين. ولا أدري إن كان هو من صاغها شعراً .
.نعم، يكاد عقل الملك يذهب من عشق الذهب لذلك صاح من فرط الغبطة باقتنائه:
الذهب ...الذهب يكاد عقلي يذهب
الذهب.. الذهب..أعز شيء يقتني
يا ليت كل ذهب في الأرض يأتيني هنا
لقد شغفت نفسه حباً بالذهب إلي حد الهوس فألقي الشيطان في أمنيته بحبائله فتحققت أمنيته لكنها جاوزت حد التحقق إلي حمام الموت، بفقدان الحياة نفسها فاستحال كل شيء مسه إلي تمثال من الذهب، لا أعرف أي عيار كان وقتئذ!
والرجل في سكرة الفرح ونشوته أراد أن يقبّل صغيرته الوحيدة ،فلذة كبده اللاهية في مرح الطفولة وبراءتها تملأ بهما المكان سعادة وحبوراً. وما أن مسها حتي تحولت إلي تمثال من الذهب الخالص أو بالأحرى إلي صنم رائع الجمال يسر الناظرين لكنه جماد فقد نبض الحياة وأنسها! فاسقط في يد الرجل واستحالت الفرحة الكبرى إلي كابوس لم يدر له بخلد. و هكذا الناس أحيانا تجدهم من فرط العجلة يسرفون في التمني ويتغافلون عن المآل وعن عواقب التحقق حتي علي الآجال، آجالهم هم وآجال من يحبون. وصدق الديّان حين قال " وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً" (الآية ٥٤ من سورة الكهف). كاد الحزن يذهب بعقل الملك مرتين، أولاهما فرحاً وسعادة والثانية حزنا علي ا لصغيرة البريئة. وجال ببصره حول مقتنياتها في قصره الفخيم فلم يجد سوي دمي و تماثيل من الذهب فبكي شعراً :
بنيتي تكلمي فقد أثرت ألمي وغدوت ذهباً مصوراً كالصنم
يا لهفتي يا أسفي
يا حسرتي يا ندمي
لقد طارت السكرة بالبهارج والزخارف والطلاءات الخارجية للأشياء و تيقن الرجل كما لم يتيقن من قبل بأن ليس باقتناء الذهب وحده تستقيم الحياة ويسعد الناس. نزل عليه الوعي بذلك كله مرة واحدة واستوعبته صحوة بحقائق الحياة و تكشفت له الحجب. ولو ركب عجلة الزمان إلي يومنا هذا ايغالاً في المستقبل الذي هو حاضرنا نحن ، لزاد من يقينه ولأعتبر بما عليه حال بلاد كثيرة تملك الذهب الذي هام به وتمناه بل و تملك ما هو أثمن من الذهب .ولو أنه تخير بلداً واحداً كبلدنا السودان، لكفاه ذلك عن سائر العبر فهذا بلد كأن الخالق سبحانه قد أقامها علي قلعة عظيمة من الذهب ومع ذلك ظل أهلها يعانون المسغبة بكل صنوفها وأنواعها! وظلوا منذ الأزل، ضحايا أطماع جُردت لها الجيوش وأرسلت لنوالها الغزوات من اليونان القديم وحملات أرسلها عظيم الفرس ،قمبيز من بلاد فارس البعيدة اجتازت المفاوز والقفار وجاءت بعد ذلك ربيعة ومضر من الجوار القريب تقتتلان عليه لثلاثة قرون حتي نضبت عيذاب منه. ثم ظفر بالبلاد الألباني محمد علي باشا حالماً بالحصول عليه ليبني به وبسواعد أهله ملكاً لا ينبغي لأحد بعده، فسام أهلها الخسف بلا طائل . ومع ذلك كله لا نري اليوم للذهب في حياتنا أثراً من نعمة ظاهرة أو باطنة تماثل ثقل وجوده الكثيف علي أرضنا بل نجد نقمه ونحس حجم أطماع الغير للاستحواذ عليه. ومع جلاء هذا الحرمان الذي لا تخطئه عين، نفاخر بوجوده تحت أقدامنا والناس من حولنا يتعجبون أين هو؟ فلا يجدوه نعماً تبهج حياتنا وربما وجدوه اسماً علي هوياتنا الوطنية ، ( اسمي دهب)! وتلك حيازة ما عهدناها تنبت لنا غَلة و لا تروي لنا غُلة . ما أشقانا به من قوم! فهو حرام علينا حلال للطير من كل جنس! ويحملنا الحياء والأدب والإجلال للوطن الذي رضعنا حبه مع لِبان أمهاتنا ، من أن نورد البيت الذي يصف موت الحُمر الأهلية من العطش بينما الماء فوق ظهورها محمول.
ساقني هذا السوق إلي هذا الأمر قصيدة باكية للشاعر المجيد خالد شقوري تتحدث عن صبي ترك مقاعد الدرس في الصف السادس إلي الفلاة يبحث عن المعدن الأصفر ، الذهب. والقصيدة عزف حزين يقطع نياط القلوب وهي مغناة تلتمس في مظانها:
جاء في مطلعها:
يا وجع الغشيم الخاته
في الولد المرق من ساته
الفرزع حويلا حليلا
زي حال السبيطي الحاته
كان متميزاً متوقد الذهن لاكتساب المعارف:
يا هو وحيدا فوق اخواتو
خالف فوق سرج أبواتو
من ما قام نبيه ومربي
دايما نمرو فوق رفقاتو
فارق حن ابوهو سقير
وما خلالو غير معزاتو
من المدرسة الطاحونة
قش المعزي والطابونه
مفارقة المدرسة:
قالها ماني داير ضمة
درديري القراية الغمة
وتم حديثو عند الباب
الدهب..الدهب آ يمة
أنا فايت الدهب آ يمة
شان اسند قفاك آيمة
شان يبرد حشاك آيمة
وقصيدة أخري من غناء المطرب معاوية المقل صاغها شعراً الشاعر عبدالله التاج علي لسان أحد ضحايا البحث عن الذهب تذوب حزنا في تصوير مأساة العطش والجوع والتوهان.
هاكي رسالة ليك يا يمة
نكتبا بدموع عينينا
همنا كلو ياهو رضاكي
يمة أرجوكي أرضي علينا
إلي أن يقول:
تايهن في صحاري غريبة
واقعين في كربتن شينة
تلاتة أيام يا الغالية
لا كريات ولا اتعشينا
كملت في الجراكن الموية
يسكب عليها الطنبور، هذا( الحنين )من إيقاعاته الباكية ،ما يسيل الدمع ويفتت الأكباد!
لقدفعلت طفرة النفط سبعينيات القرن المنصرم في بلاد الخليج ما يفعله التماس الذهب في الصحراء اليوم .فقد التعليم عرشه كسلم وحيد للصعود الاجتماعي والاقتصادي المفضي للوظيف الذي كان يحقق ما فوق حد الكفاف من الرزق ولم تعد أعلي الوظائف كفيلة بتحقيق حد الكفاف نفسه فتسابق الجميع لعبور بحر( المسور) .وبكي الشعراء، وهم حاسة الأمة السادسة يحذرون من عواقب في رحم الغيب: محمد سعيد دفع الله ،السر عثمان الطيب وعلاء الدين عبدالله واسحاق الحلنقي وأسماء أخري لا استحضرها الساعة ، دون أن تنتبه أجهزة الدولة بتدابير تقلل من الخطر وتسد الثغرات كما لم تتصدي مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث بعد ذلك لدراسة تلك الظاهرة ورصد آثارها الإيجابية والسالبة لتكون عوناً لواضعي السياسة لمثيلاتها في المستقبل . ولم أقف إلا علي واحدة قام بها عالم اقتصاد نيجيري قدمها لاحدي المؤسسات الدولية قبل عقود خلت .
واليوم أري في قصيدة خالد شقوري والتاج عبدالله صيحات أرجو ألا تضيع في الأودية المهجورة تردد صداها الآكام بغير عائد . وإني لأرجو بهذه الكلمة أن تلتفت المجتمعات في كل مكان لحماية فلذات أكبادنا من مخاطر هذه الهرولة المحفوفة بالهلاك إلي قلب الصحراء بثمارها المرة المتمثلة في مخاطر الموت الزؤام ، جوعاً وعطشاً وتسمماً بالمواد الخطرة المخصصة لمعالجة ما يجدون من الذهب مع خطر الفقد التربوي آجلاً وأن ينتبه أولياء الأمور إلي اتخاذ خطوات تقلل من تلك الأخطار ليحددوا مثلاً شروطاً للقادرين المغامرين الذين يرومون اقتحام المجهول بتسجيل أسمائهم وبضرورة التزود بأجهزة الاتصال الأحدث وبالبوصلات المحددة للاتجاهات أو اصطحاب أدلاء يجعلون لهم خرجاً من كسبهم مع خزانات متحركة من مياه الشرب. ولا عذر إن قصرت و عجزت إمكانات مؤسسات الدولة الرسمية عن القيام بذلك ، لسائر منظمات المجتمع المدني: الأندية الرياضية والاجتماعية والثقافية وكافة الروابط من اقتحام الميدان لحماية النشء والحرص علي حيواتهم وحقوقهم المشروعة في المعرفة والاستنارة وليكن هذا الهم هو الشاغل الأهم في أذهان المنظمات الأهلية التي ذكرت في تخصيص حيز من اهتماماتها للتنوير الثقافي وعقد الندوات والتعريف بتاريخ كل منطقة واسهامها في بناء الوطن الكبير وواجبها اليوم في تعزيز وحدته والحفاظ علي تماسكه واحياء ما اندثر من كريم الخصال في الفزع والنفير والتعاضد الاجتماعي ذلك كله دريئة من كل سبب مشروع للتباكي علي مصائر الأحبة بعد فوات الأوان كما وقع للملك ميداس.